الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري داخل مباني الحرس الجمهوري ليلية 22 يوليو 1971

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 06:29 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-01-2018, 03:52 PM

elsharief
<aelsharief
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 6709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري (Re: elsharief)

    Quote:
    الايام 7/8/2002
    مذبحة بيت الضيافة(3 )

    عاودنا الاتصال بالعميد عبد الحي محجوب في صيف عام 2000. وطلبنا منه أن يستوضح بعض جوانب مذبحة بيت الضيافة فقال (شوف أنا شخصيا زول كده شفتو ضرب ما في. ناس بيقولوا احمد جبارة أو الحردلو. ولم أشهد في أي محكمة لأنو شهادتي ما كان حتفيد الاتهام في شئ . قبل الضرب احمد الحردلو كان في الحراسة وأحمد جبارة كان شرس., الحردلو كان مسالم. ولم يتصرف مع زول كدة تصرف ما بيليق (سألت النقيب عبد الحي عن واقعة مفادها أن احمد الحردلو تشابك مع العميد سعد بحر وبصق على وجهه. فنفى علمه بتلك الواقعة). وعندما جاءت والدتي لزيارتي كان ودودا معها غير أنه لم يسمح لها بالدخول. وعندما عاتبته، قال يا سعادتو التعليمات ما بتسمح . ونقل وصايا من أمي وقد احضرت لي جلابية سكروتة. ونقل وصايا مني لها بدفع فاتورة تلفون وأشياء أخرى. وأنا قلت شهادتي للتاريخ زي ما شفت بنفسي) (مقابلة مع العميد عبد الحي يوم 8/يوليو/2000 والحق يقال بأن النقيب عبد الحي لم يظهر كشاهد أمام أي محكمة في تلك الأيام


    كذلك أجرينا مقابلة مع العميد عثمان محمد أحمد كنب وقد كان قائداً لكتيبة جعفر واعتقل في بيت الضيافة حتى وقوع المذبحة عصر 22 يوليو. ودارت بيننا المحادثة التالية هل تعتقد بأنك شاهدت كل شيء قبل أو اثناء وقوع مذبحة بيت الضيافة؟

    لا أنا ما شفت كل شيء ابداً ما شفت كل حاجة

    هل شاهدت الملازم الحردلو والملازم احمد جبارة قبل او اثناء الضرب في بيت الضيافة

    الحردلو كان قاعد في كرسي قدام لحد ساعة الضرب ما بين الساعة تلاتة ونص وأربعة وهو قائد الحرس

    احمد جبارة أنا ما شفتو في الوقت داك في بيت الضيافة

    طيب الضرب اول مرة سمعتو كان على بعد كم وتفتكر جاء من ياتو جهة؟

    بعيد. بعيد جدا. دل دل جبخانة

    جبخانة نوعها شنو؟

    زي بتاع الدبابات. جاية من الشجرة أظنها

    ونحن ما كنا عارفين الحاصل شنو.. الجبخانة بدت تقرب وبدينا نسمع صوت العربات شديدة. ماشة قاطعة الشارع. صوت عربات ثقيلة. بعد شوية الجبخانة قلبت علينا نحن.. في الشبابيك كرر كرر. الجبخانة القزاز وقع في رأسنا

    طيب الصوت القلت كان بيدي الأوامر بضرب المعتقلين هل هو صوت الحردلو الذي سمعته مرارا في فترة اعتقالكم؟

    والله هو منو

    ( الذي اصدر اوامر التصفية) ما بقدر اجزم

    يعني ما بتقدر تجزم بانو ده كان الملازم احمد الحردلو او لا؟

    ما بقدر اجزم كده والا كده

    طيب. بالنسبة للملازم احمد جبارة وأنت قلت هو ظهر لكم مرة في بيت الضيافة، وربما يكون صوته معروف بالنسبة لك، خاصة وهو الذي نقلك إلى بيت الضيافة؟

    لا . ما سمعتو. أنا احمد جبارة ما سمعتو. مرة واحدة اتكلم معاي عند اعتقالي. لكن في اللحظة ديك ما سمعتو (لحظات الضرب)

    هل تقدر تجزم بأن الزول اللي أصدر أوامر الضرب هو الملازم احمد جبارة ام شخص آخر؟

    لا . ما هو . شوف ده ما بينتظر يدي تعليمات . ده بيكتل براهو) (مقابلة بتاريخ 3 يوليو 2000)

    كذلك استطلعنا رأي اللواء (م) اسحق محمد إبراهيم وسألناه عما حدث في بيت الضيافة خاصة وقد عينه قادة 19 يوليو آنذاك مسؤولاً عن جهاز الأمن القومي (والله شوف بيت الضيافة ده في تناقضات شديدة حوله. وبعض الناس غيروا رواياتهم في اتجاه او آخر منذ عام 1971. المهم في خالنا اسحق إبراهيم عمر وكان وقتها نقيبا وضمن الذين نجوا من مذبحة بيت الضيافة. وهو راجل متزن sober ذكر بأنو شاهد الحردلو بيتكلم في التلفون وبعد ما وضع السماعة بدأ الضرب لكن انا بفتكر في اكثر من جهة يمكن تكون وراء ما حدث قلت ليك ناس صلاح عبد العال والجماعة ديل (احرار مايو) كانوا هم اللي حركوا القوة اللي ضربت ناس هاشم (مقابلة يوم 8 يوليو 2000)

    وتعليقا على ما قاله الفريق اسحق إبراهيم عمر يجب أن نذكر بأنه لم يتقدم بشهادته هذه أمام المحكمة العسكرية، برئاسة العميد آنذاك تاج السر المقبول، والتي برأت الملازم أحمد عثمان الحردلو من قتل الضباط المعتقلين في بيت الضيافة، وأصدرت حكما بسجنه ثلاث سنوات لاشتراكه في انقلاب 19 يوليو وقد كان النقيب (آنذاك) اسحق محمد إبراهيم على موقفه من حركة 19 يوليو وكان باستطاعته أن يدلي بشهادته أمام المحكمة العسكرية. هذا هو الموقف المنصف لمنح من يتهمهم بارتكاب مذبحة بيت الضيافة حق استجوابه ومناقضته في ساحة العدالة

    ومن بين الذين أدلوا بدلوهم في أحداث بيت الضيافة، الدكتور منصور خالد وقد كان طوال أيام المحاكمات في معسكر الشجرة. ظني الذي أكاد ألحقه باليقين أن المسؤول عن تلك المجزرة هم بعض الضباط الحراس للمعتقلين والذين أرادوا بفعلهم الشنيع ذلك القضاء على أي شاهد عليهم عقب فشل الانقلاب الذي لا أحسب أن للحزب الشيوعي أو قيادة الانقلاب مصلحة في تلك المجزرة (منصور : النخبة السودانية وادمان الفشل الجزء الأول 1993 ص 387) والحق يقال ما كان لمثل هذه الشهادة التي تتأرجح بين الشك واليقين أن تصدر من الدكتور منصور خالد، نسبة لما تفرد به من موقع ومعاصرة للحدث وحنكة سياسية وامتلاك ناصية البحث ورصد المعلومات وتحليلها وضلوع في المسائل القانونية. والقاعدة الليبرالية في تصريف العدالة تنص على أنه من الأعدل أن ينجو ألف متهم من العقاب بدلاً من أن يدان برئ واحد

    وعلى عكس المنحى الذي اتخذه الدكتور منصور خالد، أبدى الفريق عاكف يس الذي عمل في هيئة أركان القوات المسلحة حتى مطلع الثمانينيات ملاحظة صائبة : لقد كان اطلاق سراح الضباط (المعتقلين) أيسر على هؤلاء الشباب من قتلهم (عثمان الكودة الحزب الشيوعي ومؤامرة 19 يوليو 1971 ص 7 اسندت حراسة بيت الضيافة إلى ضابط صغير هو الملازم احمد الحردلو وعدد من ضباط الصف والجنود غير المنتمين إلى تنظيم الضباط الاحرار وقد قاموا بتنفيذ الأوامر العسكرية حسب قواعد الضبط والربط والطاعة العمياء في تنفيذ الأوامر. ومن الأرجح ان الملازم الحردلو وجنوده لم يكن لهم ذلك الدور الذي يحملهم على الاعتقاد بتبعات جريمة جسيمة تقودهم إلى ارتكاب مذبحة فادحة بحجم ما حدث في بيت الضيافة لمحو آثار مشاركتهم وأهم من كل ذلك ، فالملازم أحمد عثمان الحردلو جرت محاكمته على الدور الذي قام به في حراسة بيت الضيافة وقد أخذت المحكمة كل ذلك في اعتبارها وقضت بسجنه ثلاث سنوات تبدو في تمام المعقولية والعدل الذي يقضي بموازنة الجريمة والعقاب

    فليت الدكتور منصور خالد أخذ في اعتباره كل هذه المعلومات أو طرفا منها قبل اعمال نظرية الإحساس بالذنب

    ذكر الملازم احمد الحسين ان (الفريق) توفيق ابو كدوك تولى محاكمة الملازم فيصل كبلو وكانت العقوبة خمس سنوات فأعيدت له اوراق المحاكمة اكثر من مرة فما كان منه الا ان شال كرسيهو وطلع برة قال ليهم ده ملازم وانا ما بحاكمه بأكثر من كده حكى لنا هذه الواقعة الملازم فيصل وأبو كدوك نفسه كلمه قاليهو يا ابني انا اديتك خمس سنوات وبعد ده لو عملو ليك أي حاجة ده يكون كلام تاني انا ما مسؤول عنه
    (مقابلة مع الملازم احمد الحسين يوم 2 يوليو 2000)

    ومن بين الذين طالهم الاتهام بارتكاب مذبحة بيت الضيافة الجندي احمد إبراهيم. وكما ورد في كتيب الحزب الشيوعي (حقائق ووقائع مجزرة الخرطوم 1974 ص 30) فقد كان الجندي احمد براهيم ضمن حراس بيت الضيافة وتعرض لضغوط وتهديدات ليشهد ضد الملازم مدني علي مدني بانه اطلق النار على الضباط المعتقلين هناك وقد كان الجندي احمد شهما ورجوليا خلال التحقيقات والمحاكمة التي عقدت له . أصر على أقواله بأن الدبابات المهاجمة هي التي اطلقت نيران مدافعها على بيت الضيافة وأن الضباط المشاركين في انقلاب 19 يوليو لم يقتلوا احدا (المصدر السابق ص 33) وفي هذا الصدد أبرز المساعد عثمان الكودة ملاحظة هامة : كيف يمكن للمرء أن يصدق أن جنديا سلاحه الشخصي بندقية بخزنة عبوة عشرين طلقة ومعه أربع خزنات أخرى احتياطية يقوم بقتل 19 عسكريا من رتبة عميد إلى عريف ، في غرف مختلفة يقضي على عشرين ضابطا بمائة طلقة فقط بينما افادت التقارير ان كل قتيل كان (بجسمه) اكثر من عشر طلقات غير المصابين وغير الطلقات الطائشة (الكودة ص 7

    والحديث بأن الدبابات المهاجمة يرجح انها تسببت في قتل المعتقلين في بيت الضيافة تؤيده المعلومات التي أدلى بها نميري للصحفي المصري موسى صبري ومع ما ذكره الرائد مأمون عوض أبو زيد للأستاذ الفاتح التيجاني
    ====
    الايام 8/8/2002
    مذبحة بيت الضيافة (4)

    عبد الماجد بوب

    ذكر نميري ما يلي: (بدأت الرشاشات تنفذ إلى حجرتي فاحتميت بالحائط تحت النافذة

    واذا بالضابط النقيب المسئول عن حراستي يفتح الباب ومعه جنود شاهرين سلاحهم. فقال لي ان حياتك في خطر. فقلت له لادخل لك بحياتي. يجب ان تعلموا أن أي مقاومة للقوات المحاصرة للقصر معناها ان القصر سيتهدم في رؤسكم

    وطلبت منه احضار المسئول الأعلى عن الحراسة من بين المتآمرين لتدبير أمر وقف الدماء ، لانقاذ حياة زملائي وحياة الجميع. وبدأ الارتباك على الضابط النقيب الذي كان متعجرفا ومدعيا شجاعة الجبناء منذ اعتقالي

    قلت له سوف تتهدم (المباني) فوق رؤسكم كلكم بسببي قال لا. لن تخرج . إذا كنت ستخرج ، سيكون ذلك بصحبة هؤلاء الجنود وأمام القصر. وسوف تكون هدفا لهذه الدبابات. وفي هذه اللحظة وقعت قذيفة ضخمة داخل القصر ثم بدأت القذائف تتوالى من اليمين واليسار. وهنا لم أتمالك نفسي أمام المجنون الجبان ، وكان هذا النقيب والجنود المسلحين ممسكين بي.. ورغم هزالي في الأيام الثلاثة التي لم أتناول فيها طعاما

    نزلت فيهم ضرب. ووهبني الله قوة خارقة وأوقعت الجنود على الأرض. أما النقيب الشجاع فقد هرب عندما سمع دوي قذائف أخرى (الصحافة 28/يوليو 1971)

    بالرغم من الاضافات وتزييف الحقائق الذي اعتداه الناس من نميري، الا ان حديثه لموسى صبري لا يخلو من بعض الحقائق الهامة لكل من يتصدى لمعرفة ما حدث عصر 22 يوليو. صدق في طيات ما ذكر ، ان مصدر الخطر على حياته لم يأت من القوة التابعة لانقلاب يوليو بل من القوة المضادة لها. وكما يسري القول يغلب الطبع على التطبع. فقد عاد نميري في خضم الهستريا التي أجج نيرانها ، الى بث الأكاذيب، يهدف تبرير المحاكمات الجائرة والتنكيل بالمعتقلين والتدخل المباشر المرة تلو الأخرى لتغيير الأحكام التي أصدرتها المجالس العسكرية الايجازية (الملازم احمد الحردلو والجندي احمد ابراهيم) والادعاء الكاذب بأن وجوده في ساحة المحاكمات كان بهدف حماية المتهمين وضمان تصريف العدالة . (المقابلة مع موسى صبري، 28/7/1971م)

    شهد الاستاذ ادريس حسن بأن أحد الضباط في فرع القضاء العسكري (المقدم عبد المنعم حسين) أصطحبه الى مكتب العميد احمد عبد الحليم ، قائد اللواء الثاني مدرعات ، وطلب منه ان يشاهد نميري وهو يركل ويلكم احد ضباط يوليو . ولم يتوقف الضرب الا عندما وصلت مكالمة عاجلة الى نميري من الرئيس المصري أنور السادات

    وشهد الصحفي بأن نميري تهللت أساريره وأنتشى بعد تلك المكالمة وذكر لمن حوله بأن السادات أخبره بأن الضغوط العالمية تتكاثر عليه طلبا لمساعدته في وقف حمامات الدم في السودان وابطال الحكم الصادر باعدام الشفيع أحمد الشيخ ، نائب رئيس اتحاد العمال العالمي وسكرتير اتحاد نقابات عمال السودان . قال نميري (والله السادات ده مصيبة. قال لي اسرع خلص عليهم. (مقالة ادريس حسن جريدة الايام بتاريخ 1 ابريل 1986).

    حدث هذا التنكيل الفظ بحق المعتقلين السودانيين بينما شهدت الخرطوم بعد أيام قلائل، محاكمة المرتزقة الألماني المعروف، رودلف شتاينر الذي تورط في اعمال تخريب ضد عدد من دول آسيا وافريقيا الناهضة بهدف تقويضها. وكانت آخر محطة في تحركه الاجرامي هي إقليم بيافرا الذي اعلن الانفصال عن دولة نيجيريا(1966) قبل أن ينتقل الى معسكر الانيانيا في الحدود السودانية اليوغندية. وعلى عكس ما حدث في معسكر الشجرة من امتهان للعدالة ، سمح نميري لنحو خمسين صحفيا من كبريات الصحف الاوروبية والامريكية الى جانب الأمين العام لمنظمة الوحدة الافريقية ، ديالو تيلي بمتابعة جلسات المحاكمة . وعينت له المحكمة محاميا سودانيا مقتدرا ، هو الأستاذ سليم عيسى عبد المسيح الذي يحسن اللغة الألمانية لتسهيل مخاطبته مع المتهم ، وكفلت له كل مقتضيات المحاكمة العادلة باقرار المتهم والمراقبين. وفي نهاية الأمر ، صدر الحكم بسجنه لمدة عشرين عاما قضى طرفا يسيرا منها في سجن كوبر ، ثم استجاب نميري لطلب حكومة ألمانيا الاتحادية وأطلق سراحه

    في عدد جريدة الأيام بتاريخ 30/يوليو 1971م ذكر مسئول الامن القومي آنذاك ، الرائد مأمون عوض ابو زيد في مقابلة اجراها معه الاستاذ الفاتح التيجاني ، ما يلي : يوم الخميس الساعة الرابعة (عصرا) بالضبط ، كنت في الغرفة اللي على يمين بوابة القصر. وفجأة سمعت صوت حركة ، بعد ثواني سمعت صوت ينادي يازول أحسن تسلم.. لما خبطت على الباب جاء الضابط المكلف بالحراسة وكان منزعج شوية. وقال لي يا أخي انت في شنو ونحن في شنو. وفي الاثناء ده ضربت أول طلقة في القصر. ولكن برضو ما حصلت حركة من العساكر في الداخل ولا ضربوا جبخانة. وبعدين تاني ضربت طلقة. الطلقة الثانية كسرت قزاز الشبابيك بتاع غرفتي . فقلت أحسن أشوف الحاصل شنو . فقزت من الشباك وطلعت وجدت المدرعة راجعة للخلف

    وفضلت جاري عليها وهي راجعة عايزة تأخذ الاتجاه المعاكس .. كان في مجموعة ناس بالقرب من وزارة الداخلية فقاموا جو على وصاحو تعال تعال فذهبت عليهم.. وتتمثل قيمة ما ذكره الرائد مأمون في تحديد لحظة تساقط القذائف الاولى على القصر (الساعة الرابعة عصرا) . والتأكيد بانهم فيما يبدو كانوا هدفا لنيران الدبابات المهاجمة . وان ضباط يوليو المكلفين بحراستهم لم تكن لديهم أوامر أو نية بتصفيتهم. ولم يستشعر المعتقلون من أعضاء مجلس الثورة خطرا على حياتهم حتى ساعة تسللهم وهروبهم خارج القصر. بل ربما كان هنالك أحساس لدى الضباط والجنود المشاركين في انقلاب 19 يوليو بضرورة المحافظة على سلامة المعتقلين في القصر كما تأكد من رواية نميري والرائد مامون

    في نهاية هذا التعليق على ما كتبه الاستاذ عبد العظيم يجدر ان نتطرق ثانية الى ما أورده من أن جهة آمرة في انقلاب يوليو قد اصدرت أوامر بتصفية المعتقلين في بيت الضيافة ومبنى الامن القومي. وقد عنى بذلك المقدم عثمان أبشيبة. وهدف هذا الجزء من التعليق ان نسلط الضوء على مجمل مواقف المقدم ابشيبة منذ انطلاق قواته لتنفيذ انقلاب 19 يوليو وحتى لحظة إعدامه والعقيد عبد المنعم محمد احمد والنقيب معاوية عبد الحي صباح يوم 25 يوليو 71. ونترك للقارئ المنصف ان يستخلص ما يراه من قرائن الاحوال والدلائل حول مسئولية المقدم عثمان أبشيبة فيما حدث في بيت الضيافة مع الأخذ في الاعتبار كل ما نقلناه على لسان شهود العيان في سياق هذا التعليق

    فالمقدم عثمان كان سياسيا متمرسا قبل ان يكون عسكريا مشهودا له بالكفاءة والشجاعة. التحق بالحزب الشيوعي في سني دراسته بمدرسة الخرطوم الثانوية المصرية (مدرسة فاروق) في النصف الثاني من الخمسينات

    وكان عضوا في تنظيم الضباط الاحرار وشارك في تنفيذ انقلاب 25 مايو 69 . رغم معارضة أغلبية الضباط الاحرار خاصة الشيوعيين وحلفائهم للانقلاب (من بين المعارضين المرحوم أبو القاسم هاشم)، شارك ابشيبة في الانقلاب نسبة لوصوله للعاصمة عشية وقوعه وعدم إلمامه بالجدل الذي سبق وقوع انقلاب مايو. وبعد حل تنظيم الضباط الاحرار بواسطة مجلس قيادة ثورة مايو ، تولى المقدم عثمان إعادة التنظيم، واستوعب عددا منهم في الحرس الجمهوري الذي تولى قيادته ورفع قدراته. ومعروف الآن ان المقدم عثمان والحرس الجمهوري قد تولو تخطيط وتنفيذ انقلاب 19 يوليو. وتجلى نكران ذاته وشجاعته في واقعتين على أقل تقدير فقد اقترح عليه عدد من الضباط المشاركين في انقلاب يوليو ان يتم اعتقاله للتمويه والاحتياط في حالة فشل الانقلاب على ان يتولى القائد المناوب ، النقيب معاوية عبد الحي تنوير افراد الحرس الجمهوري حول اهداف الانقلاب الوشيك. رفض المقدم أبشيبة ذلك الاقتراح ليتحمل مسئوليته كاملة. وحذر من ان الشخص الذي يقدم على تنوير أفراد الحرس الجمهوري في غيابه سيكون أول هدف لرصاصهم. كذلك رفض المقدم أبشيبة والعقيد عبد المنعم أن ينضما لمجلس ثورة انقلاب 19 يوليو، وآثر العمل من خارج المجلس

    وقد ذكر الملازم احمد الحسين الذي شارك في تنفيذ انقلاب 19 يوليو وحضر التنوير الذي قام به المقدم أبشيبة لافراد الحرس الجمهوري وأيده في ذلك الاستاذ عبد العظيم ، من أن المقدم أبشيبة انتحى جانبا بالملازم احمد جبارة وحذره من قتل نميري إلا في حالة الضرورة القصوى أو الدفاع عن النفس. وقال ليهو بالحرف الواحد الزول ده اذا كتلتو In cold blood أنا حأعدمك قدام الكركون. وكرر المقدم أبشيبة نفس التحذير للملازم عبد العظيم المكلف باعتقال الرائد أبو القاسم محمد ابراهيم. (مقابلة مع الملازم احمد الحسين بتاريخ 4 يوليو 2000). أكد هذه الواقعة أيضا الاستاذ عبد العظيم. لم يكن هذا التحذير من قبل المقدم أبشيبة أمرا عارضا بل التزاما صارما في معاملة المعتقلين معاملة كريمة قل أن يعهدها الناس في تاريخ الانقلابات العسكرية في السودان. وزيارة الرائد هاشم العطا لنميري خلال فترة اعتقاله للوقوف على أحواله وتبديد مخاوفه مما قد يخطر بباله من احتمالات غيض من فيض في سلوك الرائد هاشم ، لم يحد عنه حتى في أحلك اللحظات المفضية الى هزيمة انقلاب 19 يوليو. وقد صدق عليه ما تداوله الناس من انه كان على خلق. وصدق عليه ما قاله اللواء مبارك عثمان رحمة ، قائد القيادة الجنوبية ، عندما جمع ضباطه لتنويرهم حول انقلاب 19 يوليو حيث قال ( أنا لا أعرف شيئا عن هوية هذا الانقلاب. ولكن اعرف الرائد هاشم وهو ولد جدع . (مقابلة مع العميد عبد الرحمن بشرى صغير). كذلك اورد مساعد العريف عثمان الكودة بأن وفد القيادة الجنوبية لتأييد انقلاب 19 يوليو طلب من الرائد هاشم ان يحسن معاملة نميري فطمأنهم بذلك ، واضاف نميري تحت مسئوليتي وأكله وشرابه على. " والمقدم بابكر النور والرائد فاروق عثمان حمد الله لم يكتفيا بطمأنة زوجة نميري على سلامته وذلك خلال تواجدهما في لندن، بل اتخذا موقفا ينم عن الشهامة والرجولة والحرص على سلامة من معهم من ركاب الطائرة في مواجهة الخطر الداهم عندما نقل اليهم قائد الطائرة الانجليزية بانه أجبر بواسطة المقاتلات الليبية على الهبوط في مطار بنغازي. فطلبا منه الامتثال لأوامر المقاتلات الليبية التي هددت بطريقة القرصنة الجوية وانتهاك القانون الدولي، باسقاط الطائرة المدنية وعلى متنها عشرات المسافرون

    كذلك روى العميد عثمان محمد احمد كنب بأن الرائد هاشم العطا والمقدم عثمان ابشيبة قاما بزيارتهم في بيت الضيافة للاطمئنان على احوالهم. وذكر العميد كنب : " نزلنا في بيت الضيافة . اليوم الاول كان صعب جدا. ما في اكل او شراب ، والموية من الماسورة . ما في أي حاجة. لا تلفون ولا حاجة. اللي جو في بيت الضيافة محجوب طلقة. وهاشم العطا قالوا جاء بره. اتكلم مع الناس وفات. قال الناس احوالهم كيف وفات... تاني يوم جابوا لينا شراب واكل كويس . قالوا من أتينيه (مطعم في وسط الخرطوم) (المقابلة مع العميد كنب)

    وعن موقف المقدم أبشيبة بالتحديد من المعتقلين في بيت الضيافة ذكر العميد كنب أبشيبة جاء وساق والدتي من البيت من هنا. وقال ليها تمشي عشان تشوفي عثمان وتطمئني عليه. وقال ليها يا حاجة انا بمشي معاك. وانا قلت ليهو يا عثمان يا أخي الاوضة دي فيها زي تلاتين او اربعين شخص. فقام طوالي وامر بنقل جزء من الناس لمبنى الامن القومي.. الله يرحمه ويغفر ليهو. الحاجتين ديل ما بنساهم ليهو. ولا بد ان انصفه واديهو حقو. (المقابلة مع العميد كنب)

    وعن المقدم عثمان ابشيبة الذي نسب اليه الاستاذ عبد العظيم مسئولية إصدار الاوامر بتصفية نميري واعضاء مجلس الثورة المعتقلين في القصر الجمهوري ستظل هذه المعلومة محل الاخذ والرد بين الضباط والجنود الذين التفوا حوله عصر يوم 22 يوليو

    وما يمكن ان نسهم به في هذا الصدد بالاضافة الى الزخم الهائل من حقائق ذلك اليوم التي تحصلنا عليه من اطراف عديدة هو القاء بعض الضوء على مجمل تصرفات المقدم ابشيبة واستخلاص بعض العوامل الظرفية التي تساعد في تقصي الحقيقة. في اللحظات الحرجة ، عندما خيمت الهزيمة على انقلاب 19 يوليو اقترح بعض العسكريين استخدام سلاح الطيران لضرب الدبابات المهاجمة من معسكر الشجرة. عارض المقدم عثمان ابشيبة استخدام سلاح الطيران باعتباره سيتسبب في مقتل اعداد من المواطنين في الاحياء الآمنة

    ولنفس الاعتبارات التي تلقى الضوء على حالته الذهنية وتماسكه وموازنته للمواقف المحتملة على صغار الضباط تحت امرته ، طلب المقدم ابشيبة من ضباط الحرس الجمهوري ان يسلموا انفسهم بعد اطبقت الهزيمة، وحذرهم قائلا ان الجنود لن يسلموا انفسهم اذا لم يبادر ضباطهم بذلك. كذلك وجه ضباطه وجنوده بعدم اطلاق النار على المواطنين الذين تجمعوا حول مبنى الحرس الجمهوري في مظاهرة مؤيدة لنميري

    ويرى الملازم احمد الحسين على لسان الملازم مدني على مدني ان المقدم أبشيبة طلب منه ان يقوم باعتقاله وتسليمه لنميري حتى ينجو بنفسه ، طالما إن كل شئ قد انتهى. وأعلن بانه سيتحمل المسئولية الرئيسية في انقلاب 19 يوليو. رفض الملازم مدني ذلك الاقتراح من منطلق الوفاء لقائده ورفقة السلاح. فالتفت المقدم أبشيبة الى الرائد جريس وكرر عليه نفس الاقتراح بأن يقوم باعتقاله وتسليمه فكان الرائد جريس شهما بدوره ورد على المقدم ابشيبة بقوله يا سعادتك هو الملازم رفض اعتقالك فكيف يستقيم ان يقوم رائد بذلك) (المقابلة مع الملازم احمد الحسين)

    قضى المقدم أبشيبة الليلة بعد الهزيمة في مبنى الحرس الجمهوري. لم يحاول الهرب كما يتوقع المرء ممن ارتكب جريمة في حجم ما حدث في بيت الضيافة. بل قضى الليلة مستلقيا في سريره والى جانبه مدفع رشاش حتى أقدمت القوات التي كلفت باعتقاله على دخول مبنى الحرس فنزع المقدم أبشيبة شاراته العسكرية وسلم نفسه في هدوء. ويروى الضباط الذين استمعوا الى المقدم أبشيبة وهو يوصيهم قبل اقتياده للدروة بأنه والعقيد عبد المنعم والنقيب معاوية يتحملون مسؤولية كل شئ. كل واحد منكم جاء باختياره. ما في زول يجيب سيرة زول. واي زول أعدم قبلكم يمكن ان تلقوا عليه مسئولية ما حدث. لقد كان أهون على المقدم أبشيبة في تلك اللحظات الختامية في حياته، وقد تحمل مسئولية انقلاب 19 يوليو، أن يقر بمسئوليته في مذبحة بيت الضيافة إذا صح الادعاء بمسئوليته في ذلك. فماذا يضير الشاة السلخ بعد ذبحها؟

    ====
    الأيام 12/8/2002
    مذبحة بيت الضيافة الحلقة الأخيرة

    ستظل مذبحة بيت الضيافة إلى أمد بعيد من أسوأ مخازي الصراعات السياسية في السودان. ومما يضاعف من الغبن والغضب أن الجناة لم يتم تحديدهم وتقديمهم للمحاكمة. وقبل كل شيء يتحمل نميري مسئولية جسيمة باستغلاله للحدث المروع غطاءا لتصفية حساباته مع خصومه السياسيين والعسكريين. ومن ناحية ثانية وأكثر تحديدا فقد حجب التقرير الذي تولت أعداده لجنة تقصي الحقائق برئاسة قاضي المحكمة العليا حسن علوب وعضوية العميد محمود عبد الرحمن الفكي واللواء (شرطة) أبو عفان. وفي هذا السياق نتوسل إلى فضيلة القاضي حسن علوب أن يزيح النقاب عما توصلت إليه لجنته والأسباب التي حالت دون نشر تقريرها

    وفي الجانب الآخر، لا جدال في أن هنالك مسئولية عاتية فوق أكتاف رفاقنا وأصدقائنا أعضاء تنظيم الضباط الأحرار آنذاك. ليدل كل منهم دلوه، بقدر ما شاهد وسمع وشارك به، وباستنفارهم كل من يمتلك ولو جزءا يسيرا من الحقائق التي تساعد على إعادة تركيب الصورة الكاملة للحدث. فمهما يكن من أمر، فقد كانت حركتهم التي تحملوا عبئها وتبعاتها ودفعوا في سبيلها أنضر سني حياتهم هي القابضة على السلطة المتنازعة عصر يوم 22 يوليو، وتولى رفاقهم حراسة المعتقلين في بيت الضيافة عند وقع المذبحة المروعة. هذا من حيث المسئولية السياسية. ومن ناحية ثانية هنالك مسئولية رفاقية وأخلاقية من منطلق الوفاء لشهدائهم ورفقائهم في السلاح ممن الصقت بهم تهمة ارتكاب مذبحة بيت الضيافة أو جزء منها. كل هذه الاعتبارات تحتم عليهم، كل حسب طاقته واستعداده للمشاركة في إجلاء حقيقة ما حدث في بيت الضيافة

    أخذ الأستاذ عبد العظيم على تقييم الحزب الشيوعي (1997م) لانقلاب 19 يوليو انه لم يوف مذبحة بيت الضيافة حقها من التناول والاهتمام. وفي هذا أشاركه الرأي. التقويم على أهميته وشموله كان من الأجدر أن يفرد حيزا لما بذله الشيوعيون قبل أن يضمدوا جراحاتهم في متابعة كل الخيوط التي تساعد على تحديد الجناة الحقيقيين، والنتائج التي توصلوا اليها. لقد أصدر الحزب الشيوعي في غضون أسابيع معدودة بعد فشل انقلاب 19 يوليو وأحداث بيت الضيافة الدامية تقريرا أوليا حول المعلومات التي أدلى بها عدد من العسكريين والمدنيين ومن بينهم بعض من نجوا من مذبحة بيت الضيافة والذخيرة التي استخدمت في تصفية المعتقلين. بطبيعة الحال لم يكن ذلك التقرير الأولي شاملا وشافيا بسبب أجواء الإرهاب التي خيمت على الساحة السياسية وإحجام عدد من الشهود المطلعين من الإدلاء بشهادتهم، وبسبب تواجد معظم العسكريين الذين شاركوا في انقلاب 19 يوليو في السجون النائية وصعوبة الحصول على إفادتهم. وبعد انتفاضة ابريل 1985 عاود الحزب الشيوعي تقصي الحقائق حول مذبحة بيت الضيافة. وتكونت لهذا الغرض لجنة لتجميع الحقائق برئاسة الدكتور محمد محجوب عثمان - الوحيد من الأحياء من بين أعضاء مجلس ثورة 19 يوليو - ولم تتوصل تلك اللجنة إلى إنجاز مهمتها على النحو المتوقع

    لم تكن مذبحة بيت الضيافة، على بشاعتها، هي الحدث الأول من نوعه في مرحلة ما بعد الاستقلال في السودان. ولكن الاهتمام الذي أولاه لها الحزب الشيوعي غير معهود في تعامل الأحزاب السودانية مع الأحداث التي تندرج ضمن مسئولياتهم السياسية والأخلاقية. فعلى سبيل المثال، وقعت حوادث عنبر جودة وراح ضحيتها برصاص الشرطة نحو مائتين وأربعين من المزارعين الذين تظاهروا ضد حكومة الرئيس إسماعيل الأزهري. وانتهكت حكومة إبراهيم عبود حرمة المولد النبوي وقتلت عدد مقدرا من جماهير الأنصار. وفي نفس العهد قامت مجموعة من الجنود المكلفين بحفظ الأمن في مدينة جوبا (1963) بمداهمة حفل زواج وقتلت عدد من المواطنين العزل. اما في فترة حكم جعفر نميري فلحدث ولا حرج. كذلك في أيام الديمقراطية الثالثة وتحت رئاسة الصادق المهدي وقعت مذبحة الضعين المروعة، وراح ضحيتها نحو مائتين وخمسين من مواطني المديريات الجنوبية. هذه الانتهاكات الفظة وقعت تحت سمع وبصر حكومات عسكرية ومدنية استتبت لها الأمور نسبيا، لم تحفل بما تحتمه مسئوليتها الدستورية والسياسية أمام مواطنيها، أو بما تنص عليه المواثيق الدولية الموقع عليها، وبما يتطلبه القانون والأعراف والوجدان السليم بتكوين لجنة قضائية نزيهة لتقصي الحقائق وتقديم الجناة للعدالة. وعلى العكس من مواقف هذه الحكومات حفل تاريخ السودان المعاصر بالعديد من المواقف التي تشرف القائمين بتصريف العدالة في السودان

    يكفي في هذا السياق أن نورد ما أنجزته لجنة التحقيق في ما يعرف بحوادث توريت، حيث أدى القاضي ميشيل قطران مهمة التحقيق بنزاهة فائقة ومرضية لكل الأطراف. نرجو أن يستلهم فضيلة القاضي حسن علوب هذا التراث المشرف ويتقدم بوضع الحقائق التي توفرت لديه في متناول الرأي العام السوداني وكل من يهتم بما حدث في بيت الضيافة عصر 22 يوليو وفي الأحداث التي أعقبت ذلك

    وما دمنا بصدد إعادة النظر في أحداث يوليو 1971م وردود الأفعال حول مذبحة بيت الضيافة ومحاكم الشجرة. لن يكتمل الحديث دون أن نتطرق لمسئولية الصحفيين وخاصة رؤساء تحرير الصحف ممن زلت أقدامهم واضروا بأصول مهنتهم وأسهموا في تأجيج المشاعر وتاليب نميري لاجتثاث خصومه السياسيين من الأرض. تخلى هؤلاء عن مسئوليتهم في صيانة قواعد المهنة المتعارف عليها . بان تغاضوا عن حقهم وواجبهم في تغطية أحداث سودانية في ارض سودانية وارتضوا لأنفسهم أن يطوا أحداث تلك الفترة نقلا عن مصادر أجنبية. فقد اسند نميري تلك المهمة لعدد من الصحفيين الأجانب. خاصة الصحفي المصري موسى صبري الذي لازم نميري ملازمة الظل وأجرى معه المقابلات الصحفية وتولى إعادة إخراجها. بينما أذعن نميري لضغوط الصحفيين الأوروبيين والأمريكان الذين تمسكوا بحقهم في الحركة وتغطية الأخبار من مصادرها الأصلية

    وبهذا المعنى سمح لهم حضور جزء من محاكمة عبد الخالق محجوب والتحدث اليه كما فعل مراسل لوموند الفرنسية إيريك رولو ومراسل واشنطن بوست، بينما منعت الاستخبارات العسكرية الصحفيين السودانيين من ممارسة ذلك الحق

    بالرغم من ذلك سخر عدد من الصحفيين السودانيين المرموقين أقلامهم لتسويد صحائف الشيوعيين والمشاركين في انقلاب 19 يوليو وحملتهم بدون وجه حق أو إنصاف مسئولية ما حدث في بيت الضيافة. رحم الله الأستاذ الكبير جمال محمد احمد، رئيس تحرير جريدة الصحافة آنذاك، فقد توسل إلى قادة الشيوعيين خلال الأيام التي عاشها انقلاب 19 يوليو وتبادل هو وعدد من أصدقائه الرأي مع عبد الخالق محجوب منذ وقوع انقلاب 19 يوليو وحتى صباح يوم 22 يوليو (مقابلة مع سعاد إبراهيم احمد 7/يوليو2000 ) ثم انقلب على أعقابه بعد الهزيمة حضا وتحريضا على إبادة الشيوعيين وحلفائهم. (راجع افتتاحيات جريدة الصحافة). كذلك أسهم الأستاذ الفاتح التيجاني في افتتاحيات جريدة الأيام والمقابلات الصحفية التي أجراها مع قادة مايو في تأجيج نيران الحقد والانتقام، بدلا عن التقصي والتحقيق والوقوف على الأخبار من مصادرها ونقلها نقلا أمينا وموضوعيا لقرائه. والأستاذ الفاتح له مواقف مشهودة أيام معركة حل الحزب الشيوعي إعداد مسودة دستور 1967

    وفي واحد من أسوأ النماذج التي تنضح بالعداء والشجب نشرت جريدة الصحافة بتاريخ 25 يوليو 1971 الإعلان التالي: مؤسسة سبتمبر التجارية تتقدم بالتهاني للشعب السوداني. وتعلن.. أن مؤسستنا خالية تماما من أي عنصر شيوعي هدام. واننا على العهد كذلك في خضم الهجمة الضاربة على الشيوعيين والمشاركين في انقلاب 19 تناقلت أجهزة الأعلام برقية بتوقيع الأستاذ محمد علي المحسي وإخوانه (عضو مرموق في الحزب الشيوعي حتى تاريخ انقسامه في صيف 1970) وتضمنت إدانة لانقلاب 19 يوليو ودعت للضرب على الخونة بيد من حديد.
    وبالطبع ليس الغرض من إيراد هذه المعلومات تسويد الصحائف أو اختزال تاريخ الأفراد أو الجماعات في واقعة بعينها سلبا أو إيجابا. فحوادث التاريخ تقتضي أن نضعها في سياقها وحركتها وتناقضاتها. بهذا الفهم توجهت بسؤال للأستاذ محمد علي المحسي عن فحوى تلك البرقية المنسوبة إليه وإخوانه

    وبالطبع بعد مرور اكثر من ثلاثين عاما وكل ما طرأ على الأفراد والظروف من تغيير لم يكن هينا على الأستاذ محسي استرجاع أدق تفاصيل ما حدث. وقد ذكر بأن البرقية المعنية أصدرتها المجموعة التي انقسمت عن الحزب الشيوعي (1971) وتضمنت إدانة لانقلاب 19 يوليو واللجوء إلى أسلوب العنف كوسيلة لحل التناقضات الثانوية. وذكر الأستاذ محسي أن الرائد مأمون عوض أبو زيد (بحسه الامني) تولى إذاعة البرقية المعنية، ونسبها إلى محمد علي المحسي وإخوانه، بينما البرقية صادرة في حقيقة الأمر باسم المجموعة المنقسمة عن الحزب الشيوعي. ومعلوم أن إذاعة البرقية على النحو الذي تم لم يجر تصحيحها من قبل المجموعة المنقسمة، أو الأستاذ محسي وإخوانه كما جرت العادة.. (محادثة بتاريخ 14 يوليو 2000)

    كما ذكرنا في بداية هذا التعليق هنالك جوانب عديدة وصفحات مطوية فيما يتعلق بانقلاب 19 يوليو يتعين على المعاصرين والمشاركين فيها والمهتمين بتدوين الحوادث التاريخية أن ينفضوا عنها الغبار ويعيدوها إلى دائرة الاهتمام المستحق. وهذا بمثابة إطراء لما بذله الأستاذ عبد العظيم




















                  

العنوان الكاتب Date
الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري داخل مباني الحرس الجمهوري ليلية 22 يوليو 1971 Deng07-31-18, 04:56 PM
  Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري محمد البشرى الخضر07-31-18, 05:12 PM
    Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir07-31-18, 10:03 PM
      Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir08-01-18, 11:07 AM
        Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري MOHAMMED ELSHEIKH08-01-18, 11:38 AM
          Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري محمد البشرى الخضر08-01-18, 11:58 AM
            Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري MOHAMMED ELSHEIKH08-01-18, 12:12 PM
              Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري MOHAMMED ELSHEIKH08-01-18, 12:17 PM
                Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري محمد البشرى الخضر08-01-18, 12:43 PM
                  Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري MOHAMMED ELSHEIKH08-01-18, 12:49 PM
                    Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري محمد البشرى الخضر08-01-18, 12:59 PM
                      Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir08-01-18, 01:34 PM
                        Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري حمد عبد الغفار عمر08-01-18, 01:50 PM
                          Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري محمد البشرى الخضر08-01-18, 02:17 PM
                          Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir08-01-18, 02:17 PM
                            Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري حمد عبد الغفار عمر08-01-18, 03:20 PM
                              Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري عبدالحفيظ ابوسن08-01-18, 03:33 PM
                                Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري elsharief08-01-18, 03:48 PM
                                  Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري كمال عباس08-01-18, 03:51 PM
                                  Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري elsharief08-01-18, 03:52 PM
                              Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري اسامة محمد ابوبكر08-01-18, 04:07 PM
                                Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري اسامة محمد ابوبكر08-01-18, 04:09 PM
                                  Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري اسامة محمد ابوبكر08-01-18, 04:11 PM
                                    Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir08-01-18, 04:55 PM
                                      Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir08-01-18, 05:38 PM
                                        Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري MOHAMMED ELSHEIKH08-02-18, 06:12 AM
                                          Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري محمد البشرى الخضر08-02-18, 08:49 AM
                                            Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري عمار قسم الله08-02-18, 09:24 AM
                                          Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري حمد عبد الغفار عمر08-02-18, 09:25 AM
                                            Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir08-02-18, 02:40 PM
                                              Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري حمد عبد الغفار عمر08-02-18, 05:19 PM
                                                Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Ahmed Yassin08-02-18, 10:36 PM
                                                  Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري كمال عباس08-03-18, 00:56 AM
                                                    Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir08-03-18, 05:41 AM
                                                      Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري محمد البشرى الخضر08-03-18, 08:16 AM
                                                        Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري حمد عبد الغفار عمر08-04-18, 10:10 AM
                                                      Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري حمد عبد الغفار عمر08-03-18, 08:25 AM
                                                        Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir08-03-18, 09:09 AM
                                                          Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري حمد عبد الغفار عمر08-03-18, 09:53 AM
                                                            Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري كمال عباس08-03-18, 02:07 PM
                                                              Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir08-03-18, 03:20 PM
                                                                Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Kostawi08-03-18, 03:38 PM
                                                                  Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري كمال عباس08-03-18, 06:58 PM
                                                                    Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري عبد الله حسين08-03-18, 10:06 PM
                                                                      Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Deng08-04-18, 00:57 AM
                                                                        Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري امتثال عبدالله08-04-18, 04:09 AM
                                                                        Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir08-04-18, 04:26 AM
                                                                          Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir08-04-18, 04:36 AM
                                                                            Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir08-04-18, 08:57 AM
                                                                              Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري كمال عباس08-04-18, 01:55 PM
                                                                                Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir08-05-18, 07:05 AM
                                                                                  Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري MOHAMMED ELSHEIKH08-05-18, 07:30 AM
                                                                                    Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir08-05-18, 10:52 AM
                                                                                      Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري كمال عباس08-05-18, 01:30 PM
                                                                                        Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir08-05-18, 06:17 PM
                                                                                          Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري كمال عباس08-05-18, 08:24 PM
                                                                                            Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir08-06-18, 09:54 AM
                                                                                              Re: الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري Salah Zubeir08-25-18, 05:02 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de