الجنرال ( أب شيبة ) و ملحمة الصمود الاسطوري داخل مباني الحرس الجمهوري ليلية 22 يوليو 1971

Quote: الأيام 1/8/2002 ستظل المذبحة من أسوأ مخازي الصراعات السياسية في السودان عبد الماجد بوب وعدت قراء لقاء الأربعاء بتقديم مقال حول تقييم 19 يوليو مذبحة بيت الضيافة للدكتور عبد الماجد بوب المنشور في قضايا سودانية وهي أوراق حوار غير دورية، العدد السادس والعشرون بتاريخ يونيو 2001 بإشراف الأستاذ التجاني الطيب وقدمت جريدة الأيام ملفا بعنوان اين الحقيقة في حركة 19 يوليو 1971 وها انا افي بما وعدت . تاج السر مكى ++++ (الحقيقة .. دقيقة طرقها مضيقة، فيها نيران شهيقة، ودونها مفازة عميقة – الحلاج) في عدد اكتوبر 2000 نشرت قضايا سودانية جزءا من كتاب يعكف عليه الاستاذ عبد العظيم عوض سرور، وهو عبارة عن حصيلة تجربته، وتقويمه لمواقع القوة والضعف في انقلاب 19 يوليو ولعله في هذا المسعى من بين قلة من العسكريين والمدنيين الاحياء ممن تضافرت لهم عوامل الزمان والمكان ليقف على بعض جوانب التخطيط والتنفيذ والتداعيات التي تلاحقت في مثل لمح البصر، او اقرب منه، وافضت الى هزيمة 19 يوليو فبالرغم من انقضاء نحو ثلاثة عقود على الحدث، ربما لا يختلف اثنان في ان انقلاب 19 يوليو، يندرج في عداد اهم الاحداث السياسية في السودان خلال المائة عام الماضية : بحسبان التناقضات والصراعات متعددة الاطراف التي سبقته، وعجلت به، وباعتبار جوانب القوة والقصور التي صاحبت العملية العسكرية والممارسة السياسية خلال الأيام التي عاشها الانقلاب.. وبالنظر الى ردود الافعال السودانية والخارجية والتصفيات الدموية الباهظة على طرفي الحدث، واختلال موازين القوى الطبقية والسياسية على مدى بعيد وعميق لا يزال الحزب الشيوعي والحركة الديمقراطية يجاهدان لترميم اثاره، كثير من هذه المسائل وغيرها جديرة بالمعاودة والتقويم الموضوعي ووضع النقاط فوق الحروف ومن بين هذه المسائل ما اثاره الاستاذ عبد العظيم في تقويمه الرصين للملابسات التى احاطت بمذبحة بيت الضيافة عصر 22 يوليو ومقتل نحو عشرين من ضباط وجنود عزل، وقد احسن صنعا بان اعاد هذا الحدث المروع الى دائرة الاهتمام وربما يحسب البعض من باب الخمول او الاستهانة باهمية الحدث بانه يفتح صندوق باندورا “Pandora's box" امراة ارسلها زيوس عقابا للجنس البشرى، بعد سرقة برومثيوس للنار واعطاها صندوقا، ما ان تفتحه بدافع الفضول حتى تنبعث منه الشرور والرزايا" وينكأ جرحا اوشك ان يندمل، ويقيني ان ما حدث في بيت الضيافة عصر 22 يوليو حدث جسيم غير انه لم يجد القدر المستحق من التقصى ، وإقتفاء الاثر، واستنطاق الشهود، وتمحيص الوثائق المتاحة لتحديد الجاني او الجناة الحقيقيين فبعد مرور نحو ثلاثين عاما، لا يزال الغموض والافادات المتضاربة والطلاسم العصية تكتنف الملابسات التي احاطت بمذبحة بيت الضيافة، وفي نظرى ان الاستاذ عبد العظيم دون انقاص من جهده ودون تطاول على دوره في تلك الاحداث، بقدر ما اضاف من معلومات قيمة ومثيرة قد اضاف عناصر جديدة لا تساعد في سبر اغوار الحقيقة بل تباعد منها وتضاعف من التعقيد القائم اصلا الهدف من مساهمتى ان اقدم بعض المعلومات والافادات لشهود عيان من بين الذين نجوا من مذبحة بيت الضيافة، وغيرهم ممن وقفوا على الحدث وأدلوا بشهادات لا تتفق جميعها او بعضها مع ما اورده الاستاذ عبد العظيم وقد كان هو نفسه امينا ومنصفا بان طرح ما لديه من معلومات بكل ما تحمل من تناقضات وحلقات مفقودة او مضيعة، دون ان يسعى الى ادخال اضافة او حذف بها حتى تبدو في تمام الانسجام وبعد الإطلاع على ما كتبه الأستاذ عبد العظيم حول مذبحة بيت الضيافة سنحت لنا فرصة الحديث والأخذ والرد وتبادل المعلومات مما ادى الى تعزيز قناعتي بأنه مهموم بالبحث عن حقيقة ما حدث في بيت الضيافة عصر 22 يوليو امتثالاً لمسؤوليته الأخلاقية ووفاء لانتمائه لحركة 19 يوليو التي افرد لها كتابه قيد الإعداد حول مذبحة بيت الضيافة عصر يوم 22 يوليو كتب الاستاذ عبد العظيم أ. لم يكن للحزب الشيوعي او تنظيم الضباط الاحرار مسؤولية فيما حدث في بيت الضيافة، ولم تكن التصفية الدموية في أية مرحلة من المراحل ضمن خططهم. ما حدث في بيت الضيافة كان تصرفا فردياً يستوجب الادانة ب. انكرنا (الضباط الأحرار) في البداية ولسنوات طويلة أية علاقة بما حدث في بيت الضيافة، إلا أن جهة آمرة في انقلاب 19 يوليو أصدرت أمرا فردياً بتنفيذها. وقام ضابط او اثنان مع جنودهما بتنفيذ جزء من المجزرة ج. مذبحة بيت الضيافة جريمة مزدوجة، بدأها الضباط والجنود المشاركون في انقلاب يوليو واتمتها مجموعة من ضباط الصف الذين عادوا في سبتمبر 1975م ونفذوا انقلاب المقدم حسن حسين د. الاعتقاد السائد مدعوما بنتائج الكشف الطبى اكد بان الضحايا في بيت الضيافة ماتوا نتيجة اصابات من مسافة قريبة وان اجسامهم بدت عليها اثار حروقات نتيجة الاصابة بقذائف حارقة يرجح ان تكون من مدافع كلاشنكوف او رشاشات محمولة على ظهور دبابات هـ. الجنود التابعون للحرس الجمهورى والذين تولوا حراسة المحتجزين في بيت الضيافة كانوا مسلحين ببنادق ج3، ولم تكن لديهم دبابات في منطقة بيت الضيافة وينحصر تعليقي على هذه النقاط الهامة فيما يلي 1. من ناحية عامة، وانصافا لوقائع التاريخ، وتقصياً للحقيقة الموضوعية، والحذر من الاستهانة بالتعقيدات المذهلة التي اكتنفت احداث يوم 22 يوليو، وما حدث في بيت الضيافة على وجه التحديد، كان يتعين على الاستاذ عبد العظيم ان يسعى الى تدعيم افادته الهامة بشهادة بعض من عاصروا الحدث من ضباط الحرس الجمهوري ومن بين هؤلاء الملازم مدني على مدني الذي اتهم بتنفيذ مذبحة بيت الضيافة واصدرت المحكمة الميدانية حكما ببراءته. وهنالك الرائد جريس وقد كان آخر الذين تم اعتقالهم من ضباط الحرس الجمهورى، وربما يكون هنالك ضباط آخرون ممن يمتلكون جزءاً ولو يسيراً يؤيد أو يناقض ما ذكرره الاستاذ عبد العظيم، ومن بين ضباط يوليو الذين عايشوا الحدث في مبنى الحرس الجمهورى او مبنى الامن القومي او في اجزاء اخرى من القصر الجمهورى من يلزم الحصول على اقواله (الملازمان خاطر والعماس). كذلك كان من الاجدى ايراد المعلومات التي ادلى بها بعض من نجوا من مذبحة بيت الضيافة وبعض العسكريين من وضعوا أيديهم على بعض حقائق ما حدث في بيت الضيافة (مامون حسن محجوب، العميد عثمان كنب، الفريق اسحق ابراهيم عمر وغيرهم) 2. كتب الاستاذ عبد العظيم ما شاهد وسمع وشارك في تنفيذه في مبنى الحرس الجمهورى، بينما وقعت مذبحة بيت الضيافة في طرف آخر من مسرح الأحداث ولم يكن ضمن شهود العيان للوقوف على ما حدث آنذاك، وبهذا المعنى كان من الأفضل ان يتوخي الحذر في اللجوء إلى الاستنتاج في مثل اجواء 22 يوليو حيث صارت الحقائق اكثر اذهالا من الخيال 3. لقد تداول الناس، كل حسب ميوله وانتمائه اسماء عديدة ونسبوا اليها تهمة ارتكاب مذبحة بيت الضيافة، فمن بين ضباط يوليو ذكرت أسماء الملازم احمد عثمان عبد الرحمن الحردلو والملازم احمد جبارة مختار والملازم مدني على مدني والمقدم محجوب إبراهيم "طلقة" والرائد محمد احمد الزين والرائد بشير عبد الرازق والمقدم عثمان ابشيبة والجندى احمد ابراهيم، (راجع كتاب محمد محمد احمد كرار: الحزب الشيوعي السوداني : سنوات الغيبوبة 1978 ص104) كذلك ذكرت اسماء الصول حماد الاحيمر من بين المجموعة التي شاركت في انقلاب المقدم حسن حسين (1975) وذكر البعض العميد سعد بحر ولازال البعض يوجهون اصابع الاتهام للمقدم صلاح عبد العال وعدد من الضباط والصف في تنظيم احرار مايو (القوميين العرب). كل هؤلاء في نظرى، ابرياء طالما لم تتم ادانتهم بالبينة وقرائن الاحوال او بالاعترافات القضائية، او شهادة الشهود امام محكمة عسكرية او مدنية مؤتمنة على تصريف العدالة 4. الاستنتاج والتناقض الذي قصدته في ماذكر الاستاذ عبد العظيم يتجلى في نظرية المؤامرة المزدوجة (Double-pronged) التي يعتقد بان ضباط وجنود 19 يوليو بدأوها واتمتها مجموعة ضباط الصف المناوئين لهم والذين اعلنوا فيما بعد بان هدفهم كان القضاء على حركة يوليو وسلطة 25 مايو معا فالقول بان المؤامرة بدأها هؤلاء وأتمها اولئك يبدو احتمالا بعيدا ويلقي على عاتق الاستاذ عبد العظيم عبئا اضافيا لا معدى عنه لاثبات الفرضية التي طرحها. وبصريح العبارة، النظرية التي قدمها الاستاذ عبد العظيم كانت تتطلب مزيداً من التدقيق والاسانيد أو ارجاءها وربما صرف النظر عنها كلية إذا تعذر عليه ان يضع يده على الادلة المساندة. وحسب علمى، لم يسبقه او يعقبه شاهد عيان او باحث آخر في طرح نظرية "المؤامرة المزدوجة" 5. وثمة ملاحظة اضافية تتعلق بما ذكره الاستاذ عبد العظيم وآخرون عن مجموعة الجنود والضباط الذين شاركوا انقلاب المقدم حسن حسين وجرت محاكمتهم في عطبرة مطلع عام 1976م. لقد أقر بعضهم بان هدفهم كان القضاء على حركة 19 يوليو و25 مايو في ان واحد (شهادة الملازم شامبى).. ولكن انصافا لهؤلاء لم ترد ضمن اقوالهم اعترافات قضائية بانهم ارتكبوا مذبحة بيت الضيافة او جزءاً منها. ومهما يكن من حجم الاتفاق او الاختلاف مع اهداف حركة المقدم حسن حسين فأننا لا ننكر تضحيتهم واستشهادهم في النضال المتشعب ضد حكم الفرد. وفي هذا السياق فقد احسن رفيقنا نقد في حديثه في احتفال اول مايو 1985م عندما عدد مجموعة المقدم حسن حسين ضمن شهداء المقاومة الشعبية ضد حكم الفرد حيث قال :"فإذا كان هنالك من ينكر على الشيوعيين شرف الاستشهاد، فإننا لا ننكر على احد مجد الاستشهاد" 6. ذكر الاستاذ عبد العظيم في سياق موضوعه ان ضابطين من المشاركين في انقلاب 19 يوليو مع عدد من جنودهم قاموا بتنفيذ جزء من مجرزة بيت الضيافة، وفي موقع آخر ذكر بان الضحايا ماتوا نتيجة اصابات حارقة من اسلحة لم يمتلكها ضباط وجنود الحرس الجمهورى المكلفين بحراستهم، وهنالك شهادات اضافية من عدد من العسكريين المختصين تؤكد صدق ما ذكره عن انواع الاسلحة التي استخدمت في تنفيذ مذبحة بيت الضيافة سنتطرق الى جزء منها في سياق هذا التعليق، والضابطان المعنيان هما الملازم احمد عثمان عبد الرحمن الحردلو والملازم احمد جبارة. وقد جرت محاكمة الملازم احمد الحردلو ميدانيا وبرأته المحكمة برئاسة تاج السر المقبول من التهمة المتعلقة بمذبحة بيت الضيافة وقضت بسجنه ثلاث سنوات احالها نميرى في لهفة لاراقة الدماء الى عقوبة الاعدام وتم تنفيذها، ويتعين ان نذكر في هذا السياق ان اثنين من الضباط الذين نجوا من مذبحة بيت الضيافة شهدوا ببراءة الملازم الحردلو، ومن بين هؤلاء الضباط مأمون حسن محجوب"راجع كتاب الحزب الشيوعي حول مجزرة الشجرة" اما الملازم احمد جبارة فقد تم استجوابه وادانته بواسطة نميرى، واصدر نميرى الحكم باعدامه لا بسبب اتهامه بارتكاب المذبحة المروعة بل بسبب قيامه باعتقاله عصر 19 يوليو واهانته له بان قاده في رابعة النهار مهيض الجناح الى مقر اعتقاله في القصر الجمهورى 7. في اجواء الاضطراب والتنفيذ المفاجئ لانقلاب يوليو تم اعتقال عدد من الضباط في الساعات الاولى لتأمين العملية العسكرية وكان من بين هؤلاء قادة الوحدات المعروفين بولائهم لنميري مثل اللواء الثاني مدرعات وكتيبة جعفر وسلاح المظلات، وبنفس القدر كان هنالك عدد غير قليل من الضباط ممن جرى اعتقالهم حتى يتضح موقفهم من انقلاب يوليو او بسبب المكايدات الشخصية كما حدث في مصنع الذخيرة على وجه الخصوص ، وعلى سبيل المثال تم اعتقال الضباط محمد عثمان كيلة وسط ملابسات غريبة ومحزنة حقا، قبل برهة قصيرة من وقوع مذبحة بيت الضيافة، وكما روى الاستاذ محمد محجوب عثمان مؤخراً فقد كان العميد كيلة بكل تأكيد ممن يمكن تصنيفهم في عداد اصدقاء حركة 19 يوليو ومعلوم ان ضباطاً وجنوداً في تنظيم الضباط الاحرار وعناصر كان بالامكان كسبها الى جانب انقلاب يوليو لم يسمعوا بالانقلاب الا بعد وقوعه، وقد ذكر الدكتور محمد محجوب بان العميد كيلة في نوفمبر 1970م وعند ابعاد المقدم بابكر النور والرواد فاروق عثمان وهاشم العطا اوشك على تقديم استقالته احتجاجاً وتضامنا، لولا ان اثناه عن ذلك اصدقاؤه في تنظيم الضباط الاحرار 8. باستطلاع عدد من الذين نجوا من مذبحة بيت الضيافة اكد بعضهم بان قادة انقلاب يوليو زاروهم غير مرة بعد احتجازهم لمعرفة احوالهم وتبديد مخاوفهم وطمأنتهم، بعد انطلاق حرب الاشاعة والترويج بان السلطة الجديدة بصدد تسريح الجيش واستبداله بجيش عقائدى. وذهب بعض المغرضين الى اطلاق اشاعات بان ضباط الجيش من رتبة رائد فما فوق ستتم تصفيتهم رميا بالرصاص.."مقابلة مع العميد اسحق محمد ابراهيم بتاريخ 8 يوليو 2000) 9. كتب الاستاذ عبد العظيم ان جهة آمرة في انقلاب 19 يوليو اصدرت امراً فردياً بتنفيذها (المذبحة) وقام ضابط او اثنان مع جنودهم بتنفيذها ==== الأيام 6/8/2002 مذبحة بيت الضيافة (2) تطرقنا في موضع سابق الى ان الضابطين الذين قصدهما الاستاذ عبد العظيم هما الملازمان احمد عثمان الحردلو واحمد جبارة. الاول واجه التهمة امام محكمة ميدانية وصدرت براءته. والثاني لم تنسب اليه التهمة اصلا، كما اسلفنا وهنالك الملازمان مدني على مدني من ضباط الحرس الجمهوري وكان لصيقا بالمقدم عثمان احمد الحسين (ابشيبه) حتى النهاية، وواجه تهمة مذبحة بيت الضيافة امام محكمة عسكرية وصدرت براءته. وكما جاء في كتيب الحزب الشيوعي الصادر عام 1974 حول مجازر الشجرة فان كل الجنود التابعين للحرس الجمهورى والذين تولوا حراسة المعتقلين حتى وقوع المذبحة قد سلموا اسلحتهم بكامل عددها (راجع الكتيب) وعن الجهة الآمرة التي يرى الاستاذ عبد العظيم بانها اصدرت الاوامر الى عناء بان الضابط المعني هو المقدم عثمان ابشيبة وقد ذكر في سياق استطلاع اجريته معه يوم 2 اكتوبر 2000م بان ابشيبة اتصل بالملازم محمود خاطر حمودة وقال ليهو جيب الناس وتعال (نميرى واعضاء مجلس الثورة المحتجزين في القصر الجمهورى) واذا ما قدرت اضربهم ، وانا كنت مع احمد جبارة ومدني على مدني، ضرب (ابشيبة) مرة ثانية وخاطر ما كان موجود. ورد عليهو صف ضابط اسمه احمد اسماعيل الجضيل.. ذهبت الى القصر حوالى 300 الى 500 لقيت عساكرنا في مواقع دفاعات، لفيت لقيت الغرف اللى فيها مامون وابو القاسم (فاضية) وقالوا لي خاطر اخذ الجماعة ديل واتجه غربا. (أ‌) مرة ثانية، كان من الاجدر تعضيد هذه الشهادة الهامة بشهادة الأحياء ممن اورد اسماءهم الاستاذ عبد العظيم، من الضباط والجنود، والقول بان الملازم خاطر اصطحب "الجماعة" الي جهة ما يتعارض مع ما سيرد في رواية نميرى والرائد مامون لمراسلي الصحف. وإذا جاز الافتراض فان نميرى واعضاء مجلس الثورة الذين اشرفوا وشاركوا في محاكمات الشجرة واتهموا الملازمين احمد الحردلو ومدني بتنفيذ المذبحة وسعوا بدون طائل الى مساومة عدد من المشاركين في 19 يوليو لمعرفة تفاصيل ما حدث، فربما كان من الايسر لهم ان يقدموا الملازم خاطر، وكان لصيقا بهم اثناء اعتقالهم، اما كشاهد اتهام ضد المقدم ابشيبة وآخرين او محاكمته بتهمة من نوع ما، كما حدث لعدد من الضباط الموالين لانقلاب 19 يوليو (ب‌) ما ذكره الاستاذ عبد العظيم حول الاوامر التي اصدرها ابشيبة بتصفية المعتقلين في القصر ومبنى الامن لم تطرق تحديداً الى انه تلقى او شاهد او سمع من المقدم ابشيبة اوامر صريحة ومحددة بتصفية المعتقلين في بيت الضيافة، ومعلوم ان الضابط المكلف بحراسة بيت الضيافة هو الملازم احمد عثمان الحردلو بينما تولى الملازم خاطر حراسة نميرى واعضاء مجلس الثورة. وقد ذكر الاستاذ عبد العظيم في المحادثة التي دارت بيننا في هذا الصدد انه شاهد الملازم احمد جبارة يغادر مبنى الحرس الجمهورى ما بين الساعة الخامسة والسادسة مساءاً وكان هنالك بعض العسكريين والمدنيين الذين تسللوا هربا، إلا أنه وبمعرفته للملازم احمد جبارة لم يساوره شك بانه كان بصدد الهروب ومخارجة نفسه. وفهم من الإشارات التي تبادلها معه بان الملازم "ماشى مشوار قريب" وبعد نحو ساعة عاد الملازم ومرة ثانية تبادل اشارة مع الاستاذ عبد العظيم بأنه "تخلص من المعتقلين في بيت الضيافة" (ج‌) ما أورده الأستاذ عبد العظيم حول ما دار بينه وبين الملازم احمد جبارة - إذا كنت موفقا فيما اسعفنى الوقت بتسجيله - لا يعتد به لمجرد الإشارات والإيماءات المتبادلة بينهما في لحظات انقلبت فيها الأمور رأساً على عقب (د‌)جريت مقابلة مستفيضة مع الملازم احمد الحسين وقد حكم عليه بالإعدام وخفف الحكم الى عشرين عاماً لدوره في انقلاب 19 يوليو ، ذكر الملازم احمد الحسين في سياق احدى المقابلات بأنه التقى الملازم احمد جبارة ما بين الساعة التاسعة والعاشرة مساءاً لفترة وجيزة في مبنى (كركون) سلاح المدرعات حيث جرى اعتقالهم مؤقتاً، ولم يكن الملازم احمد جبارة على علم بمذبحة بيت الضيافة وأطلعه على تفاصيلها المتاحة آنذاك الملازم احمد الحسين الذي اعتقل من مبنى وزارة الداخلية وهو في طريقة لمبنى الحرس الجمهوري (هـ) ثمة مسألة هامة يتعين ابرازها في سياق احداث بيت الضيافة، فقد تضاربت الاقوال بين ما ذكره الاستاذ عبد العظيم من انه شاهد الملازم احمد جبارة ما بين الساعة الخامسة والسادسة يتجه خارج مبنى الحرس الجمهورى ويعود بعد نحو ساعة وينقل اليه بالاشارة والايماءات بانه تخلص من المعتقلين في بيت الضيافة هنالك عدد من الشهود ممن كانوا محتجزين في القصر الجمهورى وبيت الضيافة اتفقت رواياتهم بان الهجوم عليهم بدأ ما بين الساعة الثالثة والنصف والرابعة عصراً. لذلك يصبح من الاهمية بمكان رصد تسلسل الاحداث في نطاق زمني دقيق (Time-frame).. وهذا الامر لأهميته القصوى في اعادة تركب الصورة الكاملة لما حدث في بيت الضيافة ومواقع اخرى، يتطلب اعادة النظر والتدقيق كذلك ذكر الاستاذ عبد العظيم في مسودة كتابه ما يلي "لم اعرف ما حدث في بيت الضيافة او في مبنى جهاز الامن القومي إلا في وقت لاحق، وكان ذلك بعد اعتقالنا ونقلنا من زنزانة ضيقة في احدى كركونات سلاح المدرعات الى مكتب (العميد) سعد بحر الفسيح المريح، حيث حكى لى صديقي ود الحسين (الملازم احمد محمد الحسين) بعض ما حدث في بيت الضيافة وذكر لي بعض اسماء الضباط الذين قتلوا في المجزرة، "وهذه الواقعة تؤكد بان الاشارة المتبادلة بين الملازم احمد جبارة والملازم عبد العظيم لم تحمله على الاعتقاد بان الملازم احمد جبارة قد اقدم على قتل المعتقلين في بيت الضيافة وبقدر ما يتسع الحيز سنسعى في الفقرات التالية الى بعض ما ذكره من عاصروا احداث يوم 22 يوليو ومذبحة بيت الضيافة على وجه التحديد. واستهلالا نورد ما قاله الشهيد عبد الخالق محجوب امام المحكمة العسكرية التي قضت باعدامه، فمن بين التهم التي قدمها ممثل الاتهام، المقدم عبد الوهاب البكرى ضد عبد الخالق محجوب التسبب في مقتل عدد من ضباط القوات المسلحة" وقد كتب الاستاذ ادريس حسن (رئيس تحرير الرأى العام) وكان هو الصحفى السوداني الوحيد الذي تسنى له عن طريق الصدفة او الخطأ حضور الجلسة الاولى من محاكمة عبد الخالق محجوب ما يلي "كان عبد الخالق ثابت الجنان مثل ابطال الاساطير الاغريقية .. ورد على هذه التهمة باقتضاب قائلا اما فيما يتعلق بمقتل بعض الضباط والجنود فان الامر يبدو متعلقا بما حدث في بيت الضيافة .. والحدث معروف ولا دخل لنا فيه، ان كل ما في الامر، انها تهمة يريدون الصاقها بنا للقضاء علينا" (جريدة الأيام 1 ابريل 1986) اما شهادة من نجوا من مذبحة بيت الضيافة فهي بلا شك من بين اهم الادلة التي يتعين اخذها في الاعتبار بكل ما تحمل من تناقضات واعادة اخراج في اتجاه او آخر مع تبدل الظروف الشخصية والموضوعية والانتماءات السياسية والمحازبة (Partisanship) والتأثر بالروايات المتبادلة من مصادر لم تعايش الحدث اصلا. وثمة حقيقة يجدر اخذها في الاعتبار ان الضباط الذين نجوا من المذبحة لم يتمكنوا من هول الحدث والمباغتة من رصد اكثر من انطباعات مبعثرة ولمحات خاطفة حول مذبحة بيت الضيافة، ويقيني ان الاستاذ عبد العظيم سيأخذ المعلومات التالية في المحصلة النهائية ويسعى للتثبت منها بشتى الطرق المتاحة كتب العميد عبد الرازق الفضل في بحث قدمه لنيل الماجستير من معهد الدراسات الآسيوية الافريقية بانه اجرى مقابلة مع العميد أ.ح.عبد سادر احمد محمد بتاريخ 13/8/1983م ذكر خلالها "انه لا صحة لما تردد بان هنالك جهة ثالثة هي التي قامت بقتل الضباط المعتقلين في بيت الضيافة، وان الذين قاموا بذلك هم ضباط 19 يوليو " (محمد محمد احمد كرار : سنوات الغيبوبة، ص104) والعميد عبد القادر كان من بين المعتقلين الذين نجوا من مذبحة بيت الضيافة وقام بعد ذلك باحتلال القيادة العامة وتحطيم المبنى الذي اتخذه المقدم محمد احمد الريح ساترا له حتى استشهد ويحسن هنا ان نورد ما قاله الرائد عبد القادر احمد محمد نفسه لجريدة الصحافة يوم الاحد 25 يوليو 1971م : "اعتقلوني وودوني بيت الضيافة.. بقينا حتى يوم الخميس، سمعنا ضرب، الضرب اقترب، ضرب سقف الاوضة، كان ضرب دبابة، النيران من الناحيتين، انصبت في الاوضة في رأس العقيد حمودى، الدبابات خشت لجوه بعد ما كسرت الحيطة .. بعد مدة سمعنا نيران عرفناها دى دباباتنا.. خرجنا واستقبلنا الجنود بالاحضان"، اين هذه الشهادة التي ادلى بها الرائد عبد القادر في حرارة الموقف مما اورده العميد عبد الرازق الفضل بعد انقضاء ما يزيد على عشر سنوات من وقوع المذبحة المروعة وهنالك ايضا شهادة تاريخية قيمة ادلى بها النقيب (آنذاك) عبد الحي محجوب، فقد ذكر لمراسلة جريدة الايام في عدد الاربعاء 28 يوليو 1971 ما يلي : يوم الخميس "22 يوليو 71" حوالى الساعة الثالثة والنصف سمعنا صوت طلقات قوية فذكر العميد سعد ببحر ان هذه الطلقات هي طلقات دبابة ت55 التي تتبع جميعها للواء الثاني الذي يقوده سعد نفسه. فسألته هل اللواء الذي قام بالحركة الفاشلة معه دبابات (من هذا النوع) فأجاب بالنفى واستبشرنا خيرا. وعلمنا ان القوات تحركت لاحباط المؤامرة الفاشلة.. امرنا العميد سعد بحر ان نرقد على الارض بحيث لو جأت طلقة طائشة ما تصيبنا كذلك ذكر النقيب عبد الحى في موضع آخر من تلك المقابلة "الخائن المقدم محجوب طلقة، كان زميلي (في مصنع الذخيرة) ورفيق السلاح، عرفت انه اشترك في ضربنا، (هنالك اكثر من شاهد اكدوا بان المقدم محجوب ابراهيم (طلقة) طل مرابطا في القيادة العامة طيلة يوم 22 يوليو ولم ترد أي شهادة اخرى تناقض ذلك) ويضيف النقيب عبد الحي "ومن بين الذين اشتركوا في الضرب الملازم احمد الحردلو الذي كان زميلي في الدراسة في المرحلة الوسطى). مهما يكن من امر فقد كان النقيب عبد الحي أمينا وسط أجواء الهستيريا والاستعداء السائدة آنذاك، عندما نأى بنفسه عن الادلاء بشهادة باعتباره شاهد عيان على ضلوع المقدم محجوب طلقة والملازم احمد عثمان الحردلو في ارتكاب مذبحة بيت الضيافة وذكر تحديدا بانه عرف ولم يقل بانه شاهد يتبع