أجيال السودان المتعاقبة ...أي جيل كان له القدح المعلى في التدهور الحاصل؟!!!

Quote: ‎ الجيل لا يمكن تحديده بتاريخ الميلاد وإنما بالفترة التي يكون فيها الإنسان قادرا على العطاء وغالبا ما يحدد الجيل في فترة 30 سنة..

Quote: ‎ولكني قصدت بالمرحلة (من 25 الى 40) ..

وكنت أوّد أن تأتينا يا أستاذ زكريا بأسماء لشخصيات سودانية ورموز لكل جيل
ونماذج حقيقية تمّثل كل فترة من تلك الفترات الثمان والسِمان.

وفي ظني أن أهم شخصتين كان يُفترض بروزهما ولمعانهما خلال الفترة
التي حددتموها بالعقد الزمني (1900 – 1919) هما السيد عبد الرحمن المهدي
والسيد علي الميرغني.



وبالرغم من صعوبة العودة للوراء لإعادة محاكمة "أجيال الأمس"
وعلى الرغم من لا عدالة تقييم "أجدادنا القدماء" بمعاييرنا الراهنة
خصوصاً وأن أجيالنا الحالية القابعة في السُلطة – وكما أشار مُحقاً الأخ نصر الدين –
هي الأشّد إجراماً وتخريباً وفساداً وتقتيلاً، كما أن أجيالنا الحالية المنزوية في المعارضة الحزبية
هي الأكثر توهاناً في الأنفاق المُظلمةالدائرية، وهي الأكثر تفريطاً واستكانة أمام الديكتاتور
في الداخل، وهي أيضاً الأكثر خنوعاً وتقصيراً أمام كشف وتعرية الهجمات الرأسمالية
العاتية الإعصار القادمة مندفعة من الخارج.

وبالعودة لعبد الرحمن المهدي وعلي الميرغني كعينتين ترمزنان للعقد (1900 – 1919)
فإنهما وقتها كانا في فورة فتُوّتهما وعنفوان شبابهما
وكان يفترض بهما أن يتقدما الصفوف وأن يكونا، بحسب واقع أعمارهما
وبحسب توصيف الدكتور الأمين موسى، هما: (الأكثر قدرة على العطاء)..



لكن الوقائع والحقائق تقول أنهما كانا في شبابهما غائبين تماماً عن المشهد
السياسي والنضالي السوداني.. لم يستفد (علي الميرغني) و(عبدالرحمن المهدي)
من استواء عودهما ونضارة شبابهما وقدرتهما على العطاء،
ولم ينشطا في أي فعل سياسي/اقتصادي أو اجتماعي بنّاء
ولم يستطيعا توظيف رمزيتهما الدينية التي تناطح السماء
وعجزا عن تحشيد جماهيريتهما العريضة الممتدة في كافة الأصقاع والأرجاء
تلك القاعدة الشعبية التي كانت تُمثل مصدر قوة، ودرعاً حامياً ومتاريس واقية
ورادعاً جباراً أمام بطش وجبروت المحتل البريطاني إن تقدم ناحيتهما.

لم يجرؤ أي واحد منهما للأسف على توظيف ما كان تحت يديه وقتها
واستغلاله في مواجهة المحتل.

صحيح كان المحتل باطشاً مارس عنفاً غير مسبوق،
وإرهاباً ممنهجاً وإذلالاً يفوق الإحتمال، كما أعمل معوله في السودان
منذ لحظة دخوله وحتى انتفاضة 1924 تخريباً وإفقاراً وتدميراً وتشويهاً لكل أوجه الحياة..



لكن إن عُدْنا وتذَّكرنا الظروف التي واجهت الأب الثائر (محمد أحمد المهدي)
خلال العهد التركي، نجدها أسوأ وأخطر من تلك التي اعترضت لاحقاً طريق نجله
عبد الرحمن ورصيفه اللدود علي الميرغني إبان الاحتلال البريطاني
غير أن أعين الثائر المهدي وبعكس ابنه عبد الرحمن وحفدته الحاليين
كانت ترنو وتنشد المستحيل وتطمح إلى ما فوق نجوم السماء،
وقد نجح جيل محمد أحمد المهدي بالفعل في أن يُحقق ذلك المستحيل.