|
Re: بلدي بالسليقة (Re: درديري كباشي)
|
حكاية كديسة قبل أكثر من عشرة سنوات. عملت بشركة موقعها بحي العليا وهو من أرقى أحياء الرياض حيث الماركات العالمية والفنادق فوق الخمسة نجوم والفلل الفخمة ومستشفيات التجميل والمجمعات السكنية ومعظم قاطنيه من أصحاب المناصب الأعلى من مدراء كما أغلبهم غربيون. كذلك الشركة التي كنا نعمل بها مرتبطة بالأثرياء في تنظيم رحلات الصيد وصيانة أجهزتها. ولكن كما هو معهود في أي مكان في الدنيا توجد قطط حرة هائمة في الشوارع وتقتات من النفايات. لكن حتى القطط الهائمة في هذا الحي لا تشبه قطط الحواري الشعبية فهي تحس بها (بنات ذوات) مع الاعتذار. نفس تلك القطط الجميلة ذات الشعر الكثيف الناعم واللاتي يحملنها جميلات هوليود والأثرياء الغربيون وزعماء العصابات في الأفلام الهندية. تلاقيه دائما يضع قطة جميلة مدللة في حجره يمسح عليها رفقا بيده الممتلئة بخواتم الذهب البراقة وهو يخطط لقتل شخص ما. لكن ما حيرني ما الذي جرى لهذه القطط (الفاخرة لو جاز الوصف) ان تهوم في الشوارع تأكل من النفايات وتهجر القصور والفلل الفخمة. أعتقد أن أصحابها أما تركوا البلاد وعادوا الى دولهم لم يستطيعوا اصطحابها معهم فتركوها تأكل من خشاش الأرض. أو هي نفسها تمردت على الحياة الرغدة وقررت تغامر. المهم كان يعمل معنا فنيون فلبينيون أحضروا احداها وتبنوها معهم. أصبحوا يطعمونها ويسقونها الحليب. كنت كل ما دخلت عندهم الورشة جاءتني تجري. وكذلك ولفت علي احضنها واجلس في الكرسي امسح على وبرها الناعم كما يفعل الأثرياء. لونها جميل يميل للبرتقالي مع بضع دوائر بيضاء. يوم ما افتقدتها في اليوم الأول لم تأتي وكذلك في الذي يليه. قررت أسأل ( انتو وين الكديسة ) أين القطة يا بنو فلب ؟ بدأوا يتضاحكون وينظرون لبعضهم البعض وكل مرة واحد يقول لي اسأل الثاني (أسأل فابيانو ) (أسأل ايلمر ) (أسأل جون ) (اسأل قلبك برضو يقولك لو كان حن ) شكيت في الأمر تركتهم في الورشة وذهبت ناحية مساكنهم في الخلف (عامل فيها المحقق كونن) مشيت ناحية مكب النفايات. فإذ به ملئ بعظام أقدام شكلها أكبر وتختلف من أقدام الدجاج رغم أن هذا الخاطر أتاني لأطرد به الشك. لكن ما قطع الشك باليقين سلسة عظام اشبه بالسبحة هي عظام الذيل .. ذبحوها وأكلوها بعد ما أمنت لهم. لم تكن في حاجة لدعمهم وتربيتهم فهناك النفايات جعلت القطط تستغنى عن حياة البيوت ومصاحبة البشر بل تتصالح مع الفئران. لكنهم استغلوا أصلها وطبيعتها هي بنت عز متعودة على الدلال. أكلوها ولم يبقى منها سوى العظام. عدت من مكان سكنهم مهرولا ومذهولا ومشتتا (ومدشدشا ) عبرت الورشة . كلهم نظروا ناحيتي بدهشة وابتسامة خبيثة يتوقعون سؤالي. لم اسأل أحد منهم. عدت الى مكتبي وصورتها وانينها وحنينها يدوران في ذهني. في الآخر قلت في نفسي هي ثقافة شعوب أنا مالي.
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/icon_edit.gif)
|
|
|
|
|
|
|