|
Re: أيهما أهم أن تقرأ أم أن تكتب؟سارتر يشرفه ب (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
مضادات عربية للقراءة خيري منصور *************** لم يكن متاحا لي في صباي شأن معظم أبناء جيلي أن اختار ما أريد قراءته، لعدم وجود المكتبات وحتى الصحف في قرانا، التي كانت غارقة في ظلام ما قبل الكهرباء، لهذا قرأنا ما تيسر لنا بالمصادفة، لكنه لم يشبع رغباتنا وفضولنا حتى في الحد الأدنى، وحين عثرت على ديوان شعري بعنوان «أباريق مهشمة» لعبد الوهاب البياتي، بدأت الأسئلة شبه المحرّمة في الثقافة والحياة تتسلل إلى ذهني، وكان اكتشافنا لصنابير الماء في المدينة هو المعادل الموضوعي لما تهشم من أباريق وخرافات في حياتنا، ومنذ تلك الفترة وأنا مهجوس بالقراءة بما يتخطى كونها إشباعا لفضول، لإدراكي أن غيابها أو بمعنى أدق تغييبها في مجتمع ما هو أقصر الطرق لتجريف الوعي وتحويل الكائن إلى أداة طيّعة لأي سلطة، سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو معرفية، وذات يوم كانت عبارة ليست عابرة لجورج ستاينر قد أحدثت لديّ ما يشبه الانقلاب في فهم القراءة يقول، إن القراءة تغيرنا لأن فيها مخاطر عظيمة، فهي تضعف من شخصياتنا ومن إحساسنا بأنفسنا، ولا نعود قانعين بما تلقيناه أو حُقنّا به من إجابات ساذجة عن أسئلة إشكالية ووجودية بالغة التعقيد، ويضيف ستاينر هل يمكن للمرء أن يقرأ «آنا كارنينا» لتولستوي أو «البحث عن الزمن الضائع» لمارسيل بروست، بدون أن يدرك انبعاثا جديا في مشاعره الجنسية، وهل يمكن لأحدنا أن يقرأ «المسخ» أو التحول لفرانز كافكا ثم يستطيع النظر إلى نفسه في المرآة بدون إجفال، وقادتني هذه الهواجس إلى إصدار كتابين عن القراءة، تفصل بينهما بضعة عقود، الأول بعنوان «تجارب في القراءة» صدر ضمن مشروع الموسوعة الصغيرة في ثمانينيات القرن الماضي، والآخر «ثنائية الحياة والكتابة» وصدر عن دار الهلال في القاهرة قبل عدة أعوام . للمقال بقية
|
|
|
|
|
|