|
Re: التحرش الجنسي: هل المجتمع الصناعي هو المس� (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
الاثنين صباحا تلقيت رسالة على بريدي الإلكتروني تحتوي على شهادة إتمامي التدريب الإلزامي على الوقاية من التحرش الذي تفرضه جامعة كاليفورنيا على مديري الأقسام والأساتذة. وبصفتي أستاذا جامعيا أنا مطالب قانونيا بإتمام هذه الدورة التدريبية على الإنترنت التي تدوم ساعتين كل سنتين.
وهذا النوع من الإلزام جديد، ففي الأيام التي كنت فيها طالبا في المرحلة الثالثة في كمبريدج في ثمانينات القرن الماضي، كان بعض أفراد هيئة التدريس يشيرون على سبيل الدعابة إلى كلية نساء معينة على أنها “ميدان صيد سعيد”. أحد الأساتذة المتقدمين في السن كنت قد حضرت البعض من فصوله ترك من بين إرثه عند وفاته ألبوم صور يحتوي على العشرات من الصور لشابات كلهن يرقدن على السرير في غرف الكلية.
شيء آخر جديد يتمثل في دعوة الرجال الذين بدأ شعرهم يشيب ولهم مراكز سلطة على نساء أصغر منهم سنا، إلى المساءلة عندما يسيئون استعمال هذه السلطة. وخلال الأسابيع القليلة الماضية تم الحط من رتبة العديد من الأشخاص من أجل سوء السلوك وطرد البعض منهم، ونخص بالذكر السياسيين جون كونيارس وآل فرانكن، والصحافيين شارلي روز وغلان ثراش، والمنتج السينمائي هارفي واينشتاين.
ولقي المعلق السياسي بيل أوريلي المصير نفسه في وقت سابق وكذلك مدير التلفزة روجر أيلس في سنة 2016. وفي سنة 1998 كاد الرئيس بيل كلينتون، أقوى رجل في العالم، يخسر منصبه بسبب الكذب في ما يتعلق بنشاطاته الجنسية مع متدربة شابة. وفي سنة 2011 خسر دمينيك ستراوس خان (كان وقتها مدير صندوق النقد الدولي) وظيفته بسبب اتهامات باغتصابه لعاملة في فندق.
كفاح امتد على مر العصور
قال كارل ماركس وفريدريك انجلز في البيان الشيوعي “تاريخ أي مجتمع إلى حد الآن هو تاريخ صراعات طبقية”. وكان بإمكانهما القول أيضا إن تاريخ أي مجتمع إلى حد الآن هو تاريخ حرب الجنسين. بالطبع لم يوجد مجتمعان متشابهان لكن تبقى الحقيقة بأن في كل مكان لدينا حجة مكتوبة عنه (وهو ما يأخذنا إلى زمن يرجع بنا إلى 3000 قبل الميلاد في منطقة الشرق الأوسط) كان الرجل هو المنتصر في الحرب. ودون استثناء، كان الرجال في المجتمعات المركبة والمتعلمة والفلاحية يملكون حقوقا قانونيا وسياسية واقتصادية أكثر مما تملكه النساء، وكذلك أكثر حرية للبحث عن شركاء جنس خارج إطار الزواج. ودون استثناء تقريبا كانت للرجال الحرية في الزواج بالعديد من النساء الذي يقدرون على تحمل نفقاته وفي استخدام القوة لإجبارهن على الطاعة. والحقوق التي تملكها النساء كانت تتوقف بشكل كبير على استعداد قريبهن لحمايتهن.
لكن بينما التاريخ في جانب منه لا يعدو أن يكون سلسلة من التغيرات في ما يخص هذا الموضوع الكئيب، ربما كانت حقبة ما قبل التاريخ حكاية مختلفة. لقد اكتشف علماء الأنثروبولوجيا في القرن الماضي أن القناصين الذين عاشوا في زمر صغيرة متنقلة بشكل مكثف ويصطادون الحيوانات ويجمعون النباتات البرية كانت لهم طرق عيش مختلفة جدا مقارنة بالحضارات اللاحقة. عدد الضحايا في تزايد
ومثلما اكتشف علماء الآثار في القرن الماضي، إلى حدود 11 ألف سنة خلت كان الجميع في العالم قناصين. كان الرجال يميلون إلى اتخاذ معظم القرارات في مجموعات القناصة لكن التراتبية على أساس الجنس كانت ضحلة جدا مقارنة بتراتبية المجتمعات الزراعية المتعلمة. كان احتمال اتخاذ الزوجات لعاشقين أزواجا مساويا للرجال، والنساء اللائي يعاملن بشكل سيء يتركن أزواجهن بكل بساطة، والزعماء الذين يفشلون في إقناع الإناث في فرقهم فضلا عن الذكور تضعف سلطتهم.
|
|
|
|
|
|
|
|
|