الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
Re: الحب في زمن الإنتفاضة : ( أتبراويات ) (Re: ابو جهينة)
|
في المعتقل، لم يراودني شيء غير أسرتي و(رقية). أسرتي لم تعرف أنني معتقل إلا بعد مرور ثلاثة أيام بالتمام والكمال، فقد ظنوا أنني عند صديق الطفولة ( حسين ) بمدينة بربر – الدّكّة ، أو بدامر المجذوب عند أخي الذي لم تلده أمي ( مصطفى )، فقد تعودوا أن أغيب دونما خبر. كل من شرب من ماء النيل الممزوج بمياه نهر الأتبراوي الكاسح ، فهو إنسان ذي مزاج مختلف تماما عن بقية أهل السودان، ففي المعتقل الذي لا يحسب فيه الإنسان يومه بالدقائق والساعات ، بل يحسبها بمجريات الأمور وأوامر السجن والتعرف على المعتقلين وظروفهم، سيبقى كل الذين عرفتهم في السجن كالأوسمة والنياشين على صدري، وسيقبعون في ذاكرتي ما حييت. جاءت جدتي لأبي تولول وهي تربط رأسها بطرحة حمراء اللون، و( المحفظة ) تموسق خطواتها وتتقافز عبر ( توب الزّراق ) الذي تتلحّفه منذ موت جدي قبل أعوام. قلت لها مواسيا : ( يا حبوبة السجن للرجال ) فقالت وهي تصارع ( بلسانها سفّة ماكنة تقبع في شلوفتها المدقوقة ) : نان برة ما كُتّ راجل ؟ سألتها على استحياء عن ساكنة قلبي ( رقية ) .. فقالت وهي تلفظ ( سفتها ) على بلاط مكتب الضابط : والله ما جابت خبرك ، وعرّست واحد ما بعرف إسمو منو. بركة ، هي الجابت ليك النحس دة. وقْع هذا الخبر كان سجنا آخر إنسربتْ فيه روحي، وعندما أطلقوا سراحي ، تمنيت أن أظل حبيس المعتقل على الأقل حتى يندمل الجرح ويبرأ. ولكن كدَيْدَن أهل أتبرا، فقد إنبرتْ شخصيات لا صلة لها بالحزب الذي أنتمي إليه، من رجالات الختمية والأنصار والطرق الصوفية، كلها إنبرتْ للتوسط لدى السلطات لإطلاق سراحي المشروط. وهذا هو معدن أهل أتبرا تحسبهم شتى ولكن قلوبهم تجتمع على بصمة الانتماء لهذه المدينة الوطن. وخرجتُ من المعتقل .. أحسستُ أن هذه المدينة التي أحببتها أضحتْ في حجم زنزانتي، وكل من جاء مهنئا كنت أظنه ينظر إلىّ إما مشفقا أو شامتا. كل الزملاء الذين هرولوا مهنئين، كانت في نظراتهم ما ينبّيء عن ما يدور في أذهانهم عن مدى تأثير خبر زواج ( رقية ) علىْ، أو بمعنى آخر إن كان هذا سيؤثر على نشاطي الحزبي. وبالفعل، في قرارة نفسي كنتُ قد قررتُ تطليق أي عمل حزبي أو إجتماعي. وعندما جاء قرار نقلي إلى غرب السودان، شعرتُ لأول وهلة بفرحة غامرة، لأنني سأغادر موقعا كان فيه مقتل حلم جميل، ولكن ما أن إبتعد القطار مغادرا محطة أتبرا ونحيب الوالدة والأخوات يسطر أخدودا جديدا في دواخلي والأصدقاء والزملاء يلوحون مودعين، شعرتُ بأنني أنفَصم من جسم كنت ألتصق به كنواة في عمق خلية، وأنني سأبدأ رحلة حياتية من الصفر.
( انتهتْ القصة الأولى ) ...
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الحب في زمن الإنتفاضة : ( أتبراويات ) | ابو جهينة | 11-30-17, 09:47 PM |
Re: الحب في زمن الإنتفاضة : ( أتبراويات ) | ابو جهينة | 11-30-17, 09:51 PM |
Re: الحب في زمن الإنتفاضة : ( أتبراويات ) | ابو جهينة | 11-30-17, 09:54 PM |
Re: الحب في زمن الإنتفاضة : ( أتبراويات ) | ابو جهينة | 11-30-17, 09:59 PM |
Re: الحب في زمن الإنتفاضة : ( أتبراويات ) | ابو جهينة | 11-30-17, 10:03 PM |
Re: الحب في زمن الإنتفاضة : ( أتبراويات ) | ابو جهينة | 11-30-17, 10:09 PM |
Re: الحب في زمن الإنتفاضة : ( أتبراويات ) | ابو جهينة | 12-02-17, 12:20 PM |
Re: الحب في زمن الإنتفاضة : ( أتبراويات ) | الهادي الشغيل | 12-04-17, 04:04 PM |
Re: الحب في زمن الإنتفاضة : ( أتبراويات ) | ابو جهينة | 12-04-17, 06:40 PM |
Re: الحب في زمن الإنتفاضة : ( أتبراويات ) | ابو جهينة | 12-04-17, 06:45 PM |
Re: الحب في زمن الإنتفاضة : ( أتبراويات ) | باسط المكي | 12-04-17, 06:51 PM |
Re: الحب في زمن الإنتفاضة : ( أتبراويات ) | ابو جهينة | 12-04-17, 07:35 PM |
|
|
|