|
Re: طينة الوطن ( قديما والعهد الوسيط وحديثا ) .. (Re: ابو جهينة)
|
هذه القبائل بتلك المناطق قد تخلّتْ عن (الساقية) كآلة من صنع أيديهم لنقل الماء لمزارعهم واستعاضوا عنها بوابورات الماء التي بدأت في موسقة ليالي القرى على الضفتين بإيقاع ينافس نقيق الضفادع الذي كان محتكِرا ليالي القرى جنبا إلى جنب مع رنات الطنابير يحملها الهواء عبر صفحة النيل الخالد. رغم هذه النقلة النوعية في عملية الزراعة، إلا أن الساقية وتوابعها من ( إورتي Ewratti وكولي Kouleوأسكلي Askalehوألودا ALOUDA)، لا تزال في أذهان الأجيال القديمة والوسيطة، وشيئا أشبه بالأساطير في مخيلة الأجيال الجديدة. أما الكابيدا ( القراصة ) رغم انتشارها في معظم أمصار السودان وقراه، إلا أنها في الشمال الأقصى لا تزال تشكل حجر الرحى في المائدة جنبا إلى جنب مع (الكسرة)، مع ملاحظة أن الأفران التي تعمل بالأخشاب قد غزت بعض القرى بعد غزوها للمدن وأشباهها. عرب الكبابيش والقراريش والعبابدة جاوروا النوبة. وأمتهنوا الزراعة والرعى والتجارة منتشرين من ( حوض السليم ) شرق دنقلا وحتى تخوم أراضي الحجر وحلفا القديمة. ثم من قبائل شتى تأتي في موسم (حش التمر) ببضائع يقايضونها تمرا وعجوة. من الأشياء التي يقف عندها المرء طويلا هو نتاج هذا التعايش، تعايش العرب مع النوبيين، فقد أختلط حابل العربية بالنوبية وكان النتاج لهجة هجينة طفت على سطح المنطقة النوبية وتغلغلتْ بين مستعمليها وسامعيها. فعلى سبيل المثال يقول أحد المستعربين : فلان قاعد يَجَكِّن الجريد فكلمة ( يجكن YAJAKKIN ) عبارة عن كلمة نوبية هي ( جَك Jak) ثم أدخل الرجل قبلها ياءا في أولها ونونا في آخرها للتأكيد. وهلم حرفنة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|