سِيرة الفوضى " فصل من رواية ظل الفوضى"

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-22-2024, 05:05 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-07-2017, 12:20 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سِيرة الفوضى andquot; فصل من رواية ظل الفوضىand (Re: Dahab Telbo)



    2
    كُنُه الأشياء



    هاهي الأشياء تتكشف لتظهر على حقيقتها ، تتلوى مثل حية رقطاء وهي تتملص من ثياب الخيانة ، مثل شجرة تبلدي عتيقة تمارس إرشاء الصيف بوريقاتها اليابسة ، تظهر بكامل مشاعرها ، التوق ، الوجد والحنين ، تنشر الحبيبة على حبل الغسيل لتتلألأ مثل ثوب ناصع غُسل بالثلج ، وجوه الحبيبات رهيبة جداً ، خاصة ؛ إذا ما عرتك الأيام أمامها وفضحت عجزك لتتبين مدى المأساة ، فها أنا ذا مثل سُنبر قاسي عند نهاية موسم الإمطار أتركها ، أرحل بعيدا عنها وظلال السُنط ، بعيدا عن عواء "جريبيس" وزغاريد البنيات البهيات كما النوّار وذلك هو ثمن التعهد المستقبلي!.
    عندما اقسمنا على ميثاق "قولو( *) تعهدنا ببذل أرواحنا فداء للقضية وأجسادنا مطية للثورة المقدسة التي سوف تزيل شجيرات التهميش الشوكية وتعزق أعشاب التمييز الطفيلية،ثورة لزراعة أزهار العدالة الجميلة وطرح خبز المساواة المقمّر مثل وجوه عرائس النيل،كانت الغيوم ترحل هي الأخرى تاركة ذكرياتها على أوراق الشجر وأعشاش طيور ودأبرق ،عندما يرحل المطر مجرجراً سحب هزيمته النكراء تستمتع السماء بصفاء وجهها وتبتهج نجوم الثريا في سمرها الليلي البهيج ولكني لم أنل من ذلك شيء فقد رحلت أنا الأخر على مضض نحو الصحراء الكبرى قاصدا تخومها الجنوبية،لقد أقسمنا أن نلبي النداء "براً وبحراً وجواً" لذلك تركتها رغم سُخام وجهها،برق ثغرها ووضاءة الجبين ، لم أكن لأدري إن تعنتها كان اصدق من وعودي التي كنت اخفف بها ألم البتر"سوف لن يطول الغياب يا إكليلي المضفور من العاج الأسود،ستعانق أرجل طيور الرحو قمم أشجار العرد يوماً طالما أن السماء لم تعلن إفلاسها المائي،وبمثل ذلك المهرجان الماطر سنقبض فراشات اللحظة في بستان الحضور المزهر ، خذي هذا الوعد وأعطيني الرحيل.
    كانت تقف مثل ملكة على باحة منزلنا السعيد ، يزينها فستان مخصّر وطرحة "كريشة" تتدلى على صدرها الناهد ، القرية كلها احتشدت في مهرجان غير معلن فأسرة الشيخ كرامة تودع ابنها الذاهب إلى "بلاد الاغتراب" وذلك حدث جدير بالجمهرة وبذل الدموع المجانية من نساء القرية اللواتي يؤمن بأن الفُرقة حارة لذلك يجب تبريدها ببعض الدموع. وصايا من نساء ظللن ينتظرن لعقود رجال لن يعودوا قط واستجداء عودة من شيوخ يلاطفون الأيام كي تمكنهم من إلقاء نظرة أخيرة على أبنائهم الذين خطفتهم بلاد الجماهير إلى الأبد.
    من البعد كنت ألوّح لها بيدي الرجاء صارخا بصمت "أوقفِ شلال المقل هذا كي يتسنى لي الهرب من المهرجان،اتركيني لأرحل واقبضِ الميثاق.
    لم تنفك مني تلك الصورة وأنا على ظهر لوري النيسان ذو براميل المياه ، الصحراء لجوجة تلفح الوجوه بأتربتها الملعونة بينما اللوري الفحل يشقها مثل عريس في ليلته الأولى والقلب مازال معلق بخيط الحنين على جذوع أشجار العرديب ، كان سائق اللوري الضجِر ينبه دائماً على عدم الاقتراب من براميل الماء مهددا بأنه سوف يرمي بكل من يخالف أوامره على تلال الصحراء الوهمية ثم يبشر"سنكون بعيد أيام هناك وستشربون ما لذ وطاب" ما لم يدر بخلد السائق من المشروبات هو ذلك الذي كنت أغرق في بحوره ، لقد كان تحدي فعلي لرجل لم تتخطى أرجله بلاد النيل قيد أنملة،التساؤلات تضج في الرأس وكأنها ليلة مولد،كيف سيكون المقام الجديد؟ من هم ناسه؟ ، كيف سأتعامل معهم؟ في الحقيقة كنت أعلم أن اختيار قيادة الثورة لشخصي رئيس على الطاقم لم يكن موقف فالمنطق يقول باختيار رجل له خبرة ببلاد الآخرين ولكن هي أشياءنا اللزجة التي كنت اجهل كُنُنهها ، "سأتعلم من الأيام" هكذا برروا وقد صدقوا ، فألايام فقط هي من أعلمني بحقيقة أشيائي ودائما بقيت خير معلم.
    العوينات ، جبال اركنو ،الكفرة أرض الميلاد الجديد ورمي شكوك الهلاك جانبا ، ثم مدن كثيرة قبل أن نعانق ثغر المتوسط الباسم والعلم البارز ، طرابلس الغرب ذات البهاء.
    بدأت راحلة الحياة الجديدة تقلع ببطء وكثير دخانِ حنين ، تماما كما لواري أسوق القرى الأسبوعية المتجهة الى المدينة ، غير أبهة بعجرفة البدو وتملق فقراء التبو المقهورين ، في ليالي المنفى الأولى ظللت أتذكر كل شيء وكأني أواسي النفس بالذكريات ، اقلب الأحداث تارة بتأنيٍ ودودٍ وأخرى بذهولٍ شَقِفٍ ، ثم بحقد وسماجة أيضا،كثير ما كنت أغيب كليا في مقرن النيلين لأبدأ الإبحار عكس مجرى الأزرق الدافق طلبا للرفاق في غرفتهم العلوية،مشوش بالحنين ومشوب بآلام كثيرة وأماني كبيرة لا أعرف مبتدأها ولا أين تكمن مفاتيح تحقيقها لكني مؤمن بأنهم يستطيعون فك طلاسمها لذلك أستحضرهم ، الصادق هامش،النذير،عثمان ، محمود أنبياء الفكر وأولياء الحقائق ، إليهم اشكي غلواء البعاد وبهم استهين السهاد.
    "سنحقق مبتغانا ونحرر الوطن من كذب اللحى" كنت اكرر ذلك الوعد المقدس مرارا وأدعمه بالحلفان أبدا،فقد أقسمنا بالله والجدود العظماء على قمة الجبل المعظم ، على شفى شلال قولو الذي يجري ما جرت الحياة أن نرد للمعلم اعتباره وللوطن الحقيقة ، فما تركه فينا المعلم من إيمان لا تستطيع كل صعاب الدنيا أن تمحيه من القلب بل ذلك الشيء تشربته الدماء.
    فقط هو وصوت الحبيبة الدافئ يجعلان القلب مشرئب ، انفراج مبسمها الذي كدفق الحليب في سُخام قِدر ، تلك الومضة تجعل كل الطغاة يولون الأدبار ، سيكون ذلك اليوم غريبا وعصيبا عليهم جميعا كيوم الحساب ، وهو كذلك يوم حساب واقتصاص وهوى في سعير الفناء الذي قادوا إليه التقي النقي.
    أتوحد مع ذاتي عندما يصل التعمق إلى فضاء الانتصار لأبقى هناك طويل بين جنان العدالة مما حدا بالكثيرين ممن هم حولي الذهاب الى التأويل باني ممسوس وقد تطوع احدهم - كان فيما يبدو مصاب لدرجة ما بهوس المصطلحات- بالتحليل العميق لحالتي ليخرج بما اسماه"داء العزلة". كان شعورا غريبا ذلك الذي عشته وقتها ، خليط من الحزن والأسى والهيام ، نوبات من مرض الإيمان الزائد وهوس الانتصار، فتحنا المكتب بطرابلس بعد أن كتبنا على لافتته الخشبية "مكتب حركة/جيش تحرير السودان" ثم شرعنا في العمل،كانت التعليمات قاسية جداً ، تأمرنا بوضوح بالانخراط في العمل لتحمّل نفقات إعاشتنا "لا يجوز للمناضل أن يتلقى اجر ثمن لتضحيته من اجل قضية يؤمن بها" تفرقنا أيدي سبأ في طلب لقمة العيش وتأثيث المكتب الخالي ، كانت المدينة ارض حشر بغير موازين،تعج بالغرباء مثل بيت النمل ولكن رغم ذلك كان المشهد العام للسوق وطنيا أكثر من أسواق وسط البلاد التي نبذتنا،وجدت فيه كل رفاق الصبا والسابقين وسابق السابقين في ترتيب السنين ،فلم تضع وصايا أهل القرية سُداً كما توقعت.

    _______________________________
    *قولو : اسم شلال على قمة جبل مرة غربي السودان(الناشر)
                  

العنوان الكاتب Date
سِيرة الفوضى " فصل من رواية ظل الفوضى" Dahab Telbo07-07-17, 11:56 AM
  Re: سِيرة الفوضى andquot; فصل من رواية ظل الفوضىandquot Dahab Telbo07-07-17, 12:12 PM
    Re: سِيرة الفوضى andquot; فصل من رواية ظل الفوضىand Dahab Telbo07-07-17, 12:20 PM
  Re: سِيرة الفوضى andquot; فصل من رواية ظل الفوضىandquot مني عمسيب07-07-17, 12:15 PM
    Re: سِيرة الفوضى andquot; فصل من رواية ظل الفوضىand Dahab Telbo07-07-17, 01:17 PM
      Re: سِيرة الفوضى andquot; فصل من رواية ظل الفوضىand Dahab Telbo08-03-17, 09:14 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de