|
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا (Re: علي محمد الفكي)
|
Quote: مرافعة ضد "ثمانية وعشرين عاماً" بقلم: عمر الدقير بحلول ليل الثلاثين من يونيو الحالي تكون ثمانية وعشرون عاماً حسوماً قد انسلخت من أعمار السودانيين وهم يرزخون تحت حكم نظام "الانقاذ" العضوض. ثمانيةٌ وعشرون عاماً، اندفع فيها قطار الحكم "الانقاذي" بقوة القهر حاملاً معه أختام الأحزان المديدة وجالباً معه سيلاً من الدمار والخراب، يجرف الفرح ويجتاح الأمل ويأسر الأشواق ويصادر الحرية ويغتال الكرامة ويعاند بيض الأيام وحلوها، يزرع البؤس والغمة والكمد وينشر الفقر والخوف والعناء والشقاء. ثمانية وعشرون عاماً، تمددت فيها خيوط الدِّماء والدموع .. بدأت بمجدي محجوب ذلك الفتى الذي "ترامى قُبيلَ احتدامِ الشّفقْ .. إلى سجنِ كوبرَ حيث شُنِقْ"، كما يقول محمد الواثق في رثاء صديقه جوزيف قرنق، اهتزَّت لموته أعواد المشنقة واهتزَّ معها كلُّ ضميرٍ حيّ، لكنّه لم يكن كافياً لأن يهزَّ شعرةً في أجسام الجلادين، فعلقوا من بعده جرجس وأركانجلو على أعواد ذات المشنقة بذات الفعل الذي أباحوه بعد أمدٍ قصير، مثلما أباحوا فعل الإنقلاب لأنفسهم ثم عادوا وأزهقوا بمجرد محاولته أرواح ثمانية وعشرين ضابطاً "عدِموا القبرَ والنائحه .. وأُلْحِدوا في التُرْبِ كيف اتفقْ"، بعد أن ثقَّبت زخَّات الرصاص صدورهم في خواتيم شهر رمضان المبارك وعلى بعد خطواتٍ من فرحة ذويهم بالعيد .. ولم تنقطع تلك الخيوط بآخرين سقطوا مضرجين بدمائهم في ساحات التظاهر وهم عزَّلٌ إلّا من هتافٍ يخرج من حناجرهم طلباً لحقٍ سليب أو احتجاجاً على واقعٍ كئيب. ثمانية وعشرون عاماً، تحول فيها الناي إلى عصا وجذع النخلة إلى كعب بندقية وخسر الورد لونه ورائحته لمصلحة الدَّمِ والبارود، والحرب لا تهدأ في رقعةٍ من الوطن إلّا لتستعر في رقعةٍ أخرى، لأن الحكمة غادرت العقول ومياه الحياة تسربت من بين الأصابع وأصبحت قعقعة السلاح هي لغة الحوار والتفاهم، حتى لو كان القاتل هو توأم المقتول والمنتصر شقيق المهزوم. ثمانيةٌ وعشرون عاماً، تقاصرت فيها الدولة عن مسؤولياتها في الرعاية الاجتماعية وأطلقت العنان لمؤسسة الفساد وسياسة التحرير الاقتصادي غير الرشيدة لتطحن الفقراء بلا رحمة وتعصف بالطبقة الوسطى بلا هوادة .. وإن ينسَ السودانيون فإنهم لن ينسوا حيناً من الدهر أتى عليهم تم فيه منع الأمهات من دخول غرف عمليات الولادة في المشافي العامة بحجة عدم دفع الرسوم وطُرد التلاميذ من قاعات الدرس بالحجة ذاتها، وشهق كثيرٌ من مرضى الحالات الطارئة شهقتهم الأخيرة لأنهم لم يستطيعوا سبيلاً إلى تلك الرسوم ولم يملكوا شَرْوَى نقير لشراء الأدوية المنقذة للحياة بعد أن خلت منها المشافي العامة. ثمانيةٌ وعشرون عاماً، سيق فيها ملايين السودانيين زمراً إلى شتات المنافي يتيهون في دروب العالم، لا موسى لهم ولا هارون، بحثاً عن ملاذٍ آمن وعيشٍ كريم بعد أن سُدَّت في وجوههم أبواب الكسب الشريف بسبب التدهور الاقتصادي وسياسة التمكين وانعدام فرص المنافسة العادلة وتفضيل الولاء على الكفاءة .. والأمهات هناك في صقيع المنافي يدفعن للحياة بمواليدَ جدد لم ينعموا بدفء أحضان الأجداد ولم يسمعوا حكاوي الجدات ولم تهدهد مهودهم الخالات والعمَّات، ولا يدرون ما المنفى وما الوطن. ثمانيةٌ وعشرون عاماً، أقْحَلَت وطناً كان مرتعاً خصيباً للفضائل والمكرُمات، وأصابت نسيجه القيميّ بقَحْطٍ شديد لمصلحة نوازع الاحتكار والذرائعية والانتهازية وشحِّ الكوابح الأخلاقية، ونقضت نسيجه الاجتماعي وأسلمته لمُمكنات التحلل والتذرر واللواذ البغيض بالقبلية والجهوية وسائر الهويات الصغرى. ثمانيةٌ وعشرون عاماً، أوصلتنا إلى قمة الفشل التاريخي وذروة الوجع الوطني بفقدان الجنوب إنساناً وأرضاً وموارد .. وما زال سيف التقسيم مشهراً يتهدد ما تبقى لنا من أرض، حتى لم نعد نمشي في مناكبها واثقي الخطى ولا ندري هل ما نتعثر به حبالٌ أم ثعابين. ثمانية وعشرون عاماً من مهرجانات الحشد والخطابة والكلام الكذوب باسم الدِّين والوطن والصالح العام، والشعارات التي وعدت بمدينة فاضلة كذَّبها الواقع .. فلا الفقر لملم أطرافه ورحل، ولا السلام تحقق، ولا التماسيح عن المال العام عفَّتْ، ولا ملجأ المايقوما للأطفال أُغْلِق، ولا غرفة التوقيف هُدمتْ، ولا كمُّ الأفواه توقف، ولا الحرية ألقت عصاها واستقر بها النوى. القائمة طويلة وموجعة، لكنَّ ذلك كله لا يعني هزيمةَ الإرادة الشعبية أمام تحدي التغيير .. فما تاريخ الشعوب إلاّ جدلٌ محتدمٌ بين التحدي والاستجابة، وما مِن شعبٍ ظلّ مقهوراً للأبد .. والليل مهما تطاول فهو زائل والطغيان مهما تعاظم فهو عابر، وإرادة الشعوب مهما عصفت بها موازين القوة العمياء فهي باقية وقادرة على شقِّ الدروب نحو المستقبل المحمَّل بالحرية والعدالة والعيش الكريم. |
سبحانك مالك الملك تعز من تشاء وتذل من تشاء تدخرج من منظر يريد صياغة الشعب السوداني الي جامع كرتة يعيل بها الشعب الفضل. جني
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد الفطر المبارك 2017 ( فيديو ) | يحي قباني | 06-29-17, 00:35 AM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | يحي قباني | 06-29-17, 01:09 AM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | سيف النصر محي الدين | 06-29-17, 04:18 AM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | يحي قباني | 06-29-17, 05:07 AM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | محمد البشرى الخضر | 06-29-17, 05:16 AM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | عبدالعظيم عثمان | 06-29-17, 07:56 AM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | هشام المجمر | 06-29-17, 07:58 AM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | Maawya Hussein | 06-29-17, 08:14 AM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | عبدالله عثمان | 06-29-17, 11:40 AM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | aosman | 06-29-17, 12:33 PM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | Basamat Alsheikh | 06-29-17, 03:01 PM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | علي محمد الفكي | 06-29-17, 04:30 PM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | jini | 06-29-17, 04:39 PM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | علي محمد الفكي | 06-29-17, 04:41 PM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | jini | 06-29-17, 05:11 PM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | أحمد الشايقي | 06-30-17, 00:03 AM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | Othman Al-Hasan Babikir | 06-30-17, 00:36 AM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | يحي قباني | 06-30-17, 00:56 AM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | معاوية المدير | 06-30-17, 01:34 AM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | Fatima Alhaj | 06-30-17, 03:01 AM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | معاوية المدير | 06-30-17, 05:33 AM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | Maawya Hussein | 06-30-17, 10:34 AM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | علاء سيداحمد | 06-30-17, 11:57 AM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | عبد المنعم سيد احمد | 06-30-17, 05:05 PM |
Re: زيارة إلي ( الشيخ ) على عثمان محمد طه - عيد ا | Abd Alla Elhabib | 07-01-17, 02:35 PM |
|
|
|