الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-20-2024, 01:14 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-03-2017, 07:43 AM

الصادق عبدالله الحسن
<aالصادق عبدالله الحسن
تاريخ التسجيل: 02-26-2013
مجموع المشاركات: 3244

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة (Re: زهير عثمان حمد)

    =


    نواصل مع الراحل عبد القدوس وخمريات توفيق:
    Quote:
    ونعود لخمريات توفيق فنقول إنها تزداد نضجاً وتألقاً وغنى في العاطفة والموضوع كلما تقدمت به السن، خاصة عندما سرى في جسده داء الملوك – النقرس- واخترم الموت من اخترم من إخوان الصفاء ... ان لها نشيداً موقعاً يجاري فيه ابن كلثوم ويلزم ما لا يلزم في القافية:

    لقد طلع النهار فصبحنا بربك يا أماه وأصبحينا
    هناك بقية منها فهبي وأين الساقيات أما صحينا
    أديريها وإن ملكت وأعرت مريديها وخِلِّي الناصحينا

    ويصيبه التوله الجنوني بها:

    إذا جاء الخميس أصابني مس من الجن
    وتصرعني معتقةُ من الكونياكِ والجِـنِ

    ثم فجأة تظلله الوحدة بعد تفرق الصحب:

    وإن ثار الصبوح ضحى تخلى صحبتي عني
    إذا ما افرنقعوا شيعاً قرعت لبعدهم سني

    أي أن توفيقاً لا يفتأ يعود إلى موضوعه المفضل، وهو التكثيف المتطرف لعاطفة الصداقة.

    تعلم توفيق من العناية بحوادث الحياة اليومية والاختلاط بأنماط متباينة من البشر معارف واصدقاء وذوي قربى – أن يسبر غور الإنسان ويسوح في أعماقه ملتقطاً ما فيها من زيف وضعف ونقائص فأنضج ذلك ملكة السخرية والتفكه في شعره. على أننا نلاحظ أن سخرية توفيق نابعة من التندر بمفارقات الحياة –إنها أقرب إلى روح الفكاهة الهجاءة منها إلى المرارة والسادية والعنف المعنوي الذي نجده عند سويفت مثلاً واليأس والتشاؤم الذي امتازت به شخصية المازني، في سخرية قريبة المتناول ليس فيه حذلقة التفلسف ولا جهامة الإلتواء. إن لعنه لأهله وجيرانه يثير الابتسام الصافي أكثر مما يهج الموجدة والغضب، إنه أقرب إلى العبث المتفكه:

    لعنة الله على أهلي وجيراني وصحبي
    إنهم أهل لذي مال عريض الجاه رحب
    لعنة الله عليهم كلهم أولاد كلـب

    وهو يرثي كلبه جون مشيداً بوفائه، ثم يقفي على الأقارب ناظماً مقولة ود تكتوك الشهيرة:

    يا له من صاحب أوفى من الأقارب
    فإنهم باغون كالحيات كالعقارب

    ويتأثر خطى ابن الرومي في تصيد المفارقة الجسدية:

    شيء قفاه كوجهه سمج فأعجب لذي وجهين في كتف
    إن قال أهدى السامعين أذىً بفمٍ لنحو الأذن منحرف

    وهنا لا ينسى نصيب السخرية من نفسه فكان، كما روى الأستاذ محمد عثمان يس، إذا سئل عن حاله يقول "تقصد تلفيق ... أما توفيق فقد اختاره الله إلى جواره من زمن".
    وتتألق فكاهته ومرحه البسيط الشفاف حين يعلق على مذكرة كتبها صديق مطالباً الحاكم العام بزيادة بدل العليقة للحيوان:

    بجاهك العريض تستجير الخيل والبغال والحمير
    جاءت إلى دارك بالسليقة لكي يزاد بدل العليقة

    ولا تتهافت فكاهته حتى عندما يتناول مواضيع مبتذلة . يداعب صديقه الذي حطمت سيارته:

    لهفي على ذاك الدركسون الذي مسَته ايدي الخُـرد الخفرات
    وعلى الكوتشوك السلام فأنهم تخذوا نعالاً منه للجزمات
    هذا عزائي يا صديق أسوقه من قلبي المملؤ بالحسرات

    ولعل خير شاهد على أن سخرية توفيق كانت تنبع من قلب رائق لا موجدة فيه ولا اضطغان خال من المؤثرات الخشنة حتى على من يستحقون الاحتقار قصيدته "أحلام اليقظة" التي ينحا فيها باللائمة ويركب فيها بالفكاهة أؤلئك الذين انفغرت أفواههم كالجبانات عند السودنة متحفزين للانقضاض على الكراسي التي خلت بخروج الإنجليز.

    لاذ شاعرنا بعد إحالته للمعاش بدهليزه العتيق الذي الذي يزال كائناً بحي العمدة بمدينة امدرمان مطلاً على الباحة المتربة، فإذا انفض الأصحاب من المنتدى العامر، شعر بالحياة الرجراجة تنزلق بين أصابعه تعزي فترة عن أحلامه الموات بالعلوق بالأصفياء وعن أمانيه الضائعه بإخوانياته وخمرياته وامتد به العمر ليشاهد أحبابه وخلانه يموتون واحداً إثر الآخر فتساقطت بموتهم نفسه قطعة فقطعة فيصبح إحساسه بالغ العرامة والحدة بالتوحش الإنساني والوحشة والمصير اللازب الذي لا بد منه، ويتفجر هلعه من الموت المحلق في الدهليز شعراً رائعاً.. ولقد وجد في هذا الإحساس المفعم بالبوار ما يعزيه في أخريات أيامه ذلك مرض النقرس الذي سمّره في مقعده وشله عن الحركة (من الممتع حقاً عقد مقارنة دقيقة بين توفيق وشاعرين عربيين معاصرين هما بولس سلامة والسياب فكلاهما عاني مأساة مشابهة).

    أما توفيق فلم يرَ في أوصابه إلا عائقاً له عن جني اللذات والسعي إليها وللأصحاب الندماء ... لم يجده إلا ضربة قاضمة للأيام البهيجة البراقة. إنه يخاطبهم بحسرة مبكية:

    إن يطلق الله لي قيداً أتيتكم كالطير منسرباً لا كابن فرناس

    وفي عيد الميلاد يتهالك تحت وطأة المجس والأصفاد التي حرمته الانطلاقة كبقية البشر:

    يا لقلب معذب منطوٍ في توجُّس
    ها هو الأفق غائم شَيِّق غير مشمس
    زمراً سار صحبتي وأنا رهنُ محبسي
    ينهبون الهوى معاً بين زهر ونرجس...

    وفي سرير المستشفى لا يذكر إلا المقرن وما يرف فيه من لذائذ:

    هل المقرن المخضل يبسم نوره
    وهل حُوَّمٌ منه إليه السواجع
    وهل أنا والداء العصي مؤرقي
    أنوح ومن حولي خليٌّ وهاجع
    أعود إلى صحبي وكأس وروضة
    بروحي إذا استعصى بها الشعر ساجع

    وعندما يتوقعد العقل في إسار الوحدة السوداء ويشتعل لا يجد متنفساً إلا في السخرية بعلته التي سميت داء الملوك وما له وللملوك. لكن سخريته مشوبة بالقهر الذي يغص القلب ويفحم اللهاة.

    والخوف من الموت لأنه العدو اللدود للصداقة الحميمة الباقية لون رثائيات توفيق (وتوفيق كحافظ ابراهيم في ديوانه عشرات البكائيات وقصائد الرثاء) لوّنها بطابع فريد لم يكن في معظمه رثاء تقليدياً لمن يقضي من الأخدان ولكنه كان يبكي على نفسه من خلالهم فنهايتهم تقربه من فوهة القبر المكشر الأنياب فتميز رثاؤه بنغمة مبحوحة ... هي مزيج من الحزن الرقيق والجزع والاستسلام، الحزن على الراحل والجزع من أن تنطمس الذكريات والاستسلام للقدر من مداورة ومداهنة. وفقد واحد من الأصفياء يستدعي ذكري الذين ذهبوا من قبل:

    وَليَّ أنيس يلاقي خدنه بالبشر متشاقاً وبالإيناس
    أمحمد ومحمد ومحمد إن ينسهم قومي فلست بناس

    والشاعر يخشى النهاية حتى لو عمر قرنين من الزمان:
    إن أعش قرنين أو ضعفهما ويحين الحتف قد يؤسفني

    وذلك لولعه بالحياة .. بل يصل إلى التأمل في معنى دقيق، فالعيش بالإيحاء خير من الفناء:

    وإن وَهَى جسمي خذي أيتها الذكرى يدي
    فالعيش بالإيحاء خير من فناء الجسد

    ثم يجلج قلمه الإضطراب والذهول ويبكمه الخطب المدلهم:

    إن إبراهيم يوم مضى غاض إحساسي وشل يدي
    جاء قولي فيه مضطربا لم يودعنا ولم يعد

    والشاعر، وقد بلغ به الضيق والأسى مبلغه لذهاب الخلصاء وتقدم العمر وتفشي العجز واستعصاء الداء، تنبأ بانطفاء العمر.. في لحظة ملهمة أهاجها أحد الأعياد عام 1965 خفق بآخر قصائده ... قصيدة جمعت إلى نفسها الحزين نهنهة الذكريات فبدت كخفقة المصباح إذ ينضب زيته.. ففيها توهج مفاجئ ليس بعد إلا العفاء والانحسار:

    قد أقبل العيد وماذا ينبغي من مقعد
    من مثل الرجلين والكاهل معروق اليد




    ...
    ..
    .
                  

العنوان الكاتب Date
الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة زهير عثمان حمد06-26-17, 08:19 AM
  Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة محمد عبد الله الحسين06-26-17, 08:46 AM
  Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة محمد أبوجودة06-26-17, 09:49 AM
    Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة محمد عبد الله الحسين06-26-17, 10:49 AM
      Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة محمد عبد الله الحسين06-26-17, 11:02 AM
        Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة محمد أبوجودة06-26-17, 12:36 PM
          Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة الصادق عبدالله الحسن06-26-17, 12:41 PM
            Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة الصادق عبدالله الحسن06-26-17, 12:56 PM
              Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة الصادق عبدالله الحسن06-26-17, 01:09 PM
                Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة jini06-26-17, 01:27 PM
                  Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة الصادق عبدالله الحسن06-26-17, 01:36 PM
                  Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة jini06-26-17, 01:36 PM
                    Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة امتثال عبدالله06-26-17, 01:49 PM
                      Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة الصادق عبدالله الحسن06-26-17, 02:40 PM
                        Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة عزالدين محمد عثمان06-26-17, 04:41 PM
    Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة Hani Arabi Mohamed06-26-17, 05:18 PM
  Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة محمد أبوجودة06-27-17, 01:44 PM
    Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة الصادق عبدالله الحسن06-27-17, 03:57 PM
      Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة محمد أبوجودة06-27-17, 10:38 PM
        Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة محمد أبوجودة06-29-17, 10:26 AM
          Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة الصادق عبدالله الحسن07-02-17, 10:06 AM
            Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة زهير عثمان حمد07-02-17, 08:50 PM
              Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة الصادق عبدالله الحسن07-03-17, 07:43 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de