|
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة (Re: الصادق عبدالله الحسن)
|
(1)- الناقد السوداني عبدالقدوس .. ما قبـل الرحيل كتبَ عبدالقدوس الخاتم، عدداً من المقالات النقدية في الأدب السـوداني، ونشرها أوّلاً ببحر سبعينيّات القرن العشرين، بالخرطوم؛ وهي مقالات مائزة، اتّسمتْ بنصوع موهبته الفنية في حقل النقد الأدبي (الثقافي) السوداني. ثم شاء القدر له أن يُغادر السودان (مُغترباً) إلى أوروبا، ومنها مباشرةً إلى إحدى دُوَل الخليج العربي، ليعود بعد فترة غياب امتدّت إلى ما يُقارِب رُبع قرنٍ من الزمان لعلّها. وفي مارس 2010 تكرّم مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي – أمدرمان، بإعادة نشر تلك المقالات، في كتابٍ بعنوان "مقالات نقدية" قدّم له الناقد، الكاتب، المؤلِّف بنفسه/ المرحوم عبدالقدوس الخاتم، تغمّده الله تعالى بواسع رحمته، وكتب توطئة أفاد فيها بأنّه سعيدٌ بنشر مقالاته، وممتنٌّ لمركز عبدالكريم ميرغني الثقافي، في اضطلاعه بهذا العمل؛ كذلك أفاد بأنّه سيدَع مقالاته على حالتها الأولى. بعُجرِها وبُجرها، مُضيفاً: (وقد يرى البعضُ فيها شططاً أحياناً، ولكنّها ثمرة الشباب)..إهـ. ثم وَقّعَ بذيلِ التوطئة اسمَهُ وتاريخ ومكان كتابته: أمدرمان 2009.
لكم أأمل أن أرفق امتناني بامتنان المرحوم، وأتقدّم بوافر آي الثناء لمركز عبدالكريم ميرغني الثقافي – أمدرمان؛ على اضطلاعهم بهذا النشر الثقافي الرائد، والوطني في آن، إعلاءً لِقِيَم التنوير ونشراً لفضائل العِلم والمعرفة بين السودانيين، في ظلّ "جانب رسمي" خامد..! لم يُبرِز يوماً – ولو – أدنى اهتمام بنشر المعرفة والتنوير بين الناس، هذا إن لم يكن أكثر "خموده" مدعاة لإغلاق منافذ الفكر وإطفاء لشموع الضوء الذي بزغ في وطننا من قديم، ثم لمّا لم يجد اهتماماً من "أولي الأمر" تبدّد سريعاً في الهوى الغلّاب، أو يكاد أن يتبدّد في شِعاب أودية التفالحات السياسية والفنّـِية والرياضية والصحافية وال"قنواتية؛ تلك التي أشاعتْ في البلاد من أدناها لأقصاها، ثقافات غريبات دار؛ بل قل غريبة وجهٍ ويدٍ و لِسان، ظلّت تُعين الشرور علينا، وتمنعنا أن نتنفّس "هواء" هُويّتنا المفضّل. ذلك أننا لم نرعَ للنقد والنُّقّاد فينا، إلّا ولا ذِمّة.
كتب المرحوم الناقد، عبدالقدوس، رؤاه النقدية الرصينة، ولا تخلو من حَرارةٍ لها وَهَج، حول العديد من النماذج الإبداعية لأكابر مُبدعي الأدب السوداني، تلك الأيّام، في حقوله المتعددة من شِعر، قصة، دراسات أدبية إلخ,,, وقد حَمَل مِشكاةٍ له أشبه بــــ" الماشـَّة* مُسَلــّـِــطاً "حرارتها" على بعض أعيان المنتوج الإبداعي لاؤلئك الذين رأى أنهم - فيها - قد أخطأوا النّجعَة، أو ضَلّوا الطريق؛ مع احتفاظِه بنفس الوقت، بذائقة إبداعية تسمو بالعدل فتجهر بالحقّ. تمكّنه ألّا يتمادى في الإقرار وسريعاً، متى ما كان للمبدع ال منقود بعضِ أعيان منتوجِــه، فتحاً إبداعياً يسمو بالذّائقة الأدبية العامّة، ثم يكون له – من بعد – ما وراءه.
النقدُ، من ثقافي لأدبي، هو عِلمٌ وَ فنٌّ وموهبةٌ وصقلٌ ضروريٌّ جداً في سيرورة المجتمعات إلى مراقي المعرفة الحاضّة إلى بلوغ الحقّ والخير والجمال؛ وقد ارتبط العِلم النقديّ في قديم منشئه، بالحِدَّة النظرية والتطبيقية؛ ذلك أنه يقوم على الفحص والاختبار، ويتوسّل بالتقويم والتقييم، ثم يمنح إجازاته في المُنتَهَى، للمنتوج الإبداعي الجيّد وَ القابل للزيادة والنّماء، ويمنع ذات الشهادات عن المنتوج الإبداعي الضعيف المرزوء، يدحضه ويُفنّد نواقصه حتى لا يؤذي الناس. وحيث أن ذيّاك التعاطي الثقافي، يتمُّ وِفقاً لقواعد وتقنيات مُتَّفَق عليها من جانب شريحة قطاعية كبيرة، فقد ازدحم حقلُ النقد بالمعارك وتكاثرت فيه زعازع الخصومات بين المبدع والناقد، وأحياناً بين أنصار هذا ومُحَالفِي ذاك. وقد لا نستغرب "عاديّة" التعارك في مجال العمل النقدي إذا ما تذكّرنا خلافية فيلسوفين حكيمين إغريقيِّين كــ " أرسطو" الذي يقول بــارتباط الشـِّعرِ بالبهجَة والإنشراح، بينما لا يرى فيه "أفلاطون" إلّا كونِه دَنَساً وأكاذيب لا نفعٌ فيها. وبصرف النظر عن تنازعات تلاميذ الحكيمين في ذاك العهد الموغل في القِدَم، إلّا أنّ القارة العجوز أوروبا قد شهِدت انقساماً في عدد من بلاطات حُكمها وتياراتها السياسية، في عهدها القديم - ما بعد القرن السادس عشر الميلادي - جرّاء الاختلاف الإفلاطوني- الأرسطي حول طبيعة الشـِّعــر..! أو - على الأقل - على هَديِ عُلالة نارِه من اختلاف رؤيوي سحيق.
ختاماً، ومع ثنائي الكبير على الأخ الصديق الصادق الحسن، في تأتيه الهُمام بإطلاع البوست وضيوفه، على رؤى الراحل عبدالقدوس في موهبة وجمالية شِعر الراحل توفيق صالح جبريل، صاحب "كسلا" ** .. (كان صُبحاً طَلق ال مُحَيّاة نَديّا .. إذ حَللناها حديقة العُشّاق .. نغمُ السّاقيات حَرّك أشجاني .. وَ .. هاجَ الهوى أنين السـّـَــواقي..) فإنني لأرجو أن أكون عند وعدي، بعرض نقاط أخرى، في كتاب الراحل العزيز عبدالقدوس، وسآتي في الحَلَقة الثانية، برؤيتي حول نقد المؤلِّف للشاعر السوداني الراحل، إسماعيل حسن "ود حَدّ الزَّيْن"، وَ ربما آخرين من المُبدعين السودانيين الكُرماء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ *الماشَّـة، شيّالة حديدية تستعمَل في نقل "الجَّمُر" من كانون لـ مِبخَر، من بين جردل وَ حرجَلٍ فوق بنبر! ** صاحب كسلا، كوصفٍ للراحل توفيق، أزهى عندي من "راجل كسلا" ذاك الذي يصفون به الحسن الميرغني.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | زهير عثمان حمد | 06-26-17, 08:19 AM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | محمد عبد الله الحسين | 06-26-17, 08:46 AM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | محمد أبوجودة | 06-26-17, 09:49 AM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | محمد عبد الله الحسين | 06-26-17, 10:49 AM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | محمد عبد الله الحسين | 06-26-17, 11:02 AM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | محمد أبوجودة | 06-26-17, 12:36 PM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | الصادق عبدالله الحسن | 06-26-17, 12:41 PM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | الصادق عبدالله الحسن | 06-26-17, 12:56 PM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | الصادق عبدالله الحسن | 06-26-17, 01:09 PM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | jini | 06-26-17, 01:27 PM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | الصادق عبدالله الحسن | 06-26-17, 01:36 PM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | jini | 06-26-17, 01:36 PM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | امتثال عبدالله | 06-26-17, 01:49 PM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | الصادق عبدالله الحسن | 06-26-17, 02:40 PM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | عزالدين محمد عثمان | 06-26-17, 04:41 PM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | Hani Arabi Mohamed | 06-26-17, 05:18 PM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | محمد أبوجودة | 06-27-17, 01:44 PM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | الصادق عبدالله الحسن | 06-27-17, 03:57 PM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | محمد أبوجودة | 06-27-17, 10:38 PM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | محمد أبوجودة | 06-29-17, 10:26 AM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | الصادق عبدالله الحسن | 07-02-17, 10:06 AM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | زهير عثمان حمد | 07-02-17, 08:50 PM |
Re: الموت يغيب عبدالقدوس الخاتم له الرحمة | الصادق عبدالله الحسن | 07-03-17, 07:43 AM |
|
|
|