معروف ان العرب حينما دخلوا افريقيا عامة ، والسودان خاصة ، كانوا ابالة واصحاب ابل ، وتحول البعض منهم الى سعي الأبقار ، ويحفظ العرب ان اول من اعطاهم بقرة هم الفلاتة ، فالفلاتة ، تقريبا هم اول من استأنس الأبقار في تاريخ البشرية.. وبالتالي هم اصل البقارة ..وهم لهم قناعة بعدم الإعتراف بالحدود المصنوعة.. لذلك هم الرحل أو النوماد..وهي ظاهرة وثقتها كثير من الثقافات الأفريقية خاصة الغناء..لدرجة ان بعض اهل الفن الشباب (فاطمة جوار مثلا) تقارب بين مفهم الرحل ورحلات الشباب الأفريقي الآن الى اوربا وغيرها..وتقول باننا من طبيعتنا كبشر اننا رحل (نوماد).. في تكوين ثقافة الإستبقار عن القبائل العربية ، يشرحها حديث العمدة ابكر عثمان الذي يقول ان الفلاتة ويلا يتقاسمون الثروة..وان لا فقير بينهم ..فان كنت معدم سوف بتبرع كل فرد مقتدر في المجموعة بعدد مقدر من الأبقار الصغيرة وتجمع وتسلم للفقير حتى تكون له ثروة (هل هناك اشتراكية اعمق من هذا؟).. نفس فهم التشارك الذي ذكره العمدة عثمان ، هو الذي حدث بين الفلاتة والعرب في القرون القديمة ، وبالتالي تحول بعض العرب من ثقافة الإبل الى ثقافة البقر وهذه هي الظاهرة التي تسمى بالإستبقار وقد كتب عنها الباحث الألماني بوركهارت وترجم المقال احد ابناء البقارة النجباء وهو الأستاذ ابراهيم سلوم (التحية له اينما كان) ونشر المقال في احد اعدد مجلة الثقافة السودانية التي كانت تصدر عن مركز الدراسات السودانية لصاحبه دكتور حيدر ابراهيم (له التحية اينما كان).. نوع البقر الذي يربيه الفلاتة عموما ، وويلا خصوصا ، يسمى البقر (كوري) ويتميز عن نوع البقر عند الدينكا والذي يسمى (المادوك) ، وعن البقر عند كنانة (الذي يسمى الكناني) وعن البقر عند قبائل كردفان ودارفور والذي يسمى (الجناكي)..وكلها انواع يعرف اهلها التمييز بينها وقيمتها..! النقطة الجميلة التي ذكرها العمدة عثمان ، هي العلاقة بين الإنسان والبقر ، وان الإنسان يتخاطب مع البقر ويطلق عليها اسماء للتمييز بينها ويناديها بها.. فالبقرة ذات الغرة هي غراء ، والبقرة السوداء (زرقا) ، (حمرا) ، (بيضا) ، (حوه) ، (درعا) ، (كبا) و الإسم الأخير من شكل القرون والأخرى من الألوان. الفلاتة ويلا ، وغيرهم عندهم طريقة معينة للتعبير عن الذات Self-expression وحب الحياة ويتجلي ذلك في طريقة الأزياء الملونة عندهم ، وكما ذكروا اهلنا ويلا ان الأزياء تستخدم للتمييز التراتيبي..يعني الشاب المتزوج يتزي بطريقة تختلف عن غير المتزوج..! في بداية الحلقة يلاحظ شاب لابس برينطة ، وحينما رأي القادمين عدل من وضعها..فعند البقارة عموما ، واهلنا ويلا خصوصا ، وضع الطاقية على الراس له معاني ، فهي اما تكون على الخلف (عادة طريقة المتقدمين في السن) وعند البقارة تسمى (شايب شاف لحم) ، او على الجنبة (يمين أو يسار) وهذه عند متوسطي السن ، غالبا من المتزوجين ، او على مقدمة الرأس وهذه تسمى (صبي شاف بنات) ، وصديقنا في الحلقة حرك الطاقية ليجعلها في مقدمة الرأس وهي نوع من التحية..!! من الملاحظات ايضا طريقة بناء البيت..سواءا عادي اوللعرس ..وقد شرحنا هذه الطريقة سابقا قبل سنوات ، وتناولنا فيها نوع الأشجار التي تستخدم ، وطريقة الحفر ، وان المرأة هي التي تقوم ببناء البيت ، وتقسيمات البيت من الداخل والمقتنيات..! في هذه الحلقة ذكر احد المتحدثين ان بيت العريس في ثقافة ويلا ، دوما يكون جنوب بيت اهل العروس..لماذا؟..هذه قصة يطول شرحها..! الرقص منظم للغاية ، يبدأ بطريقة معينة ، وينتهي بطريقة معينة ، ومن يفتتح الرقص يختلف عن من يصدر اشارة الختام ..شغل منظم للغاية.. وسعيد ان اشاراتنا التي كنا نحدث بها الناس وعبر هذا المنتدى الجميل ، خصوصا اشارتنا لإرتباط ريتم الرقص مع حركة البهائم (سواءا كانت ابل أو بقر او غيرها) اصبحت ثقافة شائعة وفي متناول الجميع ، والرقص عند ويلا.. فيه تميز للغاية.. فالشاب الذي يجلس ويستخدم ارجله لخلق الريتم..هذه رقصة صعبة للغاية ولا تتأتي الإ الى راقص متمرس وخبير في هذا النوع من الرقص. كنت اتمنى ان تتعرض هذه الحلقة عن واقعة جميلة وطريفة ، وهي نوع السلاح الذي يستخدمه الفلاتة ويلا..وهو القوس (النشاب) والسهم..وفي احد اللقطات صورة رجل متقدم في السن ويحمل كنانة اسهم في كتفه (مؤكد اناس كثر سيتغربون لهذا الشئ الذي يحمله ذلك الرجل..!!)..هذه الظاهرة هي النموذج الأوضح لفكرة رماة الحدق.. فرماة الحدق كانوا يستخدمون القوس والسهم..واجزم ان هذا النوع قد انقرض في العالم ، ولا يتواجد الإ في افريقيا ..خصوصا عند اهلنا الفلاتة..! الطرفة الأخيرة ونهديها لصديقنا دكتور اسامة الأشقر..الفلاتة الرحل لا يربون الكلاب ، وكنا نرى في فرقانهم ، انهم يحلبون اللبن ويضعونه في الطرقات بالقرب من فريقهم ، حتى اذا جاء عبر جائع يجد ما يسد به رمق جوعه..! عادة عدم تربية الكلاب جاء منها المثل السوداني (مزور زرة كلــــب في فريق فلاتة..!!).. التحية لأهلنا ويلا..والتحية لفريق ارض السمر.. امنيات بمتابعة طيبة.. كبر
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة