المزاج السياسي العام هو مزاج وفاقي وحواري ، لم تنتصر فيه الأنقاذ علي معارضيها لكنها أستطاعت أن تفرض خطها التحاوري وأن تقدم مايفيد للمجتمع الدولي بانها قادرة علي التراجع والتنازل عكس بعض اطراف القوى المعارضة التي يبدو أنها مازالت تراهن علي الأنتفاضة الشعبية والتغيير الجذري او فرض شروط تهيئ لأنتقال وفق أيقاعها المطلوب لهذا الانتقال لابحسب شروط الأنقاذ . الانتفاضة الشعبية أمكانية محتملة وليس مستبعده لكنها في الوقت الحالي تفتقد لمقومات قيامها اي للقوى الفاعلة التي يمكن أن تدير معركة شعبية ناجحة كما حدث في الفترات السابقة أكتوبر وأبريل . حتى الأن يمكننا أن نقول أن النجاح والغلبة هي للأنقاذ وأن المعارضة تحولت لحالة (منبرية) بلا فعالية حقيقية في تكون قائدة لأي حراك الجماهيري ناجح ومؤثر، تلك الجماهير التي أنتجت بدورها ادواتها الخاصة في أعلان مقاومتها ورفضها والتاثير علي صناع القرار الأنقاذي ساعدتها في ذلك الوسائط الحديثة التي خلقت ترابطات وتشابكات تفاعلية وحراك اظهر فاعلين جدد ليسوا هم اولئك الفاعلين الكلاسيكين المعتادين من منسوبي التنظيمات وهذا الحراك المستمر نجد مثالا له في احداث عديدة فرضت علي السلطة التراجع وتوخي درب اكثر عقلانية تجنبها المواجهات الخاسرة ، خذ مثلا ماحدث لوزير العدل وتراجع الأنقاذ عن تعيينه في أخر لحظة قبل أن يؤدي مراسم التعيين فلم تكشف واقعة ما اثير عن تزوير الوزير المعين اي جهة حزبية او داخل المعارضة الرسمية بل جاء كشف الأمر من قروبات الواتس والفيس بوك ، نعم قد يكون في اولئك الذين تداولوا الخبر كوادر منظمة لكن لم يتم ذلك دخل قنواتهم الحزبية بل تم تداوله في الوسائط وكانت الأحزاب والمنظومات النشطة في المعارضة وحتى الحكومة نفسها مثلها مثل الأخرين تتلقى الخبر حول سيرة الرجل المهنية دون أن يكون لأمنها ومخابراتها وشرطتها وكل مؤسساتها السيادية اي معلومة أودور في الاطلاع علي سيرته الأكاديمية. الأنقاذ فرضت رؤيتها التحاورية واقنعت المجتمع الدولي بذلك وقدمت نفسها ليست كحكومة قوية فقط وانما لديها الرغبة للأمتثال للرغبة الدولية في التحاور مع حاملي السلاح والمعارضة وعلي المستوى الداخلي خففت من حدة الدعوة لأسقاطها وذلك في ظل ظروف دولية واقليمية وداخلية كثيرة ومتشابكة . لكن سوى اتفقنا أو اختلفنا مع نجاعة وصدقية ماتقوم به الأنقاذ في سعيها لتأسيس شراكة وطنية لاتستثنى اى فريق من القوى السياسية لكنها استطاعت ونجحت في أن تفرض على الساحة ايقاعها الخاص المنسجم مع المطلوبات الدولية والأقليمية التي ترغب في اغلاق باب الحرب ، كان أثر ذلك الأتجاه أن خلف في (كاودا) خلافات عميقة ضعضت تماسك الحركة الشعبية بشكل مؤثر وفي دارفور صعدت من الأتجاهات الأنتحارية للحركات التي سعت لضبط المؤشر من جديد بأتجاه قضية دارفور وهي تقاتل وكأنها تسعى لاعادة أحياء خطاب مقاومة تغذى من تداعيات مشكلة دارفور (أفارقة ضد عرب )حتى تكون هذه الصورة حاضره باستمرار لتعلن فقط عن وجودها في الساحة السياسية والميدانية وربما لم يفت عليهم أن المواطن في دارفور سئم من طول الحرب والأقتتال التى ترصدت احواله وحياته ومعيشته لزمن طويل دون أن يكون هنالك افق يحسم أنتصار طرف علي طرف أخر ..كيفما كانت قيمة ماحدث هنالك للحركات الدارفورية في اشتباكها الدامي والعقيم مع الانقاذ وجيشها وجنجويدها تبقى النتيجة ان هذه الأشتباكات لاتعبر إلا عن أتجاه أنتحاري لهذه الحركات يحاول أن يعيد بالقوة عقارب الساعة للوراء حينما كانت دارفور وقضيتها تتسيد الأعلام العالمي وتشكل بندا مهما للمنظمات والحكومات ترمي فيه بثقلها وتأثيرها في النزاع ،أما الأن فأن المزاج العام في دارفور لم يعد متحمسا لهذه الحرب ويبدو أن ثقافة الحرب نفسها فشلت في تستوطن في النفسية الدارفورية لذا فأن مايحدث هناك وحتى بشكل ما داخل الحركة الشعبية دون تعميم ومع مراعاة الأختلافات لايمكن تسميته إلا ... بقلق الأفول الأخير .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة