أصـــــــابع بَــــــــــدُر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 07:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-03-2017, 11:03 PM

حسين أحمد حسين
<aحسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر (Re: حسين أحمد حسين)

    (7)

    لم ينعتق الخزين ود قميحة من حديقةِ جسدِ الحرم، إلاَّ بحىِّ على الفلاح، عند فجرِ الجمعة. إغتسل من بقايا ليلته المترفة بالعطور وخرج للمسجد. وحين إلتقاه خير الله هناك، نهض إلى ذهنهِ تلميحُهُ من جديد حين قال له: إن شاء الله سآتى لِآخذ بدراً للمدرسة وأوصلك الأشغال. واستحلف خير الله الخزينَ، كما فعلت الحرم على الطريقة التى تعرف، ألاَّ يسأل بدراً عن الموضوع، وأنَّ الأمر سيتمُّ علاجُهُ بشكلٍ سلس بمشيئة الله.

    ويبدو أن الخزين قد قَبِلَ وساطةَ الأَكْرَمَيْن الحرم وخير الله، ولكنَّه كلما رأى بدراً يَكادُ يَمَيَّزُ من الغيظ. ولا يُبدِّدُ من غيظِهِ إلاَّ استرجاعٌ عميقٌ يتبلور، وحالة الألم التى فيها ابنُهُ الآن، ورائحةُ الحرم التى ما زالتْ تعلقُ جسدَهُ طِوال يوم الجمعة، فتذكِّرُهُ بما قطعه معها من وعدٍ بشأنِ بدر فى تلك الليلةِ الباذخة. ولو لا أنَّه فى خِصام معه، لكانت تلك الرائحة مسارَ تعليقٍ جديد بينه وبين صاحبه سادن المشروع الحضارى.

    إستأذنتِ الحرمُ الخزين، أن تأخذ بدراً معها فى زيارة أُختها بالعُشَرة، فأذِنَ لهما وحمَّلهما ما لا يطيقان من الأشواقِ والتحايا إلى صاحبةِ المعزةِ دلال، وزوجِها عبد العزيز وأولادِهما. خرجتِ الحرمُ وابنُها وهما يستودعان الخزين الله، فاستودعهما اللهَ هو الآخر.

    فالآن، قد خلا له وجهُ صاحبِهِ الغريم. "إنتَ أظِنَّك بِقِيتْ من جماعة ود الشيخ"، وهكذا راح الخزين يسترجعُ عباراتِ ود معروف. وحينما يعودُ للمشروعِ الحضارى الذى يتلصص من فوق البيوتِ الفقيرة، يُدركُ أنَّ هذا المشروعَ يحتاج إلى علقةٍ، أُمُّها بِنتُ عمِّ أبيها. فلا بد لنساءِ البيوتِ الفقيرةِ أن يكنَّ مرهوباتِ الجانب. وهكذا تنازعُهُ النَّفسُ الأبية، فيقرر الفتكَ بود معروف.

    سكونُهُ إلى نفسِهِ ضُحى تلك الجُمعة، فتحَ بصيرتَه على بعضِ الفُهوم، فاستدركَ أنَّ حِدَّةَ طبعِهِ كلَّها سببُها هذا القشرون القُشارى. فرئيس المشروعِ البئيس وزبانيتُهُ يضغطون من هم دونهم بشكلٍ منتظم، حتى يستجمعُ الضغطُ على رؤوسِ الفقراء، فيحتدون مع زوجاتهم وأبنائهم وزملائهم الفقراء. وماذا لو إنعكسَ هذا الضغطُ واتجه من أسفل إلى أعلى!

    "إنتَ أظِنَّك بِقِيتْ من جماعة ود الشيخ"، هذه الحدة يجب أن تتوجَّه إلى مستَحِقِّيها، ما ذنبُ بَدُر، وما ذنبُ والدتهِ الحرم؟ لماذا أحتدُّ مع رجلِ الشرطة، ويحتدُّ معى رجل الشرطة، وكلانا فقراء؟ لماذا لا نوجه هذه الحدة إلى عدوِّنا المشترك؟ كيف السبيل إلى ذلك؟ "جماعة ود الشيخ" أشرف منَّك يا زانى العيون، يا خؤون، يأكلون ويشربون من عملِ يدِهِم. وأنتَ أيها الطُّفيْل، سادنُ مشروعٍ يسرق البلد صباح مساء، وها أنتَ تتغذَّى ليلَ نَهار بالسُّحتِ والمال الحرام. وهل فسادُ مشروعِكَ الحضارىِّ يحتاجُ إلى جماعةِ ود الشيخ؟ ماياهو دا قاعد عريان فى السهلة.

    لن أنتظر جماعة ود الشيخ، وسأبدأ الآن، وسأبدأ من بيتى، ولما يجو يلقونا قِدَّامن، وهم اليبقو معانا. سأبدا بمكافحة الغضب داخل بيتى وتوجيهه وِجهتًه الصحيحة. اليوم سأبدأ بإفتِتاحِ "المقرِّ الدائم لمُلاطفة الحرم" بِعِقرِ دارى، و "منظمة بدُر لمراعاة حقوق الطفل" و "الخزين لحقوق الإنسان". لكين الأطفال البحرِّقو الروح ديل الزول يسوِّى مهاهم شنو يا اللهْ، يا سيدى، يا مولاى! وفى الآخر كمان بِقو يَنَهِّرونا! الأطفال ما حراق روح، الأطفال زينة الحياة الدنيا. ودى ما نهْرة، دى إستغاثة موجوع.

    لِمَنْ وإلى متى أدَّخرُ الكلامَ الحلوَ والطيبَ فى هذا العمر القصير، إن لَّم أقله الآن لحبيبتى الحرم، وفلذة كبدى البدر؟ من هو أوْلَى منهما به؟ بالطبع لا أحد. وإلى متى أحتبسُ المفرداتِ الجميلةَ داخل صدرى، وأنفثُ اللغةَ الفظَّةَ القبيحةَ فى وجهِ النَّاس؟ قل للذين يريدون تحويلنا إلى أفاعى لنلسعَ بعضنا بعضاً، خسئتم.

    وهكذا ظلَّ الخزين يُفكِّرُ بصوتٍ مسموعٍ وخفيض، يسألُ ويُجيبُ، وأحياناً يُومئُ بإصبَعِهِ، كمن يتحدَّثُ إلى كائنٍ مرئىٍّ أمامه. ولو رأه أحدٌ فى تلك الحال، لجَزَمَ أنَّه فَقَد عقله. وعلى العكس، فقد كان يُوطِّنُ نفسه على الجمال والإنسانية المحضة. وظلَّ على تلك الشاكلة، حتى أذَّنَ المؤذنُ لصلاةِ الجُمعة. فقام الخزين فتوضأ وخطا أُولى خُطُواته الإنسانية نحو المسجد. فالأطفال الذين كانوا يَفِرُّون منه عند مرورهِ، تعجبوا من طلاقةِ وجهِهِ فى تلك الظهيرةِ الحمئة، وهو يمنحهم حلوى البشاشة، وتمرَ الإبتسام. لقد حىَّ المسجدَ بركعتينِ تختلفان عن سالفِ الركعاتِ فى الطمأنينةِ والورع. وجاء الأمام واستفرغَ خُطبةً بُلاطيةً جوفاء، لم تُفلحْ هذه المرةِ فى أفْيَنَةِ عقلِ ود قميحة بالضجر، حال كونه فى تمام الوعى الآن. وكان يُفكِّرُ طِوالَ الخُطبة فى الكيفيةِ التى يحولُ بها هذا الأمام إلى شخصٍ نافعٍ للفقراء، وسَرَحَ يُحيكُ السيناريوهات لذلك.

    فرِغَ الخزين ود قميحة من صلاةِ الجمعة وراحَ يُخالقُ النَّاسَ بِخُلُقِهِ الجديد، وكأنَّ ليلةَ قدرٍ حلَّتْ بعقلِهِ وروحِهِ وبدنِهِ. أما المسرفون فى التأويل فقد أدرجوا ذلك الخلقَ الجديدَ من الخزين فى إطارِ فجَّةِ الموت. ولعل الفارقَ بين فجةِ الموتِ وفجةِ الوعى خيطٌ وَهىّ، وفى كلٍّ إشراق. إشراقٌ يُبصِّرك بما هو آتٍ، وآخر يُبصِّرك بما هو كائن.

    كان حديثُ النَّاسِ عقبَ صلاةِ الجُمعة، ليس عن خُطبةِ الأمامِ المبتذلة، وليتَهُ ترحَّمَ فيها على السلطانِ عبد الحميد، بل عنِ الحالِ الذى طرأَ على الخزين ود قميحة.

    قَفَلَ ود قميحة راجعاً إلى البيت، تفقد الجيران من القِبَلِ الأربع، مشى إلى شيوخِهم مؤانساً، وعاد مرضاهم، ودخلَ بيتَهُ تاركاً النَّاسَ لتساءلاتٍ لايمكن الإجابة عليها. فرَّشَ الخزين السريرين الَّذيْنِ بالقربِ من النِّيمة، وقالَ على أحدِهِما إلى وقتٍ متأخرٍ من العصر. وحين إستيقظَ وجدَ الحرمَ جالسةً بالقربِ منه على السريرِ المُجاور، وراحَ يُمطرها بالتحايا والقبل.

    "بسمِ اللهِ يا الياقوت من الشربوتْ والكهنوتْ"، هكذا أكملتْ الحرم دهشتَها مما رأتْ على ود قميحة من خُلُقٍ جديد. أين فلذةُ كبدى بدُر؟ أين شنو يا الخزين؟ أين فلذةُ كبدى، وقُرةُ عينى بدر يا تؤم الروح؟ "بسم اللهِ يا حمد العِزيب المانقرك الشيب"! الليلة يا الشيخ الهاشمى فوق ود قميحة! يا خوى قوم فى عقاب عصريتك دى النَّزَوِّرَكْ الشيخ الياقوت! الحرم يا نورَ عيونى، أنا الياقوتُ نفسُهُ، أنا ياقوتُكِ يا حرمى، فلماذا لاتُصدقين؟ وضعتْ يَدَها على جبينِهِ تجسُّ الحمَّى وهى تقول: "الليلة يا المكاشفى ابْ-عُمر تلحقنى وتنجدنى" . يا ولية! قَشُرْ ودّيتى وين؟ الحمد لله، تراكْ نصيح. بدُر مع أولاد خالتو دلال، حا يبيِّتْ ويجى بكرة إنْ شاء الله.

    كلُّ الإنقلابات يتمُّ إستيعابُها إلاَّ انقلابُ العقل (وليتَ العكس كان صحيحا)، فهو يحتاج إلى إرهاص، وإلاَّ لإشمأزَّتْ قُلوبُ الذين لا يُؤمنون بالإشراق. ولكنَّ إشراقاتِ العقل لا تتجزأ، فكيف العمل؟

    يتبع ...

                  

العنوان الكاتب Date
أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-02-17, 10:23 AM
  Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-02-17, 10:23 PM
    Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-02-17, 11:02 PM
      Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-03-17, 00:13 AM
        Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-03-17, 10:27 PM
          Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-03-17, 10:44 PM
            Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-03-17, 11:03 PM
              Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر صباح حسين طه05-04-17, 00:36 AM
                Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-04-17, 11:09 AM
                  Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-04-17, 11:21 AM
                    Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-04-17, 12:48 PM
                      Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-04-17, 09:06 PM
                        Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-07-17, 11:44 AM
                          Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-09-17, 09:15 PM
                            Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-11-17, 09:51 PM
                              Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-13-17, 06:30 AM
                                Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-13-17, 09:35 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de