حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى السودان، وآفاق التغيير السياسى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 09:08 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-11-2016, 05:40 AM

حسين أحمد حسين
<aحسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � (Re: حسين أحمد حسين)

    قراءة تحليلية للتشكُّل الإقتصادى/الإجتماعى والطبقى فى السودان:

    1- لعلَّ من أَهمَّ الملاحظات المتعلقة بالتشكُّل الإجتماعى وبالتالى بالصراع الطبقى فى السودان، هو فشل شريحة الدولة منذ الإستقلال فى الوقوف على الحياد من الشرائح المسيطرة إقتصادياً فى السودان، بل انحازتْ إليها على حساب الطبقات الفقيرة، مما أدَّى إلى خلق إقتصاد قومى غير متجانس، وزادتْ على أثره الفروق الإجتماعية بين أفراد المجتمع، وبين الريف والحضر (المركز والهامش)، وتعمَّقتْ حدة الصراعات الطبقية التى وصلتْ إلى مرحلة الحروب الآن.

    2- لقد كانت الشريحة التجارية تحت قيادة التجار الأجانب فى البدء ومن ثمَّ تحت قيادة تجار الختمية، كما رأينا بعاليه، وتماماً كما قالت جانيت من قبل، هى الأكثر إلتصاقاً بشريحة الدولة والحاضن الرؤوم للعناصر الطفيلية حتى من دون علمها كما ذكر أعلاه. وبالتالى ظلَّتْ على الدوام شريحةً مهيمنة، أو قريبة من مركز الهيمنة. كما أنَّها كانت تتبادل مركز الهيمنة هذا مع الشريحة الزراعية (بقيادة الأنصار ومن جاء خلفاً لهم بعد مشروع الهندى للإصلاح الزراعى)، ومع برجوازية الدولة التى كانت تتبع بالأساس للختمية.

    لم يحدث أنْ تبادلت الشريحة التجارية مركز الهيمنة هذا مع الشرائح العُمالية والقوى الحديثة على كثرة أفرادها (85% من الشعب السودانى). ومردُّ ذلك إلى غياب حزب عمال وقوى حديثة ينافح عن هذه الشريحة. أما الأحزاب التى تتحدث بإسمها، فهى أحزاب عقائدية (والعقائدة مسألة غير جاذبة لسائر العمال/أهل السودان، أصحاب التدين الصوفى الغالب. اللهم إلاَّ القلة القليلة المعتنقة لتلك العقائد) صغيرة الحجم بيد أنها كثيفة الفاعلية، مُحارَبَة من قبل الليبرالية العالمية، ويُغيِّبها عن ساحة العمال والقوى الحديثة تحالفها المرحلى العتيد (60 سنة) مع الشرائح الرأسمالية لإنجاز قضايا العمال والقوى الحديثة السودانية.

    كما أنَّ لاعباً جديداً قد ظهر فى حلبة الصراع الإجتماعى منذ سبعينات القرن المنصرم، وهو شريحة رأس المال المالى بقيادة الجبهة الإسلامية القومية، وقد بدأ يُزحزح القيادة التقليدية لهذه الشريحة (تجار الختمية)، خاصةً بما اقترف من ممارسات طفيلية ومعاملاتٍ فاسدة. كما أنَّه إتخذ من الأحزاب العقائدية التى تتحدث عن العمال والقوى الحديثة غريماً، وناصبها العداء منذ بواكير النشوء؛ هذا إن لَّم يكن هذا اللاعب قد صُنع خصيصاً لمحاربتها كما تشير بعض الدراسات.

    3- على الرغم من الإنفاق الحكومى الداعم لِإتمام التمدد الرأسمالى وحماية الشرائح المسئولة عن تمدده بعد خروج المستعمر وحتى نهاية عام 1989م، والداعم أيضاً لمحاربة الشيوعية بإنشاء مشروعات بالكاد تكفى لتغبيش الوعى الطبقى بإيعاز من النظام الليبرالى العالمى، إلاَّ أنَّ الوعى الطبقى بين الفئات المستضعفة كالعمال والموظفين، والفئات المستنيرة (الإنتلجنسيا السودانية)، كان عالياً؛ ويرجع الفضل فى ذلك للأحزاب التقدمية. وقد بدأ شركاء العملية الإنتاجية من هذه الفئات يُطالبون الدولة بتحسين أوضاعهم.

    وبالمقابل، ولأغراض مكافئة الأثر الناجم عن المطالبة العمالية، فقد بدأتْ الشرائح الرأسمالية مطالبة الدولة بتوفير مناخ جيِّد للإستثمار، على ما يعنيه ذلك من ضبط الحركات المطلبية التى تنادى بخفض الأسعار، وزيادة الأجور الأمر الذى قد يؤثر على الأرباح.

    ولمَّا كانت شريحة الدولة دائمة الإنحياز للطبقات الغنية على حساب الفئات المستضعفة، فقد إستطاعتْ شرائح النخبة الإقتصادية أنْ تُجيِّر عائدات العملية الإنتاجية لصالحها، وذلك بالتغوُّل المستمر على حقوق الفئات المستضعفة، وإخراص أصواتِهم بوسائل غير ديموقراطية (كحل النقابات المتكرر أو تجاهل مطالبها، أو حل الأحزاب التى تتحدث بإسمها) آخرها نقابة المنشأة المتناقضة المصالح، والتى يرأسها الوزير أو المدير فى المنشأة المحددة، ويكون العمالُ تبعاً متابعاً فقط.

    4- النخب الإقتصادية فى السودان (وفى جميع دول العالم الثالث) غير قادرة على العيش فى مناخ ديموقراطى. إذْ أنَّ الديموقراطية تقتضى وقوف شريحة الدولة على مسافة متساوية من طبقات المجتمع، وتدير العملية الإنتاجية لصالح كلِّ الشركاءِ فيها. وهو أمرٌ لم يحدث قط فى تاريخ التشكُّل الإقتصادى/الإجتماعى فى السودان، وذلك ببساطة لأنَّ هذه النُّخب لا تريده (ما غَنِىَ غنىٌّ إلاَّ على حسابِ فقير)، والخطاب الليبرالى العالمى أيضاً لا يريده، على الأقل فى المراحل الأُولى من التشكل الرأسمالى فى السودان. وذلك لأنَّه عبر الديمقراطية فى السودان، قد يأتى إلى سدة الحكم صوت راديكالى ينادى بمحاربة النظام الرأسمالى، ومحاربة البضائع الرأسمالية، ويا طالما تمَّ قمع هذا الصوت لهذه الأسباب.

    لذلك نجد أنَّه كلما علا صوتُ الراديكاليين (المتحدث بإسم الشق الآخر من شركاء العملية الإنتاجية) فى الفترات الديموقراطية، أوحى الخطاب الليبرالى العالمى للشريحة ذات الهيمنة أنْ تسلِّم السلطة إلى عسكريين من إنتخابها هى. لذلك لم يتجاوز مجموع عمر الديموقراطيات فى السودان فى الفترات المختلفة 11 سنة، مقارنةً بـأكثر من 46 سنة من الحكم الديكتاتورى. وكثيراً ما نجد وشائج إرتباط طبقية/حزبية بين الشريحة المهيمنة والأنقلاب العسكرى التالى لها.

    5- ولكن الآن، وبعد أنْ إكتمل تمدد النظام الرأسمالى على البسيطةِ كلِّها، لم يعد الخطاب الليبرالى العالمى راغباً فى إجهاض الديموقراطيات. فدعم الديكتاتوريات من قِبَل النظام الرأسمالى، فوق كونه يُمثِّل حالة من التناقض المذهبى وازدواج المعايير، فقد وُجِدَ أنَّه يضرُّ بعمليات تراكم الأرباح فى المدى الطويل.

    فوجود ديكتاتوريات فى مرحلة الليبرالية الجديدة (Neoliberalism)، يُعتبر عائقاً فى سبيل مضاعفة الأرباح، ويسمونه الرأسماليات "عليلة الليبرالية" (Ill -Liberalist Forms of Production)، وتُشنُ ضدها حروب واسعة الآن؛ أسميها حروب رأس المال، والليبرالية العالمية لِأَغراض تسويق تلك الحروب تسميها حروب الربيع العربى.

    إذاً، المناخ من الناحية العالمية مواتٍ الآن لِإنجاح أى ديموقراطية قادمة. فلنستثمر شبح الحرب الرأسمالية الحتمية القادمة (ربَّ ضارةٍ نافعة) على بلدنا ونستغلَّها لصالح القضاء على هذا النظام الديكتاتورى الذى لايعى ما يدور من حوله. والذى أزعُم أنَّه لو إنتبه، سيتنازل عن الحكم نظير السلامة، ونظير عدم محاكمته لما اقترف من جرائم، ببساطة لأنَّه يحب الحياة. فما فائدة سرقة كل هذه الأموال ثم يموت ويتركها وراءه.

    كما أنَّ فقراء تنظيم النظام الحاكم، لن يموتوا نيابةً عن أغنيائه كما فعلوا فى حرب الجنوب، أيام الأيديولوجيا الدينية فى أوجها. ولكنَّ الأيديولوجيا تلك، قد ذهبتْ الآن أدراج الرياح، وليس ثمة شئٍ مقدسٍ فى حقيقة الأمر. بل الأمرُ برمَّته صراع طبقات إجتماعية على السلطة، إستُخْدِم فيه الدين ليُغطى على ممارسات دنيوية ملئها الفساد المالى والإخلاقى، وتعدَّى الأمر إلى إفساد عقيدة أهل السودان السنِّية، بإشاعة التشيُّعِ بينهم، فخرجَ كثيرٌ من النَّاس عن جادَّةِ الدِّين.

    إذاً، لن يلدغ بروليتاريا الجبهة الإسلامية القومية من جحرِ تنظيمهم مرتين، بإفتراض أنَّهم عقلاء (ومتدينون صادقون)، وقد رأوا من فسادِ قادتهم ما يجعلهم يحجمون. تماماً كما فعل فقراء الأنصار "المستنيرون" فى يومٍ من الأيام، حينما سألهم أحد أئمة الأنصار أن يأتوا ليذودوا عنه مقابل شبرين فى الجنَّة، فقالوا له: "لا لا، نريدهما فى الملازمين".

    6- لعلَّ القمع المستمر بواسطة الخطاب الليبرالى العالمى للأحزاب المتحدثة بإسم الفئات الحية العمالية والمستنيرة فى السودان حتى عام 1989م، والتحالفات العليلة، والقمع المتواصل لهذه الفئات بواسطة الشرائح الرأسمالية والديكتاتوريات العسكرية الموالية لها لأكثر من 46 سنة، أدى إلى غياب الدور الفاعل/المثمر للأحزاب المتحدثة بإسم الشرائح العمالية والقوى الحديثة السودانية (المغيَّبة عمداً فى المشهد السياسى السودانى) فى أنْ تنجز مشروعها الديموقراطى (أو قل الثورة الوطنية الديموقراطية). واكتفت بدور تابع لأحزاب الشرائح الغنية، عبرت عنه الأحزاب المستنيرة المتحدثة بإسم العمال والقوى الحديثة "بالتحالفات المرحلية" والتى استمرت لمدة 60 عاماً، آخرها "التجمع الوطنى الديموقراطى" فى المهجر، وتحالف "قوى الإجماع الوطنى" بالداخل، وأخيراً صيغة "البديل الديموقراطى"، ومؤخَّراً "نداء السودان" بشروط مختلفة قليلاً.

    والمرء ليعجب كل العجب، كيف يتبع 85% من الشعب السودانى (بينهم مستنيرون) لإرادة 15% منه وهى كتلة الشرائح الغنية فى السودان (أُنظر إلى تناقض المصالح)؟ لماذا فشلت الأحزاب المستنيرة، رغم قواعدها الشعبية العريضة، فى إقامة حكم ديموقراطى يحقق طموحاتها لمدة 60 سنة ويزيد؟ أين الخلل؟ هل هو فى الشعب السودانى معلم الشعوب الحرية والنضال، وهو بالفعل كذلك، أم أنَّ الخلل فى أُطروحات الأحزاب المستنيرة؟

    أنا أميل إلى وجهة النظر القائلة بوجود الخلل فى أُطروحات المتعلمين السودانيين وأحزابهم المستنيرة التى تتحدث بإسم العمال والقوى الحديثة (بإسم الشعب السودانى). فكيف يُعالج هذا الخلل؟ هل من أُطروحة سياسية جديدة مستنيرة تعيد التوازن فى العملية الإنتاجية لصالح كل الشركاء (إنْ لَّم تكن لصالح الفقراء والقوى الحديثة تخصيصاً، بأثر تعويضى)، وتريحنا من حلقات التحالفات المرحلية المفرغة مع الشرائح الرأسمالية؟

    أخشى إن لَّم تنتبه القوى المستنيرة والأحزابُ المتحدثة بإسم العمال والقوى الحديثة، أن يتجاوزها الزمن. إذْ أنَّ تداعيات الأحداث، قد تأتى بالأطروحة الجديدة التى نتحدث عنها ومنذ زمنٍ طويل من خارجها، ووقتها لن يكون القول الفصل بيدِ القوى المستنيرة، وربما بيدِ إنتهازىٍّ من الذين تحارب، فنكونُ "يا بدرُ لا رحنا ولا جينا"، ونعود ونستمر من ثانِ فى خبل التحالفات العقيمة. ولعلَّ ثورات ما يُسمى بالربيع العربى تؤيد ما نقول، إذْ أنَّها أتَتْ بموزاييك سياسى، الفاعلية فيه للذين يقدرون على إعادة إنتاج الحدث (الثورة)، وتجييره لصالح الفئات التى يُمثلونها؛ فأين نحن من ذلك؟

    7- لقد ترتَّبَ على الخلل المصاحب لِأُطروحات النخبة المستنيرة فشلها المزمن (اللهم اشفِ أُستاذنا د. منصور خالد) فى إستجلاب عضويتها من العمال والإنتلجنسيا السودانية القابعة فى أحضان أحزاب النخب الإقتصادية لستٍ من العقود. كما أنها أخطأت التقدير مرتين وهى تدخل فى تحالفاتها المرحلية مع الشرائح الرأسمالية بعد عام 1989م.

    التقدير الخاطئ الأوَّل يتمثل فى أنَّ المعارضة (التجمع الوطنى الديموقراطى) كانت تتوقع دعماً لا محدوداً من الغرب نظير الإعتداء على ديموقراطيتها. وقد كانت تجهل أنَّ الإنقضاض على ديموقراطيتها فى الأصل قد تمَّ بإيعاز من الغرب للشريحة ذات الهيمنة. كما نسيت حقيقة مهمة وهى أنَّ الغرب كان يقدم الدعم التنموى وغيره للدول الفقيرة وحركات التحرر وجماعات الضغط، فى إطار حرب باردة تتطلب توازناتها بين الغرب المهيمن والشرق المقاوم للهيمنة، تمرير بعض الجرعات التنموية ذات الطابع الأمنى لكى لا يُعاق تمدد النظام الرأسمالى، والإنتقال به من مرحلة إعادة الإنتاج البسيط (Simple Reproduction of Capital)، إلى مرحلة إعادة الإنتاج المعقد/التراكبى (Extended Reproduction of Capital). وقد إكتملت حلقات ذلك الإنتقال بإنهيار المعسكر الإشتراكى فى عام 1989م، وبعدها ما عاد دافع الضرائب الغربى يسمح بأىِّ دعم يذهب للعالم الخارجى بدعاوى تمديد وإعادة إنتاج النظام الرأسمالى، والذى بات يتمدد بشكل ذاتى. وقد إنحسر دعم الدول الغنية للفقيرة إلى أقل من 1.1% بعد عام 1989م (بعض أسخياء النظام الرأسمالى (كبِلْ قيتس) فاقت إعاناتهم لفقراء العالم الثالث إعانات الإدارة الأمريكية). حتى أنَّ بعض الكتابات بدأت تتكلم صراحةً عن موت الأيديولوجيات التى تبرر ذلك الدعم (فوكاياما 1992م)، وأُخرى تحدثت بَواحاً عن موت التنمية ( رِستْ 2002م).

    إذاً، تُركت المعارضة (التجمع الوطنى الديموقراطى) لموتها السريرى، ولِملَلِها الداخلى، إلى أنْ بُثَّتْ فيها الروحُ من جديد بتداعيات حروب رأس المال الجديدة فى المحيط العربى المجاور.

    التقدير الخاطئ الثانى هو أنَّ التجمع الوطنى الديموقراطى لم يدرك أنَّ خروجه من السودان كان داعماً للنظام المحاصر إقتصادياً وعسكرياً من وجهتين. الأولى تقليل الإحتكاك اليومى بالمعارضة، والثانية أنَّ تحويلات السودانيين العاملين بالخارج قد ساهمت مساهمة فعالة فى عمليات تمويل إستخراج البترول (50% من تمويل البترول إستقطعت من قطاعى التعليم والصحة، والباقى من تحويلات السودانيين العاملين بالخارج) الذى بدأ يُكسِبُ النظام بعضاً من شرعية على صهوة المنجز الإقتصادى، أو قُلْ بدأ يُكْسِبُهُ قيمة مضافة سياسية.

    8- ولعلَّ المعارضة قد أخطأت أيضاً فى تقدير ثبات الشرائح الغنية (التجارية والزراعية) كفصيل معارض لشريحة غنية أُخرى (شريحة رأس المال المالى) ومن ثمَّ إسقاط نظامها. فذلك الملل الداخلى الذى أصاب التجمع، أصاب أول ما أصاب، الشرائح الغنية المعارضة. فمنها من إنشقَّ ووالى النظام، ومنها من إهتدى (تهتدون) ووالى النظام، إلى أنْ إستوت مجتمعةً كلُّها الآن فى خندق/حلف النظام.

    وذلك لعمرى مكانُها الطبيعى فى إطار التشكل الإقتصادى/الإجتماعى. وما هو غير طبيعى هو إنتظار الأحزاب المتحدثة بإسم الفئات المستضعفة والمستنيرة لتحالف جديد مع أحزاب النخبة الإقتصادية (كوثيقة البديل الديمقراطى/نداء السودان)، لينجز لها مشروعها الديموقراطى. أىُّ خطلٍ هذا!! أما آن الأوان لهذه الأحزاب المستنيرة أنْ تبحث لها عن صيغة تلبِّى الطموحات المادية والمعنوية لفئات المستضعفين والقوى المستنيرة فى البلد، وتجمعهم فى حزبٍ واحدٍ واعدٍ مستنير!

    لا تُعيدوا علينا هذه الأسطوانة المشروخة، وجددوا أُطروحاتكم، واخرجوا علينا بصيغةٍ تجمع كل العمال والقوى الحديثة فى السودان تحت رايةٍ واحدة تلبى كل تطلعاتهم، الروحية منها والمادية. فأحزاب الشرائح الرأسمالية لا تمثلنا، وتتناقض مصالحها مع مصالحنا، فلماذا نتحالف معها (على الأقل فلنتحالف معها بشروطنا نحن)؟

    9- لا يمكن إنجاز حكم ديموقراطى (والحديث موجه للموقعين على وثيقة البديل الديموقراطى/نداء السودان من الأحزاب المستنيرة) بالتحالف مع شرائح رأسمالية عاجزة عن العيش فى مناخ ديموقراطى. إذاً، لابد من عمل يكافئ/يوازى هذا العجز، ولا بد من عمل شئٍ يجعل شريحة الدولة فى غنىً عن أنْ تتحالف مع أىٍّ من الشرائح الإجتماعية السودانية. وذلك فى تقديرى يكمن فى وجود حزب جامع لكلِّ العمال والإنتلجنسيا السودانية يوازن معادلة العملية الإنتاجية، ويشارك فى مراقبة حيادية شريحة بورجوازية الدولة؛ كما يكمن فى وجود خدمة مدنية مجزية ومستقلة، جيش قومى مستقل ذى هيبة، وبوليس عفيف ومستقل، وقضاء فى كامل الإستقلالية.

    10 – التحالف مع شرائح النُخبة الرأسمالية العاجزة، بالتجربة، عن العيش فى مناخ ديمقراطى، يجعل الشعب السودانى مُحِقَّاً (خاصةً قواه الحية العمالية والمستنيرة اليائسة يأس السنين (60 سنة) بسبب ضعف التوظيف والقيمة غير المُجزية لسعر العمل؛ التى ترى من يُمثلها من أحزاب، غير فاعل فى إحداث توازن فى العملية الإنتاجية لصالح كافة شركائها؛ لِما عانته هذه الأحزاب من قهرٍ وحيفٍ وظلم، وللخلل البيِّن فى أُطروحة هذه الأحزاب عن أن تجتذب أعضاءها طرف أحزاب الشرائح الرأسمالية، وللتحالف المزمن مع أحزاب شرائح النخب الرأسمالية هذه) فى أن يسأل عن البديل.

    نعم البديل هو أنتَ وأنا والجميع؛ ولكن تحت أىِّ مظلة من مظلاَّت الأُطروحات السياسية المبذولة الآن؟ هل التحالفات المطروحة تشكل بديلاً حقيقياً للعمال والقوى المستنيرة فى السودان، أم أنَّها تحمل بذرةَ فنائها بداخلها؛ وبالتالى نكون على أعتاب إنقلابٍ جديد؟

    أنا فى تقديرى المتواضع، أرى البديل فى تكوين أُطروحة سياسية (حزب/كيان سياسى) قادرة على تلبية كافة مصالح العمال والقوى الحديثة الروحية والمادية، وبالتالى قادرة على إحداث توازن فى العملية الإنتاجية. وإذا تمَّ إحداث ذلك التوازن، نستطيع أن نَّبنى السودان بإذنِ الله.

    11- لعلَّ من الأمور التى لا تُخطئها العين، هو إهتمام شريحة رأس المال المالى (الجبهة الإسلامية القومية) بقطاع الشباب. وهو أمر تنفردُ به فرادةً تجعلها الأكثر تأهيلاً لصناعة التغيير. تعتنى هذه الشريحة بكوادرها، تحرص على تعليمهم وتفوقهم، تنفق على تدريبهم وتأهيلهم لنيل أعلى الدرجات. لم نسمع بين كوادر هذه الشريحة من تمَّ تفرغيه للعمل الحزبى المحض، أو عُطِّلَ تخرجه ليقوم بمهام حزبية داخل المؤسسات الأكاديمية (ومن فُعِلَ به ذلك، زُوِّرتْ وحُرِّرَتْ له الشهادات التى تثبت تفوقه فى غيابه).

    وبالمقابل، تحرص القيادات الشائخة للشرائح الرأسمالية الأخرى (وحلفاؤها) كالشريحة الزراعية والتجارية (الأنصار والختمية) على تعليم وتأهيل أبنائهم هم كأُسر، على حساب القطاعات الشبابية فى أحزابهم. والبعض من هذه القطاعات يعمل فيما يمكن نعته بالسُخْرَة (فيما يشبه التفرغ للعمل الحزبى عند الأحزاب التقدمية) لخدمة آل بيت هذه الطوائف. وعليك أن تتصور التغييب الذى يحدث لقطاعات الشباب هذه.

    كما أنَّ الأحزاب التقدمية التى تتحدث عن العمال والقوى الحديثة حين تُفرغ أعضاءها للعمل الحزبى، فهى بالأساس تؤدى إلى إعاقتهم من الناحية الفنية العملية والمعرفية؛ والقليل جداً من بينهم من حظى ببعثات تعليمية وتدريبية خارج بلدهم مقارنة بأعضاء شريحة رأس المال المالى. والمحصلة هى يأس الفئات المناط بها التغيير داخل هذه الأحزاب.

    أما العمال والقوى الحديثة السودانية أهل الوجعة، فلا أحد يهتم بهم، لعدم وجود حزب نابع منهم، يحمل إسمهم، ويشارك فى عملية إحداث التوازن فى العملية الإنتاجية الذى من شأنه أن يجعلهم فى دائرة الإهتمام تعليماً وتدريباً وخبرةً. إذ أنَّ الشرائح الرأسمالية مشغولة بتأهيل أعضائها من الشباب والشباب من أفراد أُسرها، كما أنَّ التدريب الذى تناله الأحزاب التى تتحدث بإسمهم لا يعنيهم فى شئ، وبالتالى يتحولون إلى عالمِ منسىٍّ بالكلية.

    هذا الواقع من الديموغرافيا الحزبية المختلَّة: كهول يتقدمون التغيير فى أحزاب الممانعة، وشباب يائس وضعيف التعليم والتدريب والتجربة، وقابع فى المقاعد الخلفية للتغيير؛ كلُّ ذلك يجعل مسألة التغيير فى غاية التعقيد، ما لم تكن هناك أُطروحات حزبية جديدة مناهضة لهذا الواقع.

    يُتبع ...
                  

العنوان الكاتب Date
حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى السودان، وآفاق التغيير السياسى حسين أحمد حسين12-08-16, 06:03 AM
  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � طه داوود12-08-16, 09:02 AM
  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-09-16, 00:23 AM
    Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-09-16, 01:44 AM
      Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-09-16, 02:10 AM
        Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-10-16, 01:49 AM
          Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-10-16, 04:53 AM
            Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-10-16, 11:44 PM
              Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 00:05 AM
                Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 01:50 AM
                  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 02:26 AM
                    Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 02:41 AM
                      Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 02:54 AM
                        Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 03:21 AM
                          Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 03:53 AM
                            Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 05:13 AM
                              Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 05:33 AM
                                Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 05:40 AM
                                  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 05:49 AM
                                    Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 06:02 AM
                                      Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-12-16, 04:19 AM
                                        Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-12-16, 04:22 AM
                                          Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-12-16, 04:26 AM
                                            Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-12-16, 04:29 AM
                                              Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-24-16, 02:01 AM
                                                Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � aydaroos12-24-16, 08:55 AM
                                                  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � aydaroos12-24-16, 08:57 AM
                                                  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-27-16, 01:49 AM
                                                    Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � aydaroos12-27-16, 07:06 AM
                                                      Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � osama elkhawad12-27-16, 08:55 AM
                                                        Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-28-16, 04:33 AM
                                                          Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � osama elkhawad12-28-16, 08:10 PM
                                                            Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 01:15 AM
                                                              Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 01:26 AM
                                                                Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 01:39 AM
                                                      Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-28-16, 01:31 AM
                                                        Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � osama elkhawad12-29-16, 02:01 AM
                                                          Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 01:46 PM
                                                            Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 10:25 PM
                                                              Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 11:36 PM
                                                                Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � aydaroos12-30-16, 10:01 AM
                                                                  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-31-16, 00:29 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de