نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
|
Re: من عطبرة وإليها : نواقيس تدق في عالم الإغت� (Re: ابو جهينة)
|
في شمال البلاد ، حيث مسقط رأسي الذي لم أتشرف بزيارته إلا بعد أن ترسّختْ في ذهني قناعة بأن أتبرا هي موطني و مسقط رأسي . ثم توغلتُ في أرض الشمال العريق ، كمعلم في مدارس منطقة حلفا و أرض ( السكّوت ) ودنقلا ثم أتبرا و الدامر ثم إلى حلفا الجديدة. عام 1978م كنت قد صممت على ارتياد معهد الموسيقى لتنمية موهبة تلازمني منذ الصغر ، و هي موهبة العزف على آلة العود ، فجلست لاختباراته و لم أنتظر حتى النتيجة. عدت إلى حلفا الجديدة ، عدت إلى حميمية أهلها الذين تحس و كأنهم لا زالوا ضيوفاً على أرض البطانة. و من ( حلفا الجديدة ) إلى عتامير نجد بلا أي تخطيط مسبق ، هو بلا شك نقلة نوعية تمتد إلى كل مناحي الحياة. بل هي كالصفعة على حين غرة. فأنا أبن طينتي متشبثٌ بها أعمق ما يكون التشبث ، تنغرس روحي في أماكن و بلدات لها عبقها حتى و أنا أقبع في ذلك الزمان في ( دنفر كلورادو ) أو محاولاً تعلم التزلج في ( آسبن بكلورادو ) ، أقارن أعمدة ( التليفريك ) التي تنقل المتزلجين و المتزلجات ما بين الجبال التي تكسوها الثلوج ، أقارنها بأعمدة مصنع أسمنت أتبرا الواقع على طريق ( أتبرا و الدامر ) التي تنقل صخور الجرانيت من الضفة الغربية إلى المصنع بنفس مبكانيكية ( التليفريك ).. و شتان بين المنقولين هنا و هناك. الغربة في الخليج تعطيك نوعاً من الركون إلى اتخاذ قرار بالعودة في أي وقت تشاء ، و أرتال المقيمين بها يعطونك نوعاً من إلفة رغم القلق البادي على الوجوه من انفصام داخلي سببه تغيير أنماط الحياة و التقيد بقوانين لم يألفوها ، و الساعة البايولوجية تعمل باستمرار وِفْقاً لما كانت عليه في ( حي أمبكول ) بأتبرا أو في ( بري اللاماب ) بالخرطوم ، بنفس تروسها وعقاربها و روزنامتها المغموسة بتوابل البلد و مياهه. و لكن في الغرب الأقصى ، يتملكك إحساس بانسلاخ غريب فتنتابك حالة من تقريب الرؤى قسراً بين حشود الاندهاش اليومي و في كل لحظة ، و تكون في حالة مقارنة كل شيء بكل شيء هناك في مراتع البلد. ثم جاءت المرحلة الأخرى من الهجرة .. إلى أوروبا الغربية بمدنها الساحرة ( باريس . لندن . فيينا . جنيف. مدريد. البندقية. أثينا. روما ، لوس أنجلوس .. آخن . ) .. فكان الانبهار بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى .. و تلاشت رويدا رويدا مرارة الاغتراب .. و بقيتْ فقط أجراس الحنين تقرع في الذاكرة .. و استمرأت السفر ، و التنقل من فندق إلى آخر .. أتحقق من دروس الجغرافيا و التاريخ التي تسكن قاع ذاكرتي .. أذكر عندما وقفت لأول مرة في ( البيكاديللي ) أحدق في متحدث يتجمع حوله خليط من البشر من كل أركان المعمورة ، تذكرتُ أستاذي ( كمبلاوي ) عندما كان يقول لزميلنا الذي كان يكره حصة الإنجليزي كراهة الموت : يا حسين إنت حقو يودوك البيكاديللي ، غصبا عنك كنت حتجينا لاوي لسانك. كنا نظن أن البيكاديللي مدرسة صارمة لتعليم اللغة الإنجليزية. وقفت متسمرا أمام الشقراوات و العيون الزرقاء. أقارن هذه بمارلين مونرو و تلك بصوفيا لورين. أعود كل شتاء إلى السودان .. أطفئ عطش الشوق و أنا أتحرق للعودة لكى أنهل المزيد من ذلك الترف الحضاري. أدمنت مكتبات لندن و مقاهي الشانزليزيه و بحيرة جنيف و أحببت الاتكاء على الجندول في البندقية و ارتبطت بعُري المودة مع شواطيء Costa Del Sol في ماربيا على شواطئ الأندلس الإسبانية.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
من عطبرة وإليها : نواقيس تدق في عالم الإغتراب | ابو جهينة | 10-16-16, 02:26 PM |
Re: من عطبرة وإليها : نواقيس تدق في عالم الإغت� | ابو جهينة | 10-16-16, 02:28 PM |
Re: من عطبرة وإليها : نواقيس تدق في عالم الإغت� | ابو جهينة | 10-16-16, 02:29 PM |
Re: من عطبرة وإليها : نواقيس تدق في عالم الإغت� | ابو جهينة | 10-16-16, 02:30 PM |
Re: من عطبرة وإليها : نواقيس تدق في عالم الإغت� | ابو جهينة | 10-16-16, 02:35 PM |
Re: من عطبرة وإليها : نواقيس تدق في عالم الإغت� | ابو جهينة | 10-16-16, 02:36 PM |
Re: من عطبرة وإليها : نواقيس تدق في عالم الإغت� | ابو جهينة | 10-16-16, 02:37 PM |
Re: من عطبرة وإليها : نواقيس تدق في عالم الإغت� | Basamat Alsheikh | 10-16-16, 02:37 PM |
Re: من عطبرة وإليها : نواقيس تدق في عالم الإغت� | Basamat Alsheikh | 10-16-16, 02:38 PM |
Re: من عطبرة وإليها : نواقيس تدق في عالم الإغت� | ابو جهينة | 10-16-16, 02:42 PM |
Re: من عطبرة وإليها : نواقيس تدق في عالم الإغت� | ابو جهينة | 10-16-16, 02:42 PM |
Re: من عطبرة وإليها : نواقيس تدق في عالم الإغت� | الهادي الشغيل | 10-16-16, 03:10 PM |
Re: من عطبرة وإليها : نواقيس تدق في عالم الإغت� | حيدر حسن ميرغني | 10-16-16, 03:45 PM |
Re: من عطبرة وإليها : نواقيس تدق في عالم الإغت� | Basamat Alsheikh | 10-16-16, 06:01 PM |
Re: من عطبرة وإليها : نواقيس تدق في عالم الإغت� | ابو جهينة | 10-17-16, 01:58 PM |
Re: من عطبرة وإليها : نواقيس تدق في عالم الإغت� | ابو جهينة | 10-17-16, 02:02 PM |
|
|
|