|
Re: الغام والغام (Re: ابراهيم عبد الوهاب)
|
الوسواس القهري
حفر عبدالباقي قبره بنفسه وكل يوم يجلس حول القبر في انتظار الموت ، هو يعرف حق المعرفة بان بان اي انسان لا يعرف ميقات موته وهو يحفظ كثير من ايات القران والاحاديث النبوية وهو طالب جامعي في احدى اعرق الجامعات السودانية ، كان لا ينقصه شئ من العلم الديني والدنيوي ، ومع ذلك استسلم لذلك الوسواس الذي اقلق منامه وعطل حياته وجعله هزيلا تتقاذفه الرياح هنا وهناك ، وتعب معه اهل بيته بصرخاته وفزعة في الليالي واستيقاظهم جميعا وهم يشاهدونه وهو يبكي وهو يخبرهم بانه سوف يموت الان ، واهل بيته يحاولون ان يهدؤ من روعة ومحاولة اخباره بان لكل اجل كتاب وان النبى (ص) مات وان وان وان ، ولكن هو يعلم ذلك ولكنه الفزع لا يلقى بالا لما يقولون ، ووصل صوت صرخاته وفزعه لجيرانهم ومن الجيران انتشر الخبر في الحي واصبحت هذه الاسرة محل (نظريات) كلا ياتي بنظرية ويدلوا برايه في مرض هذا الشخص ، قائلا يقول انه مصاب بعين واحداهن تقول بانه مسحور ، وعبدالباقي كالغريق الذي يريد التعلق بقشه اخذ يكثر من الصلاة وقراة القران ، ولكن استمرت نوبات الفزع بالموت تطاردة حتى اثناء قراة القران وبل في كثير من الاحيان كان يقطع الصلاة اذ كانت تاتيه هذه الوسوسه في الصلاة ، ومن كثرة الخوف والاجهاد وقله النوم وفقدان الشهيه اخذ يشعر بالتعب وبالالم في جسمه وكلما شعر بالتعب وهذه الالم اعتقد اعتقادا جازما بانه سوف يموت ، لم يترك طبيبا والا ذهب اليه ، كبار الاطباء ، واصبح البيت يعج بالادوية والحبوب ومع فقدان الشهية وتعاطيه لهذه الحبوب اصبح يشعر بالالم في بطنه وكليتيه وبقيه جسمه ، وبذلك اصبح يكثر من الجلوس حول قبره الذى حفره بنفسه . اصبح عبدالباقس مشهورا لعيادت الاطباء وبيوت المعالجين الدينين ، ولكن لا فائدة تذكر واصبحت نوبات الفزعة تكثر وتكبر وتتكرر بصورة كبير بحيث لم يستطع السير على رجيله من كثرة وهنه وقله نومه وعدم اكله للطعام ، وتعب معه اهله قررنا هنا نحن شباب الحي في مساعده عبدالباقي للخروج من هذه المشكلة ، باشراكه في برنامجنا وسهراتنا وممارسة الرياضة معنا قد تنسيه هذه الوسوسة ، في بادى الامر رفض الخروج معنا معللا بتعبه ووهنه وبانه مريض وهو فعلا كان يشعر بهذا التعب والوهن ، ولكن قليلا قليلا اخذ يمارس كرة القدم معنا واخذ يندمج معنا قليلا واخبرناه وتكلمنا معه كثيرا حول الموت وبان لا انسان يعرف بميقات يومه واخذ (يفضفض) لنا بما يشعر وكان يشتكى من قله النوم بسبب الاحلام وكان يبكي في كثير من الاحيان مما جعلنا نشفق عليه وذهبنا به لطبيب نفسي من غير علم احد في الحى ولا اهله وقام الطبيب بصرفه بعد الادوية المهدئه والمنومه له اكمل عبدالباقي دراسته بالجامعة بامتياز وكان من المتفوقين من ابناء دفعته والان هو يعمل بوظيفة مرموقة وله بنتان جميلتان وزوجه جميله ، واصبح الوسواس القهري بالنسبة له ذكرى ، وقبره الذى حفره بنفسه اصبح قبرا لشخص اخر.
|
|
|
|
|
|
|
|
|