وأنا طالب في مدرسة الأبيض الأميرية الوسطى تعلمت العزف على الأكورديون حيث تيسر لنا أن نمتلك تلك الآلة الموسيقية في منزلنا إذ جلبها أخي صلاح الدين و صلاح برزت ملكاته الموسيقية وهو طالب بخورطقت الثانوية وتخطت موهبته نطاق المدرسة ليشكل مع مجموعة من كبار الموسيقيين في حينا بدايات فرقة فنون كردفان فكان هو وابن دفعته عبدالقادر سالم وجمعة جابر وزين العابدين احمد خليفة و شقيقه عبدالمجيد ثم جارنا أحمد هرون ورفيقه سليمان فضل المولى كانوا هم نواتها، وفي غرفة بمنزلنا مسماه بالكشكول كان يجتمع مع هؤلاء إبراهيم موسى أبا وعلي حسن و صديق عباس وآخرين أحيانا فنطرب نحن لتلك الزمرة وهي تقدم لنا عروضا فنية حية..
وفي المدرسة عرفت بتميزي الموسيقي.. ومع موهوبي دفعتنا الذين صاروا الآن كبار التشكيليين كنا نصدر صحيفتنا الحائطية التي سميناها ( السلام ) ثم في إحدى إصداراتها أجرى معي رئيس التحرير وخطاط ورسام الصحيفة مقابلة صحفية وصفها بأنها لقاء مع أصغر عازف أكورديون في الأبيض.. كان ذلك صديقنا ودفعتنا حسن محمد موسى الخير .. سألني عن فناني المفضل..وكنت أطرب للعديد من المغنيين لكني لحب أخي الفاضل لعثمان حسين.. أجبت بأنه عثمان حسين فاحتج عصام بشير حامد على اختياري ذاك قائلا أن المفروض أن يكون ذوقي مودرن ويكون فناني المفضل إما وردي أو الكابلي..
وصرت أقدم وصلات موسيقية في المدرسة كلما جاءت مناسبة.. لكن ذات مرة دعيت لمدرسة النهضة المصرية لأقدم إحدى المقطوعات وكنت أفضل أعمالا لعبداللطيف خضر ود الحاوي وأخرى لبشير عباس ثم ثالثة أثيوبية أقتبس منها وردي لحن أغنيته جربت هواهم.
في تلك الليلة . .. قدم فنان هاو إلى مدرسة النهضة المصرية ليسمعهم من الحانه قصيدة لشاعر ( لا تكذبي ) كامل الشناوي .. وما أن رآني ذاك الفنان حتى حدثته نفسه أن يقدم وصلته الغنائية على المسرح بمشاركة فرقة موسيقية مصاحبة ووجد فيّ بغيته.. وطلب مني أن أشاركه تقديم الأغنية..
تصوروا عليّ أن أسمع أغنية جديدة وأن أحفظها وأن أجيد عزفها ثم أقدمها مباشرة على المسرح.. قلت له إن ذلك مستحيل.. غير أنه أصر محاولا إقناعي بسهولة عزفها .. وأستمر في إلحاحه وطفقت أنا أحاول أن أتبين اللحن ناهيك عن إجادة عزفه..إحتى حان وقت تقديمه أمام الجمهور.. قلت له بصراحة لا أستطيع.. وأصر صديقنا على أن أصعد معه إلى المسرح .. وفعلت ..
وغنى ذلك الفنان أغنيته وعزفت أنا موسيقاي.. كل منا في واد.. بالطبع أنا نسيت كل ما اجتهدت في تعلمه فور صعودي المسرح لكني في ذكاء كنت ألاحقه أو هكذا خيل لي ... وقدمنا مسخا غنائيا لم يسبقنا إليه أحد من قبل.... وهكذا مع ذاك الهاوي الذي صار فيما بعد نجما من نجوم الفن في السودان أكملنا وصلتنا الغنائية ..
وقوبلنا بعاصفة من التصفيق من الجمهور المصري والسوداني في مدينة الأبيض تلك الليلة....
رحم الله من مضوا إلى رحاب غفور رحيم ممن ذكرت، جمعة جابر ، إبراهيم موسى أبا، صديق عباس، زين العابدين أحمد خليفة وإبن دفعتي عصام بشير حامد وأمد في عمر الباقين ومتعهم بالصحة والعافية...
تحية خاصة للفنان الكبير عبدالرحمن عبدالله الذي بدأ مشاوره الفني بقصيدة لشاعر مصري مشهور .. بمصاحبة عازف أوكورديون مغمور.....
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة