|
Re: الفكرة الأساسية (Re: عليش الريدة)
|
واحتفظت هي لفترة طويلة بسرها عن هذا المقلب،لأنها تجيد الاحتفاظ بالاسرار،ودائما ماتكون في حالة سر أو أكثر،و ذلك (كما علمت فيما بعد وبصعوبة شديدة) هو تعريفها الخاص للحب،أن تكون المرأة في حالة من الغموض المستديم،التي تجعل الرجل بالمقابل في حالة من البحث المستديم، لأن الرجل أسرع ما يفقده هو الاهتمام، لذلك الحب عندها كما قالت : هو ( الاحتفاظ بالمشاعر في حالة تحفّز)،فالفهم يروي غريزة الاستطلاع ويزيل الاهتمام، بالضبط ياعزيزي مثل الكتاب عندما تفرغ من قراءته،فقد تراجعه مرة أخرى،لكن من الصعب جدا أن تقرأه بنفس الشغف الأول. وأخبرتني بأنها كانت تشعر بتوجس ما ،من أبيها تجاهي،وتعرف أيضا أن أباها كان يتنصت علينا كلما وجد فرصة سانحة،وأنه يعتبر ذلك من واجباته،وكانت طبعا ترى هذا الارتباك المستمر الذي يعتريني كلما قابلتها..لذلك كما قالت :كنت دايرة أعمل حركة قردية كدا،أضرب بيها عصفورين بحجر واحد،إنت وأبوي.. لكن العصافير التي ضُربت في تلك الأمسية من ذلك الحجر الرشيق،كانت من الكثرة بحيث لايمكن أن تُحصى.. :لكن ماكنتي خائفانا نزعل منك عشان مقلبك الشين دا؟ :لا،نهائي؟ :وليه واثقة كدا؟ :ماعارفة بالضبط،لكن يعني زي ماتقول كدا،لما الزول يكون متأكد من إنو الناس بعزوهو،فبقوم يعتمد على الحاجة دي وبتصرف بارتياح. في تلك الأمسية مُنحت لقبين،أو هو لقب واحد انشطاري..صارت هي تناديني ب قماري..وصار أبوها (لاعتبارات حفظ ما تبقّى من الوقار ،وعدم هدم الحدود بالكامل) يناديني ب أبو القُمر..وأحيانا يضيف إلي اللقب لفظة يآخ..فيقول :أبو القُمر يآاخ.. في تلك الأمسية،وبفضل ذلك الحجر الرشيق،أصبحنا نحن الثلاثة،نعرف بوضوح شديد ،أن أرواحنا قد خُلقت من نفس درجة اللون الضيقة،في ذلك القوس متعدد الألوان ، الذي منه صُنعت الأرواح.. وصرنا فيما بعد،نتعرض تباعا لتمرد هذه الأرواح ،التي اكتشفت أنها تعرف بعضها منذ زمن سحيق،منذ قبل أن تنزل من علاها، وتتوزع على هذه الأجساد الطينية التي فرضها منطق التكاثر..لقد ظلت أرواحنا لأكثر من عشر سنوات،تتمرد على كل مسميات واعتبارات الطين السفلية هذه،فقد كنت أنا مرات عدة الأب وهالة،وكانت هالة الأب وأنا،وكان الأب هالة وأنا.. واستمرت في نموها هذه الحدود الهلامية، وهذه الأوضاع الشاردة عن القياس ،إلى السنة العاشرة من الزواج، تلك السنة المدهشة ،التي حصل فيها تحديدا، ذلك الطلاق المشين..والذي بدوره أثبت لي أنه مثلما هنالك في هذا الكون ،كائنات لاتدرك بالعين المجردة، وأن إنعدام إدراكها هذا ،لاينفي وجودها ولاينفي أدوارها الخطرة .. فأيضا هناك في هذا الكون عواطف وتصورات ووساوس ومواقف،لاتدرك بالفهم المجرد، وانعدام إدراكها هذا،لاينفي وجودها ولاينفي أدوارها الخطرة... بل يزيدها خطورة على خطورة. هل أسلفت لكم : أن الحب فخ التكاثر الذي به يجندل الفرائس.. ومثلما لديها هي تعريفها الخاص للحب،أصبح لدي تعريفي الخاص أيضا،أصبحت أعرف أن الحب هو أن تعطي المرأة ..أن تُلهم...أن تحرك كل تلك الغدد المتكلّسة،أن تصنع في داخل من تحب شيئا من لاشئ.. وعندما خرجت في تلك الأمسية الفاصلة،كنت في نفس درجة الثقة التي جعلت أرخميدس يفكر في تحريك الأرض..لكني كنت أنبل من أرخميدس،فقد كان هو يستمد غروره من العلم،وكنت أنا استمده من الحب.. ولولا الحب لما خلق العلم..وكانت المسافة بيني وبين عنترة تكمن في شيئين فقط، سيفا مصقولا لأجندل به الناس في الطرقات،ولسانا طيّعا لأ دلق به ما في قلبي من براكين.. لكني عوضا عن كل ذلك ذهبت للإستاد ..فورا من ذلك البهو وإلى الإستاد مباشرة..لأشاهد تلك المباراة الحاسمة للفريق الذي أشجعه ضد ذلك الفريق المنافس..كنت أحمل على شغاف قلبي الذي تعلم الجسارة للتو، كل رغبات الكون في التحرش،والاستهانة،والإثبات.
|
|
|
|
|
|
|
|
|