|
Re: الذكري السنوية لرحيل العملاق محمد وردي ير (Re: ناصر حسين محمد)
|
حبيبنا ناصر .. مودتي بلا حدود .. يا زول يا جميل .. شكراً كثير .. أجمل أغنية تغنى بها وردي مودتي يا رائع .. ====================== الحبيب ناصر .. سوف أهديك مقال كتبته في جريدة الخرطوم قبل فترة طويلة عن هذه الاغنية
النوستالجيا النوبية .. مسونكيل بمدينة جدة وفي ليلة خميسية شديدة الحرارة سئمنا معها الغرف المكيفة فكان الملاذ الوحيد هو مقاهي الهنداوية التي تتجسد فيها الوطن بكل معانيه ورغم ضيق المكان فإن بعض نسائم البحر الباردة تتسرب اليها من بين الشواهق وزحمة السيارات، وهذه النسمات تكون لها مفعول السحر على الجسد والمزاج وبينما كنت في هذه الدوامة تناهى الى مسمعي وعبر جوال احد الشباب صوت وردي وهو يردد اغنية ( مسونكيل) هنا استحضرت عبارة ( قسركا اوركير) ربما لأنها متوافقة مع واقع ذلك اليوم ، وقد سمعت هذه الاغنية لعشرات المرات وهي من أجمل ما تغنى بها وردي وهل تكون هي سر العلاقة بين وردي وإسماعيل حسن لأن والدة اسماعيل حدالزين مقابلها بالنوبية مسونكيل ، ورغم جمال الاغنية وثراءها إلا أنني لم أكن أتوقف عند بعض العبارات والرموز التي يتداولها اهلنا يومياً وخاصة عندما يقدم الشخص شيئاً ما ينال رضا الاخرين، وما اقصد به هنا عبارات مثل ( قسركا اوركير ) او (كييد أروككير) وكييد بالدنقلاوية بمعنى (عظم) وهذه الكلمات أتت نتيجة للتعمق والتأمل في جسد الانسان ، ( قسر) هنا لا يرمز للعظم بمعناه المعتاد ولكنه يستخدم كجزء من المكون العام للانسان ليجتمع مع الروح (شورتي) حتى تكتمل الصورة بتكامل الجسد والروح ، وهذه العبارات ربما تكون مأخوذة من العمق الايماني الذي يتصف به النوبيين والتي نتجت عن تعاقب الديانات السماوية عليهم، وكثير من هذه العبارات ترجمت حرفياً الى العربية واصبحت مستخدمة لدى اخواننا في الوطن الكبير، ومثال ذلك (قسركا اوركير) بالمحسية او (كييد اوروكيكر) بالدنقلاوية، وهي عبارة تأتي دائماً من الامهات او الحبوبات عندما يقوم الابن بعمل مميز ويكون باراً بأهله ومقابلها في العربية (يبرد الحشا) وفي بعض هذه العبارات تشعر أنها مبنية على معرفة بالطب والجسد ووظائفه وتشريحه، وقد عرف عن النوبة تفوقهم في الطب والعلم الانساني، وفي وقت متأخر إكتشف الطب ان الغضب يجلب مرض القولون العصبي، ولذا يقال في النوبية الدنقلاوية ( توو اودكري ) وبالمحسية ( تو اوديكيه ) و بالعامية (يوجع البطن او يمغص) ومن سياق اللفظ العربي تعرف انها جاءت نتيجة ترجمة حرفية للعبارة النوبية، بينما نجد في الدنقلاوية ( مس) بمعنى الجميل والطيب ولكن في المحسية ( مس) هو الطيب ذو السلوك الحميد ويطلق على الجمال ( أشري) والأجمل ( أشرينكيل) ولكن ضمناً ( مسونكيل ) يعبر عن الجميع ولان الدنقلاوية كانت لغة التراتيل الكنسية فجاءت معظم المصطلحات من خلالها وهنا يكمن جمال اللغة النوبية وعمق مفرداتها التي اضافت للواقع اجتماعي والفني السوداني الكثير من القيم الجمالية ، أما الرائع وردي رحمه الله فإن أجمل ما تغنى به هو ( مسونكيل ) وهي من كلماته وألحانه وتعتبر أجمل اغنية نوبية على الاطلاق من حيث الكلمات واللحن والصور الجمالية .
علي عبدالوهاب عثمان جريدة الخرطوم
|
|
|
|
|
|
|
|
|