|
Re: بيوت من طين . (Re: shaheen shaheen)
|
" الزيداب " تلك القرية الصغيرة العجيبة , القرية التى اُحبها بنفس مقدار كراهيتى لها . هناك فى جنوب الخرطوم . هى البقعة التى اختارها " زيد الظافر " القائد والجد والمثل الاعلى من على صهوة الجواد الاشهب . جاء من المغرب العربى وهو يحمل بين اكتـافه تاريخ نضالى غامض وطويل . البعض قال انه حارب الفرنسيين , والبعض يقول ان " زيد " قبل الاحتلال الفرنسى بكثير , جاء ومعه مئة شخص من الرجال والنساء والاطفال , ضربوا خياهم فى هذه المنطقة الخلاء , كانت استراحة محارب , التقاط انفاس ويعود بعدها لحرب تحريره المقدسة , لكنه مات بعد ان وضعت زوجته الثالثة السم فى الطعام , فقد اجدادى طريق العودة , زرعوا مساحات صغيرة على النيل , واصبحت هذه القرية هى قدرهم الذى لا فكاك منه . وفاة " زيد الثانى الابن " كانت اللطمة الاولى وبدايات الاحزان التى لن تنتهى فى تاريخ البقعة , وهو الحدث الذى قدم التأريخ الفعلى للمقبرة باعتباره اول شخص من بلاد المغرب العربى يموت منا فى بلاد السود , اصابته الدوسنطاريا المعروفة هنا , حتى صار فى ايامه الاخيرة يأكل معنا وهو يتبرز , ويُدير شئون البقعة على راس مجلس الحكماء وهو يتبرز , يُعاشر زوجاته السبع والبراز يُلطخ جسده ومؤخرته الكريمة . وعند قدوم بعض القوم السود من اهل البلاد وبما لهم من خبرة فى أعشاب الارض قاموا بعلاج " زيد الثانى الابن " من التبرز , لكنهم عجزوا عن علاج التبول , فاخذ يتبول الدم على مدار ايام كثيرة بلا انقطاع حتى مات . قال لنا قُرة العين ان لا نبكى او نحزن , حيث روح الابن الاكبر سوف تعود فى هيئة قطة , وعلينا اكرامها واحترامها وتوفير الحليب واللحم لها , حتى يعود الينا من العدم حياً يُرزق . - اقتسموا اللقمة بينكم , وبين عيالكم , وبين القطط . وماهى الا فترة وجيزة حتى ازدحمت القطط فى البقعة الى درجة لا تصدق , واصوات شجارها فى الليل منعت الناس من النوم , وعندما اخبرنا قُرة العين بشكوى الناس مما يحدث , امرنا بتغيير مواقيت اليوم - اعملوا اثناء الليل , وناموا اثناء النهار , هذه القطط هى روح السر لـ " زيد الثانى الابن " , ان ضاعت , ضاع فى مجاهل الابدية . ومع الفيضان الاول , حملتها المياه على شكل دوائر ضخمة واختفت للابد فى قاع بحر المياه العذبة , ومن بعده عاد الناس لسيرتهم الاولى يعملون فى النهار وينامون فى الليل , وتولى دفة القيادة " زيد الثالث الابن " .
|
|
|
|
|
|