|
Re: رد الطيب صالح اجاب بنفسه على تساؤله (من أي� (Re: د.محمد بابكر)
|
هذا بعض قاله الطيب صالح الله يرحمه في ناس الإنقاذ (نقلا عن بوست قديم)
Quote: ...مطار قرطاج .... إنني أعلم ما سوف يحدث. تحسست جوازي السوداني في جيبي.كان أزرق اللون فعملوه أخضر وصغروا حجمه. كل عهد يجئ لابد أن يغير شيئا، خاصة إذا كان عهدا ثوريا، ونحن هذه الأيام نتقلب في بحبوحة (ثورة الإنقاذ). لله درهم حلوا مشكلة الجنوب، ونصبوا ميزان العدل، وأهابوا بالسماء أن تمطر وبالأرض أن تخضر، فأصبحنا نأكل مما نزرع، ونلبس مما نصنع، وأرخوا سدول الطمأنينة والعدل، فأمسي الرجل يسري من (محمد قول) إلي (توريت) لا يخشي إلا الله والذئب علي غنمه. |
Quote: بعض مما قال الطيب صالح في ناس الإنقاذ
مقتطفات من كتابه
مختارات 3 للمدن حديث وتفرد : الشرق
الناشر: رياض الريس
ص 19 في صنعاء ذات القوام الرشيق والسمت المميز، لقيت صديقي سيد أحمد الحردلو، الشاعر الموهوب، الذي كان سفيرا ناجحا للسودان في اليمن. وجدت أنهم خلعوه من عمله. كل عهد تجود به علينا الأيام، لا تقر عينه حتي يعزل أفواجا من السفراء والضباط والوكلاء والمدراء ومن هم أدني من ذلك. كأنهم يقلعون أشجارا بدأت تثمر ليزرعوا مكانها أشجارا أخر. وينتظرون الحصاد، ويقولون أن ذلك لمصلحة الوطن. إنه يعلم أنك لا تذبح الناقة الحلوب، ولا تعقر الجمل الطروب.
ص 108 ضحكت أيضا ونحن نغادر مطار (قرطاج) لأنني تذكرت كيف حصلت علي ذلك الجواز الأخضر العسير المنال، جواز (ثورة الإنقاذ)، ولو كان السفير غير ذلك الرجل المقدام، لعلني لم أكن أحصل عليه. وهم يسمحون لك به، كأنما يستودعونك هما مقيما كما رأيت.
هذه الكلمات التي كانت أيام السودان (سودان) والريح رخاء، والسفينة لم يصيبها العطب، وسواعد الملاحين لم يفت منها الوهن. بعد أن كانت تؤخذ مأخذ الجد، لم تعد لها قيمة. أصبحت تثير الريبة والحذر:
"يطلب السيد وزير الداخلية بجمهورية السودان، بإسم جمهورية السودان، من جميع اصحاب الإختصاص، أن يسمحوا لحامل هذا الجواز، والذي هو سوداني حرية المرور، بدون تأخير، وأن يقدموا له كل مساعدة وحماية قد يحتاج أليها".
وهب أن ذلك لم يحدث، فماذا تفعل؟ وما هو ثقلك في موازين الحكومات والدول؟ وإذا كنت أنت لا تساعد رعاياكم ولا تحميهم فوق أرضهم، وفي أكناف موطنهم، فلماذا تطلب من الآخرين أن "يقدموا لهم كل مساعدة وحماية؟".
عفا الله عنهم، ما أشد ما عبثوا بالوطن. كأن طفلا يبني قلاعا من الرمال علي شاطئ البحر، ما يلبث أن يهدمها ثم يعيد بناءها من جديد. أصبح الناس قلوبهم شتي، وكان الهم واحدا، فأصبح هما وثانيا وثالثا.
وما كان أهون أن أطرح عني هذا العبء، وأقطع الحبل السري الذي يربطني إلي هذا الوطن المستحيل. ما كان أسهل أن أبدل تابعية بتابعية، وجوازا بجواز، ولكن حاشا والله لا أفعل. سوف أظل أتشبس بهذا الجواز كالذي يقبض علي الجمر, أمشي به في مناكب الأرض بإصرار فيه معني التحدي والغيظ والحسرة.
أي سودان يمثله هذا الجواز؟ هذا السودان المؤقت؟ أم السودان في صيرورته اللامتناهية؟ سودان أصحابنا هؤلاء الذين رفعوا المصاحف الشريفة علي أسنة الرماح؟ أم سودان الرجال والنساء الذين مشوا علي الأرض هونا، ودفعوا بالتي هي أحسن، وربطوا البطون علي الطوي، تحسبهم أغنياء من التعفف؟ بسامون في الضحوات، بكاءون من خشية الله في العشيات، متحزمون ملتزمون في الملمات. علموا أن الرحمة والعدل صنوان. و"إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين".
* * *
كنت في الدوحة حين أنتهي أمد الجواز. رحت إلي السفارة، وأنا بين الشك واليقين، فقد كنت أعلم أن الجواز لم يعد حقا مشروعا في هذا العهد، ولكنه صار منة وتفضلا، يمنحونه ويمنعونه كما يحلو لهم. وكانت ترد إلي السفارة من الخرطوم قوائم بأسماء مواطنين حرام عليهم التمتع بالحق الذي فرضته لهم القوانين والأعراف. وما يدريني أنني واحد منهم.
لكنني وجدت سفيرا غير هياب ولا وجل، سودانيا كأحسن ما يكون السوداني، من سماحة وشجاعة الأكفاء وترفع. كان من القلة القليلة التي بقيت من الدبلوماسيين، بعد حملات التطهير والتشريد والإحالة علي المعاش. وكان الناس يعجبون كيف أنهم لم ينتبهوا إليه، فظل في منصبه يعامل المواطنين علي إختلاف انتماءاتهم السياسية دون تفرقة. دايما تجده بينهم في مسراتهم وأحزانهم، لا يبالي إن كان الشخص مرضيا عنه أو مغضوبا عليه من النظام. ولم يكن يهاب أن يجدد الجوازات لمستحقيها دون أن يطلب الإذن من سلطات الخرطوم، لأنه يعلم أنه لو سألهم، فسوف يجيبون بلا.
من خيار الناس وخيار السفراء بشهادة أهل البلد التي أعمل فيها، وكل من عرفه وتعامل معه. أعادوه للخرطوم ضربة لازب، ولم يلبث غير أشهر حتي أحالوه للتقاعد. ذلك وهو في عز الشباب، وعلو النشاط، وقصاري الجهد في خدمة الوطن. |
Quote: ص 88 ... تخيل آخر الزمن، السوداني الكريم العفيف الذي يربأ بنفسه عن التدخل في شؤون الناسن أصبح يثير المخاوف حيثما حل. هذا كل ما جنيناه من هذا العهد الميمون |
Quote: ص 163
Quote: ص 163
آه والسودان؟ معدل الدخل في السودان إلي الآن لا يزيد عن أربعمائة دولار علي أسوأ الفروض. من هذه الحصيلة الضئيلة يبدد المبددون وينهب الناهبون وتجيش الجيوش وتشن الحروب. الفقر فضيحة |
Quote: ص 61 أخواننا الميامين عند ملتقي النيلين، لله درهم، هدموا محطة الخرطوم التي بناها الأنجليز، وعطلوا القطارات، وأغلقوا أفواه الطرق، ثم جلسوا يسبحون بحمد انفسهم صباح مساء، فسبحان الذي بيده الملك وهو علي كل شئ قدير. |
Quote: نفس المصدر ص 65 الماحي إسماعيل مشهور بأنه إنسان مهذب متحضر. من آل إسماعيل الأزهري أول رئيس للدولة بعد الإستقلال. سألته إن كان ما يزال يزور السودان، فوصف لي آخر زيارة له منذ بضعة أشهر: "تصور يا طيب أنني بكيت في مطار الخرطوم". "ليش؟"،. " وأنا داخل فتشوني وكأنني إرهابي أو مهرب سلاح... تصور. موظف... ولد صغير. قلت له يا ابني ليه بتعمل كده؟ بتفتش علي شنو؟". "وبعدين عمل شنو؟" "ما ألتفت لكلامي، كأنه أطرش... إستمر يفتح في الشنط ويبعثر في الهدوم علي الأرض.... بالله دا السودان البنعرفه ولا دا سودان تاني؟ أنا ذاتي فتشني..قرب يقلعني عريان. بكيت والله يا طيب... لولا الأرحام والله ما كنت أرجع للسودان أبدا..."
نعم، هل هذا هو السودان الذي عرفناه؟ وهل ألمانيا في ظل النازية، كانت ألمانيا التي عرفها الألمان؟
الشعوب ماذا تصنع حين تبتلي بحكام، كأنما يخرجون من كهوف مظلمة سحيقة في غيابات التاريخ؟ مثل الخفافيش. مثل الكوابيس، لا يمثلون الشعوب ولا يمتون إليها بصلة. يرحلون، بطبيعة الحال، إن عاجلا أو آجلا، ولكنهم يتركون وراءهم خرابا يصعب إصلاحه.
النازيون في ألمانيا أيضا، زعموا أنهم يملكون مشروعا قوميا وتوجها حضاريا!. |
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
رد الطيب صالح اجاب بنفسه على تساؤله (من أين أتى هؤلاء) | هاني الفاتح إبراهيم احمد | 05-06-16, 10:24 PM |
Re: رد الطيب صالح اجاب بنفسه على تساؤله (من أي� | Deng | 05-06-16, 10:59 PM |
Re: رد الطيب صالح اجاب بنفسه على تساؤله (من أي� | هاني الفاتح إبراهيم احمد | 05-06-16, 11:15 PM |
Re: رد الطيب صالح اجاب بنفسه على تساؤله (من أي� | Deng | 05-06-16, 11:41 PM |
Re: رد الطيب صالح اجاب بنفسه على تساؤله (من أي� | كمال عباس | 05-07-16, 00:31 AM |
Re: رد الطيب صالح اجاب بنفسه على تساؤله (من أي� | كمال عباس | 05-07-16, 01:39 PM |
Re: رد الطيب صالح اجاب بنفسه على تساؤله (من أي� | د.محمد بابكر | 05-08-16, 06:53 AM |
Re: رد الطيب صالح اجاب بنفسه على تساؤله (من أي� | Nasr | 05-08-16, 10:27 AM |
Re: رد الطيب صالح اجاب بنفسه على تساؤله (من أي� | Omer Abdalla Omer | 05-08-16, 11:48 AM |
Re: رد الطيب صالح اجاب بنفسه على تساؤله (من أي� | مجدى هاشم | 05-08-16, 12:42 PM |
|
|
| |