الحجَّة المُتكرِّرة والسَّخيفة التي يُردِّدها المُسلمون الجُدد عن أن الأمر بالقتال في الإسلام مُرتبطٌ بالدِّفاع عن النَّفس تمَّ الرَّد عليها مِرارًا وتكرارًا في هذا المنبر، ولكن لا بأس من الإعادة.
أولًا: القتال دِفاعًا عن النَّفس لا تحتاج أصلًا إلى آية، فمن الطَّبيعي جدًا أن يُدافع الإنسان عن نفسه إزاء أي تعدِ يُواجهه، ولن ينتظر آيةً لتسمح له بذلك، فالقول بأنَّ آيات القتال في الإسلام هي تشريع للدفاع عن النَّفس ورد العدوان، هي حجة سخيفة لا سند تاريخي، عقلي أو حتى نصوص له، وسوف أتطرق إلى بعض الآيات القرآنية التي لا علاقة لها بالدفاع عن النفس أو رد العدوان.
ثانيًا: القتل والغزو والسَّبي لم يكونا بدعةً إسلاميَّة، هذا صحيح، وكذلك كان الرِّبا الذي عليه قوام اقتصاد قُريش، ولكن الإسلام جاء ليُقر ما هو صحيح، وليُلغي ما هو باطل (أو هكذا قيل لنا)، فإبقاؤه على الغزو والسَّبي لا يُبرره أبدًا أنَّه لم يكن بدعةً إسلاميَّة، فكما أنَّ الإسلام حرَّم الرِّبا وحرَّم قتل الأطفال خشية الفقر باعتبار أنَّهما سلوكان فاسدان، فكان من الأولى أيضًا أن يُلغي الغزو والسَّبي في الغزو إن كان يراها باطلةً ولاإنسانيَّة.
ثالثًا: مُعظم الذين يستشهدون ببعض الآيات القرآنيَّة التي تدعو إلى التَّسامح والتَّعايش السِّلمي لا يضعون السياق التَّاريخي في حُسبانهم، فالإسلام مرَّ بمرحلة ضعفٍ لم يكن يمتلك فيها قوَّة عسكريَّة تسمح له بالمُقاومة العسكريَّة، فكانت الآيات المُهادنة والمُتسامحة، وما أن امتلك الإسلام جيشًا وقوةً عسكريَّة حتَّى نُسخت كُل تلك الآيات فأصبح الأمر شديد الوضوح:
* (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون) .. لا مجال للصُلح والسِّلم
* (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) هذه هي الحكمة من القتال (أن يكون الدين كله لله) وليس الدفاع عن النفس.
* (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) هل هذا أمر بالقتال دفاعًا عن النفس أو ردًا للعدوان؟ هو أمرٌ صريح بمقاتلة ما لا يدين بالإسلام حتى يخضعوا لحُكم الإسلام
* (أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويأتوا الزكاة فإنهم فعلوا ذلك عصموا مني أموالكم ودماءهم) كلام واضح لا لبس فيه
رابعًا: أوَّل معركة أو غزوة في الإسلام كانت بدافع سلب ونهب قافلة قريش "الآمنة" ولم يكن هنالك اعتداء عليهم، بل كان المسلمون هم المعتدون. غزوة تبوك كان المسلمون هم البادئون، سرية أوطاس كان المسلمون هم البادئون.
إنَّ الدِّفاع عن آيات القتال في القرآن والدِّفاع عن حروب التاريخ الإسلامي ومُحاولات التَّبرير له يُشبه تمامًا مُحاولات النَّازي الدِّفاع عن هتلر والتَّبرير لحروبه ودموته ومُحاولات خداعنا بأنَّ هنالكَ تدليسًا في التَّاريخ، بحيث نُصدقه هو ونُكذب كُل كتب التاريخ والنُّصوص التي تُؤيد دموية الحزب النَّازي، ولا أرى فرقًا جوهريًا بين الإسلام والنَّازيَّة على الإطلاق.
أمَّا فيما يتعلَّق بأنتوني فلو، فهو أصبح تعويذةً للمُؤمنين، فما حاورتُ مُسلمًا ولا مسيحيًا إلا وتطرق لموضوع إيمان أنتوني فلو. مبدئيًا أنتوني فلو لم يتبع أيَّ ديانة حتَّى بعد اعترافه بمسألة وجود الخالق. ثانيًا، أنتوني فلو لم يُقدِّم أي دليلٍ يُثبت به إيمانه هذا، وهو في ذلك لا يختلف عن أبسط وأجهل مُتدين يُؤمن بوجود الخالق دون دليل. ثالثًا، أنتوني فلو (حسب وجهة النظر الدينيَّة) يُعتبر مُلحدًا، لأنَّه ربوبي، والربوبيَّة هي في تصنيف أهل الأديان نوعٌ آخرٌ من الإلحاد. رابعًا، الأسباب الحقيقيَّة التي أدت إلى اعتراف أنتوني فلو بوجود خالق كانت أسبابًا واهيةً جدًا، فقد وقع ضحيَّةً لتدليس وأكاذيب مايكل بيهي المُؤيد لفرضية التصميم الذكي حول حجَّة التعقيد غير القابل للاختزال، وقد تم الرَّد على أكاذيب وادعاءت مايكل بيهي وغيره حول موضوع التعقيد غير القابل للاختزال. وربما سيكون مُفيدًا للجميع مُطالعة هذا الفيديو الذي يشرح الأمر بشكلٍ مُبسط
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة