مقال سابق كتبته سابقا في حق هذا الرجل الذي انتاشته السهام وطعنت في نيته .. سامح الله كل من طعن فيه مواقف عابدين درمه الإنسانية (أشهر حفار قبور سوداني) في مكة المكرمة حج 1436هـ
بقلم : الهادي محمد عمر الشغيل
من منا لا يعرف أشهر حفار قبور في السودان الحانوتي الرجل الإنسان صاحب النكتة خفيف الظل على الرغم من أنه يقوم بستر الجثث صباحاً ومساءً في المقابر من دون كلل أو ملل، إنه عابدين خضر محمود المشهور بـ «درمة» المسؤول والمشرف على مقابر أحمد شرفي بحي «ود نوباوي» ومقابر البكري بحي العمدة بمدينة أم درمان . منذ أكثر من (15) عاماً يعمل عابدين خضر محمود «درمة»، ضمن طاقم البعثة الرسمية للسودان على دفن الحجاج السودانيين في مقابر الشرائع والمعلا بمكة المكرمة والبقيع بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية، لا يقتصر دوره على ستر جثمان أهل بلده بل يتعداه إلى أمة الإسلام بمختلف جنسياتها،
لا شك أن حادثة التدافع التي حصلت بمشعر منى والتي راح ضحيتها الكثير من ضيوف الرحمن بين قتيل وجريح ومفقود ، وقد علم العالم بأسره موقف حجاج جمهورية السودان الذين حولوا مخيماتهم إلى مستشفيات في بادرة عظيمة وموقف نبيل يجسد روح اﻷخوة اﻹسلامية وحب اﻹيثار والتعاون على الخير وإغاثة الملهوف حيث عمد هؤلاء الأماجد إلى إفراغ مخيماتهم وتحويلها إلى مستشفيات ميدانية ﻹسعاف المصابين في مشعر منى.
كما هو معروف عن عمنا عابدين درمه أنه يرافق البعثة السودانية سنويا كمشرف للموتى ببعثة الحج السودانية وعندما حدث التدافع وانتشرت الجثث شمر هذا الأبي عن ساعد الجد ولم يفرق بين سوداني وغير سوداني فتجلت مروءته في أبهى صورها فكان يساعد في مستشفى الجسر والمعيصم بمنى في حصر عدد الجثامين ويساعد في غسل وتكفين الجثث بمغسلة الموتى ثم مرافقتها للصلاة عليها في الحرم المكي فكان كالنحلة يعمل صباح مساء بجد واجتهاد لا يتوقف إلا لأداء الصلوات أو تناول لقيمات يساعدنه في الوقوف على رجليه لإنجاز هذا العبء الثقيل .. يقوم بهذا إرضاءاً لله تعالى ليقينه التام بعظم ما يقوم به وسعيه للأجر الذي ينتظره عند الله تعالى .. فكان يعمل في صمت لا يرجو إلا رضوان الله تعالى فلم يصرح لوسائل الإعلام بما فعل وانما اصطادته الكاميرات ووثفت ما يقوم به هذا الشهم الأبي حتى لفت انتباه القائمين السعوديين على أمر ستر الموتى واحتاروا وتعجبوا من هذا البطل الهمام الذي انغرس وسطهم دونما تكليف من أحد وصار قائداً فعلياً يوجههم فيطعونه ويأمرهم فيأتمرون بأمره ويطلب منه فيلبون طلبه حتى قام بستر أكثر من 1500 جثة .. لله در هذا الأبي الهمام وهو يستلذ بهذا العمل فدفن الموتى وسترهم كما تعلمون من أعظم القربات لله تعالى وقد صرح بنفسه ذات مرة في لقاء معه حيث قال : (( كلما أدفن زول تقوم لي شيبة جديدة، وأرتاح نفسياً، فهؤلاء الناس دفنتهم، ودي حاجة جميلة جداً بالنسبة لي زول ماشي لربنا وتنزلوا إنت، بيشهد لك يوم القيامة )) .
هنيئاً لك يا صاحب الحلة الخضراء الجميلة فما تقوم به من عمل أجره عند الله عظيم فقد ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من غسل ميتا فكتم عليه غفر له أربعون مرة، ومن كفن ميتا كساه الله من سندس وإستبرق الجنة، ومن حفر لميت قبرا وأجنه فيه أجري له من الأجر كأجر مسكن إلى يوم القيامة. أسأل الله أن يغفر ذنوبك ويبلغك أعالي الجنان وأن يكسيك من حلل الجنة وأن يرفع درجاتك في عليين وأن يستر عليك مثلما سترت آلاف الجثث فلم تبح بما تراه أثناء الغسل تأسيا بتوجيه المصطفى صلى الله عليه وسلم .
كسرة : تجدون أدناه في التعليقات مواقف انتقيتها لكم من مواضيع منشورة اسفيرياً لا تخلو من الطرافة حدثت لعمنا عابدين درمه مع بعض الشخصيات المشهورة وغيرهم :