المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدرويش.. دكتور عبد الرحمن الغالي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-11-2024, 04:49 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-23-2016, 11:09 AM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    الحلقة العشرون ( الأخيرة)
    المهدية : مراجعات وعطاء جديد:
    أما عطاء المهدية في أطوارها اللاحقة فلا يقل بأي حال من الأحوال عن عطائها الأول التأسيسي. قال المعصوم صلى الله عليه وسلم : (مِثْل أُمَّتِي كَمَثَلِ الْغَيْث لَا يَدْرِي أَوَّله خَيْر أَوْ آخِره )
    تلخص الكلمات التالية التي كتبتها في ذكرى السيد عبد الرحمن المهدي ملامح عطاء المهدية في طورها الثاني، الطور الذي أعقب ذهاب الدولة وشهد معركة إسترداد الراية التي سقطت ورفعها مرة أخرى بعمل مدني طويل النفس :
    (في التحديث والتغريب:
    (أنني أسمع في هذه المحكمة صليل سيوف الرومان في قرطاجة وقعقعة سنابك خيل " اللنبي" وهي تطأ أرض القدس. البواخر التي مخرت عرض النيل لأول مرة تحمل المدافع لا الخبز ،وسكك الحديد أنشئت أصلاً لنقل الجنود. وقد أنشاوا المدارس ليعلمونا كيف نقول نعم بلغتهم. أنهم جلبوا إلينا جرثومة العنف الأوربي الأكبر الذي لم يشهد العالم مثيله من قبل في السوم وفي فردان، جرثومة مرض فتاك أصابهم منذ أكثر من ألف عام. نعم يا سادتي، أنني جئتكم غازياً في عقر داركم. قطرة من السم الذي حقنتم به شرايين التاريخ. أنا لست عطيلاً، عطيل كان أكذوبة)
    بهذه الكلمات قدم مصطفي سعيد بطل رواية الطيب صالح موسم الهجرة إلى الشمال مرافعته، التي شكلت واحداً من المواقف المتباينة تجاه تلك الظاهرة الغربية التي ملأت الدنيا وشغلت الناس. تبني الراوي في تلك الرواية موقفاً آخر: مسطحاً أو فلنقل محايداً تجاه الإنجليز الذين(كونهم جاءوا ديارنا لا أدري لماذا هل معني ذلك أننا نسمم حاضرنا ومستقبلنا. لأنهم سيخرجون من بلادنا إن عاجلاً أو آجلاً... سكك الحديد والبواخر والمستشفيات ستكون لنا) كما قال في أحد المواضع أو كما قال ساخراً من مصطفي سعيد في موضع آخر (مصطفي سعيد قال لهم أني جئتكم غازياً. عبارة ميلودرامية ولا شك ولكن مجيئهم هم أيضاً لم يكن مأساة كما تصورنا نحن ولا نعمة كما يصورون هم. كان عملاً ميلودرامياً سيتحول مع مرور الزمن إلى خرافه عظمي) وغير هذين الموقفين تنوعت المواقف من الرفض المطلق فقد شهد السودان أكثر من عشرين انتفاضة مسلحة ضد الحكم البريطاني منيت كلها بهزائم ساحقة ماحقة. فأنزوي كثير من الرافضين الذين بقوا على قيد الحياة وانكفأوا على ذواتهم ورفضهم. وسار آخرون من عوالم الجنوب في اتجاه آخر إذ رأوا "في الغرب" طريق الخلاص الوحيد، وبقيت جموع كثيرة تعاني دوار الصدمة وغياب الرؤية، فهم مشتتون بين أصولهم بخيرها وشرها وبين عصرهم القادم إليهم من الغرب، بخيره وشره. شغل جدل الأصالة والمعاصرة أو الحداثة عوالم الفكر والسياسة والأدب: لم تكن رواية موسم الهجرة أول ولا آخر المعبرات عن ذلك " ولا قنديل أم هاشم" ليحي حقي ، ولا أبيات حمزة الملك طمبل:
    لا خير فيمن تفرنج منا لا ولا في القديم المعمما.
    ولا حيرة المجذوب وتساؤله في مقدمة ديوانه "الشرافه والهجرة" الشرافة: رمز الأصالة والهجرة: إلى المدينة التي هي مظنة المدنية! ولا في انطلاقه وتحرره من أسر أصالته وجذوره ولا في خيبته إذ يفعل ذلك:
    (لم تشف لوعتي اثينة الجدال والحكمة والسؤال
    فقيرة مترفة الجمال
    أخون ألواح الولي والبشارة القديمة
    أضيع الوصية العذراء والتميمة).
    لم يقتصر ذلك الجدل على عالمنا الثالث،ولم ينته الحوار ولم يعتدل الميزان بعد حسب تعبير المجذوب فالقضية مازالت تُشْكِل رغم تقادم السنين على أرباب الفكر وأساطين الثقافة ومثل رمزية الشرافة والهجرة، جاءت رمزية الليكزس والزيتون لتوماس فريدمان ومثلها نهاية التاريخ لفوكوياما وضدها وتجادلها "نهاية التقدمية" لساكيكيبارا الياباني الذي يدعو للتعايش بين الثقافات والقبول بالتعددية وهكذا.
    كيف استطاعت بصيرة الفتي اليافع أن تنفذ إلى رؤية رائدة تفصل بين التحديث والتغريب، ذلك التحديث الذي أتي به قاتلوا أهله "مات ثمانية من إخوانه جراء ذلك الغزو". كيف استطاع التسامي فوق جراحات نفسه وغيظها فلم تسقط نفسه في مستنقعات الحقد الموقع في التهور ولا الانكسار ولا اليأس "البارد" حسب تعبير أبي تمام. كيف حافظ هذا الفتي على جوهر حداثة الغرب وصادم التغريب ومظاهره.
    رائد التحديث:
    تقوم الحداثة على العقل "وعقلنة" كل مناحي ومناشط الحياة وهي بتعبير (ألان تورين) صاحب كتاب نقد الحداثة: هي انتشار منتجات النشاط العقلي: التقنية والإدارية والسياسية تلك المنتجات التي تجلت في النظام السياسي الديمقراطي القائم على أفكار النيابة والانتخاب والتداول السلمي للسلطة. وفي النظام الاقتصادي المنطلق من آلية السوق الحر في الاستثمار وإنتاج السلع والخدمات القائم وعلى العدالة الاجتماعية في توزيع العائد وتتجلى منتجات الحداثة في وصولها لحماية حرية البحث العلمي والتكنولوجي.
    إذن فالحداثة قائمة على العلم والعقل، اللذين يتيحان عبر أنشطتهما تلك المجموعة من النظم السياسية والاقتصادية والتقنية. كان رائدنا أول من فطن لذلك بعد صدمة الاستعمار فكان صاحب أول امتياز لصحيفة سودانية( حضارة السودان)الأسبوعية الأدبية الاجتماعية. كان ذلك في فبراير 1919م. اتخذ من تلك الصحيفة منبراً يدعو لنقل مجتمعة إلى الحداثة لمواجهة الغول الجاثم على صدره بنفس سلاحه. وفي أول عام لصدروها أطلقت نداءً بإنشاء المدارس الابتدائية الأهلية (قبل مؤتمر الخريجين ويوم تعليمه بسنوات عديدة). وبعد عودة الوفد من بريطانيا دعا رائدنا أقرانه من الزعماء وأشركهم في امتياز صحيفته لتكون معبرة عن كل السودانيين في مطالبهم الوطنية. وتتجلى ريادة صاحب كلمتنا في مجال الصحافة في كونه ـ بالإضافة لما سبق- أول من أصدر صحيفة يومية في تاريخ السودان: صحيفة النيل في 1935م. وصاحب أول صحيفة حزبية: صحيفة الأمة. أما ريادته في مجال التعليم فقد انشأ مدرسة أهلية في بيته لأبنائه وأبناء مناصريه (1919م) واردفها بمدرسة أوليه لبناته وبنات مناصريه 1928م لتشجيعهم على كسر الحاجز النفسي وإلحاق أبنائهم بسلك التعليم. وأوعز لصديقه بنقل مدرسة الأحفاد من رفاعة لأمدرمان. وتوالى فيض عطائه في مجال التعليم: مدخل الحداثة:
    • فساهم في إنشاء المدارس الأهلية في كل السودان: مدرسة العمال بعطبرة ـ مدارس النهضة بالأبيض ـ مدرسة مدني الأهلية ـ مدرسة تنقسي الجزيرة وغيرها.
    لم يكن ينظر لهوية أو فكر مؤسس المدرسة لتنال دعمه ورضاه فدعم مدارس المليك ومدارس بيت الأمانة والمدرسة الأهلية الوسطي بأم درمان والمعهد العلمي وغيرها مع اختلاف مؤسسيها معه.
    • وأسس صاحب سيرتنا مدارس في كثير من مناطق البلاد للبنين والبنات لا سيما في مناطق تجمع مناصريه الذين شجعهم على ولوج أبواب التعليم عكس إشاعات مناوئيه المغرضين. فأسس على سبيل المثال مدرسة أولية بالجزيرة أبا (1925م).
    • وكان رائدنا أول سوداني يدخل التعليم الحرفي للبلاد حينما انشأ المدرسة الصناعية والزراعية بالجزيرة أبا. وكذلك شجع على إدخال النسيج والغزل في مدرسة البنات ـ أبا.
    • وكان صاحب سيرتنا رائداً لمحو الأمية حينما انشأ مدارس الإرشاد.
    • ولم يقف دعمه على المجهودات الشخصية وإنما كان أول من جعل لدعم التعليم شكلاً مؤسسياً حينما كون في مؤسسته الخاصة لجنة للبعثات والإعانات التعليمية لها ميزانية سنوية راتبة تنفق على النبوغ المحروم حسب تعبيره (إذ كان حريصاً ألا يقف ضيق ذات اليد عائقاً في طريق تلقي العلم لشاب سوداني). وكلمة سوداني التي ذكرها إنما كان يعنيها فلم يكن ينظر لانتماء أسر الطلاب أو انتماء الطلاب أنفسهم. فقد دعم سفر أعضاء من جمعية اللواء الأبيض لمصر رغم اختلافهم معه ورغم معارضة الحكومة لسفر هؤلاء لمصر(مثل توفيق أحمد البكري ومحمد المبارك) وكان صاحبنا من أكبر المساهمين في إنشاء ملجأ القرش وفي إطعام وكساء تلاميذه، كما أوفد أبن أحد زعماء الدينيين للدراسة مع أبنائه.
    • وكان أول من ساند المرأة في طلب العلم بالخارج إذ أوفد إحدى حفيداته للاستزادة من العلم بالخارج وقبلها شجع إحدى البنات على دراسة التمريض بالخارج بعد أن درست مبادءه بالدايات.
    • ولم يقتصر دعمه على التعليم المدني إذ انشأ المدارس الدينية وفي كل بقاع السودان وانشأ ثلاثة معاهد علمية دينية. وقد طور صاحبنا المناهج في تلك المعاهد والمدارس حينما أدخل فيها ولأول مرة مواداً مدنية.
    وتتوالى مظاهر الريادة والتحديث عند صاحب كلمتنا هذه، فقد حارب العادات الضارة رغم خلفيته الدينية "التقليدية" في نظر كثير من الناس: فحارب عادة الختان التي ثار دفاعاً عنها بعض المدنيين! وحارب العادات المقعدة بالمجتمع عن النهوض: المغالاة في المهور والتبطل في المآتم التي يمضي فيها الناس الأسابيع الطوال في صرف مرهق. وتجلت عبقريته الاجتماعية في إنشاء مدن فاضلة يعمل فيها الناس في رباط من المحبة، تخلو من الجريمة ومن العاطلين والمتسولين ومن شرور النفس البشرية المعتادة متى اجتمع الإنسان إلى أخيه، فقد روى صديقه في تاريخه لحياته كيف إن الإنجليز لما أرادوا تدمير قرية الرحمانية بالنيل الأزرق تصدي ذلك الصديق مذكراً بأن صاحبنا قد انشأ في كل قرية دكاناً يستدين أهلها منه ويكتب كل منهم ما استدانه بنفسه في كراسة يذهب ليحاسب بها نهاية العام. لم تشفع نموذجية القرية في حمايتها من مصير الحرق والتخريب على يدي البريطانيين. كان صاحبنا رائداً في مجال التحديث الزراعي والصناعي فكان أول من أدخل أساليب الميكنة الزراعية من السودانيين. وأول من ابتدع التجارب الزراعية، بل لقد كانت تجاربه مرشداً استفادت منه الإدارة البريطانية مثلما حدث حينما استحدث زراعة القطن بالنيل الأبيض الذي ظن الإنجليز عدم ملائمته لذلك، وعادوا لزراعته بمنطقة الدويم بعد نجاح تلك التجربة.
    • وكان أول من أدخل مسألة تحسين السلالات الحيوانية: الخيول والأبقار. وكان أول من أدخل فكرة المؤسسية في العمل التجاري والصناعي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي. وحتى عندما أراد تعيين أحد النابهين الذي هو حفيد صديقه، سكرتيراً له دعا معه المسؤلين عن إدارة المؤسسة التي يعمل بها معلماً واخذ موافقتهم على ذلك وتم الاتفاق أن يتم ذلك على سبيل الإعارة.
    أما الحديث عن ريادة صاحب كلمتنا في مجال التجديد الديني فهي بحر لجى يصعب الخوض فيه في هذه القصاصة. ولكن أهم ملامح ذلك التجديد تجلت في أنه كان من أوائل المنظرين والمميزين لثوابت الدين ومتحركاتة التي تخدم مقاصده لقد اخترق ذلك الاجتهاد سدف الغيب وفتح طريقاً وسطاً للإسلام عصمه من مذمة طرفي قصد السبيل.
    كان أول من وسع مفهوم الجهاد من مجرد القتال إلى كل جهد يُبذل في سبيل الله، وعبر عن الزهد بأن لا تملك الدنيا الإنسان وإن ملكها وإن تكون في اليد لا في القلب. وغير بيعة أصحابه له لتشمل هذا التعديل الهام (في مفهومي الجهاد والزهد) حسب الظرف الزماني والمكاني وما الفقه إلا تنزيل النصوص على واقع حياة الناس. وكان أول من كتب في الحرية الدينية، لم يقتصر في ذلك على احترام الآخر المذهبي ولا الآخر الديني فقط ولا على التعامل معه وأخذ النافع منه بل واعترف بحقه في التبشير بدينه.
    كان أول من أصٍّل في السودان لإسلامية النظام الجمهوري الديمقراطي حينما ذكر(بأن النظام الجمهوري الديمقراطي نظام أصيل في الإسلام ديننا الديمقراطي).
    لقد تميز صاحب كلمتنا هذه بالتسامح الديني والمرونة والبعد عن الانكفاء والتزمت. فلقد شجع الفنون باعتبارها وسائل لتهذيب النفوس ونشر المعرفة وأداة للهو البريء فشجع المسرح والشعر والغناء ففك أسر عاني المطربين (كما حدث مع الحاج محمد أحمد سرور) وصلى على ميتهم (كرومة) رغم استنكار عامة "علماء" ذلك العصر دعك من متزميتهم. وكان راعي ذلك المجتمع الأول إن لم يكن الأوحد.
    وكما فتح ذراعيه للآخر الديني والمذهبي، فتح ذراعية لأبنائه في الجبهة المعادية للاستعمار ورحب بانضمامهم لجبهته الاستقلالية، واستقبل فيما بعد ضيوفهم من الحزب الشيوعي السوفيتي وما كانت إنجازاته كلها: السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها إلا انعكاسا لحياته الروحية ومبادئه الدينية. نبل المقاصد وواقعية الوسائل مع الإيمان الشديد بقضاياه، ذلك الإيمان الذي أورثه مثابرة دفع ثمنها جسده الذي لم يعرف للراحة طعماً.
    كان صاحب كلمتنا أول من افترع طريق الجهاد المدني والعمل السياسي السلمي. كان واضح الرؤية والهدف منذ صباه الباكر: لابد من رفع الراية التي سقطت.
    استشنع من ينظر للظواهر إهداءه سيف والده لعدوه، ولكنه رأى في إهداء السيف نفسه سلاحاً ضمن أسلحته القائمة على الجهاد المدني، فسيف والده سبق أن استلمه الملك جورج الخامس بقواته لما انتصر على جيوشنا في كرري.
    كان أول من دعا لمؤتمر ضم من يتفقون معه في فكرته مع غيرهم في منزله بالعباسية (1924م) وكان أول من دعا لبلورة كينونة قومية سودانية في ذلك المؤتمر. كان أول من طالب بحق تقرير المصير بصحيفة النيل قبل مذكرة مؤتمر الخرجين.
    تحمل أذي البريطانيين الذين قتلوا أهله وإخوانه وحاصروهـ فلم يكن مسموحاً له بالذهاب إلى غرب البلاد، ولما قبل بقوانين اللعبة التي وضعوها وحقق مقاصده واقترب من تحقيق الاستقلال عبر مؤسسات التطور الدستوري اشتدت ضراوة العقوبات الاقتصادية والسياسية فسحبوا تصديق بعض مشاريعة الزراعية وانشأوا حزبا ضرارا اسموه الحزب الجمهوري الاشتراكي من زعماء العشائر. فلم يكن جمهورياً ولا اشتراكياً بطبيعة الحال. ومن قبل ابتدعوا نظام الإدارة الأهلية كيداً له إذ نظروا لحركته الحديثة المنظمة كخطر ما حق، (قرأت الكاتبة اليابانية يوشيكو كورينا ذلك في سياق أن حركته هي حركة تجاوزت القبيلة إلى رحاب أوسع ومن هنا كان خطرها عليهم). ولكنه استطاع استمالة معظم رجال الإدارة الأهلية لصفه. لقد اتعب رائدنا الإنجليز كما يتْعَب الطفلُ الذي يحاول إغراق "الفلين" بوضع أحجار لاتلبث أن تغرق ويواصل الفلين طفوه على السطح. وقوض رائدنا حكمهم كالماء يمشى على مهل وعلى مرأى من الجدر فلا يلبث أن يدكها دكاً ويذرها قاعاً صفصفاً. لقد كان رائدنا أبا الوطنية إذ تحمل في سبيل الوطن كل أذى، كما كان أبا القومية إذ لم يدخر وسعاً في جمع شمل أبناء الوطن على صعيد واحد، ولم يلتفت أبداً لمكاسب ضيقة بل كان باذلاً كل ما يملك : مادياً كان أو معنوياً في سبيل جمع أبناء السودان، كان كما وصفه صاحب حقيبة الذكريات حينما تعرض لجهده في إنهاء إضراب كلية غردون (كان رحمه الله رحب الصدر سخياً عظيم المروءة سيداً حقاً). ولم يَعْدُ وصفه تقرير حقيقة معروفة فما أصعب وصفه وما أجسر من يحاول ذلك. في ذكراه السابعة والأربعين ...كلمات عييات لا بد من قولهن أسأل الله بهن عوالي المقامات مع صاحب هذه الكلمة حين تأزف الآزفة. رحم الله رائد التحديث في السودان.)
    ولئن أشارت هذه الكلمة إلى عطاء المهدية في طورها التالي لزوال دولتها فإنها بلا شك تقصر عن إستقصائه.
    المراجعات
    جاء الطور الثاني أيضا في ظل استعمار غاشم سماه العقل الجمعي التركية اللاحقة وإن اختلف عن الأول في أنه كان استعماراً لقوة صاعدة عسكرياً واقتصادياً (بريطانيا) بينما كان الاول لامبراطورية متفسخة. في ظل هذا الواقع تمت مراجعات للوسائل كما تمت مراجعات للأهداف التي حالت ظروف الاستعمار الأول دون تحقيقها فعلى سبيل المثال جدد السيد عبد الرحمن الذي إلتف حوله الأنصار البيعة فسماها بيعة الرضا وهي بيعة طوعية لاتجبر أحداً على عقدها ولاترتب على ناقضها عقوبة سوى أن تخلي بينه وبين ما اختار من مذهب أو طريق، ووسع مفهوم الجهاد فصار أوسع من القتال وصار السعي في الرزق وامتلاك أسباب القوة الاقتصادية ضرباً من الجهاد، ووسع كذلك مفهوم الزهد ليصير (إن تمتلك الدنيا ولا تملكك أي تكون في اليد لا في القلب). ولكل المفهومين الجديدين (في الزهد والجهاد) ارتباط وثيق بالتجديد في الوسائل وهما العماد الفكري للطور الثاني، ومن الأصلين السابقين نسل باقي التجديد وأهم ملامحه الجهاد المدني وهو السعي لتحقيق الأهداف بالوسائل السلمية كافة: السياسية والاقتصادية وغيرها، وللجهاد المدني أصل راكز في الإسلام بل وفي المهدية نفسها. ومن ملامح التجديد الديني عند الإمام عبد الرحمن: تبني النهج الوسطي في الإسلام: حيث تم الاعتراف بالآخر المذهبي والتعاون معه واحترامه. وتم الاعتراف بالآخر الملي في الوطن واحترامه. وقامت العلاقة مع الآخر الملي الاجنبي على أساسا المصلحة واستصحاب النافع من منجزاته فـ "الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا" وتم تأصيل النظام الديمقراطي وأنه لا يتعارض مع مبادئ الإسلام وقد أشار البروفسور محمد هاشم عوض الاقتصادي الراحل الكبير إلى ريادة الإمام عبد الرحمن في الفقه الاقتصادي وسماه (رائد صيغ التمويل الإسلامية) في ورقة له وهكذا كما سبقت الإشارة.
    كان قائد المهدية واعياً بالمرارات التي حدثت في المهدية فسعى بكل ما يملك لردم شقة الإنقسام في الجسم السياسي السوداني وعمل بكل ما يملك على بلورة قومية سودانية وحرص على العمل القومي ما استطاع إلى ذلك سبيلاً. فمع أنه كان صاحب امتياز صحيفة حضارة السودان (1919م) – إلا أنه أشرك في عام 1920 الميرغني والهندي معه في ملكيتها . وكان أول من دعا لمؤتمر ضم من يتفقون معه في فكرته مع غيرهم في منزله بالعباسية (1924م) دعا فيه لبلورة كينونه قومية سودانية. واستمر ذلك الموقف الساعي لوحدة السودانيين حينما انشأ حزب الأمة (ويعني كل الأمة السودانية) وعرض على الآخرين الانضمام للحزب ليكون حزب كل السودانيين .ولكنهم رفضوا ذلك. وقال عن ذلك: (لم يدر بخلدي آنذاك أدنى شك في اتفاق الجميع على مبدئه ( أي الحزب ): السودان للسودانيين وإني أرى أن تعدد الأحزاب في الوقت الحاضر والهدف واحد مضر بمصلحة البلاد ولا مبرر له) نقل الدكتور منصور خالد عن الإمام عبد الرحمن قوله بأنه في سبيل لم شمل أهل السودان سيصدق الذي يكذب عليه وسينخدع لمن يريد خديعته ولا يسعنا الاستمرار في تعديد النماذج إذ كانت حياته العامرة كلها سعى في هذا الاتجاه (قبول نتائج الانتخابات الأولى رغم الفساد المصري- رفع العلم..الخ) وقد لخصت كل ذلك مقولته التي صكها فصارت شعاراً ومثلاً سار بذكره الركبان ( لا شيع ولا طوائف ولا أحزاب ديننا الاسلام ووطننا السودان). وكان يعتبر نفسه أباً للجميع وكان له شعور قوي بالامتنان للسودانيين الذين ضحوا بالغالي والنفيس أثناء المهدية فكان تواصله مع كل فئات المجتمع التقليدي والحديث السياسي- الأدبي- الفني.. الخ ومشاركته في كل انشطته. وكانت رعايته للجميع من أيده ومن خالفه. وكان يتألف أعداء المهدية حتى الأجانب منهم وقد نال سلاطين – وما أدراك ما هو – ما ناله من فيض كرمه حينما دارت عليه الدوائر.
    وكان قائد المهدية عظيم الإمتنان لتداعي الشعب السوداني ووقوفه مع دعوة والده العظيم ولذلك كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر للسودان وأهله فما سمع هيعة إلا لباها وما من أمر فيه رفعة السودان وعز بنيه إلا شارك فيه.
    عطاء متواصل وأدوار جديدة :
    ولئن تحدثنا عن بعض عطاء المهدية في صورة عطاء قائدها في طورها الثاني، فقد أسس هذا القائد العظيم مؤسسات سياسية ودينية وإقتصادية مضت بتلك الأسس الأبوية الفاضلة إلى رحاب التطبيق المؤسسي فصارت تلك المؤسسات طوق نجاة البلاد ومحط آمالها وعقل الأمة السودانية وضمير الأمة الإسلامية.
    أما عطاؤها الوطني الحاضر فهو ثباتها على طريق النهج القومي الجامع بعيداً عن الحزبية، واستقامتها على النهج السلمي رغم كل الظروف وتمسكها بالنهج الديمقراطي لا ترضى له بديلاً.
    وعلى هذا النهج انتثرت ثمارها الصالحة حاكمةً ومعارِضةً، فعند الحكم تبسط أيديها لجمع الكلمة حتى ولو امتلكت تفويضاً شعبياً لتحكم منفردة، وتقدم نموذجاً في عفة اليد والتفاني في خدمة مصالح الخلق والقيام بالأمانة وبسط العدل وحفظ حقوق الناس وإكرامهم والمبالغة في صيانة إستقلال الوطن أرضاً وقراراً وغير هذا مما يقوم به الحكم الصالح. وعند المعارضة ترفض كل سلطة لا تأتي عبر رضا الناس واختيارهم ووفق مباديء الحكم الراشد. بل وتقدم عند المعارضة نماذج تستعصي على فهم البعض في التفريق بين المعارضة للنظام الحاكم والمعارضة للوطن، وتفرق بين الثوابت الوطنية التي يجب على الجميع مراعاتها تحت كل الظروف وبين المتغيرات التي يجوز الإختلاف حولها سعياً نحو الأفضل للوطن.
    ويمتد عطاؤها الوطني الفكري ليصالح بين عقائد الناس وولاءاتهم وبين حقوق الجميع في المواطنة، وليصالح بين تراث الجماعات وأصلهم وبين حاضرهم وعصرهم. فكان أن رسّخت مفهوم المواطنة الذي يساوي بين الجميع ورسخت مفاهيم حقوق الإنسان كحقوق لها قدسية لا تمس، وأثمرت مواثيق ثقافية لتحقيق السلم الثقافي والاجتماعي ومحو الاستعلاء الثقافي والإثني.
    وبنفس الطَّرْق على النهج القومي السلمي الديمقراطي طرقت على الوسطية تأصيلاً وممارسة وتبشيراً حتى قوي عودها وصارت ترياقاً يحاصر التطرف الديني والتكسب الديني في البلاد وفي المنطقة.
    فمن أراد وصفات الدواء لأوجاع البلاد السياسية وأسقامها فلن يجد نبعاً يغرف منه إلا هذا النبع جحد من جحد واعترف من اعترف.
    ومن أراد شفاءً لأسقام المنطقة الإسلامية المأزومة فلن يجده إلا في هذا الفكر الوسطي المستنير المحيط بتشخيص الداء العارف بأسرار الدواء الناصح للأمة من غير منٍّ ولا أذى ولا مأرب خاص. هذا هو الدور الذي تلعبه المهدية اليوم وهذا ملخص القضية ومختصرها من غير إطناب فاللبيب تكفيه الإشارة والجاحد لن يفيده طول العبارة.


    الملاحق:
    مقال القدال:
    بيني وبين المنظمة العربية للثقافة والعلوم
    د. محمد سعيد القدال

    لست هنا بصدد الحديث عن تجربة شخصية مرت بي مع هذه المنظمة الموقرة، فليست صفحات الجرائد مسرحا للخلافات الشخصية. ولكن للتجربة انعكاسات على الحركة الاكاديمية، رأيت ان اشرك فيها القاريء السوداني.
    تتولى المنظمة العربية الاشراف على اصدار كتاب باسم: «الكتاب المرجع في تاريخ الامة العربية»، الذي تتولى ليبيا تمويله. وتكونت لجنة عليا لتقوم بتوزيع الابحاث على المختصين. وكان الدكتور ابو سليم، رحمه الله، من اعضاء تلك اللجنة. ورشحني لكتابة الجزء الخاص بالثورة المهدية في السودان. وذكر في ترشيحه إني ألفت خمسة كتب ومجموعة من الابحاث عن المهدية.
    وبعد ان ارسلت البحث، وصلتني رسالة من الامين العام للمجلس التنفيذي تضمنت ملاحظات المشرفين العلميين الذين يتولون تحرير وتقييم الابحاث. وقمت بالرد عليها في رسالة الى الامين العام في ابريل عام 2003م ، وكان ردي على الاعتراضات كما يلي.
    1) ترى اللجنة العلمية اني تعاملت مع الثورة المهدية بمفهومها الحرفي، فتوقفت عند وفاة المهدي وسقوط الخرطوم . فقلت ان تعاملي مع الثورة المهدية لم يك حرفيا وانما كان تاريخيا . فقد اندلعت الثورة للقضاء على الحكم الاجنبي وانتهت عند تحقيق ذلك الهدف . وما حدث بعد ذلك يندرج في اطار مرحلة تاريخية اخرى. وكل الثورات لها بداية ونهاية ولا تمتد الى ابعد من هدفها . فمتى تنتهي الثورة الفرنسية او الثورة البلشفيه؟ ان الكتاب الجامع الذي سوف تصدره المنظمة ، يتناول الفترات التاريخية التي تشكل المعالم الاساسية في تاريخ الامة العربية ولا يتناول كل الاحداث ما كبر منها وما صغر، والا امتد الى عشرات المجلدات .
    2) قالت اللجنة اني تبنيت المقولة التي روجت لها المدرسة البريطانية والتي تصف الوجود المصري في السودان بأنه استعمار . اولا، تستعمل اللجنة العلمية تعبير (الوجود المصري في السودان) ، وهذا تعبير غير دقيق وغير علمي . الافضل ان نقول الحكم التركي - المصري . ثانيا، ان وصف الوجود المصري في السودان بأنه استعمار ليس قاصرا على المدرسة البريطانية ، او على الذين تبنوا مقولتها دون تبصر بينما تمكنت المدرسة المصرية من تفنيدها لما تمتلكه من قدرات اكاديمية اكبر من التي نمتلكها. ثالثا، كيف نصف الجيوش التي ارسلها محمد على باشا للسودان بعدتها وعتادها ودخلت في حروب مع اهل البلاد ، وفرضت عليهم نظاما باطشا وقاسيا ، وصف المؤرخ السوداني (كاتب الشونة) جانبا منه فقال ان (الدفتردار وضع يده بالخراب، فما ترك بالبلاد انيسا ولا تسمع لها حسيسا من حد شندي حتى كترانج) . فهل جاءت تلك الجيوش في رحلة نيلية لتستنشق هواء البلاد العليل؟ وطلبت من اللجنة العلمية مراجعة كتابي «تاريخ السودان الحديث» من صفحة 127 الى 145 عن المقاومة السودانية للحكم التركي - المصري.
    ثم قلت في رسالتي: اذا كانت هناك حاجة لمراجعة فترة الحكم التركي - المصري في السودان، فإن المدرسة التاريخية المصرية اولى بتلك المراجعة ، لأن كتاباتها في هذا الصدد منحازة وتعبر عن موقف الفئات الحاكمة في مصر وليس عن موقف اكاديمي . وليس هذا رأينا نحن الذين انسقنا خلف المؤرخين البريطانيين دون روية، بل قاله الاستاذ محمد انيس، عليه الرحمة، عندما جاء الى السودان عام 1980م، ممتحنا خارجيا لرسالتي للدكتوراة . فقال ان المؤرخين المصريين تبنوا في دراساتهم عن الحكم التركي - المصري في السودان موقف الفئات الحاكمة في مصر وابتعدوا عن الموقف الاكاديمي . واعتقد ان الدكتور انيس من اعمدة المدرسة التاريخية المصرية ، ولم يكن منساقا خلف المؤرخين البريطانيين.
    ان المؤرخين المصريين انساقوا وراء الرأي الذي يقول ان الثورة المهدية كانت خروجا على الشرعية العثمانية ، وانها حطمت وحدة وادي النيل . ولذلك سموا غزو السودان عام 1896م، (استعادة السودان). اي عودة السيادة العثمانية . وهو نفس الرأي الذي اعتمد عليه الاستعمار البريطاني في صراعه الدبلوماسي مع فرنسا حول ازمة فشودة الشهيرة عام 1899م . حيث احتج البريطانيون بان الفرنسيين تعدوا على السيادة العثمانية . فمن الذي انساق خلف الموقف الاستعماري البريطاني؟
    3) ثالثا ان القول بأن المدرسة التاريخية المصرية فندت ما قالت به المدرسة التاريخية البريطانية ، فأمر يحتاج الى وقفة. فتفنيد المدرسة المصرية لا يعدو عن كونه رأي اكاديمي مثل مختلف الدراسات الاكاديمية التي تقبل الرفض والقبول ، وليس الرأي النهائي والحكم الاوحد. فالمدرسة التاريخية المصرية لها انجازاتها المقدرة، ولكنها ليست هي المرجعية التاريخية لما يكتب عن الحكم التركي - المصري في السودان.
    كما ان وصف كتابات المؤرخين البريطانيين بأنها كتابات استعمارية ، فيه اجحاف بحق تلك الكتابات . فقد قدم بعض المؤرخين البريطانيين دراسات عن الحكم التركي - المصري انصفته انصافا لا تجده حتى عند المؤرخين العرب. واشير هنا بشكل خاص الى دراسة البروفيسور هولت بعنوان: (الردة والتحديث في السودان في القرن التاسع عشر)، التي تناول فيها جوانب التحديث التي ادخلها الحكم التركي - المصري، وكيف ان المهدية كانت ردة على ذلك التحديث. وقد ناقشت افكاره بهدوء دون ان اتهمه بالانحياز للعثمانيين ومعاداة المهدية . فالساحة الاكاديمية تموج بمختلف الدراسات، التي يحكم عليها فقط بقوة طرحها وتماسكه ، واشير ايضا الى كتاب البروفيسور ريتشارد هيل بعنوان: (مصر في السودان)، الذي يعتبر مرجعا اكاديميا له وزنه.
    4) دعا الامين العام في رسالته الى عدم اثارة الحساسيات التي اشعلها الاستعماريون ، حتى تتم الاستجابة للمنطق الوحدوي للكتاب. واقول ان الحساسيات التي اشعلتها بعض الانظمة العربية اكثر ضراوة مما اشعله الاستعماريون . الى متى نظل نتخذ من الاستعمار شماعة نعلق عليها كل اخفاقاتنا؟ اما اذا كان للكتاب منطلقات وحدوية، فلن يكون دراسة اكاديمية لأن الدراسات الاكاديمية لا تنطلق من النتيجة التي سوف تنتهي اليها. مثل هذه الابحاث كتابات للدعاية ولن تقوى على الوقوف كثيرا. واذا كانت ليبيا تتولي تمويل الكتاب، فهذا لا يعني ان تفرض رؤيتها على منهج البحث.
    وفي الختام طلبت من اللجنة ان تبحث عن شخص آخر غير منساق للمؤرخين الاستعماريين واكثر تفهما للمنطلق الوحدوي للكتاب.
    وتكرم الامين العام بالرد على رسالتي في 5/5/2003م، وللأسف الشديد جاءت الرسالة تنضح بالتبرير. فيقول ان الكتاب ينطلق من منظورات ثلاثة هي: المنطلق الوحدوي ، الفهم الحضاري ، والتقيد بأسلوب البحث العلمي . ان المنطلق الوحدوي هو الاستنتاج الذي قد تنتهي اليه الدراسة او لا تنتهي . فكيف تكون النتيجة هي منطلق البحث؟ ألم اقل ان اصابع ليبيا النفطية تتخلل البحث؟ لقد سئمنا من تدخل الانظمة الشمولية في كتابة التاريخ، بداية بالاتحاد السوفيتي السابق حتى انظمة البعث والقوميين.
    وماذا يقصد الامين العام بالفهم الحضاري ؟ لا استطيع استيعاب مثل هذه التعابير المعممة. أما التقيد بأسلوب البحث العلمي، فلا يحتاج الى اعلان لأن الذي يحكم ذلك التقيد هو البحث نفسه وليس الاعلان عنه. وهل تقيدت اللجنة العلمية الموقرة بأسلوب البحث العلمي عندما اعترضت على وصف الحكم التركي - المصري بأنه استعمار وفضلت عليه تعبيرالوجود المصري؟ ان استنتاج اللجنة العلمية ، بعيد عن المنهج العلمي وعن الفهم الحضاري وعن حقائق التاريخ الساطعة ، ولم تنظر الى التاريخ الا من زاوية واحدة ضيقة اشد الضيق.
    ان المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، خرجت عن طابعها القومي فيما يختص بالكاتب الجامع، واصبحت تحركها اصابع ليبيا والمدرسة التاريخية المصرية التي لايحظى استنتاجها بالقبول في الساحة الاكاديمية من اميركا حتى الهند .

    من مفارقات الفهم والتبرير في العلاقات السودانية المصرية ، عندما يخدم التأريخ مصلحة مصر في السودان يكون مقبولاً ومستساغاً حتي وإن صدر من دولة الإستعمار البريطاني ، وإلا فهو غير صالح ومجافي للحقيقة ، وإن كانت كل الشواهد تؤكد الحقيقة التأريخية .

    منشور في عدد من المواقع منها
    http://sudaneseonline.com/board/8/msg/-1081979719.html
    وايضا
    http://www.sudanray.com/showthread.php/522-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D9%83%D8%AA%D8%A8-%E2%80%99%E2%80%99-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%80-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9http://www.sudanray.com/showthread.php/522-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D9%83%D8%AA%D8%A8-%E2%80%99%E2%80%99-%D8%A7%D9...B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-
    %E2%80%98%E2%80%98


    الهوامش:
    رَوَاهُ أَحْمَد فِي الْمُسْنَد
    صحيفة السوداني – مقال: إلى رائد التحديث في ذكراه مارس 2006م
    الترمذي
    حسن نجيلة: ملامح من المجتمع السوداني ص 24
    قال السيد عبد الرحمن في مذكراته (وأردت أن أكون جبهة أخرى تطالب بالاستقلال وينبعث وجودها من واقع البلاد وتاريخها، فدعوت الزعماء و الأعيان والتجار في منزلي بامدرمان عام 1923م وحصر الاجتماع زعماء الختمية والأعيان وتحدثنا في المسائل التي تهم البلاد وخطب في الاجتماع السيد إسماعيل الأزهري (جد إسماعيل الأزهري) والشيخ الطيب هاشم وألقى كلمتي على المجتمعين السيد حسين شريف وقد طالبت في تلك الكلمة أن نعلن عدم اعترافنا باتفاقية 1898م التي لم نكن طرفا فيها وبقيام وضع يبرز كينونة السودان وقدمت هذه المطالب للحاكم العام ولكنه لم يرد عليها، ويمكنني القول بأن مؤتمر العباسية قد فشل أما المطالب التي طالبنا بها قد تحققت بعد ثلاثين عاما.
    د.فيصل عبدالرحمن الحركة السياسية السودانية والصراع المصري البريطاني بشأن السودان ص 206
    نفسه ص 207
                  

العنوان الكاتب Date
المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدرويش.. دكتور عبد الرحمن الغالي عمر عبد الله فضل المولى03-01-16, 09:05 AM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-01-16, 09:09 AM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-01-16, 10:16 PM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� محمد أبوجودة03-02-16, 05:20 AM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-02-16, 07:48 AM
      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-03-16, 08:25 AM
        Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-03-16, 10:00 PM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� محمد حيدر المشرف03-04-16, 05:08 AM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-05-16, 04:49 PM
      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-06-16, 04:37 PM
        Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-07-16, 03:32 PM
          Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-08-16, 06:11 PM
            Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-09-16, 08:27 AM
              Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-10-16, 10:21 PM
                Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-12-16, 11:25 AM
                  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� مني عمسيب03-12-16, 11:29 AM
                    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-14-16, 11:17 AM
                      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-14-16, 11:27 AM
                        Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-14-16, 11:32 AM
                          Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-15-16, 07:29 PM
                            Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-16-16, 08:00 PM
            Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-30-16, 04:00 PM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-17-16, 09:25 AM
      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-17-16, 07:26 PM
        Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-19-16, 07:49 PM
          Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-20-16, 04:04 PM
            Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� حماد الطاهر عبدالله03-21-16, 04:14 PM
              Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-22-16, 08:42 AM
                Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-22-16, 07:45 PM
                  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-23-16, 11:09 AM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-31-16, 09:21 AM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� Ammar Makki03-31-16, 10:18 AM
      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� Ammar Makki04-03-16, 07:38 AM
      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى04-20-16, 04:56 PM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى04-05-16, 04:03 PM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى04-10-16, 09:44 AM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى06-02-16, 05:07 PM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� sadig mirghani06-04-16, 03:03 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de