المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدرويش.. دكتور عبد الرحمن الغالي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-11-2024, 05:01 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-14-2016, 11:27 AM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    الحلقة الحادية عشرة

    الباب الخامس

    الخليفة عبد الله

    الفصل الأول: الشهادات

    كان الخليفة عبد الله مهاجراً إلى الله، وكان متشوفاً متشوقاً نذر نفسه لقضية الدين. وحينما صادف المهدي قرت روحه ووجد بغيته، فهذا عن الجانب العقدي في إيمانه برسالة المهدية. أما مزاياه الشخصية والقيادية فكثيرة منها: الصلابة في الرأي والصبر والدأب والمثابرة وقوة الإرادة والبصيرة التي تخترق الحجب والمقدرة العسكرية والإدارية وحسن إدارة البشر والانفتاح لللإستفادة من كل ماهو نافع دون التخلي عن الثوابت.

    وقد حمل الخليفة عن الإمام المهدي أعباء كثيرة إدارية وعسكرية. وقد أشار المهدي لأهمية الخليفة في المهدية وفي أداء رسالتها وسد مداخل تقويضها في أول منشوراته، وأشار لمنزلته الدينية والدنيوية في منشور آخر وأشار لحمله الأعباء العسكرية عنه وإراحة باله منها في منشور غير تينك المنشورين وهكذا.

    كان الخليفة على علم بتركيبة البلاد السياسية والاجتماعية وكان على علم بالسياسة الدولية ، وكانت تحضر له الصحف المصرية ويترجم له ما يجد من الصحف الأجنبية وكان ملماً بكل ما حوله.

    كانت له بصيرة نافذة وحدس غريب وموهبة فطرية في السياسة وتشابكاتها وبالدول وأطماعها وموجبات ودواعي سلوكها السياسي، هذا فضلاً عن موهبته العسكرية ووعيه الاستراتيجي.

    قال أوهروالدر: (أنه أمر غريب أن الخليفة له تبصر بأساليب الأجانب أكثر كثيراً من معظم المواطنين)

    وقال الشيخ أبو القاسم أحمد هاشم عن حدسه وبصيرته: (وحسن الفراسة حتى أنه ليكاد يعرف ما في سريرة جلسائه)

    وقال زلفو( ويخيل للمرء كثيراً لو أن الخليفة اتبع غريزته وخبرته وذكاءه بدون أن يحاول تغليف قرارته بالصبغة الشرعية القانونية لأراح نفسه كثيراً. )

    كان ذا همة عالية فكان يتابع كل تفاصيل دولته من أحوال السوق والشوارع إلى التفاصيل السياسية في أمدرمان والأقاليم إلى تفاصيل أخبار جيوش المهدية المنتشرة في كل السودان إلى تحركات الدول الأجنبية المتربصة بالمهدية. وقد وصف أوهروالدر يومه الطويل المليء بالعمل إلى آخر الليل حيث يستمع في نهايته للمدائح. ولايدري أوهروالدر بعد ذلك شيئاً عن مناجاة الخليفة لربه. وقالت دراسة غربية عن قيادته:

    (وكما قلنا سابقاً فإن الصعوبات التي تواجه الحركات الثورية دون إستثناء بعد رحيل القائد الكاريزمي موثقة بصورة جيدة. والمهدية ليست إستثناءً مع أنه ولدرجة نسبية فإن خلافة الخليفة عبد الله لم يثبت أنها ألحقت ضرراً بالمقارنة للأحوال المشابهة الأخرى. ولا شك أن الشرعية التي منحها المهدي للخليفة عبد الله كان لها أثر قوي على مجرى صراع السلطة الذي أعقب ذلك. وهنا نجد حالة نادرة حيث تم بالفعل إنتقال الكاريزما من القائد لخلفه مثل حالة ثنائية غاندي / نهرو .)

    رسمت الآلة الإعلامية الاستعمارية صورة قاتمة للخليفة عبد الله، وكان ذخيرتها كتابات الكتاب المأسورين في المهدية.

    كانت دوافع تلك الحملة – التي سُخرت فيها إمكانيات دول كبيرة – معلومة. وقد أوضحنا جانباً من ذلك فيما سبق من صفحات على ألسنة بعض الكتاب الذين التزموا قدراً من الموضوعية والأمانة العلمية مثل استشهادنا بهولت وثيوبولد ومورهيد وتشرشل.

    ولكن حتى كتابات الدعاية الحربية برزت في ثناياها إشراقات كثيرة في شخصية الخليفة عبد الله وفي أفعاله تتناقض في محصلتها النهائية مع تلك الصورة المرسومة.

    1) شهادات أوهروالدر/ونجت :

    والمتصفح لكتاب أوهروالدر/ونجت يجد المواقف والشهادات التالية للخليفة عبد الله:

    وأنا هنا لا أستقصيها كلها ولا أرتبها موضوعياً بل بحسب تسلسل ورودها في الكتاب والمغزى سيكون واضحاً:

    وبعد وفاة المهدي :

    ( سعى الخليفة لمصالحة جميع الجهات والمجموعات) ( وسعى لخلق وحدة واتفاق على أساس الدين الجديد الذي أوجده المهدي والذي إذ توفى مؤسسه سعى لتجنيبه المطاعن)

    ( عامل الخليفة حتى تلك اللحظة أخويه الخليفتين والأشراف والدناقلة بأقصى درجات الاحترام)

    وعن رضاء الناس عنه وصف أوهروالدر العرضة التي حضرها أكثر من مائة ألف مواطن وجندي يرددون بحماس صيحات التكبير التي تردد صداها الجبال وختم قائلاً( أكدت الجموع ولاءها للخليفة واستعدادها للموت مائة مرة من أجله وأجل أهدافه) ثم وصف تدافع الحشود نحوه.

    وقال في نفس المعنى بعد الحديث عن إلتزامه الصارم بأداء الصلوات الخمس في المسجد ( بعد الصلاة يسير ويتبعه مئات الفرسان وآلاف المشاة وهم يصيحون ويظهرون علامات الفرح)

    ( ولما أبلغ الخليفة علي ود حلو المصلين أن الخليفة مرض مرضاً شديداً ولكن رحمة الله أنقذته ارتفع صوت المصلين فرحاً بشفائه حتى وصلت لمسامع الخليفة في منزله ولما ظهر بالمسجد بعد ثمانية أيام لم تعرف الفرحة حدوداً وسمعت صيحات الفرح على بعد عدة أميال)

    وعن رضا السكان قال:

    ( كانت الضريبة الوحيدة التي تحصل من قبل نظام الخليفة هي الزكاة (2,5%) وبدا السكان بصفة عامة راضين وسعداء. كانت هناك كميات كبيرة من الأموال في بيت المال وفي ذلك الوقت لم تكن هناك ولا حادثة قمع للسكان)

    (كان هناك عدد من الإغريق واليهود والسوريين كلهم يعملون بصورة طيبة في التجارة)

    وعن قبول حكمه حتى في مصر قال: ( كتب له عدد من الشيوخ والعلماء في القاهرة وفي أجزاء أخرى من مصر كتبوا له داعين لاستلام البلاد – مصر – وأكدوا له أنه سيجد استقبالاً حاراً)

    وعن إنجازاته وحسن إدارته قال ما مختصره:

    نظم السوق في أمدرمان وخططها وجعل لها شيخ سوق ومحكمة خاصة ونظم بيت المال وأنشأ مصنعاً لسك العملة الوطنية ومطبعة حجر لطباعة الخطابات والمنشورات والراتب وأنشأ متحفاً سُمي بيت الانتيكات حوى عدداً من الأشياء مثل الغنائم من الحبشة ومصر ومقتنيات من دارفور، كان القسم الحبشي أكبرها وضم تاج وعرش الملك يوحنا وضمت مقتنيات دارفور كسوات السلطان يوسف وسلطان المساليت وغيرها. كما احتوى بيت المال على مصحة وصيدلية عليها طبيب مصري تحتوي على أرفف محملة بالأدوية.

    وأنشأ مصنع صابون تابعاً لبيت المال إضافة لمصانع الصابون الخاصة. كما أنشأ نظام حسابي دقيق في بيت المال بكل العوائد والمنصرفات يعمل فيه كتبة عملوا في الحكم المصري.

    وأجرى تجارب تكللت في النهاية بصنع الذخيرة والبارود محلياً وهو الانجاز الذي مكنه من تحقيق انتصارات الحبشة.وقد وضعت البودرة المصنعة محلياً في المتحف (بيت الانتيكات)

    أجرى تحسينات على النظام القضائي ومنع الازدواجية وجعل على رأسه قاضي الاسلام ونوابه ومجلس قضاء . وقال عن عدالة رئيس القضاء: كان القاضي أحمد قاضي الاسلام رجلاً جيداً وعمل على حماية البيض.

    وبنى مسجداً يسع 70 ألف مصلّ وعمل جزءاً مسقوفاً يسع 30 ألف مصلٍ كان السقف من ألواح الحديد وكان المسجد مفروشاً بالرمل الناعم.

    أنشأ بيت الأمانة وبناه بالطوب المحروق لحفظ البودرة والذخيرة والسلاح الخ وساحة للأعلام ومبنى للطبول.

    نظم السوق وقسمه : قسم للصيادلة، الأقمشة، الخضار، الصاغة، الحدادين، المطاعم، القهاوي، الأحذية الخ

    عمل سوقاً منفصلة للنساء.

    وقال عن أمدرمان: ( أمدرمان في الوقت الحالي بالأخص مدينة نظيفة وصحية) وكان ذلك بفضل متابعته واهتمامه بنظافة المدينة، قال أوهروالدر:

    ( كان مغرماً بالتجوال في المدينة وحينما يرى شارعاً ضيقاً يأمر المهندس ببناء طريق واسع مستقيم لكل الأماكن الرئيسية)

    وكان شيخ السوق يرفع تقريراً يومياً عن كل شيء يحدث في السوق وكذا رئيس القضاء وحكام الأقاليم.

    أما السجن وهذا يستحق تفصيلاً أكثر لأن بعضهم حاول أن يرميه بكل ذميم من قسوة وعشوائية. فقد قال أوهروالدر الحقائق التالية عن السجن:

    • اشتمل السجن علي فناء يقضي فيه المسجونون النهار وحجرات ينامون فيها.

    • يسمح لأهل وأصدقاء السجناء بزيارتهم

    • يسمح للسجناء بشراء الطعام كما يسمح لذويهم إحضار الأكل لهم.

    • يسمح للذين يقضون فترات طويلة ببناء أكواخ (قطاطي) يسكنون فيها داخل السجن لا يشاركهم فيها احد.

    • يقوم القاضي بزيارة شهرية ومعه كاتبه لعمل قائمة بالمساجين والمدة التي قضوها وترفع للخليفة.

    • يقوم الخليفة بمراجعة القائمة ويعمل تحريات دقيقة حول المساجين ويطلق سراح بعضهم.

    • لم يقيد الأوربيون المسجونون إلا أثناء حصار الخرطوم خوفاً من هربهم لغردون.

    وعن حالة الأمن قال:

    ( وعلى كل حال فقد فعل الخليفة الكثير لتحسين أمن المواطنين في المديريات)

    وكان الخليفة قد جمع السلاح من أيدي المواطنين.

    وقال عن أمدرمان:

    ( ونادراً – ويا للغربة – ما تحدث جرائم قتل عكس ما هو متوقع نظراً لطبيعة السودانيين المتوحشين)

    وعن التسامح في عهده قال:

    ( رغم هرب الأب بونومي لم تتم إساءة معاملة الباقين)

    وقال عن تمرد الجهادية بالأبيض: ( عاملهم الشريف محمود - عامل كردفان – باحترام وأعطاهم الحبوب في حين رفض إعطائها للجلابة الذين ضربتهم المجاعة) وقال عن عفو الخليفة:

    ( حينما قتلوا صالح بيه في 1887 وجدوا ضمن أوراقه خطاباً من بونومي {الذي هرب إلى مصر} لي – أوهروالدر – ينصحني بالثقة في العربي الذي لن يفشل في أخذي إلى حلفا. جُلب هذا الخطاب مع العميل الآخر للخليفة وتُرجم له وكان حانقاً ولولا ملاكي الحارس حماني لكنت رُميت في السجن) لاحظ أن القسيس بونومي هرب ويبعث خطاباً مع أحدهم لتهريب أوهروالدر ومع ذلك لا يسجن. وكذلك معاملته لنيوفيلد الذي كان يستحق الإعدام في نظر أوهروالدر ولكن لم يحصل له مكروه. عزا أوهروالدر نجاته لكونه ألمانياً وليس انجليزياً.

    وقال عن معاملة الخليفة للأسرى المسيحيين:

    ( وفي العيد كالعادة جاءه كل المساجين الأوربيين، كان رفيقاً ولطيفاً معهم وسألهم إن كانوا يشتكون من إساءة معاملة في السجن أو ظلم وطلب منهم أن ينظروا إليه كحامي لهم ) وعلق على ذلك قائلاً: ( إنعكس كلام الخليفة الطيب علينا إذ أظهروا لنا عطفاً واحتراماً كبيراً)

    وقال عن تثبته في قضية حسين خليفة الذي كان حاكماً لبربر في العهد التركي وخيانته وقد مرت علينا مواقفه مع المهدي:

    ( كل أنواع التقارير وردت عنه ولكن الخليفة رفض أن يصدقها حتى أخبره كرار العبادي عندها أيقن الخليفة بعدم ولاء حسين خليفة).

    وقال عن تسامحه مع الهندي ( شخص هندي) الذي أدعى معرفته بتصنيع الذخيرة واتضح كذبه : ( أُحضر أمام الخليفة ويا للغرابة لم يعاقب وعلق الخليفة قائلاً : "إنه غريب مسكين فقير وبالطبع فإنه فعل ذلك ليعيش". أنه أمر غريب أن الخليفة له تبصر بأساليب الأجانب أكثر كثيراً من معظم المواطنين)

    وروى مشهد إنساني للخليفة حين فقدت مصرية إبنها في انفجار مخزن الذخيرة فأخذت تصيح وتشتم المهدية. هددها الأنصار وكان الخليفة حاضراً فوبخهم قائلاً " دعوها تبكي فإنها محروقة" وفي هذا الحادث كان الخليفة أول الحاضرين حينما سمع صوت الانفجار جاء معه رجل أو رجلان فقط.

    وحينما اتهموا أحد الأجانب العاملين " بحادث الذخيرة" رفض الخليفة أن يكون الحادث مدبراً وقال ( أمر الله)

    وقال أوهروالدر عن حرية حركة الأوربيين :

    ( في ذلك الوقت لم تكن القيود على الأوربيين شديدة وكان يسمح لهم بالتجارة والسفر حتى الدامر حيث كان التجار المصريون يذهبون ويجيئون إليها بحرية) وقد كان هذا مدخل هرب من هرب منهم.

    وقال عن انحسار الرق في عهده:

    ( الرقيق الذكور كانوا يستوعبون في الجيش)

    وقال ( لم يستمر صيد الرقيق بنفس الطريقة التي كان عليها قبل المهدية فقد كان الخليفة واعياً وأعلم من أن يرسل حملات كبيرة لصيد الرقيق من المديريات البعيدة لأنه كان يخشى أن يستقلوا وينقلبوا عليه. كما أن الأشخاص العاديين لم يكن يسمح لهم بامتلاك أسلحة نارية)

    وقال (منع الخليفة تصدير الرقيق لمصر وعبر البحر الأحمر لأنه كان يخشى أن يعترضهم الانجليز ويجندوهم كجنود في الجيش)

    ( كما تم السماح بإعطاء الرقيق رجالاً ونساءاً أوراق حرية)

    وحكى أوهروالدر في رواية هربه أنه ظهر لهم ( حارس أُرسل من بربر ليتأكد أن التجار المصريين لا يصدرون الرقيق من السودان لمصر ورووا لهم كيف أنهم قبضوا في اليوم السابق على تاجر ومعه 5 رقيق وأطلق سراحه لما دفع ثمن الرقيق). فقد كان عامل المهدية على بربر يرسل دوريات لمراقبة منع تصدير الرقيق.

    وأشار أوهروالدر إلى أسس الترقي في المهدية فقال: ( وكان الترقي في الجيش حسب الكفاءة مما جعل كثيراً من الرقيق السابق يرأس الآخرين)

    قال أحمد ود سعد :

    وجميع الظامي من منهلك يشرب

    والجيش التابعك جميعه اتهذب

    خليت الحر يقول يا سيدي للعب.

    وهذا أعلى أنواع التحرير لا التحرير القانوني البارد بل تحرير الواقع المعاش.

    قالت يوشيكو كوريتا:

    "يجدر بنا أن نسجل أن استيعاب القسم الرئيسي من العبيد الذكور في جيش الدولة المهدية قد ساهم إلى درجة معينة في الارتفاع نسبيا بالمكانة الاجتماعية للزنوج المنبتين قبلياً Detribalized Negroes في هذه الدولة الثورية حتى لو ظل المواطنون العرب يحملون تحيزاتهم العنصرية والثقافية" .. "لقد هرب العديد من سادتهم وانضموا للجهادية ليحصلوا على الحرية" .

    وذكر تغاضيه عن تمرد المرضي أبو روف قائلاً: ( لم يسأله الخليفة حتى هددت وقاحته الملاحة في النيل الأزرق والتي تعتمد عليها أمدرمان في إمدادات الذرة)

    وقال في استمراره في التصالح مع قبائل الجنوب وهي السياسة الثابتة التي اختطها المهدية : ( تُركت القبائل الزنجية على النيل الأبيض دون إزعاج من قبل الدراويش).

    هذه افادات تسربت من كتاب وضِع أساساً للتحريض على خليفة المهدي ودولته فكيف بالكتابات المنصفة وكيف بشهادات الأقربين؟

    2) شهادتان

    أبو القاسم أحمد هاشم

    وأورد هنا شهادتين لرجلين إشتركا في العلم والمعاصرة لخليفة المهدي والمشاركة اللصيقة في أحداث المهدية وفي العدالة والنزاهة وفي انهما اتخذا موقفاً مرناً من الغزو الانجليزي المصري والعهد الذي تلاه فلا يتهما بالتعصب للمهدية هما العالم أبو القاسم أحمد هاشم والمؤرخ محمد عبد الرحيم. قال الأستاذ عبد الحميد إبن الشيخ أبي القاسم عن أبيه: ( لم تكن صلة الشيخ أبي القاسم بالمهدية صلة المتعصب المتطرف ولكنها كانت صلة العالم الوقور الوطني الذي وجد في المهدية روح الدين وأصالة الوطن) كان أبو القاسم كاتباً للمهدي ثم عينه الخليفة كاتباً لأسراره وكان له دور كبير في العمل الكتابي في المهدية كما روى أبو سليم ثم في عهد الحكم الثنائي صار شيخاً لعلماء السودان وقام بإنشاء المعهد العلمي.

    شهادته:

    قال إبنه في كتابه ( كان رأيه في المهدي حسناً صريحاً وكذلك رأيه في الخليفة عبد الله ويذكره بكل خيرويصفه بالحزم والدهاء والذكاء والتيقظ الفطري وأنه لازم الصلوات الخمس في جماعة مدة 16 عاما لايؤخره عن ذلك إلا لطف رباني وينسب إليه البأس والجبروت والقهر عند الحاجة وحسن الفراسة حتى أنه ليكاد يعرف ما في سريرة جلسائه. ويعتقد أنه بريء من الشبهات التي حصلت في أيام حكمه لأنه يكل الأمر إلى شيخ الإسلام ومجلس القضاء فهم الذين يدينون المتهم ويوقعون عليه عقاب الجريمة أو يفرجون عنه، وذكر أنه كان يمتعض كثيراً إذا تبين له جور مجلس القضاة في أي حكم وربما نكل بمن يعرف فيهم العبث في ذلك.) وقال ( لقد عرضت على الشيخ – يعني أبا القاسم- بعض ترجمة من كتاب أوهروالدر – عشرة (عشر) سنين في أسر المهدي - فأنكرها ونفى كثيراً من الوقائع التي جاءت فيه محرفة وقد عرضت عليه صورة الامام المهدي التي تنشر عنه فقال إنها لاتمثل صورته الحقيقية) ( وقد تكلم معه بعض خاصته في أن يكتب تاريخ المهدية حسب علمه ومشاهداته فلم يقبل وقال لهم: لو أنني كتبت تاريخ المهدية فلن تبقوا في هذا البلد، وكان ذلك إبان عنفوان الحكم الاستعماري الانكليزي) وقال :( كما أن الشيخ يحفظ للخليفة كل التقدير والاحترام وقد سُئل مرة عن بعض الحوادث التي تعرض فيها بعض الخارجين على الخليفة فذكر أن الخليفة لم يظلم أحد (أحداً) قط فجميع الذين نالهم العقاب الصارم كانوا قد خرجوا عن الطاعة والأمر وعرضت قضاياهم على مجلس القضاة ليقولوا كلمتهم فيهم وينالوا الجزاء الأوفى وأن مثل الخليفة كمثل أي حاكم حتى في أرقى وأحدث الدول لا يسكت عن الفتنة ولا يترك للخارجين الحبل على الغارب ليعيثوا فساداً... كما أن الخليفة كان يقبل النصيحة المخلصة. لقد حصل بعد موقعة المتمة في أخريات المهدية أن جيء ببعض بناتها الشابات سبايا مع الجيش إلى أمدرمان فذهب الشيخ أبو القاسم والشيخ الطيب ومدثر إبراهيم الحجاز ومعهم بعض كبار رجال الجعليين إلى خليفة المهدي وأخبروه بأنهن حرائر لا يصح سبيهن فوافق الخليفة على إطلاق سراحهن)

    وتعضيداً لرواية الشيخ أبي القاسم في قبوله النصح والشفاعة روى محمد عبد الرحيم قبوله شفاعة الحردلو في الشيخ محمد أحمد عمارة أب سن مع إقراره بذنبه بعد أبيات الحردلو الشهيرة وروى قبوله شفاعة محمد خالد في الشيخ البنا ونسب كتاب جهاد في سبيل الله الشفاعة للشيخ طه الجعلي وكان يزمع نفيه لمشاركته في فتنة الإشراف وقال الحردلو مادحاً الخليفة ومستشفعاً للمشاركين في تلك الفتنة:

    فوق لَقا فوق مَحل، في الجاية ما بتتمحَّن

    وفـرَّاج كُربـة الهـم القبايلـو بوحَّـن

    وكِت حسناتـك السيتِن قبيـل ما صَحَّـن

    صبر أيوب بتتقلبـو الليـالي إن شَحَّـن

    عِجْـل البُرْبُـرَة الوقفن قرونـو شَراتي

    نطح الصومعـة، ولي أماتو جايي يتاتي

    وكْتَ الطـار مرق، رِكب السديس العاتي

    والله البِـواردك في مَشارْعـك خـاتـي

    وهذا يدل على جانب مهم في شخصية الخليفة يناقض تلك النظرة التي تصوره بعبعاً مخيفاً لا يستشفع عنده ولا ينشد الشعر عنده. وقد روى عبد الله الطيب أن الخليفة رغم أنه كان مرهوب الجانب إلا أنه كان خفيف الظل يعرف الفكاهة وأنه كان استنشد الحردلو هجاءه فأنشده الحردلو:

    متل الشوك حرابكم

    وبرق الضان جبابكم،

    وعادم الدرشة عقابكم

    وأسود يوما جابكم

    وهذا فيه ما فيه من الدلالات على سعة صدره وإطمئنان الحردلو لعاقبة كلامه.

    محمد عبد الرحيم:

    ( وعلى كل حال أقول إني لازمت الخليفة حيناً من الدهر وسبرت أخلاقه وصليت خلفه وسمعت وعظه ورأيي كمؤرخ يزن الأمور بميزان العدل أنه كان رجلاً حكيماً حاذقاً ناسكاً كريماً بطلاً لا يهاب المكاره ولا تأخذه في الحق لومة لائم ولا يعفو عن المسيء ويضرب بيد الظالم ولو كان من ذوي قرابته) وقال: ( وقد أمر الخليفة الجيش بحفظ القرآن الشريف فكنت تسمع للناس دوي ( دوياً) بالجامع كدوي النحل وقد حفظ القرآن أناس في العقد السادس من عمرهم. ولقد زرت يوماً محمد بك الملك ( ملك أرقو) حال قدومه للخرطوم فذكرنا خليفة المهدي فقال: إن لم يكن للخليفة من عمل صالح إلا أنه حفظنا القرآن الكريم بعد الشيب لكفى) وقد ذكر حسن نجيلة (وأظن في كتابه ذكرياتي في البادية) نقلاً عن أحد شيوخ الكبابيش شهادة كهذه أنهم تعلموا القراءة والكتابة وحفظوا القرآن في فترة وجودهم بأمدرمان في عهد المهدية .

    الهوامش:

    زلفو ص 193 نقلاً عن محمد عبد الرحيم :( ما كان الخليفة غافلاً أو جاهلاً بما يطبخ له طي الخفاء بل كانت له جواسيس ومراقبين في القاهرة يراجعون الصحف اليومية ويقطعون منها قصاصات عن تحركات الجيوش ومفاوضات السفراء وجلسات الوزراء وكل ما يكون به مساس بالكلام عن استرجاع السودان وترسل له تلك القصاصات داخل مظاريف توضع بين طلبات المنافاتورة التي يصدرها تجار السودان بمصر إلى السودان وبعد أن يراجعها الخليفة يكتب بذلك إلى قواد جنده بالحدود، وكفى بنا برهان على يقظته أنه لما تقدمت طليعة اللورد كتشنر أمر بسحب حامية عكاشة وتعزيز حامية صواردة.

    عبد الحميد سابق

    RICHARD H. DEKMEJIAN and MARGARET J. WYSZOMIRSKI, op.cit

    Wingate, op.cit

    وذكر شقير وغيره أنه صنع ألغاماً نهرية لمنع تقدم بواخر الجيش البريطاني ولكنها انفجرت ومات الفني الذي يصنعها. كما تقدمت صناعة السفن في عهده

    يوشيكو كوريتا علي عبد اللطيف وثورة 1924 ترجمة مجدي النعيم- مركز الدراسات السودانية- ص 50

    عبد الحميد ابو القاسم : سابق ص 18

    عبد الحميد سابق ص 13-17

    نفثات اليراع ص 37 -38

    السيد علي المهدي سابق ص 148

    حوار أجراه الشيخ حسين وموجود على الرابط أدناه

                  

العنوان الكاتب Date
المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدرويش.. دكتور عبد الرحمن الغالي عمر عبد الله فضل المولى03-01-16, 09:05 AM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-01-16, 09:09 AM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-01-16, 10:16 PM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� محمد أبوجودة03-02-16, 05:20 AM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-02-16, 07:48 AM
      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-03-16, 08:25 AM
        Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-03-16, 10:00 PM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� محمد حيدر المشرف03-04-16, 05:08 AM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-05-16, 04:49 PM
      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-06-16, 04:37 PM
        Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-07-16, 03:32 PM
          Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-08-16, 06:11 PM
            Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-09-16, 08:27 AM
              Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-10-16, 10:21 PM
                Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-12-16, 11:25 AM
                  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� مني عمسيب03-12-16, 11:29 AM
                    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-14-16, 11:17 AM
                      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-14-16, 11:27 AM
                        Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-14-16, 11:32 AM
                          Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-15-16, 07:29 PM
                            Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-16-16, 08:00 PM
            Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-30-16, 04:00 PM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-17-16, 09:25 AM
      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-17-16, 07:26 PM
        Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-19-16, 07:49 PM
          Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-20-16, 04:04 PM
            Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� حماد الطاهر عبدالله03-21-16, 04:14 PM
              Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-22-16, 08:42 AM
                Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-22-16, 07:45 PM
                  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-23-16, 11:09 AM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-31-16, 09:21 AM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� Ammar Makki03-31-16, 10:18 AM
      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� Ammar Makki04-03-16, 07:38 AM
      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى04-20-16, 04:56 PM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى04-05-16, 04:03 PM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى04-10-16, 09:44 AM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى06-02-16, 05:07 PM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� sadig mirghani06-04-16, 03:03 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de