|
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ (Re: احمد حامد صالح)
|
مارتاكومبا والشيطان (حكاية فولانية)
المصدر: كتاب حكايات حكماء أفريقيا لأمادو همباتي با
أكمل مارتاكومبا دراساته القرأنية بتفوق، وفي يوم الرحيل دفعته نزعة فجائية ليطلب من معلمه معروفاً هو...أن يسلمه المفتاح السحري الذي يمكنه من التواصل مع الشيطان. حزن المعلم غاية الحزن لهذا الطلب الذي لا يستطيع أن يرفضه، فقد التزم لتلميذه بأن يستجيب لأول طلب له عند تخرجه لحظة رحيله، فاضطر لإعطائه الحروف السرية والمفاتيح السرية والطقوس التي تجبر الشيطان على الظهور أمام من يستدعيه بها.
اختار مارتاكومبا يوماً مواتياً وقام بالطقوس السحرية المطلوبة، ثم توجه ذات صباح إلى سوق القرية واستدعي الشيطان مترقباً ظهوره. بعد قليل ظهر في السوق، الذي كان لا يزال خالياً، قزم عجوز أعور أحدب وبسط على امتداد المكان خيوطاً متشابكة مُحكمة مثل نسيج العنكبوت، ثم اختفى. بدأ التجار رجالاً ونساءاً في الحضور شيئاً فشيئاً، ووضعوا تجارتهم دون أن يدركوا أن كل واحدٍ منهم وضع بضاعته في احدي عيون الشباك غير المرئية. ثم بدأ رواد السوق في الحضور، وبدأ البيع والشراء، لم يلبث الأمر قليلاً حتى امتلأ المكان بجمهرة صاخبة منهمكة. فجأة ظهر العجوز الصغير الأحدب أمام ناظري مارتاكومبا وكان يحمل في يده قدحاً قديماً مليئاً بالدم، واقترب من مجموعة من النسوة كن يتناقشن ثمن بعض المواد، فأدخل عوداً متشعباً في محتوي القدح وحركه بعض الشيء، ثم أخرجه وهزه في وجه إحدى النسوة، فدخلت نقطة من الدم الخفي في عينها فما كان منها إلا أن صرخت في احدي النساء التي رفعت يدها للتو: (أيتها الغبية...لقد ادخلت اصبعك في عيني... احذري عندما تستخدمين هذا الغصن الذي تسمينه يد). لما كانت المرأة مدركة تماماً أنها لم تفعل، انتفضت انتفاضة نمر مجروح وصاحت بها: (ايتها الرسحاء ذات القوام غير المتناسق ... اغلقي هذا الفم الشبيه بالمِعلف وإلا هشمت أسنانك بهذا العقد الذي هو أغلى منك) - أيتها الخنزيرة صاحبة الأسنان المتخلخلة ولسان كلسان النمر الجائع... إذا كنت تحاولين كسر أسناني فساجعلك تتقيئين دمك كله من أنفك لا من فمك. فرح الشيطان بنجاحه في بدء الشجار، واراد ان يذكيه، فتقدم نحو النسوة بلطف وداس على قدم المرأة التي اتهمت الإخرى بادخال أصبعها في عينها، فقامت الأخيرة التي لم تزل واقعة تحت الخديعة الشيطانية إلا أن صاحت بأعلى صوتها: (أه... أيتها الكلبة قصيرة الذيل...لم يكفك أن تدخلى أصبعك في عيني وها أنتي الأن تدوسين على قدمي بقوائمك الجرباء؟ خذي...حتى تتعلمي الأدب)، ثم صفعت رفيقتها صفعة مدوية، وانقضت كل واحدة منهن على الاخرى وتبادلن الضربات. وبينما هن يتضاربن فقدن التوازن وسقطن على أنية مليئة بالبهارات لأحد التجار، فاستشاط غضباً وكال اليهن الضربات حتى أدمين. غضبت صديقة لاحدي المتعاركتين فشتمت التاجر الذي قال لها: (وما خلك أنتي؟ هاتان الحمارتان مقطوعتا الأذنين كسرتا أقداحي ودلقتا بضاعتي... هل تريدنني أن اعطيهن مساجاً بالزبد المُعطر؟ استمرت المرأتان في التعارك وتجمهر الناس حولهن، فايقظ الشيطان كلبين كانا نائمين في أحد الأركان فاندفعا نحو الجمهور. فجأة قام الشيطان ومساعدوه بجذب شبكته فتداعي كل السوق، ودخل الهلع في قلوب رواد السوق ودون معرفة السبب اندفعوا للهرب في كل الإتجاهات، واندلقت البضائع واختلطت ببعضها وسقط الهاربون وجرح بعضم وتمزقت ملابسهم. عادت الامور إلى طبيعتها بعد ساعة تقريباً من الفوضى المدمرة بفضل تدخل بعض التجار المحترمين الذين لم يفقدوا عقلهم ولم يشاركوا في الشجار وتجارتهم مستمرة في الإزدهار. عاد الشيطان مرة أخري منتصف النهر وجلس قرب بائعٍ للحلي يعرضها على بُرش، ووضع قدمه فوق خاتم فينفس اللحظة التي يقوم فيها أحد الزبائن بمعاينة حُلية. لم يرى البائع الخاتم وعبثاً بحث عنه، فوسوس له الشيطان بأن المشتري مسؤل من اختفائه، وبدون تفكير واجهه قائلاً: (أين الخاتم الذي كان هنا؟) - وما شأني بخاتمك وكيف أعرف أين ذهب؟ - لقد أخفيته في جيبك وساجعلك تتقيئه يا عديم التربية يا سارق. قال ذلك وامسك بتلابيبه وبدا بينهما العراك، وليزيد الشيطان الطين بِلة رفع قدمه عن الخاتم، فرأه أحد المتسكعين وصاح بهم: (أنتم موغلون في الخطأ...هاهو الخاتم في مكانه). ارتبك التاجر وحاول ان يعتذر، إلا أن المشتري لم يقبل الإعتذار وأمسكه لاوياً ذراعه ثم اوقعه على الأرض وتسبب في كسر ساعده. تمجهرت الشرطة وجاء ثلاث رجال من الشرطة للقبض على الجاني الذي رفض الانصياع والتقط سكيناً استطاع به جرح أحدهم قبل أن يتمكن الآخرون من السيطرة عليه بعد جهد جهيد. ظهرت علامات الرضا على وجه الشيطان وتوجه بعد ذلك إلى مجموعة من الخياطين وخلط خيوطهم وطعن أحدهم بإبرة ورحل مبتعداً بعد أن اشتدت الفوضى. انفعل مارتاكومبا بكل ما جرى وتوجه نحو الشيطان وصفعة صفعة قوية سقط الشيطان من شدتها على ظهره. دهش الشيطان الذي لم يكن يدرى أن هناك من يراقبه منذ وقت طويل ولكنه احتفظ بهدوءه وهو يقول لمارتاكومبا: (إذا كان الجميع يعاملونني بهذه الطريقة لما بقيت حياً إلى نهاية العالم بحسب عهدي القديم مع "الباقي"...لم ضربتني؟) - أضربك لأنني لا أستطيع أحتمال استمرارك في زرع الفتن بين الناس، بالإستفادة من خاصية الخفاء التي تتمتع بها. - ليس الأمر كذلك... أنت تضربني لانك تعلم أنه بقي لك من العمر تسعون عاماً ، وأني لا أملك أي سلطان عليك في الوقت الحالي...فلتعلم أن هؤلاء البشر الذين القي بينهم الفتنة تحت وصايتي... حقيقة الأمر أنني لا أملك أية سلطان على أولئك الذين يقسمون حياتهم لقسمين: قسم للإنحلال والمتع المادية بكافة أشكالها، وقسم آخر للعبادة وللتقشف. - أيها العجوز الأعور المعتوه! ها أنت تخسر للمرة الأولي لأني أعرف كيف أتجنب براثنك... لن تظفر بي أبداً . قال الشيطان بنبرة حزينة متظاهراً بالذهول: (ماذا تريد أن تفعل؟) - اغرب عن وجهي...اعرف ما بقي لي أن أفعله وسترى أنه على الأقل هناك بشر عرف كيف يحبط خططك. ثم قال مارتكومبا لنفسه: (ها أنا قد عرفت أنني ساعيش تسعين عاماً لم أعش منها إلا ثلاثين عاماً ... بقي منها ستون عاماً...لانجو من وصاية الشيطان ساقسم حياتي لقسمين... ساعيش أولاً خمس واربعين عاماً في المُتع والملذات الدنيوية والإنحلال وأستفيد قدر الإمكان من كل ما يمكن أن أناله في هذه الدنيا.... وعند بلوغ الخامسة والستين ساتوب وأرجع إلى الله... سأكرس سنواتي الخمس عشر الباقية للعبادة كالثلاثين الأولى ... وهكذا تكون حياتي قد انقسمت لفترتين... احداهما للانحلال والأخرى للعبادة). في اليوم التالي بدأ مارتاكومبا في التردد على أوكار الفسوق ممتجاهلاً بطبعه العنيد كل النصائح والتحذيرات من الوقوع في حبائل الشيطان، هجر عبادته واعماله الصالحة وغرق في المعاصي. بعد سبع سنوات من هذه الحياة جاءه الموت المفاجيء بتوقف قلبه، وقبل أن يلفظ أنفاسه الاخيرة ظهر له الشيطان في زفة من ملائكة الجحيم: ( لقد امتلكتك ايها المنحرف المسكين... لقد نشرت حبائلي ووقعت فيها ... ألفظ أنفاسك الأخيرة بين ذراعي... أخبرك أن جهنم ستكون مسكنك الأبدي... ستبقى فيها وتعض اصابع الندم على مصيبتك... لأن هذه الدار لا نهاية لها).
خاتمة: اخوتي... عليكم بالمحافظة على هدوئكم في كل الظروف... لا تسمحوا لأنفسكم بالإنجراف في مصائد الشك، فالمظاهر خادعة... اعلموا أيضاً أن الحذر يستوجب ألا نتباهى بالمعرفة وندعي أننا قادرون على مواجهة كل شيء...كم من شخص أورده الغرور والعناد والفضول الضار موارد التهلكة... وأخيرأً أمنع نفسك من كل تدخل مندفع غير محسوب العواقب...نعم ضرب مارتاكومبا الشيطان ولكنه دفع حياته ثمناً لهذا الفعل الغير مدروس... من الأفضل قبل التدخل في أمر ما معرفة مقدرتك وفوق ذلك لا تظن أنك تعرف مصيرك.
ترجمة: حمزة عبدالله
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
أدب الفولان .. "أحـــــــذر غـــــبـــــارك" .. ترجمة حمزة عبدالله | احمد حامد صالح | 01-23-16, 12:28 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبــــ | احمد حامد صالح | 01-23-16, 12:36 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | احمد حامد صالح | 01-23-16, 12:38 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | احمد حامد صالح | 01-23-16, 12:53 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | aydaroos | 01-23-16, 12:57 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | Tragie Mustafa | 01-23-16, 01:06 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | احمد حامد صالح | 01-23-16, 11:36 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | احمد حامد صالح | 01-23-16, 11:40 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | Dahab Telbo | 01-23-16, 11:44 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | احمد حامد صالح | 01-23-16, 11:54 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | احمد حامد صالح | 01-29-16, 01:09 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | احمد حامد صالح | 01-29-16, 01:10 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | احمد حامد صالح | 01-29-16, 01:17 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | احمد حامد صالح | 01-29-16, 01:20 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | احمد حامد صالح | 01-29-16, 01:26 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | احمد حامد صالح | 01-29-16, 01:30 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | احمد حامد صالح | 01-29-16, 01:35 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | بريمة محمد | 01-29-16, 11:44 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | Dahab Telbo | 01-30-16, 06:07 PM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | امينة عيسى | 01-31-16, 02:05 AM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبــــ | Hani Arabi Mohamed | 01-31-16, 02:24 AM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | Abureesh | 01-31-16, 02:28 AM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | احمد حامد صالح | 02-01-16, 11:04 AM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | احمد حامد صالح | 02-01-16, 11:06 AM |
Re: أدب الفولان .. andquot;أحـــــــذر غـــــبـــ | احمد حامد صالح | 02-01-16, 11:21 AM |
|
|
|