كميونة الدراويش

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 03:35 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-31-2015, 12:20 PM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كميونة الدراويش (Re: ودقاسم)

    لم أكن أتودد أمي ، أو أسألها أن تمنحني تصدقا أو كرما أو جودا. كنت أرى أنه لزامٌ عليها أن تعطيني ما أريد، وأن تجعل لي نصيبا منتظما من ثروتها المنسابة دون جهد ودون عرق، حتى لو كنت أصرفها فيما لا يرضيها. لكنها لم تكن تتقبل هذا، فالإحساس بالغنى حوّلها إلى امرأة قاسية متسلطة، تنظر إلى الناس من علٍ، خاصة الذين اعتادوا أن يحصلوا منها على بعض الفتات أو الذين يتزلفونها وينافقونها. ويظل هذا ديدن أصحاب الأموال، يتحصنون بأموالهم ويتمترسون خلفها لاكتساب روح التسلط والتعالي ، يرون أنهم إن وزّعوا شيئا من أموالهم على الفقراء، فهم يوزعونها من بقاياهم ، وفتاتهم ، وما زاد كثيرا عن حاجتهم . وكلما أحسّوا بتكاثر الفقراء من حولهم ، ازدادوا ترفعا وتسلطا ، وتعاظم إحساسهم بالغنى ، ولجأوا إلى المزيد من الترف والصرف التفاخري .
    وكما كنت متأكدا أن ما يحدث لأمي هو بسبب هذا الدعاء الذي ظلت متمسكة به ، إلا أنه لم يكن هذا حال الدعاء نفسه معي ، فقد كانت تأتيني أرزاق تكفي احتياجاتي المحدودة ، لكنها لم تكن مما يرسله لي أولادي ، وهم أيضا مثل أولاد أمي، سافروا وكسبوا ، لكنهم لا يرسلون لي شيئا من المال، ولا يسألون عني . فأنا مجرد متلقي صدقات لا أكثر ولا أقل. أولادي يرون أنني سكّير عربيد لا أستحق أن أضع يدي على المال، أو أمنح حق التصرف فيه ، فهم يعرفون أنني أصرفه في لا شيء . والغريب انني كنت ذو حظ عظيم في شرب الخمر وما يتبعه من عربدة . كنت دائما أجد مالاً أشتري به ما أريد من الخمر الجيد ، وأجد طعاما يقيم أودي ويملأ معدتي فتحتمل كميات كبيرة من الكحول . يحدث هذا بالرغم من أني كنت كأمي تماما لا أعمل عملا يذكر ، ولا أجيد فعل شيء أفيد به نفسي أو غيري ، بل وأكثر من ذلك لا أفعل شيئا يحمده الناس لي . لكني ما شكوت يوما من جوع ، ولا توقفت عن عربدتي ، ولا تغيبت عن مجالسة أصحابي ، ولا مددت يدي لأحد . وأذكر أنني في إحدى الأماسي ما كنت أمتلك ثمن قارورة الخمر لتلك الأمسية ، فخرجت أحمل همي ، أبحث عن مكان ما أجالس فيه أحدا من الناس أو جماعة يعينوني على تمضية مساء بلا خمر ، لكني عند وصولي إلى مدخل النادي الذي قصدته ، وجدت على الأرض ظرفا به بضع جنيهات ملفوفة بعناية، كأن صاحبها قد أعدّها خصيصا لي ، لكنه نسي أن يكتب اسمي على الظرف . أخذت الظرف دون أدنى تردد ، وكأنه ورثةٌ قديمة آلت إلي دون أن أبذل سعياً في طلبها ، ثم استدرت إلى الخلف، وتوجهت تلقائياً إلى البار القريب ، وأمضيت أمسيتي هناك.
    ليالٍ كثيرة كانت شديدة الظلمة والقسوة في حياتي، لكنّ هذا الليل كان مختلفاً تماما عن كل الليالي التي مرت علي طوال حياتي مذ صرت أعيش منفرداً بعيداً عن أمي . فقد ظل هذا الليل يتطاول بي عبر المدى ، حتى يخيل لي أن المدة التي انقضت بين أوله ومنتصفه قد بلغت نصف عمري الافتراضي. ولا أعرف ليلا طال بي وتمدد مثل ما فعل بي هذا الليل ، حتى حسبته ينتمي إلى زمان آخر يحسبون فيه الليل خمساً وثلاثون ألف سنة كجزء من يومٍ مقداره سبعون ألف سنة مما نعد .
    يوم طردتني أمي من بيتها كنت رجلاً رقيق الحال، ليس في جيبي مال ، ولا في جسدي صحة تمكنني من البحث عن مكانٍ يأويني ، لكني كنت شابا أحلم – أحيانا - بمستقبل كريم لي وللناس من حولي . كان يمكن أن أنام تلك الليلة ، تحت حائطٍ ، أو شجرةٍ ، أو أي جمادٍ على قارعة الطريق. ولم يكن لأي من أصدقائي بيتٌ خاص به فأداهم أحدهم لأقضي تلك الليلة معه، فهم لا يزالون يسكنون مع أسرهم الكبيرة، وبعضهم يسكنون عزابا في بيوت لا تتسع لغيرهم. فكرت أن ألتحق بأكثر من واحد منهم ، لكنني أتراجع عن الفكرة سريعا حين أتذكر ما رأيته من ضيق سعة بيوت العزاب وأثاثها الخرب ، حتى يخيل إلي أن الفئران تنفر من المبيت في بيوتهم. لكن الحل جاءني سريعا حين رددت الدعاء الذهبي ، دعاء أمي ، ياربي ياسيدي تحقق مرادي وتأخر ميعادي ، وما أن أكملت الدعاء حتى تذكرت (سلوى ) بائعة العرق التي تعيش في طرف الحي. تذكرت بيتها الواسع نسبيا، وشجرتي النيم القائمتين في قلب الحوش المفروش بالرمل ، والأسرّة الموزعة تحتهما ، فيجلس زوّار سلوى وسط ظلٍ يكاد لا ينقطع . سلوى امرأة رائعة ، ترحب بزائريها ، وتقوم على كل طلباتهم ، وتوفر لهم كل أسباب السرور والبهجة ، ولا يزعجها وجودي ولو طالت الجلسة . كم مرة جلسنا هناك، ورفعنا أصواتنا بالغناء على نغمات العود ، وتناولنا المزة ، ووجبات اللحم والكوارع ، وكبدة الإبل النيئة . وكم مرة تركنا عندها بعض أفراد الشلة يقضون باقي ليلتهم نياما هناك بعد أن يكونوا قد أفرطوا في الكحول وغرقوا فيه ، فيأخذهم النوم العميق ولا يستطيعون وقوفا أو حركة . قلت في نفسي أن سلوى صديقة وفية لن تطردني إن طلبت المبيت عندها حتى الصباح ، أو ربما أقضي معها بقية عمري ، لم لا ، خاصة وهي تعلم كل تفاصيل حياتي ، وما يدور بيني وبين أمي من خلافات .
    ونواصل
                  

العنوان الكاتب Date
كميونة الدراويش ودقاسم12-30-15, 12:48 PM
  Re: كميونة الدراويش ودقاسم12-31-15, 12:20 PM
  Re: كميونة الدراويش جورج بنيوتي12-31-15, 02:13 PM
    Re: كميونة الدراويش ودقاسم01-01-16, 05:57 PM
      Re: كميونة الدراويش ودقاسم01-03-16, 07:03 PM
        Re: كميونة الدراويش ودقاسم01-05-16, 08:42 AM
          Re: كميونة الدراويش ابو جهينة01-05-16, 11:08 AM
            Re: كميونة الدراويش ودقاسم01-06-16, 01:07 PM
              Re: كميونة الدراويش ودقاسم01-10-16, 01:57 PM
            Re: كميونة الدراويش ودقاسم01-07-16, 10:33 AM
    Re: كميونة الدراويش ودقاسم01-06-16, 01:26 PM
      Re: كميونة الدراويش doma01-10-16, 03:20 PM
        Re: كميونة الدراويش ودقاسم01-11-16, 06:31 AM
          Re: كميونة الدراويش ودقاسم01-12-16, 01:18 PM
            Re: كميونة الدراويش ودقاسم01-13-16, 08:46 AM
              Re: كميونة الدراويش ودقاسم01-18-16, 08:22 AM
                Re: كميونة الدراويش ودقاسم01-20-16, 01:46 PM
                  Re: كميونة الدراويش ودقاسم01-22-16, 07:59 AM
                    Re: كميونة الدراويش ودقاسم04-04-16, 07:40 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de