صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونماذج

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 01:22 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-26-2015, 02:57 AM

الشيخ أبوجديري
<aالشيخ أبوجديري
تاريخ التسجيل: 08-21-2012
مجموع المشاركات: 525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أربعة كتب دفعة واحدة لمحمد جمال: صور ونما� (Re: الشيخ أبوجديري)

    3- مقطع من سيلفيا الفصل ال 6

    "6"
    الرحلة إلى هانوفر/ألمانيا
    1-7
    أسباب الإفلاس المادي ونتائجه كانت من ثراء الروح!

    كانت سيلفيا شابة مسرفة في الثراء الروحي والعطاء الرومانسي، أما أنا فلم أكن سوى صحراء ظامئة تلتهم الغيوم الماطرة.
    كان من عادتها أن لا تتحدث معي إلَّا وهي محدقة في عينيَّ، ومثلها أفعل أنا؛ فتلك هي عادة القوم ههنا. فعندما يتحدث أي إنسان مع الآخر ينظر إليه بغض النظر عن نوع العلائق القائمة بين الناس. فمن الاحترام أن تنظر في عيني الآخر حينما تحدثه أو يحدثك ولا يهم طبيعة الحديث بينكما، فذلك مذهب اجتماعي وسلوك ثقافي هولندي. أنت تفعل ذلك ولو كنت في قسم الشرطة. لكن ما تفعله سيلفيا كان خارقاً للعادة! كانت عينا سيلفيا رائعتين -وِفْقَ شريعة الرب- بلا مساحيق تجميلية أو مراويد. وكانت كل فيزيائها طبيعية وعطرة وبراقة بطريقة يخالجك الظن عندها بأنها مخلوقة من الماس. وكانت عيناها في عينيَّ عندما تتحدث، وعيناها في عينيَّ عندما تصمت. كان هناك هاجساً واحداً يقطع تراسل تحديقنا في عيوننا -وهو النوم- وكانت سيلفيا تعاديه أشد العداء.
    كنا نضفي على البيت -المُطِلِّ على الراين- كتلة من الإشعاع وعندما نترجل كسالى إلى شوارع المدينة المسالمة كان من عادة سيلفيا أن تشبك يدها بيدي، ويشتد وقع أناملها الرقيقة على يدي بين الفينة والأخرى، وأنا أبادلها المشهد بالمشهد وأشد. وفي إحدى المرات ونحن في حالتنا تلك في صف السينما "باثي فلبربلاين" أطلقت سيلفيا سراح يدي وبدأت تحدثني كعادتها معلقة عينيها في عينيَّ، وعندما أفقنا لبرهة من سكرتنا تلك وجدنا أنفسنا وحدنا في البهو الخارجي لدار السينما وقد انتهى العرض وأغلقت الدار أبوابها، فقفلنا راجلين -في تشابكنا المعهود- إلى نهر الراين ونحن نضحك منَّا ونتحدث عنَّا.
    مرت شهور ونحن نحدق في عيوننا ونتصادم في شقتنا المُطِلَّة على خيط الماء، ونتسامر على شاطئ نهر الراين، ونتسكع في شوارع مدينتنا الأثيرة متشابكين بطريقة جعلت أحد أصحاب المحلات التجارية يلاطفنا بتشبيهنا بشعلة آيس كريم من الفانيلا والشكولاته! وكنا في لحظة محددة نسجل غيابا كُلِّيَاً عن الوجود القائم من حولنا ونمثل شيئين يقومان في استقلالية كاملة عن بقية الأشياء والأحداث والكائنات. كان مشهداً من الخيال! حتى إذا ما جاءنا خطاب من الشركة التي نستأجر منها بيتنا تَكَشَّفَ لنا أننا لم نسدد فاتورة الإيجار لثلاثة شهور سابقة وتلك كانت كارثة كبيرة، إذ أننا لم نكن نملك ربع ذلك المبلغ المتوجب تسديده في خلال عدة أيام فقط وإلا فعلينا إخلاء الشقة- شقتنا الأثيرة المطلة على نهر الأحلام- مستحيل!.

    فقررت سيلفيا –بمفردها- قبل أن تعطيني الوقت اللازم كي أفكر معها، فاتصلت هاتفياً بقريبتها المليونيرة (نيللي) -التي تقيم في ضاحية مدينة هانوفر الألمانية- وذلك لتستدين منها المبلغ المطلوب. غير أن ما حدث في نهاية المطاف كان أمْراً مختلفاً جداً عن الفكرة الأولية التي خطرت لسيلفيا!.

    2-7
    قطار هانوفر

    تحدثت سيلفيا ذلك المساء عدة مرات مع المليونيرة نيللي قريبتها من جهة والدتها (هينكا)، وظلتا -سيلفيا والمليونيرة- تتحدثان على الهاتف حتى غلبني النوم دون أن أتعرف -تلك الليلة- على خلاصة المفاوضات.
    وفي صباح اليوم التالي صحوت باكراً -على غير العادة- بينما كانت سيلفيا تنام –كعادتها- لصيقة بي في كينونتها الملائكية فتأملتها برهة وهي لا تزال نائمة فامتلأت بالروح القدس، فابْتَسَمْتُ ثم نَهَضْتُ.
    وما هي إلا لحظة -وأنا في طريقي إلى الحمَّام- حتى رأيت حقائب سفرنا معدة وشهدت بقايا فوضى في أركان البيت. لم أفكر كثيراً. بل أعددت لنفسي فنجاناً من القهوة وهيأت لسيلفيا فنجانها متى ما تهيأ لها النهوض من النوم. وذهبت بعد ذلك لأجلس على الشُرْفِةِ قبالة النهر يعتصرني مزيج غريب من المشاعر من طمأنينة، وفرحة وانتصار وفيض آخر من المشاعر لم أستطع التعرف على كنهه في الحال، وتدغدغني مَسْحَةُ حزن رهيفة لم تكن قادرة على فرض نفسها كحدث جدير بالاكتراث.
    ولوهلة، وبينما أنا أحتسى ثمالة القهوة شعرت بسيلفيا تطوقني من الخلف بينما هي تسألني "هل أنت جاهز للسفر؟!" فاستطعت أن أتصور من تلقاء نفسي أننا مسافران إلى هانوفر. وتركتها دون إجابة وتركتني دون أن تسألني من جديد، لكن دون أن تفك وثاقي. فظلت لبعض الوقت متكئة على ظهري، صدرها من خلفي وأنفاسها في أنفاسي والنهر يتلألأ من أمامنا.

    وبينما نحن في القطار السريع المسمَّى (تاليس) المتجه ناحية هانوفر، حدثتني سيلفيا عن معنى الرحلة وعن تفاصيل المهمة. ولم يكن ليهمني شيء، فما دام الإنسان في جوار سيلفيا فلا معنًى للقلق!

    المليونيرة نيللي تنحدر من أب ألماني وأم هولندية. الأب الألماني من أب أمريكي من مدينة تكساس وأم ألمانية من هانوفر. وكان أبو نيللي مليونيراً من الطراز متوسط الحال، توفي ذلك الأب قبل عدة سنوات ودفن في تكساس فورثته الابنة نيللي. لم ترث نيللي أموال والدها وممتلكاته فحسب؛ بل ورثته بالكامل، كل شيء تقريباً، بما في ذلك عاهاته النفسية والجسدية. فهي حولاء وتشبه (مستر بِنْ) ولا يهمها شيء في الوجود غير الحيوانات والحشرات وركوب الأحصنة والأفيال. وليس ذلك فحسب؛ بل ورثت المزيد، فهي امرأة فظة، جشعة، أنانية، مغرورة ودميمة!.
    وتَصَادَفَ أن كانت السيدة نيللي مسافرة إلى تكساس في مهمة عاجلة تلك الأيام وكانت تبحث عن شخص جدير براعية قَصْرِهَا الواقع على سفح جبل في إحدى ضواحي هانوفر. حيث تقيم وحدها، لكن هناك من هم معها وتحبهم جداً: عدد من الأحصنة وحيوان واحد من فصيلة الكنغر الأسترالي ورهط من الكلاب والقطط وتشكيلة منوعة من الكائنات البحرية والحشرات الجميلة الملونة. كان بيتها مثل سفينة نوح!.

    وكان علينا -أنا وسيلفيا- رعاية سفينة نوح والاهتمام بها والحفاظ عليها لمدة شهرين كاملين إلى أن يعود صاحبها من جديد إلى داره لقاء أن نحظى –نحن- بمبلغ ثلاثة آلاف دولار فقط لا غير. وهناك عقوبات قاسية في حالة الإخلال بأيًّ من الشروط التي وضعتها لنا السيدة نيللي من طرف واحد فوافقت سيلفيا عليها دون أن تخبرني في الحال، وذلك من واقع تقديرها لظروفنا المادية الحرجة.

    أصبحنا على مشارف هانوفر.. لم أكن قد تَشَرَّفْتُ برؤية نيللي بعد.. ولكن هناك صورة متخيلة عن نيللي وعن المهمة برمتها ارتسمت في رأسي بناء على حديث سيلفيا المسهب عن السيدة نيللي وعن المهمة ونحن بعد في القطار وسيلفيا لا تزال تحدثني وهي مستلقية على حِجْرِي. وما هي إلا لحظات ووجدنا نيللي في انتظارنا بسيارتها الفضية ماركة (بي أم دابليو) في محطة قطارات هانوفر.

    3-7
    قصر السيدة نيللي

    تَكَشَّفَتْ لنا السيدة نيللي من عدة أمتار وهي تتكيء على مقدمة سيارتها الفضية، وعندما نَهَضَتْ بدت نحيفة وطويلة القامة بطريقة لافتة للنظر في قميص أبيض وبنطال جينز أزرق ناصل اللون. كانت تبدو في الخمسين من العمر. وعندما اقتربت منها وجدتها حولاء كما وصفتها لي سيلفيا، ومستطيلة الوجهة بطريقة مربكة للمتأمل. وكانت وحشية العبارة لكنها داهية وفي منتهى الذكاء. قَبَّلَتْ سيلفيا كما يفعل الناس ههنا، قبَّلتْها ثلاث مرات على خديها وقالت لها: "شَبَّ ساعدك وأصبحت أجمل مما كنت عليه"، فقد كانت آخر مرة ترى فيها سيلفيا عندما كانت سليفيا بنت تسع سنوات. ثم حيتني أنا مصافحة بيدها وهي تلتفت إلى سيلفيا وتقول لها: "طبعاً هذا هو صديقك الذي أخبرتِني عنه". فأجابت سيلفيا بشهية: "نعم سيدتي، ذا هو صديقي، ونحن نعيش معاً".

    أدارت نيللي محرك السيارة وسألتنا إن كنا جوعى!. كنت أجلس في الخلف بينما جلست سيلفيا في الأمام بجانب السيدة نيللي، فأجابت سيلفيا بكلمة واحدة "ربما"، والتفتت إليّ -وأنا ألوذ بالصمت- تسألني إن كنت قد سمعت سؤال السيدة نيللي، فأنكرت، فكررت السيدة نيللي سؤالها فأجبت: "نعم". ذهبت بنا نيللي إلى مطعم يبعد حوالي ثلاثة كيلومترات عن محطة القطار. جلست سيلفيا على المائدة في مواجهة السيدة نيللي مباشرة، بينما جلست أنا بجانب سيلفيا من جهة اليسار. كان المكان جميلاً ونظيفاً وغير مزدحم. وما لبثت نيللي أن شرعت تخبرنا -بقليل من العبارات- عن دواعي سفرها إلى تكساس المقرر عصر الغد. ثم حدثتنا مثرثرة عن كائناتها الجميلة وهي تسميهم بأسمائهم بما فيها الأسماك والحشرات. وكانت بين الفينة والأخرى تصك أسنانها وتتحسس عنقها، ولاحظْتُ لبرهة أن يدها كانت ترتعش عندما تَهُمُّ برفع الطعام إلى فمها.

    شعرت لوهلة بالخوف من إهتزاز السيارة الفارهة التي كانت تئن وتكاد تتراجع بينما نيللي تدفعها دفعاً إلى سفح جبل بُنِّي اللون حيث يقع بيتها، نحو عشرين كيلومتراً شرقي هانوفر وعلى مسافة ليست بعيدة عن (برونسبيرق) ناحية الشمال.
    واو واو واو! هكذا عَبَّرَتْ سلفيا عن دهشتها حينما ترجلت من السيارة وهي تتأمل القصر وتتلفت في الاتجاهات الأربعة. كان حقاً مشهداً خيالياً. كان مشهد القصر جميلاً من الخارج وكان الفضاء كله متاحاً للنظر. بحيث تستطيع من هنا أن ترى السيارات في شوارع هانوفر على بعد عشرين كيلومتراً. كانت البيوت متفرقة ومنوعة الشكل والأحجام، وكانت المساحات المتعرجة واسعة وخضراء تَسُرُّ البصر.
    وهناك مزرعة نيللي أمام الدار، واسعة وطبيعية النظام. ورأيت في المزرعة عدة أحصنة مرفوعة الرؤوس وكأنها تتأهب للسباق. وكان هناك عدد من الأشكال الهندسية حول القصر، كانت تلك بيوت كائنات نيللي. وفي لحظة محددة شعرت بسيلفيا تصرخ بأعلى صوتها وهي تناديني "سيدني، أووه سيدني!" فطفقت أبحث عنها في كل الفجاج وجئتها مندفعاً ومرعوباً بعض الشيء فوجدتها أمام حوضٍ للسباحة وهي تتقافز في الفضاء فَرِحَةً وتقول لي "يوجد حوض سباحة هنا" إذ أنها كانت مغرمة بالسباحة إلى درجة الهوس.

    4-7
    سيلفيا في مواجهة مع السيدة نيللي

    في صباح اليوم التالي وعند حوالي التاسعة صباحاً وبعد أن تناولنا وجبة إفطار في وُدٍّ وحميمية، شرعت السيدة نيللي تطلعنا على مهمتنا التي جئنا من أجلها، أخرجت لنا من تحت الطاولة وثيقة من ست صفحات تخبرنا فيها بكل شيء وتتضمن أرقام إسعاف الحيوانات وطبيبها البيطري في هانوفر، وهاتف المطافئ والشرطة وكل شيء تقريباً، كل شيء. وظلت تُدَرِّبُنَا ربع ساعة تقريباً على التعامل مع جهاز الإنذار في البيت. وعرضت علينا (كتالوجات) تشمل شروحات مفصلة لكيفية إطعام كل حيوان على حِدَة، والتعامل معه والاعتناء به. وكانت صارمة جداً معنا وحادة العبارة وحاسمتها. وحذرتنا تحذيراً صارماً أكثر من مرة وهي تشير إلى أننا مسؤولون مسؤولية قانونية وأخلاقية عن أي إخفاق قد يحدث خلال أدائنا لعملنا.

    وكتبت لنا على ورقة خاصة رقم هاتفها في تكساس لاستخدامه عند الضرورات الطارئة. وأخرجت لنا تعهداً مُعَدَّاً سلفاً من أحد مَلَفَّاتِها مضينا عليه أنا وسيلفيا بعد أن قرأتْهُ علينا في رَوِيَّةٍ تضمن بنوداً مجحفة ومكتوبة بلغة جافة تنم عن ترهيب وتخويف ووعيد. وحينما أسندت سيلفيا مرة يدها على كتفي بشكل تلقائي، أمرتها نيللي بأن تعتدل بلغة صارمة وحادة وكأننا في قاعدة عسكرية وقالت في ما معناه "لستم هنا في شهر عسل، بل من أجل المهمة التي اتفقنا عليها، مفهوم؟". فأجبنا معاً بـ "نعم سيدتي" ونحن نشعر بالمضض. ووزعت علينا المهام. وكانت مهمتي أنا في الأساس التعامل مع الخيول والاعتناء بحيوان الكنغر وكان من نصيب سيلفيا الأسماك والحشرات الملونة. وشَدَّدَتْ على أن المسؤولية تضامنية في نهاية المطاف.
    وعند حوالي الرابعة عصراً كنا أنا وسيلفيا نقف قبالة السيدة نيللي نُوَدِّعُهَا ونحن نستعجل في ضميرنا ذهابها، نودها أن تغور!. وبينما هي على وشك أن تفتح باب السيارة في اللحظة الحاسمة التفتت إلى سيلفيا وسألتْها سؤالاً حرجاً ومباغتاً، بلا مقدمات، قائلة: "كيف لي أن أثق بهذا الرجل"؟"، كانت تعنيني، وظلت لبرهة تحدق نحو سيلفيا في انتظار الإجابة، متجاهلة تماماً وجودي المادي. في تلك اللحظة رأيت شفتي سيلفيا ترتعدان وكأنها تَهُمُّ بقول شيء ما لكنها انفجرت باكية وغاضبة وخبطت الحائط المجاور بزهرة برية كانت تود أن تهديها للسيدة نيللي في اللحظة الأخيرة من الوداع، وظلت تنتحب لحوالي خمس دقائق، وكانت تردد: "أنْتِ امرأة سيئة، أنا آسفة أنني في بيتك" ثم ضربت سيارة السيدة نيللي بقبضة يدها من الأمام ثلاث مرات بينما بدت نيللي مرتعبة وفي حيرة من أمرها، كانت تحاول تهدئة روع الفتاة بعبارة: "أنْتِ أسأتِ فَهْمِي"!. فردت سيلفيا بالنفي، وقالت عبارة حادة في مواجهة السيدة نيللي: "أنتِ امرأة عنصرية!"، فارتعبت السيدة نيللي أكثر والتفتت إليّ وأنا أحتوي سيلفيا بذراعي بينما هي تنتحب، قائلة: "لا تسيء أنت أيضاً فهمي مثلما فعلت سيلفيا". فرددت عليها:
    "لقد وجهت سؤالاً يحتاج إلى إجابة والإجابة من عندي أنك تستطيعين أن تثقي بي وربما بكل أبناء جنسي"، ففهمت نيللي فحوى الكلام وقالت تجاملني: "أنت رجل عظيم!".

    عندها احتويت سيلفيا على صدري بشكل أكثر قوة ورفعت يدي اليمنى آمراً السيدة بالمضي إلى شأنها. ووعدتها بأنني وسيلفيا سنعمل كل ما بوسعنا من أجل رفاهية تلك الكائنات الجميلة، لا لأيِّ شيء آخر غير أنها جزء من الطبيعة التي نحب، فنظرت السيدة لبرهة ناحيتي مبدية ابتسامة رضا أحسستها متضمنة رسالة اعتذار ما!.
    وفي اللحظة الحاسمة وهي تَهُمُّ بالرحيل قالت تذكرني: "لا تنسَ أن تُرَوِّضَ الحصان (بيرا) فقد أخبرتني سيلفيا بمقدراتك الكبيرة!". وبعد ذلك شرعت تمضي في سبيلها إلى تكساس موطن أبيها وأهلها الأوائل.
    وبينما سيارة نيللي تبتعد عن أعيننا لتتوارى تحت سفح الجبل كانت سيلفيا لا تزال غاضبة تردد كلمة (حقيرة) وأكثر من ذلك!. كان في خاطري شيء آخر!. فسألت سيلفيا عن فحوى قصة ترويض الحصان (بيرا) التي قالت بها السيدة نيللي؛ فأنا لست بسائس خيول ولم أركب ظهر حصان ولو مرة واحدة طوال حياتي، ولم أقل لها أي شيء من هذا القبيل. فإذا بسيلفيا تقاطعني بصرامة: "أنت قلت لي إنك تستطيع أن تصطاد التماسيح بيديك عاريتين فلن يصعب عليك ترويض الخيول الجامحة".
    5-7
    سيلفيا تأمرني بقتلها!

    مضت نيللي إلى شأنها فأصبحنا أنا وسيلفيا وجهاً لوجه في قصرنا الفسيح.
    ولجت سيلفيا إلى الداخل بينما جلست أنا على أريكة في بهو الدار الفسيحة قبالة أرجوحة صغيرة تلعب بها النسمات الشمالية العابرة أراقب صمت الجبل المهيب وأطرد من خاطري أطياف السيدة نيللي المزعجة.
    وما هي إلا لحظات وعادت سيلفيا في إزار رهيف تلاعبني كعادتها. ثم مضت، لتجلس على الأرجوحة وهي تتهادى من فوقها وتردد:
    "انظر ناحيتي ، عاينني"، وتكررها مراراً وأنا لا شأن لي غيرها. مذ التقيتها قبل عدة شهور أعاينها وتعاينني، أراقبها وتراقبني، دون أن ألتفت ولو مرة واحدة إلى وجهة أخرى مهما دعت الضرورات حتى لأخالني نسيت ألوان الشوارع وغابت عني وجوه الناس فما عدت أذكر وجه أبي!.
    تأملتها ملياً وهي لا تزال تتهادى فوق الأرجوحة. رأيتها كطفل غرير. نعم هي طفلة عذبة. تأملتها أكثر فأكثر فوجدتني مثل كل مرة أكتشف أن سيلفيا جميلة بطريقة لا يسعها الخيال، وذكية تحتال على عقل فيلسوف ولطيفة الروح.
    كانت الشمس ترنو إلى المغيب عندما ترجَّلت سيلفيا بغتة عن الأرجوحة مع تزامن دفقة من هواء الجبل الواني فأزاح عنها نصف إزارها الرهيف لكنها لم تكترث. جاءت ووقَفَتْ أمامي في ابتسامتها الشهية تأمرني بطريقة بَدَتْ جدية، تقول لي: اقتلني.
    يا لحبيبتي المجنونة!. حسبتها في البدء تمزح، لكنها استلقت على الأرض قبالة الأريكة التي أجلس عليها. وكررتها مثنى وثلاث ورباع وعديد المرات تأمرني: اقتلني!. تأملتها من جديد وهي ترقد من تحتي تأمرني بقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأي نفس هي، هي نفس سيلفيا ذاتها!. شهدت وجهها الملائكي يزداد بريقاً، يزهق البصر وكان شعرها ذهبياً تختبئ عنده شُقْرَةٌ رهيفة، وجيدها، وصدرها، وخصرها، وعجزها، وساقاها وأصابع قدميها كل ذلك نسق من آيات معجزاتٍ كُتِبْنَ على لوح من الماس.
    سيلفيا: روح قدس، وعقل نبي، وجسد حرام.
    تقول: اقتلني!.
    لو أن أحدهم من أية ثقافة على وجه الأرض سمعها تقول اقتلني، بينما تَفْتَرٌّ شفتاها عن ابتسامة شهية وترقد أمامي نصف عارية لما خالجه شك في أن الفتاة تود العناق. لكن، لا!. ليست تلك الأثناء!.
    أنا وسيلفيا لا نفعل الأشياء بتلك الطريقة الحكيمة عندما تداهمنا لوعة الغرائز!. فنحن في لحظة أوجاعنا الحقة لا نعرف الحكمة.
    لا نتحدث، لا نتفاوض ، لا كلام!. بل هناك فعل، ولا نقول ما نفعل حين نفعل. وإن كنا قعوداً لا نقوم، وإن كنا قياماً لا نقعد. إذ لا وقت لذلك، كنا نتحول إلى حيوانات وحشية كاسرة غير ناطقة.
    وفي مثل ذلك الأوان، يحدث شيء واحد لا غيره: يحدث هجوم وحشي كاسح. لا شيء غير ذلك. لا حوار، بل هناك حرب! . وكثيراً ما مزقت أنا ثيابها الداخلية ومزقت هي قميصي. فلا وقت ولا صبر لحيوانين جائعين على الدوام.
    قالت لي سيلفيا -ذات مرة- ولم تبالغ كثيراً إن تكلفة الثياب التي نمزقها في الشهر الواحد تكون كافية لتسديد فاتورة الكهرباء لمدة عام بأكمله! .
    فنحن لم نكن نتفاوض أو نجامل بعضنا البعض، بل لا نجامل أحداً -كائناً من كان- أوان أوجاعنا الحقة. فقد كنا نتحول إلى حيوانين أنانيين جائعين كُلٌّ يود الفوز بالفريسة كاملة!. لا نعرف بعضنا بعضاً، فلا آخر، لا ديمقراطية، ولا حضارة، هناك عمى! تصير سيلفيا ظبية يانعة تلاعب وحشاً كاسراً جائعاً منذ الأزل في جزيرة نائية لم يغشاها خيال بشر وتتبدل المعادلة كل مرة وأخرى. حيث هناك لا فكرة ولا ذاكرة، لا تذكر، لا كلام ولا احترام!: غريزة فجة وحيوانية بشعة.. وفي لحظة فاصلة تغرز سيلفيا أظافرها في جلدي فتدميني بلا هوادة وبلا رحمة. ثم بعد أن تعود من الغياب، تعتذر: (آسفة).. ثم تفعلها من جديد و (آسفة) وهكذا دواليك.
    تقول: "اقتلني".. وكانت تعني ما تقول، فيا للجنون، كانت تعنيه حرفياً!.
    قالت إن الشيء الوحيد في الدنيا الذي يخيفها هو الموت. وهي على يقين أن كل الناس ستموت في نهاية المطاف. وهي أيضاً ستموت ولو أنها لن تموت.. فهل يموت الشهداء!. عند سيلفيا تَصَوُّرُ في تلك اللحظة أن الموت حين يأتي يكون شيئاً بشعاً ومؤلماً ومؤذياً منتهى الأذى، وهي تهابه ويرعبها أشد الرعب وهي على يقين أن سيأتي يوماً ما. ووصلت إلى نتيجة مفادها أن كل شيء أفعله أنا بها ممتع ولذيذ، كل شيء، بلا استثناء، كل شيء. ولهذا تريدني أن أقتلها وهي على ثقة أنها ستستمتع غاية الاستمتاع حينما أبدأ في ذبحها وتقطيعها إلى أجزاء صغيرة وفي بطء شديد لمزيد من الاستمتاع.
    وما هي إلا هنيهة وأنا في دهشتي تلك حتى فسرت لي سيلفيا تلك الرؤية البائسة ثم اعتذرت عنها ونهضت تعانقي وهي تقول: "أود أن أقول لك شيئا أقوله لك كل لحظة لكنني لم أتفوه به قط: أحبك". وعند ذاك شرعنا في الغياب ثم أدمتني بأظافرها وقالَت: "آسفة".

    6-7
    رجل يستطيع أن يفعل كل شيء!.
    كانت سيلفيا تثرثر مع أمها من هاتف القصر: " إن رجلي يستطيع أن يفعل كل شيء حتى المستحيل!".
    مرت ثلاثة أسابيع ونحن نعيش ونخدم بنجاح في بيت السيدة نيللي. ننام ونصحو. نغيب ونحضر. وسيلفيا تطعم الأسماك وتغسل الأحواض بمادة زرقاء من فصيلة (الكلور). وأنا أعتني بالخيول وأدللها من حين إلى آخر وأتأمل الوحش الأسترالي الوديع بينما أُرَوِّضُ المهر الجامح بيرا، وأروض كذلك المهرة الجامحة سيلفيا بنجاح لا يخطئه البصر.

    وعند الأسبوع الثاني تعرفنا على نادي الحي عبر جارتنا اللطيفة (كاثرينا) وصديقها المهندس (ليونارد). لعبنا الورق والدومينو والبلياردو وكرة المضرب والشطرنج (لعبتي الأثيرة). والمرة الوحيدة التي ألعب كرة قدم كانت عند مباراة وُدَّيَةٍ لكنها ساخنة بين فريق حي قصرنا وفريق آخر من حي مجاور كان بين أهله وأهل قصرنا ثارات كروية قديمة. فتهيأ لي عبر مصادفة نادرة أن أحرز هدفين لتنتهي المباراة بفوز فريقنا بهدفين مقابل هدف واحد للفريق الآخر. شعرت لوهلة بالفخر والسعادة؛ لأنني نجحت في مجال بعيد عن هواياتي الأساسية. هتف الناس لي وصفقوا، وعانقتني سيلفيا طويلا وهي التي لا تحتاج الفُرَصِ لعناقي. وذهبنا ذاك المساء نحتفل في أحد ملاهي هانوفر. رقصنا وابتهجنا ونحن نتبادل الأنخاب. وسيلفيا تسقيني (التكيلة بالملح والسيترون). وحكت لي سيلفيا لاحقاً أن الفتيات في الملهى قلن لها إن صديقها وسيم وسَامَةً غير محتملة ويبدو أنه راقص محترف يتمايل بسلاسة ويتقافز كالنمر. ورددت سيلفيا ببراءتها المعهودة: "أنا أكرههن، كن يراقبنك أينما ذهبت".

    كانت سيلفيا فتاة رومانسية إلى أبعد الحدود. لم أقرأ في الكتب ولم أشاهد في الأفلام السينمائية ولا سمعت حتى عبر وسيلة من الوسائل بمن هو مثلها، ففي كل الحياة التي عشناهاً معاً لم تكذب ولا مرة واحدة ولم تُكَذَّبْنِي ولا مرة!.
    أذكر مرة أنني وجدت كنزاً قَيِّمَاً في أحد أدراج نيللي. كانت هدية من السماء، وجدت كتاباً قديماً عن ترويض الخيول الجامحة تحت عنوان ( كيف تروض الخيول الجامحة) ولا يوجد اسم مؤلف محدد على الغلاف لكن كانت به معلومات قيمة ويتحدث عن طرق سهلة لترويض الخيول الجامحة. لم أكن لأنسى أن نيللي بإيعاز من سيلفيا كانت قد ورطتني في مهمة شبه مستحيلة وهي ترويض الحصان الجامح بيرا، وكنت أعرف أنه ربما تسبب في قتلي إن ورطت نفسي في أية غلطة فادحة معه. لكنني عزمت على ترويضه. فأنا لا أحب أن أخذل أحداً. فعكفت ثلاثة أيام أطالع الكتاب الذي من خلاله استطعت أن أنجز المهمة إنجازاً باهراً أسعد نيللي في نهاية المطاف فأجزلت لنا العطاء. ولذات السبب دعتني نيللي إلى المجيء إلى تكساس الأمريكية في وقت لاحق! .
    غير أن قراءتي للكتاب لم تكن بلا ثمن، فقد غضبت عليَّ سيلفيا مراراً لأنني لم أعد أهتم بها كالمعتاد ووجدتها مرتين تبكي فوق الأرجوحة وهي تشعر بالأسى لغيابي عنها عدة ساعات في اليوم ولثلاثة أيام ظللت فيها أطالع ذلك الكتاب، ولو أنها كانت تربض بجانبي كل الوقت وكثيراً ما كانت تقاطعني بلا أسباب موضوعية وتداعب قدمها -بين الفينة والأخرى- بقدمي.
    وعندما بلغت سيلفيا من التذمر أقصاه أخذت مني الكتاب عنوة ورمته بعيداً "أنت لا تحتاجه؛ فأنت صائد تماسيح، فما أسهل صيد الخيول على وحش مثلك!" وكنت قد رويت لسيلفيا في زمان سابق حكاية خرافية من أيام الصبا حول صيد التماسيح تنطوي على كثير من الخيال. ولكي أستطيع إكمال الكتاب اخترعت لها خدعة صغيرة فحواها أنني أقرأ الكتاب من أجل الحصول على معلومات صغيرة تتعلق بسلامة الحصان فأنا أخشى من أن أكسر عنقه، فصدقتني سيلفيا وسمحت لي بإتمام الكتاب!.
    ووعدتها في المقابل أن أُعَلِّمَهَا كل أنواع السباحة التي أجيد وهي عديدة. فسعدت بذلك أيما سعادة وهي تعلم أن أمي ولدتني فوق ظهر موجة نيلية صيفية في قلب جزيرة أم أرضة قبالة جزيرة رفيدة من جبل أولياء حيث يتعايش الناس والتماسيح وهم يتبادلون التحايا والأشواق. وبالفعل علمتها فنوناً من سباحة الصدر والظهر والفراشة والحرة. وعانقتني مرة في المسبح حتي كادت أنفاسي أن تغيب!.

    عند سيلفيا مقدرة فذة على التلاصق والكلام. فإما يدها في يدي أو عيناها في عينيّ وإلا فهناك مشكلة! إن لم نكن على تلك الحالة فهي عادة ما تحسبني غاضباً عليها أو ما عدت أحبها كما كنت. وعند لحظة الطعام وأثناء الأكل تلاعب قدميها بقدميَّ من تحت الطاولة. وإذا ما حدث أن نهضت عند منتصف الليل من أجل الذهاب إلى المرحاض على سبيل المثال فإنني عادة ما أحتاج لعدد مقدر من الدقائق كي أميز نفسي منها وأستطيع أن أفرز يدي وقدمي من يديها وقدميها.
    وكانت سيلفيا تخاف الصمت، فهناك مشكلة في الصمت!. وهي لا تعرف أبداً أن تحدث نفسها في الداخل. هي شفافة لدرجة أن هواجسها الحقيقية وحقدها البشري وغضبها وطمعها وجشعها ومؤامراتها وكل ما يحرص البشر العاديون على إخفائه كانت هي تعلنه. فلا شيء مدسوس في دواخلها. كانت صافية. لا يوجد أبداً في سريرتها مكان معد لاستيعاب مثل تلك الأشياء الفائضة. فهي ليست طبيعية! لذا إما أن تتحدث هي -وكثيراً ما تفعل- أو أتحدث أنا، وعادة ما أروي لها قسطاً من حكاياتي القديمة من ذاكرة جزيرة أم أرضة. كانت سلفيا فتاة عجيبة لم تخطر على خلد الوجود، كانت صدفة من صدف الطبيعة العمياء: رومانسية، صادقة، شفافة، جميلة ولطيفة حتى لتحسبنها ساذجة!.

    لكنها -مع كل ذلك- تستطيع أن تتآمر وتخطط، في أحد السبوت حدثتني عن رغبتها في الصعود إلى قمة الجبل التي لم تكن بعيدة. وعندما وصلنا إلى هناك وجدتها تحمل ملاءة صغيرة ملونة فاستفسرت عنها، فردت سيلفيا بابتسامة طفل غرير "خشيت أن تنتابك الحالة فتحملني على الحجارة العارية، فأنا لا أضمن شَرَّكَ!"، فضحكت أنا عندها وضحكت هي حتى سمعنا الجبل يضحك معنا متخلياً لبرهة عن صمته الرهيب. ضحك ثلاثتنا في نسق الوجود كلُّ بطريقته. وما هي إلا لحظات وتحولنا بالفعل إلى وحشين في مكانهما المناسب من الطبيعة الوحشية. ثلاث ساعات وأنا تتقمصني روح ذئب جائع منذ الأزل، وصارت سيلفيا ظبية يانعة وحدث العكس!.

    ثم بكت سيلفيا مثل ما بكيت أنا، بكت بعد ذلك وهي تعانقني وتنظر في البعيد. بكت على حين غرة. بكت على قمة الجبل "أنا سعيدة" وهي ما تزال تبكي وتتساقط الدموع فوق صدرها الوضيء "أنا سعيدة". هي لا تستطيع إلا أن تبكي!. تبكي وتسألني متعجبة "من أين جئت أنت؟!"، خلتها تَسْألُ الجبل، ورأيت حبيبات دموعها اللامعة تختلط بأنوار الليل الوانية التي تنصب علينا من البعيد. فنظرت إلى السماء الصافية، كانت ثمة نجوم بعيدة ، والفضاء مفتوح على سماوات سبع، فجاءتني خشية رهيبة من مشهد الكون المهيب، فَصَلَّيْتُ على شريعة الوقت وناجيت في سريرتي عدداً من الآلهة وفي دخيلتي هاجس مجنون، إذ أنني تصورت لوهلة أن رهطاً من الملائكة أو الجن ربما هبطوا عليّ من السماء يريدون بي شَرَّاً، وذلك لأنني كنت أضع في أسري كائناً من جنسهم، لكنهم تقاعسوا، فظل الملاك مِلْكَ يدي.
    وفي اليوم التالي لصعودنا جبل الآلهة (هكذا أسمته سيلفيا) -وعند المساء- هاتفت سيلفيا والدتها من القصر. وتحدثتا طويلاً. كانت سيلفيا جل الوقت تحدث أمها عني بوصفي كائنا معجزة. قالت لها مرة: "إن رجلي يستطيع أن يفعل كل شيء، حتى المستحيل، إنه يعلم كل شيء عن الناس والطبيعة والمجرات، ويستطيع أن يلعب كرة القدم والمضرب والبلياردو والورق والشطرنج ويكسبها جميعا. ويرقص كيف شاء ويسبح كما الأسماك ويروض الخيول ويصطاد التماسيح. أواه ماما!.. ويستطيع أن يخاطب الملائكة والجن ويكلم الآلهة من قمة الجبل. أواه ماما، مستحيل ماما، انني أحبه وهو يحبني".
    7-7
    موت ننو
    كانت لسيلفيا مقدرات ومواهب عديدة لكن أهم مقدراتها على الإطلاق هي مقدرتها على ذرف الدموع، فسيلفيا تبكي حين تحزن أو تغضب أو تتألم. ربما يكون ذاك أمر طبيعي يفعله كُل البشر. لكن سيلفيا تسرف!. إذ لا تبكي عند تلك اللحظات وحدها، بل عادة ما تبكي حينما ينتابها شعور غامر بالسعادة وقد فعلتها مرات عديدة وهي تعانقني على شواطئ نهر الراين وفي قمة جبل الآلهة وفي الشارع العام وفي المطبخ وفي الصالون وفي صدري.
    وحدث مرة أمْرٌ أدهشني أيما دهشة، فقد سقطت سيلفيا من دراجتها النارية عند إحدى شارات المرور وخُدِشَتْ خدشاً صغيراً على ساقها الأيسر وعندما التقيتها بعد ذلك مباشرة عانقتني بحرارة وهي تجهش بكاءً وتقول لي "آسفة حبيبي" وترددها عديد المرات وأنا في دهشتي لا أقوى على الفهم (لماذا تعتذر لي؟!) إذْ لا مناسبة. وعندما ذهبنا إلى بيتنا وعند المساء سألتها عن سر اعتذارها لي، فذكرتني أنني كتبت لها قبل عدة أسابيع قصيدة رومانسية أشدت فيها برقتها وعذوبتها وجمالها الروحي وأشدت أيضا بتقاسيم جسدها، وللحق فهو نسق من الماس والبلور!.
    وذكرت في القصيدة -التي تقمصتني عندها روح شعراء العذرية الأوائل- أنني لا أفرق بين شفتيها وساقيها فُكُلُّهَا من نور وكلها عذب وكلها نار. فأخبرتني أن الحكمة من اعتذارها لي أنها تعتبر جسدها ملكي لا ملكها ولا مِلْكَ أحدٍ من كان غيري: "هو لك أنت وحدك". وأنها رأت أنها لم تحسب حسابها تلك اللحظة وكادت أن تتسبب في تخريب أحد أهم ممتلكاتي منها وهو ساقها، لكن الأقدار لطفت. فضحكت عندها لوهلة ثم بكيت مثلها دموعاً حرى وأنا أتلمس دموعها الغزيرة وأطمئن على (ساقي) من جديد. فيا لها من طفلة عذبة!
    قبل عودة السيدة نيللي بأسبوع واحد وبينما أنا في مزرعتها في إحدى العصريات وأنا أضع اللمسات الأخيرة على تطويع الحصان بيرا إذا بسيلفيا تأتيني منتحبة والدموع تبلل فستانها الشفيف ناحية الصدر "لقد ماتت" وتكررها عديد المرات "ماتت" وأنا في دهشتي أحاول تهدئة روعها علها تخبرني "من التي ماتت؟". قالت: "(ننو!) السمكة الجميلة الملونة. أجمل أسماك السيدة نيللي على الإطلاق". وكانت تلك السمكة محل حب سيلفيا الخاص. وذكرت لي بدرامية أنها تعتقد أن ننو انتحرت لأنها حولتها من حوض إلى آخر، حوض صغير كانت فيه لوحدها لأول مرة في حياتها، وظنت أن ننو شعرت بالوحدة وربما أصيبت باكتئاب، فقررت الانتحار. عندها ترجلت من حصاني كي أعزي حبيبتي في مصابها الجلل. وعندما دخلت الحجرة وجدت سيلفيا تضع الجثمان على الطاولة وتحدق فيه وتبكي. فهدأت من روعها بطريقة جدية ثم فكاهية وشرعت أصلي بصوت جهور على ننو، ووضعت يديَّ مضمومتين فوق أرنبة أنفي ورددت في خشوع: "ننو الجميلة حبيبة سيلفيا حبيبتي، ها أنت قد رحلت عنا بعيداً حيث تلقين جدودك وجداتك الأسماك الأوائل فتبدئين رحلة جديدة في بحر الخلود، وأعدك يا ننو أنني وحبيبتنا سيلفيا سنذهب غداً على ظهر الخيول فنجلب من دكان أسماك الزينة في هانوفر سمكة جديدة في زهوك وجمالك، وسنحبها مثلك تماماً لكننا لن ننساك أبداً، آمين". ثم كَفَّنْتُ ننو في قطعة من البلاستيك وحفرت لها قبراً صغيراً بقلمي على حافة المزرعة وقفلنا أنا وسيلفيا راجعين إلى ديارنا. فضحكت بعد ذلك سيلفيا بشهية عندما انتبهت إلى حقيقة أننا (أناس مجانين(!.
    وعند الصباح الباكر أسرجنا أنا وسيلفيا حصانين من أحصنة نيللي وطفقنا نقصد هانوفر وبدوت أنا كفارس من القرون الخوالى بصحبة عشيقته الأميرة الأثيرة فنظر إلينا الناس في شوارع المدينة بعين ملؤها الدهشة والإعجاب والحسد. وعدنا في نهاية المطاف بسمكة (ننو 2) هكذا أسمتها سيلفيا وهي تحملها على ظهر الحصان وأنا أنشدها قصيدة وسيلفيا تحبني وأحبها وتحب فَرَسُهَا حصاني. وعندما ترجلنا عن قافلتنا بكت سيلفيا من جديد، قالت إنها سعيدة ولا تستطيع إلا أن تبكي!.



                  

العنوان الكاتب Date
صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونماذج الشيخ أبوجديري11-25-15, 09:07 PM
  Re: أربعة كتب دفعة واحدة لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-25-15, 09:14 PM
    Re: أربعة كتب دفعة واحدة لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-26-15, 02:12 AM
      Re: أربعة كتب دفعة واحدة لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-26-15, 02:30 AM
        Re: أربعة كتب دفعة واحدة لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-26-15, 02:57 AM
          Re: أربعة كتب دفعة واحدة لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-26-15, 03:03 AM
            Re: أربعة كتب دفعة واحدة لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-26-15, 04:38 PM
              Re: أربعة كتب دفعة واحدة لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-27-15, 07:14 PM
  Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-27-15, 10:55 PM
    Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-29-15, 03:33 AM
      Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-29-15, 10:45 AM
        Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-29-15, 07:03 PM
          Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-30-15, 00:10 AM
            Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-30-15, 02:09 AM
              Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� أحمد ابن عوف11-30-15, 06:22 AM
                Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-30-15, 01:06 PM
                  Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-30-15, 05:07 PM
                    Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-30-15, 07:07 PM
                      Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-30-15, 07:42 PM
                        Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري11-30-15, 09:36 PM
                          Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-01-15, 03:31 AM
                            Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-01-15, 01:09 PM
                              Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-01-15, 07:52 PM
                                Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-02-15, 03:03 AM
                                  Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-02-15, 11:16 AM
                                    Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-03-15, 05:55 PM
                                      Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-05-15, 01:22 AM
                                        Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-06-15, 06:21 PM
                                          Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� mustafa bashar12-07-15, 01:04 PM
                                            Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-08-15, 01:01 AM
                                              Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-08-15, 07:40 PM
                                                Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-09-15, 07:34 AM
                                                  Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-09-15, 08:18 PM
                                                    Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-10-15, 05:45 AM
                                                      Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-11-15, 04:22 AM
                                                        Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-11-15, 11:45 PM
                                                          Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-13-15, 07:04 PM
                                                            Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-15-15, 03:23 AM
                                                              Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-19-15, 03:06 AM
                                                                Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-24-15, 05:01 AM
                                                                  Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-25-15, 05:22 PM
                                                                    Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� osama idris12-25-15, 05:28 PM
                                                                      Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-26-15, 06:23 PM
                                                                        Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� مني عمسيب12-26-15, 06:51 PM
                                                                          Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-28-15, 01:26 PM
                                                                            Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� هشام هباني12-28-15, 05:19 PM
                                                                              Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-30-15, 00:43 AM
                                                                                Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-31-15, 09:37 AM
                                                                                Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري12-31-15, 08:24 PM
                                                                                  Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-02-16, 07:08 PM
                                                                                    Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-03-16, 07:44 AM
                                                                                      Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� محمد جلال عبدالله01-03-16, 08:33 AM
                                                                                        Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-04-16, 11:24 PM
                                                                                          Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-05-16, 01:05 AM
                                                                                            Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-05-16, 06:31 AM
                                                                                              Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� حسن مهدي01-05-16, 08:06 AM
                                                                                                Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-06-16, 00:44 AM
                                                                                                  Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-06-16, 04:17 AM
                                                                                                    Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-06-16, 09:07 PM
                                                                                                      Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-07-16, 00:10 AM
                                                                                                        Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-07-16, 07:43 AM
                                                                                                          Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-07-16, 10:13 PM
                                                                                                            Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-08-16, 10:53 AM
                                                                                                              Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-08-16, 01:51 PM
                                                                                                                Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-09-16, 00:10 AM
                                                                                                                  Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-09-16, 06:03 AM
                                                                                                                    Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-10-16, 00:54 AM
                                                                                                                      Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-10-16, 04:01 AM
                                                                                                                        Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-11-16, 01:39 AM
                                                                                                                          Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-12-16, 03:34 AM
                                                                                                                            Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-12-16, 04:58 PM
                                                                                                                              Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-13-16, 11:24 AM
                                                                                                                                Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-14-16, 09:02 PM
                                                                                                                                  Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-18-16, 11:12 AM
                                                                                                                                    Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-19-16, 01:32 PM
                                                                                                                                      Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-20-16, 12:10 PM
                                                                                                                                        Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� بابكر قدور01-20-16, 12:48 PM
                                                                                                                                          Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-21-16, 02:22 AM
                                                                                                                                            Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-21-16, 04:36 PM
                                                                                                                                              Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-21-16, 08:29 PM
                                                                                                                                                Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-22-16, 10:03 AM
                                                                                                                                                  Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-22-16, 07:42 PM
                                                                                                                                                    Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-23-16, 04:55 PM
                                                                                                                                                      Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-24-16, 11:45 AM
                                                                                                                                                        Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-24-16, 10:46 PM
                                                                                                                                                          Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-26-16, 00:37 AM
                                                                                                                                                            Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-26-16, 04:31 PM
                                                                                                                                                              Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-27-16, 02:04 AM
                                                                                                                                                                Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري01-28-16, 04:35 PM
                                                                                                                                                                  Re: صدور أربعة كتب أدبية لمحمد جمال: صور ونما� الشيخ أبوجديري02-01-16, 01:10 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de