بدأت المراوغة منذ أول اجتماع لتقسيم المناصب، وفيه تم نقض الاتفاق، فقامت السلطة بالحياز على وزارتي المالية والاقتصاد ووزارة النفط دفعة واحدة، وذلك في عناد واضح عبر عن سوء نية كان لها ما بعدها في قابل الايام. وهكذا تمت هزيمة فكرة «الوحدة الجاذبة» التي كانت لها حتما تبعات ومستحقات، ولكن ليس بالكيفية التي مارس بها المؤتمر الوطني، حيث ترك أعضاؤه الشوكة واخذوا يأكلون بأيديهم لازدراد ما يستحقون وما لا يستحقون من المحاصصة الوزارية كما قال باقان أموم. ................................................................ تناضل الحركة الشعبية لتبرئة ذمتها أمام الرأي العام بسبب تقارير الفساد التي تتهم عضويتها، وما فتئت تحاول تجاوز القصور في الأداءين البرلماني و التنفيذي، وكذلك في فاعلية مكاتبها بالشمال ما أمكن، ولا يوجد مجال آخر كي تثبت مشاركة المؤتمر الوطني الذي يمسك بكل خيوط الدولة، بل ويستطيع أن يغزو مكاتب الحركة ويعتقل عضويتها بلا أدنى قدرة للحركة في التعامل بالمثل. وقضايا كأبيي والوقوف على تعاقدات إنتاج النفط وتسويقه، وإنفاذ الترتيبات العسكرية والمليشيات التابعة للحكومة في الجنوب، وقضايا التحول الديمقراطي، ومراجعة القوانين والتشريعات المركزية ومشروع إعادة التعمير، وتعيين الكوادر الجنوبية في المؤسسات المركزية، وغيرها من قضايا محورية تتعلق ولا تتعلق، بتنزيل إتفاق نيفاشا في الارض، أصابت قيادة الحركة بالغبن نتيجة للتعنت الحكومي، وبالتالي صعب عليها العثور على «تعاملات إحسان جاذبة» ترقى للتصويت للوحدة التي ليس هناك ما يدل على أن أحدا يلحظ حفر بذورها على الارض، بل وجدت قيادة الحركة الشعبية أن كل ما يحدث أمامها يعيد لذاكرتها حيثيات نقض العهود الذي اتسمت به الحكومات الشمالية تجاه الجنوبيين. «ج» في وسط هذه الاجواء تجد الحركة الشعبية نفسها في موقف لا تحسد عليه، فالتنظيمات السياسية الشمالية التي تحالفت معها في التجمع الوطني ــ بسبب إتفاق نيفاشا وبغيره ــ وجدت نفسها في منطقة حرجة، فهي لا تريد أن تخسر علاقتها بالحركة الشعبية، وفي ذات الوقت تتحرج من المضي قدما في تفعيل المشاركة في السلطة كما فعلت الحركة، حتى لا تبدو أمام عضويتها أنها كسرت مقاديفها، وعلى طريقة المثل السوداني فهناك «رجل جوه وأخرى بره» فسعادة السيد محمد عثمان الميرغني يوحي بأنه لا يزال زعيم التجمع المعارض وينفي وفاته، وفي الوقت ذاته مصالح استراتيجي للاسلاميين، أما الشيوعيون فلا هم تقدموا خطوات للمطالبة بوزارة بعد دخلوهم لإصلاحها كما يحاولون إصلاح البرلمان، ولا أثبتوا أنهم قادرون على التدبير لاسقاط النظام الشمولي، أما بالنسبة لحزب الامة وبقية الاحزاب، فإنها أحسنت القيام بدور المتفرج في مباراة لا تمثل فرقها، وفي وضع كهذا ضعفت الحركة السياسية الشمالية المعارضة، وهي التي كانت فاعلة تاريخيا في التأثير السياسي سواء في «أكتوبر» أو «أبريل» أو «أسمرا» لانتزاع السلطة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة