الكلمة الملفتة هي إستخدام الأستاذ الصلحي لمفردة (قعدة) لمرتين في هذه الجزئية المختارة من المقدمة ولم يستخدم كلمة (جلسة) كما درج الكثيرون على استخدامها وبكل أسف هم من خيرة مثقفي السودان منهم من كان من مبدعي زمن وليام أندرية ومنهم من هو من مبدعي زماننا هذا. ومثال لذلك .... أن الأستاذ الأديب علي المك الذي قام بتحقيق ديوان الشاعر خليل فرح قد ذكر في صفحة 15 من الديوان:(وكان خليل وصحبه يرتادون شواطئ النيل في بري وغابة الخرطوم والمقرن. وجاء ذكر هذا في شعره كثيراً .. وتحمل القصائد عموماً وصف الجلسة وما دار فيها من صفة الخمر والساقي والندمان..) وكان الأصح والأجدر بالأستاذ الجليل علي المك أن يقول .. وتحمل القصائد عموماً وصف (القعدة) وما دار فيها لأنها المفردة الأكثر دقة في الوصف والأكثر صحة من حيث اللغة. وكمثال ثان .... فقد ذكر الأستاذ معاوية حسن يس في كتابه من تاريخ الغناء والموسيقى في السودان الجزء الثاني صفحة 26:(وحين غشيت سنة التطور الأغنية الحديثة نتيجة لشيوع المعرفة وكثرة الإحتكاك بالأمم والشعوب الأخرى تفرعت إلى أغنية "الجاز السوداني" وأغاني "التم تم" وأنداحت هذه الأخيرة إلى ماسمي "التم تم الراقي" وما تمخض عنه من غناء رمزي خاص بالنخب الحضرية "أغاني الجلسات الخاصة") ولم يقل الأستاذ معاوية أغاني (القعدات) وأضطر أن يضيف كلمة الخاصة للجلسات ليوضح المعني بينما عبارة أغاني القعدات هي الأكثر تعبيراً فضلاً عن أنها تحمل في باطنها معنى الخصوصية. والحقيقة أن هناك فرق كبير من حيث اللغة بين قعدة وجلسة, فنجد أن العامية السودانية قد استخدمت كلمة قعدة وهي كلمة صحيحة من حيث اللغة وكانت هي الكلمة المستخدمة ولكن إن لم تخني الذاكرة إبان عصر دكتاتورية جعفر نميري في السودان وتبنيها ماعرف بـ (القيادة الرشيدة) وهي من هرطقات نظام النميري, ومجاراة لتلك الهرطقات إستنكر الإعلاميون إستخدام كلمة (قعدة) ظناً منهم أنها تعني شرب الخمر .. واستخدموا كلمة جلسة عوضاً عنها .. وهي كلمة غير صحيحة من حيث اللغة فقد جاء في كتاب فرائد اللغة للأب هنريكوس لامنس اليسوعي في الجزء الأول في الفروق وعلى صفحة 57 في الجلوس والقعود .... ( الجلوس ) هو الانتقال من سفل الى علو .. و ( القعود ) هو الانتقال من علو الى سفل .. فعلى الاول يقال لمن هو نائم : اجلس .. وعلى الثانى لمن هو قائم : اقعد .. القعود لما فيه لبث بخلاف الجلوس .. ولهذا يقال : جليس الملك ولا يقال قعيد الملك .. ويقال قواعد البيت ولا يقال جوالسه .... إذن كلمة "جلسة" تستخدم لمن هو في حالة إتكاء ثم يستوي جالساً .. وكلمة "قعدة" تستخدم لمن كان واقفاً ثم يقعد ولا يقال يجلس .. وكلمة قعدة عمرها لم تقال في لهجتنا العامية لمن كان متكئاً فجلس .... وإنما قيلت للواقفين الذين يعانون الحركة وكثرة الترحال .... وهذه هي اللفظة الصحيحة يامثقفينا .... فقولوا قعدة دون تحرج ولا تقولوا .... جلسة .... رحم الله وليام أندرية ورحم الله زمن وليام أندرية ....
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
بابكر قدور
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست