|
Re: الخيانة الأعظم (Re: عليش الريدة)
|
بعد أن تمالك نفسه غمغم أمجد: الآن بعد أن ميزتك لابد أن أجد لك اسما, لكن ماذا يكون؟ الوحش,الكاسر, المدرع... وبرقت فى رأسه فكرة بسيطة , كانت عبارة عن عادة شعبية قديمة, وهى اختيار الاسم حسب مقتضى الحال الأول للمسمى , صاح للمرة الثانية منذ أن دخل إلى غرفته: سأسميك الأزرق. وتحديدا من منوال هذه الصيحة المجيدة,نسجت علاقة متينة ومحفزة,بين مخلوقين صغيرين فـي غرفة صغيرة, بخيوط البساطة والتعقيد معا . كانت أجمل أوقات أمجد وأكثرها تشبعا بالتواصل , تلك اللحظات التي يرى فيها الأزرق ,إن هيئته النبيلة المتخمة بالعنفوان, وتلك المناورات الرشيقة الذكية , وذلك الصبرالجليل الذي ينتزع الاحترام انتزاعا, والإصرار المستمر على الإمعان في الكر بعد كل فشل ،وتلك القفزة الجسور التي تحصد الأرواح كما يُحصد الثناء في مجالس النفاق.. كـل ذلك الحضور المتجبر كان يسكب عطره المركز في جو الغرفه جلالا وبهاء وثقة مترعة بالنفس..وصارالأزرق في تلك الغرفة الصغيرة مثل المفاعل النووي الذي تتسرب منه الإشعاعات, حتما سيغير حياة من دخل في مداه . ومن شدة ولعه بالأزرق, قام أمجد باستلاف كاميرا حديثة من أحد زملائه, واستطاع بعد جهد أن يلتقط بها مجموعة من الصور للأزرق في أوضاع شتى, ثم زين بها جدران الغرفة . واستبدل أمجد بعد حين , عين التعود على المدينة بعين الاندهاش , فبدت له في ثنايا الوجه المجمل بالمساحيق والأصباغ, تجاعيد الزيف والتآكل, وظهرت من تحت ديباج الحرير الموشح باللؤلؤ, تشوهات الجسد المتفسخ بقيح الخطايا والانحلال, ولاحت من خلف البنايات الجسيمة الفخورة, مشانق أخلاق الشرف والبطولة.. وتعجب كيف لجسد ما, أن يجمع فـي الوقت نفسه, بين ترف الزينة الجهير,وبين بؤس الفقر المدقع. وحضنت تلك البذرة التي تهـيأت في مناخ الغرفة في تربة النشأة الفطرية الخصبة ,لذا لم تستغرق الكيمياء داخل أمجد زمنا طويلا, إذ سرعان مانضحت منه روائح كرام المعادن , حتى صار في محيطه مركـز الثقل الجذاب والملهم , الشئ الذي جعل أستاذ تاريخ القانون بالكلية يلوح في مجمع من الأساتذة, بعصا خبرته التي يمشي عليها قائلا: إن هذا الفتى هو أمل مدينتنا المنتظر.
|
|
|
|
|
|