|
سيدهارتا
|
12:48 PM Jul, 16 2015 سودانيز اون لاين Mohamed Yousif-Vienna مكتبتى فى سودانيزاونلاين
سيدهارتا
(من كتابات هيرمات هيسى)
إذا كنت تكره شخصا ما فأنت تكره شيئا ما بداخلك تجده فيه , فما ليس بداخلنا لا يزعجنا. هيرمان هيسى
زيارته للهند في وقت لاحق تمخضت بروايته سيدهارتا وهي رواية تستند إلى بداية حياة بوذا. الكتاب يتناول قصة ابن تمرد ضد ابيه وهو احد افراد طبقة الكهنوت العليا عند الهندوس والعادات والتقاليد المحكومة بالطريقة البراهمان3(Brahman) الإله الهندوسى) . والرواية رددت تطلعات جيل يسعى إلى إيجاد مخرج من التقييد و المادية والتسلط. وهو انعكاس لتجربة الكاتب نفسه في البحث عن ذاته وانغماسه في تعاليم بوذا. الجميع لمس ان سيدهارتا سيصبح كاهنا مثل والده وان يكون معلما في طريقة البراهمان المقدسة ولكن سيدهارتا لمس في قلبه ان هناك شيء مفقود في التعاليم المقدسة وعليه أن يكتشف بنفسه الطريق الصحيح الذي يقوده للتنوير. نشأ سيدهارتا مع صديقه جوفيندا و شارك في محادثات لحكماء وجادل مع صديقه ومارس فن التأمل.كان والده فخورا بيه و رأى فيه العالم العظيم والقسيس والأمير بين البراهمان. أثار الحب في قلوب بنات البراهمانيين الصغار حينما يسير في شوارع المدينة كالملاك. لقد أحبه الجميع ولكنه لم يكن سعيداً. وشعر ان حب والديه وحب صديقه جوفيندا له لا يجلب له السعادة والرضاء والسلام ... وأدرك ان مجموع المعارف التى تحصل عليها من ابيه وحكماء البراهمن4(Brarahmin) لم تشبعه. وبات الشك يراوده وكثيراً من الأسئلة تحوم في رأسه. سيدهارتا عرف كثيرا من حكماء البراهمين3 بجانب والده وكنَ لهم الاحترام لعلمهم الغزير في شئون الكون والخليقة ولكنهم يذهبون الي الينابيع المقدسة لغسل خطاياهم وتقديم القرابين ...وراوده الشك ... لماذا وماذا عن الآلهة ...هل براجاباتى16 هو الإله الذى خلق الكون ام الإله أتمان2 ...(Atman) عليه المضي قدما نحو تحقيق الذات والاقتراب نحو الإله أتمن. كل هذا الغموض جعله يفكر في البحث عن طريق جديد. وفي يوم من الايام طلب سيدهارتا من صديقه جوفيندا ان يذهبا الي شجرة البنيانة للعبادة والتأمل. وجلسا تحت الشجرة. سَرد سيدهارتا المقطع التالي: * أٌمْ القوس , السهم الروح , برهمان هدف السهم يهدف له ثابِتُ الجَأْش. * أٌمْ15(Om) هو رمز الهندوسية وتعني الله والخليقة ووحدة كل المخلوقات. وعند المساء قال سيدهارتا لصديقه: " صباح غد سأقوم بالانضمام الي(Samana) سمانا19 ) وهي طائفة دينية تؤمن بهجر الحياة التقليدية والإلتزامات في الحياة الاجتماعية من أجل ايجاد طريقة حياة أكثر إنسجاما مع الطبيعة(. سأله صديقه ان كان ابيه سوف يسمح له. قال له سيدهارتا: " لن نضيع الكلمات ... غدا عند الفجر سأبدأ حياة السمانا ولنحرص على ألا نناقش الموضوع مرة ثانية ". اخبر والده وجرى بينهما الحوار التالي: سيدهارتا: " جئت لأقول لك سوف اغادر بيتك غدا للانضمام الي المتصوفين. رغبتي ان اكون سَمانا وأنا على ثقة... والدي لن يعترض." وكان والده صامتا لوقت طويل الى ان مرت النجوم عبر النافذ الصغيرة وتغير ترتيبها. فقال له والده : "لا يليق ان تنطلق منا عبارة غاضبة ولكن هناك استياء وغضب في قلبي. أرجو ألا أسمع منك هذا الطلب من مرة ثانية". وبقي سيدهارتا صامتا مَطْوِيّ الذِراعين لا يتحرك من وقفته. الوالد : " لماذا الانتظار" سيدهارتا : "انت تعرف لماذا" تركه والده هكذا وغادر لينام ولكنه لم يستطع النوم ونظر من النافذة وشاهد سيدهارتا في وقفته تلك لا يتحرك. وتكرر المشهد خلال ساعات اليل. عند مطلع الفجر ذهب الوالد الي سيدهارتا ووجده واقفا لا يتحرك. الوالد: " لماذا الانتظار" سيدهارتا: "انت تعرف لماذا" الوالد:" سوف تظل واقفا طيلة اليوم" سيدهارتا: "اقف وانتظر" الوالد: " سوف تتعب" سيدهارتا: "سوف اتعب" الوالد: " سوف يدركك النوم" سيدهارتا: "لن انوم" الوالد: " سوف تموت" سيدهارتا: "سوف اموت" الوالد: " اتفضل الموت على اطاعت والدك" سيدهارتا: "سيدهارتا دائما يطيع والده" الوالد: " سوف تتخلى عن المشروع" سيدهارتا: "سيدهارتا يفعل كل ما يتطلبه والده " ظل سيدهارتا واقفا وقد لاحظ الوالد اعين ابنه تنظران بعيدا... واقتنع من غير ريب ان ابنه رحل منه هذه اللحظة. لمس كَتِفه وقال له " يمكنك الذهاب الى الغابة لتصبح سَمانا". وأخيرا غادر سيدهارتا منزل ابيه بعد ان ودع امه للانضمام الى سامانا وبدأ حياة جديدة للبحث عن الذات.
|
|
|
|
|
|
|
|
|