رحيل الأستاذ عبداللطيف عمر الى الضفة الأخرى من الحياة الكاملة

Quote: نــــــدم وخـــــوف! تقرير عن هذه المشاركة اقتباس مشاركةبواسطة نادر ومريم » الثلاثاء مايو 05, 2015 7:38 pm كنت قد أحجمت عن الكتابة ليس لانشغال ولا لافتعال أهمية، ولكن لأن المعين نضب ولم يبق فيه ما يستحق أن يُكتب عنه.. ولكن الحوجه إليها "تتاورني" في كل وقت يلكأني جرح كمثل جرحنا هذا في يومنا هذا في شهرنا هذا في عامنا هذا... بعد انتقال أستاذ سعيد، ودخولي رسمياً في دائرة الحيرة، شعرت بخواء داخلي وفراغ شديد.. وقلبي يعتصره الألم ولا يعلم ما يسلّيه أو يخفف عنه.. أذكر في تلك الأيام اتصالاً من عمي متوكل، كان يتحدث فيه بحزم لم أعهده، وكان يستحثني أن أرى الأستاذ من وراء استاذ سعيد.. وان أحاول ان اعرف الاستاذ أكثر... استمعت إليه وخاطري لا يروقه الكلام، لكني الآن بعد أربعة عشر عاماً، فهمت.. تجاهلت نصيحة عمّي وقتها، وكتبت خطاباً في غاية السذاجة لأستاذ عبداللطيف.. ذكرت فيه أنني أشعر بحزن شديد وأني افتقدت الأب الحاني في استاذ سعيد، وأني اريده أن يتبناني ابنة من بعد انتقال السعيد.. احتفى استاذ عبداللطيف بالخطاب، وقرأه على الأخوان ممكن كانوا معه، ولازلت أجهل لم كان الاحتفاء.. من يومها عقد استاذ عبداللطيف معي تلك العلاقة الأبوية.. بما فيها من صبر الأب على علاّت أبنائه.. ومن خوفه عليهم وسؤاله عنهم.. كان يتصل بي ويسأل عنّي في كل حين يسمع ان بي شيء.. في أحد المرات، تعرّضت لوعكة فقدت معها جنيناً لم يكن قد أكمل ثلاثة اشهر في احشائي، لم تكن الوعكة بهذا السوء وليست بالشيء الخطير المزعج.. فوجئت باتصال منه يسأل عن صحتي.. وفي ذلك اليوم تمنيت أن تخسفني الأرض.. وبكيت وانا اسمع صوته خجلاً من تقصيري ومن شعوري الشديد بانشغاله بي وانا لا استحق.. ولكنه ذلك الخطاب، فأنا طلبت وهو اجاب.. في احدى زياراتي الخاطفة للسودان، ذهبت لأسلّم عليه، وجلست بجانبه أشرح اسباب الزيارة.. في تلك اللحظات حصلت على درسي الأول، وهو ما يشبه التسجيل الصوتي المتداول بين الأخوان هذه الأيام.. لاحظ ان احدى الأخوات سلّمت على أخرى وفي نفس الوقت تتحدث مع ثانية.. فانتظر حتى انتهت من السلام ثم ناداها وتحدّث معها عن اهمية المباشرة في السلام.. والنظر في عيني من نسلّم عليه.. وانه من المهم أن نشد على يد الآخر بقوة.. ولو ان شيئاً في هذه الدنيا يجلب القبول، فهو هذا السلام.. وإفشاء السلام.. ولازلت اجد القبول في كل مكان أذهب إليه بسبب هذا الدرس.. آخر حديثي معه كان حين كان في رحلة الاستشفاء/الوداع.. كنت أتابع صور استقباله للأخوان والأخوات.. وألحظ أنه في جميع الصور يحمل هاتفاً يتحدث مع أحدهم.. فقلت في نفسي سأنتظر حتى يخف الحال، فلم أشأ أن أثقل عليه.. بعد عتاب من والدي، اتصلت على استحياء وذكرت له ملاحظتي عن الهاتف.. فضحك بشدّة، ثم تحدّث معي عن ذكريات تعود إلى عام 2001 حين ذهبت في زيارة معه إلى الشيخ إدريس ود الأرباب في العيلفون.. وتحدث عن أن تلك الزيارة كانت جميلة وأنني قد اخذت وقتها الكثير من الصور.. كان عدد الأخوان الأخوات كبيراً في ذلك اليوم، ولم أكن اعتقد اني كنت مرئية وقتها.. كنت مأخوذة بأجواء الزيارة وبالحركة وبالمعية.. وكنت أشعر بضآلة الحجم لدرجة شعوري بأني خفية لا يراني أحد.. لكنه كان يراني.. إنه ذلك الخطاب الذي طلبت فيه منه المدد.. قبل دخوله إلى المستشفى الدخول الأخير، غشيتني خوفه وخاطر أرعبني.. اتصلت لأسأل عنه، فلم أجد إجابة.. طرقت أكثر من باب ولم أجد إجابة.. في نهاية ذلك اليوم علمت أنه دخل إلى المستشفى.. وعلمت ان كل انواع الاتصال ممنوعة عنه.. وشعرت ان احد أبواب الجنّة قد سُدّت عن دنيانا.. كنت في أيامي الأخيرة من حملي بآمنة.. وكتبت يومها اسأل عنه أخونا أحمد الملازم.. وقلت له دون أن يسأل، بأن مولودتي قد ربطت أمرها بأمره وانها لن تخرج حتى نطمئن عليه.. بعد يومين سمعت ببشائر التحسن.. وفرحنا حتى بكينا.. وفي اليوم التالي، وصلت آمنتي تبتسم للدنيا.. كانت هذه آخر خيوط الرعاية التي أرسلها إليّ.. والتي كنت أشعر بها مجسّدة في تدليله لي وانا لا استحق، وفي سؤاله عنّي وانا لا استحى.. اللهم اني أمتك الخطّاءة في هذه الدنيا.. ولكني ابنة الأستاذ وابنة السعيد وابنة عبداللطيف.. اللهم اني اتعلّق بالاستاذ وبالسعيد وبالعبداللطيف.. اللهم اني اسألك بجاههم الصفح والغفران فيما سبق وما يتقدّم... وإن راح منّك يا عين... حيروح من قلبي فين!اللهم كن همى وأكفني ماأهمنى وأجعل همي بين عينيك