عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-08-2024, 12:18 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-11-2015, 01:16 AM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5209

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. (Re: Mohamed Adam)

    (11)
    ديمتري أand#1700;ييرينوس
    البحث عن:
    المشكلات والزمن – ج. كريشنامورتي
    2013/11/12نصوص له
    المشكلات والزمن*
    ج. كريشنامورتي
    بحسب أحدث مكتشفات الأنثروپولوجيين، عاش الإنسان على هذه الأرض، على ما يبدو، طوال حوالى مليونين من السنين. وقد ترك الإنسان في الكهوف، طوال حوالى سبعة عشر ألف سنة، سجلات عن الكفاح، عن الصراع، عن أسى الوجود الذي لا ينتهي – الصراع بين الخير والشر، بين الوحشية والشيء الذي ما انفك يطلبه أبدًا: الحب. وعلى ما يبدو، لم يستطع الإنسان حلَّ مشكلاته – لا مشكلات الرياضيات، لا المشكلات العلمية أو الهندسية، بل المشكلات البشرية للعلاقة: كيف يحيا في هذا العالم حياة مُسالِمة، كيف يكون على صلة حميمة مع الطبيعة ويرى جمال طائر على غصن أجرد.
    وإذا ما انحدرنا إلى الأزمنة الحديثة لَوجدنا أن مشكلاتنا – مشكلات الإنسان – ما انفكت تتفاقم أكثر فأكثر؛ وترانا نحاول أن نحلَّ هذه المشكلات بحسب أنماط بعينها من الأخلاقيات أو السلوك، وبحسب مختلف الالتزامات التي وَهَبْنا أذهانَنا لها. بحسب التزاماتنا، أنماط سلوكنا، وَصْفاتنا ومرجعياتنا الدينية، ترانا نحاول أن نحلَّ مشكلاتنا، عذاباتنا، يأسنا، تقلُّباتنا، وتناقضات حياتنا. ترانا نأخذ بموقف معيَّن بوصفنا شيوعيين، اشتراكيين، هذا أو ذاك؛ ومن ذلك الموقف، من تلك “المنصة”، إذا جاز التعبير، نحاول أن نحلَّ مشكلاتنا متفرِّقةً، واحدة بعد الأخرى – هذا ما نفعله في حياتنا.
    قد يكون أحدهم عالِمًا عظيمًا، لكن ذلك العالِم بالذات، في مختبره، مختلف كليًّا عن العالِم في منزله، القومي، المرير، الغضوب، الغيور، الحسود، المتنافس مع أترابه العلماء على اسم أعظم، على شعبية أعظم، وعلى المزيد من المال. إنه غير معنيٍّ بالمشكلات البشرية بتاتًا، بل معنيٌّ فقط باكتشاف مختلف أشكال المادة وبحقيقة ذلك كلِّه.
    ونحن كذلك – بما نحن بشر عاديون ولسنا خبراء ولا اختصاصيين في أيِّ مجال بعينه – ملتزمون نمطًا معينًا من السلوك، مفاهيم دينية معينة، أو سُمًّا قوميًّا ما، ومن التزامنا ذاك نكدح لحلِّ المشكلات المتكاثرة، المتفاقمة أبدًا.
    الكلام، كما تعلمون، لا نهاية له، القراءة لا نهاية لها. بالوسع تكديس الكلمات على الكلمات، والأسلوب البليغ، جمال اللغة، عقلانية ما يقال أو لامنطقيَّته، إما أن تقنعك وإما أن تثنيك. لكن المهم ليس تكديس الكلمات، ليس الاستماع إلى الأحاديث والخُطَب والقراءة، بل بالحري حلُّ المشكلة – مشكلة الإنسان، مشكلتك أنت – لا مجزَّأةً، لا عندما تظهر، لا بحسب الظروف، لا بحسب ضغوط الحياة الحديثة وتوتراتها، لكنْ انطلاقًا من فاعلية مختلفة كليًّا. هناك المشكلات البشرية: الطمع، الحسد، بلادة روح الذهن، القلب الموجوع، الانعدام المروِّع لحساسية الإنسان، الوحشية، العنف، اليأس والعذاب العميقان. وطوال مليونين من السنين عشناها، ونحن نحاول أن نحلَّ هذه المشكلات بحسب وصفات مختلفة، مذاهب مختلفة، مناهج مختلفة، گورو [معلِّمين روحيين] مختلفين، طرائق للنظر مختلفة، مستفسرين، متقصِّين. ومع ذلك، فها نحن حيث نحن، عالقون في هذه السيرورة التي لا تنتهي من العذاب والبلبلة واليأس المستديم.
    فهل هناك وسيلة لحلِّ المشكلات حلاً جذريًّا، تامًّا، بحيث لا تظهر أصلاً، وإذا حدث وظهرتْ، نستطيع أن نواجهها آنيًّا ونحلَّها، نبدِّدها، نتخلص منها؟ هل هناك وسيلة حياة كلِّية لا تربة فيها لنبات المشكلات أصلاً؟ هل هناك سبيل للعيش – لا نمط طريقة أو منهج أو مذهب، بل سبيل كلِّي للعيش – بحيث لا تنبت أيُّ مشكلة في أيِّ وقت، وإذا حدث ونبتتْ، يُستطاع حلُّها آنيًّا؟ إن ذهنًا مثقلاً بعبء المشكلات يصير ذهنًا بليدًا، ثقيلاً، غبيًّا. لا أدري إذا اتفق لكم أن تراقبوا ذهنكم وأذهان زوجاتكم وأزواجكم وجيرانكم. عندما يعاني الذهن مشكلات من أيِّ نوع فإن تلك المشكلات بعينها – حتى مشكلات الرياضيات، مهما تكن معقدة، مهما تكن مؤلمة، مهما تكن مستعصية، عقلية – تبلِّد الذهن. وبكلمة مشكلة أعني مسألة صعبة، علاقة صعبة، قضية صعبة تبقى غير محلولة وتُحمَل من يوم إلى يوم. وإذن فنحن نسأل إنْ كان ثمة سبيل عيش، إنْ كانت هناك حالٌ ذهنيةٌ، لأنها تتفهم كلِّية الوجود، خاليةٌ من المشكلات، وكذلك، حين يحدث وتظهر مشكلة، تستطيع أن تحلَّها فورًا. فما إن تُحمَل مشكلةٌ مؤجلةٌ – يومًا واحدًا حتى، دقيقة واحدة حتى – حتى تجعل الذهن ثقيلاً، بليدًا، والذهن يَعدَم كلَّ حساسية للنظر، للرصد.
    هل يوجد فعلٌ كلِّي، حالٌ ذهنيةٌ تحلُّ كلَّ مشكلة عند ظهورها، وخالية في ذاتها من المشكلات، على أيِّ عمق كان، واعيةً كانت أم خافية؟ لا أدري إذا اتفق لك يومًا أن تسأل نفسك هذا السؤال. أغلب الظن أنك لم تفعل، لأن غالبيتنا غارقون، عالقون في مشكلات العيش اليومي، – طلب الرزق وتلبية متطلَّبات مجتمع يبني نفسانيًّا بنيةً قائمةً على الطموح، الجشع، الاستئثار، – إلى حدِّ أنه ليس عندنا وقت للتقصِّي. هذا الصباح، سنتقصَّى هذا الأمر، وعليك أنت يتوقف مدى عمق تقصِّيك، مدى جدية طلبك، مقدار وضوح رصدك وشدَّته.
    لقد عشنا، على ما يبدو، طوال مليونين من السنين – وإنها لفكرة رهيبة! ولعلنا سوف نعيش، كما يفعل البشر، مليونين آخرين من السنين، عالقين في الألم المستديم للوجود. فهل توجد وسيلة، هل يوجد شيء يحرِّر الإنسان من هذا، يحرِّره تمامًا، بحيث لا يعيش ثانية واحدة حتى في العذاب، لا يخترع فلسفة ترضيه في عذابه، لا يضع وصفة يطبِّقها على جميع المشكلات التي تظهر، فيزيد بذلك من تلك المشكلات؟ يوجد! توجد حالٌ ذهنيةٌ تستطيع أن تحلَّ المشكلات فورًا؛ وبالتالي، فإن الذهن، بحدِّ ذاته، يخلو من المشكلات، واعيةً كانت أم خافية.
    سنتقصَّى هذا الأمر. ومع أن المتكلم سيستعمل كلمات وينفذ إلى أبعد ما يمكن عبر ما تبلِّغه الكلمات، يتعيَّن عليك أنت أن تصغي وتفهم. أنت إنسان، ولست فردًا، لأنك مازلت العالم، الجمهور؛ أنت جزء من بنية هذا المجتمع الرهيبة. لا فردية هناك إلا حين توجد حالٌ ذهنيةٌ يخلو الذهن حينها من المشكلات، حين يستخلص ذاته تمامًا من البنية الاجتماعية للاستئثار، للجشع، للطموح.
    نقول إن هناك حالاً ذهنيةً بوسعها أن تحيا من دون أيِّ مشكلة، وبوسعها أن تحلَّ آنيًّا أيَّ مشكلة تظهر. عليك أن ترى مدى أهمية عدم حملك مشكلة مؤجلة، ولا حتى يومًا واحدًا أو ثانية واحدة، لأنك كلما كانت عندك مشكلة غير محلولة، زوَّدتَها بتربة يمكن لها أن تتجذَّر فيها، فتخرِّب الذهن والقلب والحساسية العصبية. لذا فمن اللازم أن تُحَلَّ المشكلةُ على الفور.
    هل من الممكن، بعد أن عشنا طوال مليونين من السنين مع النزاعات، مع البؤس، مع تذكار الآماس الكثيرة – هل من الممكن للذهن أن يتحرَّر من ذلك، بحيث يكون تامًّا، سليمًا، غير مفتَّت؟ ومن أجل اكتشاف ذلك، لا بدَّ للمرء من أن يتقصَّى الزمن، لأن الصلة وثيقة بين المشكلات والزمن.
    وإذن، فسنتقصَّى الزمن. أي أننا، بعد أن عشنا طوال مليونين من السنين، هل يتعيَّن علينا أن نواصل العيش مليونين آخرين من السنين في الأسى، الألم، الكرب، الصراع المستديم، الموت؟ هل هذا محتوم؟ المجتمع يتقدم، يتطور على ذلك النحو – يتطور عبر الحرب، عبر الضغط، عبر هذا الصراع بين الشرق والغرب، عبر سائر خلافات القوميات، السوق المشتركة، كتل هذه القوة وتلك القوة. المجتمع يتحرك، يتحرك، يتحرك – بطيئًا، غافيًا بمعنى ما، لكنه يتحرك. طيب، لعل المجتمع، بعد مليونين من السنين، سوف يصل إلى نوع من الحال يعيش فيها [الإنسان] مع إنسان آخر من دون تنافس، بمحبة، في رفق، في طمأنينة، بحسٍّ جمالي رفيع. ولكنْ هل يتعيَّن على المرء أن ينتظر مليونين من السنين حتى يتوصل إلى ذلك؟ ألا يجب على المرء أن يكون نافد الصبر؟ أنا أستعمل عبارة نفاد الصبر بالمعنى السليم: نفاد الصبر بمعنى عدم الصبر على الزمن. أقصد: ألا نستطيع أن نحلَّ كلَّ شيء، لا عبر الزمن، بل فورًا؟
    تفكَّرْ في هذا الأمر فعلاً. لا تقلْ إنه غير ممكن أو إنه ممكن. ما هو الزمن؟ هناك الزمن الميقاتي، الزمن بتوقيت الساعة – وذلك واضح، ذلك ضروري: حين يكون عليك أن تبني جسرًا، تراك تحتاج إلى زمن. لكن أيَّ شكل آخر من الزمن – أي: “سوف أكون…”، “سوف أفعل…”، “يجب عليَّ ألا…” – ليس حقيقيًّا؛ إنه مجرد اختراع ذهن يقول: “سوف أفعله.” أما إذا لم يكن هناك غدٌ – وليس هناك غدٌ – فإن موقفك برمَّته إذ ذاك يختلف. وفعليًّا لا يوجد مثل هذا الزمن – فحين تكون جائعًا أو شبقًا أو شهوانيًّا، لا زمن عندك: تراك تريد ذاك الشيء على الفور! ومنه، فإن فهم الزمن هو حلُّ المشكلات.
    عاينْ، أرجوك، العلاقة الوثيقة بين المشكلة والزمن. على سبيل المثال، هناك أسى. أنت تعرف ما هو الأسى – لا الأسى المطلق، بل أسى الوحشة، أسى عدم حصولك على شيء تريده، أسى عدم رؤيتك رؤية واضحة، أسى الإحباط، أسى فقدانك شخصًا تظنُّ أنك تحبه، أسى رؤيتك شيئًا رؤية واضحة للغاية عقليًّا، مع عجزك عن فعله. وفيما يتعدى هذا الأسى، هناك أسى أعظم أيضًا: أسى الزمن. إذ إن الزمن هو الذي يولِّد الأسى. أصغوا إلى هذا، أرجوكم. لقد قبلنا الزمن، وهو سيرورة الحياة المتدرِّجة، الطريقة المتدرِّجة في التطور، التغير المتدرِّج من هذا إلى ذاك، من الغضب إلى حال من عدم الغضب، بالتدريج. لقد قبلنا سيرورة التطور المتدرِّجة، وترانا نقول إنها جزء من الوجود، إنها جزء من الحياة، إنها خطة الله، أو الخطة الشيوعية، أو خطة أخرى ما. لقد قبلناها، وترانا نتعايش مع ذلك، لا تخيليًّا، بل فعليًّا.
    والآن، ذاك، بنظري، هو الأسى الأعظم: السماح للزمن بأن يُملي التغيير أو التحوُّل. أعليَّ أن أنتظر عشرة آلاف سنة وأكثر، أعليَّ أن أتكبد هذا البؤس، هذا النزاع، عشرة آلاف سنة أخرى، وببطء، أتغير بالتدريج، شيئًا قليلاً فشيئًا قليلاً، فآخذ وقتي، أتحرك ببطء؟ قبول ذلك والعيش على تلك الحال هو الأسى الأعظم.
    هل من الممكن إنهاء ذاك الأسى فورًا؟ – ذلك هو لبُّ المسألة. إذ إنني بمجرد أن أحلَّ الأسى – الأسى بالمعنى الأعمق لتلك الكلمة – ينتهي كلُّ شيء. ذلك أن ذهنًا يعاني الأسى ليس بوسعه أبدًا أن يعرف ما يعنيه الحب.
    وإذن، فعليَّ أن أتعلَّم عن الأسى فورًا، وفعل التعلُّم بعينه هو القطع التام للزمن. رؤية شيء على الفور، رؤية الزائف على الفور، – رؤية الزائف تلك هي بعينها فعل الحقيقة الذي يحرِّرك من الزمن.
    سأتوغل بعض الشيء في مسألة الرؤية هذه. بينما كنَّا داخلين لتوِّنا كان هناك ببغاء: أخضر، لامع، بمنقاره الأحمر، جاثم على غصن ميت على خلفية السماء الزرقاء. نحن لا نراه بتاتًا؛ فنحن أكثر انشغالاً، أكثر تركيزًا من أن نراه، نحن من الاضطراب بحيث لا نرى أبدًا جمال ذلك الطائر على الغصن الميت على خلفية السماء الزرقاء. فعلُ الرؤية فوريٌّ – لا “سوف أتعلَّم كيف أرى”. إذا قلت: “سوف أتعلَّم” فقد أقحمتَ الزمن سلفًا. وإذن، لا رؤية ذلك الطائر وحسب، بل وسماع ذلك القطار أيضًا، سماع السعال، هذا السعال العصبي المتواصل كلَّ الوقت هنا، – سماع ذلك الضجيج، الإنصات إليه، هو فعل فوري. وإنه لَفعلٌ فوريٌّ أن ترى رؤية واضحة للغاية، من دون المفكِّر – رؤية ذلك الطائر، رؤية المرء ما هو إيَّاه، فعليًّا، لا النظريات حول الآتمن [الذات العليا] الفائق إلى ما هنالك من نظريات، بل رؤية فعلية لما هو المرء إيَّاه.
    تتضمن الرؤية ذهنًا خاليًا من الآراء، خاليًا من الوصفات. إذا كانت عندك وصفة في ذهنك فلن ترى أبدًا ذلك الطائر، – ذاك الببغاء الجاثم على ذلك الغصن الميت على خلفية السماء الزرقاء، – لن ترى جماله الكلِّي. ستقول: “نعم، ذاك ببغاء من النوع الفلاني، والغصن الميت غصن شجرة من النوع الفلاني، وزرقة السماء زرقاء بسبب الضوء المنتثر عبر هباء الغبار”، لكنك لن ترى أبدًا كلِّية ذلك الشيء الخارق. ولإدراك كلِّية ذاك الجمال، لا زمن ثمة. بالطريقة عينها، لرؤية كلِّية الأسى، يجب عدم إقحام الزمن بتاتًا.
    انظرْ إلى الأمر، رجاءً، بطريقة أخرى. كما تعلم، فعليًّا، ليس عندنا حب – ذاك شيء رهيب إدراكه. فعليًّا، ليس عندنا حب؛ عندنا العاطفة؛ عندنا الانفعالية، الحسِّية، الجنس؛ عندنا ذكريات عن شيء ظننَّاه حبًّا. لكننا فعليًّا، بصراحة فظَّة، ليس عندنا حب. لأن وجود الحب يعني عدم العنف، عدم الخوف، عدم التنافس، عدم الطموح. لو كان عندك حبٌّ لما قلت أبدًا: “هذه أسرتي.” قد تكون عندك أسرة وتوفِّر لها أفضل ما تستطيع، لكنها لن تكون “أسرتك” أنت، في مقابل العالم. إذا أحببتَ، إذا وُجِدَ الحب، يوجد سلام. لو أنك أحببتَ، لَربَّيتَ ولدك على أنْ لا يكون قوميًّا، على أنْ لا يكون فقط صاحب مهنة تقنية، فيرعى شؤونه الصغيرة التافهة، ولَما كانت لك قومية. ما كانت الانقسامات الدينية لتوجد لو أنك أحببت. ولكنْ بما أن هذه الأمور موجودة فعليًّا – ليس نظريًّا، بل بواقعية موجعة – في هذا العالم البشع، فهذا يبيِّن أنه لا حب عندك. حتى حب أمٍّ لولدها ليس حبًّا. لو أن الأم أحبَّتْ ولدها حقًّا هل كان العالم على هذه الصورة يا ترى؟! [لو أحبَّتْه] لَحرصتْ على أن يحصل على الطعام السليم، على التربية الصحيحة، لَربَّتْه على أن يكون حساسًا، على أن يقدِّر الجمال، على أنْ لا يكون طَموحًا، طامعًا، حاسدًا. فالأم، إذن، مهما ظنَّت أنها تحب ولدها، لا تحب الولد حقًّا.
    وإذن، فليس عندنا ذاك الحب.
    فماذا ستفعل إذن؟ إذا قلت: “قلْ لي أرجوك ماذا أفعل” فأنت تفوِّت عليك القطار بالمرة! لكنْ عليك أن ترى أهمية تلك المسألة، رحابتها، إلحاحها، – ليس غدًا، ليس في اليوم التالي أو في الساعة التالية، بل أن تراها الآن. ولرؤية ذاك، يجب أن تكون عندك طاقة. إذن، عاينْ فورًا فحسب – فالحفَّاز الذي يجمِّد السائل أو يبخِّره على الفور لا يفعل فعله إذا أقحمتَ الزمن مجرد ثانية واحدة حتى. وجودنا كلُّه، كتبنا كلُّها، أملنا كلُّه، مؤجل – غدًا، غدًا، غدًا. إباحة حياتنا للزمن هي الأسى الأعظم.
    وإذن فالقضية عندك، لا عند المتكلم الذي تتوقع منه الحصول على جواب. إذ لا جواب هناك – وذاك جمال الأمر. بوسعك أن تجلس متربعًا، أن تتنفس التنفس الصحيح، أو أن تقف على رأسك طوال العشرة آلاف سنة القادمة. لكنك ما لم تطرح هذا السؤال على نفسك – ليس سطحيًّا، ليس لفظيًّا، ليس عقليًّا، بل بكيانك كلِّه – سوف تعيش على ذلك طوال مليونين من السنين. تلك السنون المليونان قد تكون غدًا فحسب. وإذن، فالصلة وثيقة بين المشكلات والزمن – فهل ترى الأمر الآن؟
    إن ذهنًا يطلب جوابًا عن هذا السؤال ليس عليه أن يفهم أنه نتاج الزمن وحسب، بل وأن ينفي ذاته أيضًا، بحيث يستطيع أن يكون خارج بنية الزمن، خارج المجتمع. لو أنك استمعت، استمعتَ حقًّا بإلحاح، بشدة، لَتوصَّلتَ إلى هذا – ليس لفظيًّا وحسب، بل فعليًّا –: إنك لم تعد عالقًا في براثن الزمن. فالذهن، مع أنه نتاج مليونين أو أكثر من السنين، يكون قد أفلت، لأنه رأى السيرورة برمَّتها وفَهِمَها على الفور. بوسع المرء أن يتوصل إلى هذا – ذاك واضح تمامًا. حين يرى المرء هذا الشيء يكون الأمر أشبه بلَعِب الأطفال. فمع أنكم جميعًا أناس راشدون، لحظة ترى الأمر تقول: “ماذا كنت أفعل بحياتي طوال هذه المدة؟!” عندئذٍ فإن الذهن يخلو من المخادعة، يخلو من الضغوط.
    عندما يخلو الذهن من المشكلات، من التوترات، ويكون بلا اتجاه، إذ ذاك فإن لذهنٍ كهذا فضاءً، فضاءً لانهائيًّا في الذهن وفي القلب كليهما؛ وفقط في ذاك الفضاء اللانهائي يمكن للخلق أن يكون. ولأن الأسى والحب والموت والخلق هي جوهر هذا الذهن، يكون هذا الذهن حرًّا من الأسى، حرًّا من الزمن. وإذن، يكون هذا الذهن في حال محبة، وحين يوجد الحب، يوجد الجمال. في حسِّ الجمال ذاك، في الشعور بذاك الفضاء الرحب، اللانهائي، يوجد خلق. وأبعد من ذلك أيضًا – “أبعد” لا بمعنى الزمن – يوجد شعور بحركة شاسعة.
    والآن، أنتم جميعًا تستمعون إلى الأمر، آملين أن تمسكوا به لفظيًّا، لكنكم لن تستطيعوا – مثلما لا تستطيعون أن تمسكوا بالحب بمجرد الاستماع إلى خطبة عن الحب. حتى تفهم المحبة، يجب عليك أن تبدأ من الأقرب إليك، وهو نفسك. ومن ثَمَّ حين تفهم، حين تخطو الخطوة الأولى – وتلك الخطوة الأولى بعينها هي الخطوة الأخيرة أيضًا –، بوسعك إذ ذاك أن تمضي بعيدًا للغاية، أبعد بكثير من الصواريخ المنطلقة إلى القمر أو الزهرة أو المريخ. وهذا، في كلِّيته، هو الذهن الديِّن.
    and#1700;ارنسي، 28 تشرين الثاني 1964

    * From the Verbatim Report of the fifth public talk in Varanasi, 28 November 1964, in Collected Works of J. Krishnamurti, copyright ©1991 Krishnamurti Foundation of America.
    .
                  

العنوان الكاتب Date
عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-05-15, 09:18 AM
  Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Yasir Elsharif02-05-15, 09:28 AM
  Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-05-15, 09:31 AM
    Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-05-15, 09:49 AM
      Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-05-15, 09:54 AM
        Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-05-15, 09:57 AM
          Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-05-15, 10:02 AM
            Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-05-15, 10:06 AM
              Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. ودقاسم02-05-15, 10:20 AM
              Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-05-15, 10:20 AM
                Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-05-15, 10:25 AM
                  Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-05-15, 03:07 PM
                    Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-05-15, 03:39 PM
                      Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-06-15, 02:23 AM
                        Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-06-15, 10:56 AM
                          Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-06-15, 11:15 AM
                            Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-06-15, 11:20 AM
                              Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-06-15, 11:29 AM
                                Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-08-15, 00:13 AM
                                  Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-08-15, 00:18 AM
                                  Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. مصطفى الجيلي02-08-15, 00:19 AM
                                    Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-08-15, 03:02 AM
                                      Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-08-15, 03:21 AM
                                      Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. مصطفى الجيلي02-08-15, 04:04 AM
                                        Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-08-15, 10:03 AM
                                          Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-08-15, 10:27 AM
                                            Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-08-15, 10:42 AM
                                          Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. مصطفى الجيلي02-08-15, 08:51 PM
                                            Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-11-15, 00:01 AM
                                              Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-11-15, 00:57 AM
                                                Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-11-15, 01:16 AM
                                                  Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-11-15, 04:57 AM
                                                    Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-11-15, 05:17 AM
                                                      Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-11-15, 05:22 AM
                                                        Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-11-15, 05:25 AM
                                                          Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-11-15, 05:29 AM
                                                            Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-11-15, 10:29 PM
                                                              Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-11-15, 10:43 PM
                                                                Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-11-15, 11:27 PM
                                                                  Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-12-15, 03:32 AM
                                                                    Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-12-15, 05:44 AM
                                                                      Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-12-15, 05:57 AM
                                                                        Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-16-15, 11:43 AM
                                                                          Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-18-15, 06:49 AM
                                                                            Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-18-15, 06:56 AM
                                                                              Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-18-15, 07:01 AM
                                                                                Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-18-15, 07:05 AM
                                                                                  Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-18-15, 07:09 AM
                                                                                    Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-18-15, 07:17 AM
                                                                                      Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-18-15, 07:22 AM
                                                                                        Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-18-15, 07:25 AM
                                                                                          Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-18-15, 01:43 PM
                                                                                            Re: عندما دخل الغرفة شعرتُ بأن سيِّد الحبِّ قد حَضَر.. Mohamed Adam02-28-15, 05:41 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de