رجل بقامة وطن – إبراهيم يوسف سليمان - بوستات توثيق

جريدة الصحافة
10 رجب 1402ه - 4/5/1982م العدد 7088
خواطر
بقلم الأستاذ / حسن نجيلة
إبراهيم يوسف سليمان
ترى هل يعرفه ابناء هذا الجيل وما أداه لوطنهم حتى تحرر من الإستعتمار !!!!!!؟؟؟؟؟؟؟
لقد كان علما من الأعلام المرموقه وما يزال حتى توارى في الثرى قبل أيام ولكن لن يتوارى تاريخه الحافل المجيد كلما ذُكر
المجاهدون الشرفاء ومنذ فجر شبابه وانبثاق الحركات الثقافية التى كانت تهدف في الثلاثنيات إلى خلق الوعي الوطني وإعداد القيادات
الواعية كان يرحمه الله في الطليعه دائماً.
فهو من أقطاب جمعية أبروف الأدبية في تلك الفترة البعيدة التي كانت قوه دافعه للنشاط الثقافي والوطني مثلاً عالياً يحتدى به ومؤثراً دافعاً
لغيرها من الجمعيات الأدبية في المنازل ثم الأندية لتعد الجيل الذي تحمل أعباء مواجهة الإستعمار حتى قضى علية ورفع علم الحرية والإستقالال
في أول عام 1956م وكان طوال تلك الفترة وطنياً صادق الوطنية ومفكراً ثابت الفكر قوي الإراده يقود ولا ينقاد وقد ارتبط تاريخه الشخصي
بتاريخنا الوطني المعاصر إرتباطاً وثيقاً فما من وقفة وطنية ذات أثر إلا وكان من روادها وقوادها والمخططين لها بفكر مستقيم يعرف الحق
ويحدد موقعة ويرسم الطرق له في شجاعه وإستقامة بعيداً عن التهريج والديماجوجية .
أذكر انه في عام 1942م كنت عضواً في هيئة مؤتمر الخرجين الستنيه وكان هو عضواً في اللجنة التنفذية للمؤتمر ، وهي
بمثابة القيادة العليا للمؤتمر، فحنق عليه الإنجليز ونقلوه من الخرطوم، فكانت حفلات وداعة التي أقيمت له في دور أصدقائة من أعضاء
اللجنة إجتماعات وطنية لوضع مذكرة المؤتمر المعروفة التي طالب فيها بحق تقرير المصير للسودانيين وكانت الحرب العالمية الثانية على
وشك الإنتهاء وكانت هذه المذكرة بداية حركة وطنية سافره إلتف الشعب حولها وإتخذها هدفاً يجتمع حوله فأنبت الشعور الوطني قوياً دافعاً
حتى هز قواعد الإستعمار هزاً.
ولما تمت الإتفاقية بين حكومتي إنجلترا ومصر تولى الحكم فيها الضباط الأحرار وتقرر فيها جلاء الإنجليز والمصرين معاً واستفتاء السودان
تحت إشراف لجنة دولية لمعرفة رأيهم أيريدون الإستقلال ام الإتحاد مع مصر وهو النزاع الذي كان قائماً بين الأحزاب السياسية آنذاك ، كونت
لجنة بموجب الإتفاقية من ثلاثة سودانيين وممثل لإنجلترا وممثل لمصر لتشرف على سودنة الوظائف التي كان يشغلها الإنجليز والمصرين
لإحلال السودانيين محلهم متي كان البديل السوداني المؤهل موجودا، وحدد للجنة السودنة مدة ثلاثة سنوات لتنتهي من عملها ومن حسن حظ
البلاد أن أختير لهذه اللجنة ثلاث شبان على درجة عالية من الوطنية والشجاعة وكان إبراهيم يوسف سليمان أحدهم فإستطاعوا أن يكملوا
عملهم الخطير في سنتين فقط بدلاً من ثلاث! وقضوا في بسالة على كل المحاولات الإنجليزية التي كانت تهدف إلى إبقاء بعض الموظفين
الإنجليز بحجة عدم وجود موظفين سودانيين يشغلون مناصبهم ومع الأسف كان قلة من كبار الموظفين السودانين يرون هذا الرأى مدفوعين
بولائهم للإنجليز ولكن الشبان السودانيين الثلاثة في تللك اللجنة استطاعوا بشجاعتهم وقوة وطنيتهم أن يسودنوا جميع الوظائف الإنجليزية
دون تردد، وفي مدى عامين فقط وجد السودانيون أنفسهم قد إستولوا على جميع مناصب الحكم وهذا عمل عظيم يصعب على التعبير عن
مدى أثره في إعلان إستقلال البلاد وعندما آل الحكم للسودانيين أختير إبراهيم أحد الخمسة الذين كانوا يشغلون منصب مجلس السيادة الذي
كان بمثابة منصب رئيس الجمهورية وهو شرف وطني عظيم ، وفي جميع فترات الحكم الوطني كان إبراهيم يؤدي واجبة بإخلاص في كل
المواقع التي اختير لها،ولما جاءت ثورة مايو إستعانت بكل الوطنيين البرر وكان إبراهيم في طليعتهم فأسندة إليه مسؤوليات هامة هو جدير
بها حتى توفاه الله.
كان بودي كما ذكرت كثيراً أن نسجل تاريخنا الوطني المعاصر الذي أدي إلى تحرير البلاد وإلى كل حدث وطني أو عمل
وطني تم بعد ذلك حتي تستبين الأجيال القادمه تاريخها الصحيح وأدوار الرجال الذين كانت لهم مواقف مشرفة فيه ، ويؤلمني أن هذا لن
يتحقق كما يبدو، وهل ينسى أحد من عارفيه دماثة خلقه وعمر ثقافتة وسعيه المتواصل للإستذاده من المعرفة إهتمامه الخاص بالتراث
العربي والفقه الإسلامي وتمسكه به مظهراً ومخبراً وهذا سر سموا أخلاقه دائماً.
فرحمة الله عليك يا إبراهيم ولقيت منه ما يلقاه المؤمنون الصادقون في إيمانهم.