|
Re: بذرةُ النّار.. (خطاب كراهية) ضد حمور زيادة - مأمون التلب (Re: محمد حيدر المشرف)
|
تحياتى
الذين يحاكمون العمل الابداعى بمثل هذا المنظور عليهم ان يراجعوا ذواتهم مرتين
كتب مصطفى سليمان في مجلة الثقافة الجديدة عن الرواية التاريخية قائلا :
يعرّف جورج لوكاتش الرواية التاريخية بأنّها "رواية تاريخية حقيقية، أى رواية تثير الحاضر، ويعيشها المعاصرون بوصفها تاريخهم السابق للذات"، إذاً الرواية "عمل فنّى يتخذ من التاريخ مادة له، ولكنّها لا تنقل التاريخ كما هو ولكن تنقل تصوّر رؤية المبدع الروائى له وتوظيف التاريخ لهذه الرؤية والتعبير عنها، والرواية التاريخية بشكل عام، هى الرواية التى تترك الحدود الزمنية لعصرها إلى عصر أو عصور سابقة عليه. ويرجع الفضل فى وجود هذا النوع إلى المدرسة الرومانسية فى الأدب الإنجليزى، ففى ظل هذه المدرسة، نشأت الرواية التاريخية بوصفها جنساً مستقلاً له قواعده الفنية الخاصة به، ويعد الكاتب الإنجليزى سير والتر سكوت، رائد هذا اللون من الكتابة لأنه هو الذى أسهم الإسهام البارز فى وضع الأسس الفنية لهذا الجنس بروايات من مثل "إيفانهو" التى كتبت سنة 1820 و"الطلسم" التى كتبت سنة 1852، وكلتاهما تتعرض لتاريخ العصور الوسطى والحروب الصليبية، وإن معظم من جاءوا بعده اهتدوا بما قرره وساروا على نهجه، من إنجلترا (بالورليتون وجورج إلبوت) وغيرهما، ومن فرنسا (ألكسندر دوماس الأب)، وكذلك الكاتب (فيكتور هيجو) وكتب هيجو روايتين تاريخيتين هما: "نوتردام دو بارى" سنة 1831م، و"كاتر فان تريز" سنة 1873م، وفى الأدب الروسى مثلاً نجد ليو تولستوى، الذى كتب روايته "الحرب والسلام"، وفى الأدب اليوغسلافى إيفو أندريتش (جسر على نهر درينا).
ولقد كتب العديد من الروائيين العرب الرواية التاريخية منهم على سبيل المثال لا الحصر جورج زيدان، الذى استلهم التاريخ فى العديد من الروايات منها المملوك الشارد – أرمانسوه المصرية – أحمد بن طولون- شارل وعبد الرحمن – شجرة الدر. ومحمد فريد أبو حديد (أبو الفوارس عنترة) ودكتور محمد كامل حسين (قرية ظالمة، التى تعد علامة من علامات السرد العربى والتى تدور أحداثها فى يوم صلب السيد المسيح – يوم الجمعة)، ورواية (السائرون نياماً) للكاتب سعد مكاوى التى اختيرت ضمن قائمة أفضل رواية عربية، فهى تثير العديد من التساؤلات والقضايا وأهم ما يميز هذه الرواية أنها تمردت على النموذج البطل الفردى لتقدم بطولة جماعية نموذجية. وقدم نجيب محفوظ ثلاث روايات تاريخية: "كفاح طيبة"، "رادوبيس"، "عبث الأقدار"، والروايات الثلاث مستلهمة من التاريخ الفرعونى. وهناك الكاتب جمال الغيطانى فى "الزينى بركات" والكاتب اللبنانى المعروف أمين معلوف الذى يمثل أفضل كاتب للرواية التاريخية بدءًا من روايته "حدائق النور"، "ليون الأفريقى"، "سمرقند"، وغيرها من الأعمال التاريخية المتميزة. والكاتبات المصريات لهن نصيب فى كتابة الرواية التاريخية مثل سلوى بكر "البشمورى"، "ادماثيوس"، كوكو سودان"، والكاتبة نجوى شعبان التى سنختار من أعمالها رواية "نوة الكرم".
نتساءل لماذا قل عدد كتاب الرواية التاريخية؟
أولاً: الخوف من الوقوع فى فخ التقريرية والمباشرة.
ثانيا: الانحياز إلى الفن الروائى وإهمال الجانب التاريخى، ونظرا لأن تاريخنا فيه العديد من وجهات النظر المتضاربة.
ثالثاً: يواجه كاتب الرواية التاريخية العديد من الصعوبات فى جمع المعلومات وتنسيقها، ويعد عدم وجود محرر أدبى فى الوطن العربى مشكلة تؤثر على إنتاج الرواية التاريخية تأثيرا مباشرا، ولمعرفة أهمية المحرر الأدبى راجع على سبيل المثال مقدمة رواية شفرة دافنشى للكاتب دان براون.
والسؤال المضاد للسؤال السابق: لماذا يكتب الروائيون الرواية التاريخية؟
أولا: تسليط الضوء على فترة تاريخية لم ينتبه إليها أحد، مثلا رواية "ثلاثية غرناطة" للكاتبة رضوى عاشور.
ثانيا: تماهى الواقع مع الصورة أو الفترة التاريخية التى يستدعيها الكاتب ربما لإسقاط سياسى هروبا من النظام السياسى الديكتاتورى.
ثالثا: التاريخ العربى والمصرى يعد مادة دسمة تشبع تحدى الكاتب لمواهبه الفنية وكيفية مزج الشخصيات التاريخية بالمتخيلة.
رابعا: تسليط الضوء على التاريخ كنوع من المقاومة لسطوة العولمة حتى يستطيع كاتب الرواية التاريخية أن يميز مجتمعه عن سائر المجتمعات الأخرى.
-------------------------------------------------------
|
|
|
|
|
|
|
|
|