الذكري الثانيه لفقيد السودان د\جون قرنق -ولايه ايوا- بحضور المناضل عرمان-صور

Quote: مقالات: احتفال ولاية ايوا بالذكرى الثانية لرحيل د. جون قرنق في حضور القائد ياسر عرمان 22-7-1428 هـ الموضوع: النيلين تم وبمدينتي (دي ميونز) و(إيميس) بولاية ايوا في الغرب الأوسط الأميركي، الاحتفال بمرور نفحات الذكرى الثانية للرحيل المباغت الفاجع للزعيم القائد الكبير، والملهم الفذ العقيد الدكتور جون قرنق دي مبيور اتيم، والكل يعايش مرارة الفقد، فداحته وعظمه، من أبناء السودان ومن شاركهم من الأصدقاء الاميركيين هذه المشاعر والاحاسيس، ولقد اختيرت هاتان المدينتان، لان الاولى هي عاصمة الولاية ومقر حكومتها، علما بأنها ليست اكبر مدنها، وهم هنا كما سلفت الاشارة في مقالات سابقة، يتخذون من المدن أحوجها للتنمية والنهوض بها عواصم للولايات، كي يكون هذا سبباً لنمائها وتطويرها والارتقاء بالخدمات فيها، ولقد اختيرت مدينة اميس التي تبعد عن هذه قرابة الخمسين ميلاً، لأنه توجد بها جامعة ولاية ايوا، التي درس بها فقيدنا الراحل، وحصل منها على درجة الدكتوراة في الاقتصاد الزراعي، بعد ان درس بمدينة غورنييل التي لا تبعد كثيراً من ايمس، البكالريوس في الاقتصاد من كليتها، وانها عموما الولاية التي انفق فيها ثمانية أعوام كاملة من عمره الحافل بالفاعلية والتلقي والتطبيق والثورية. رجع بعد اكمال الدراسة فيها الى السودان، وتحديدا الى جنوبه حيث اتى اول امره، من احدى قرى بحر الغزال الصغيرة الفقيرة من اب وام لا يقلان فقرا عن بقية قومهم، ورحلا مبكرا وتركاه ليرعاه عمه الذي نقله الى منطقة أخرى، حيث عاش طرفاً من طفولته وصباه، واستمرت مسيرة حياته الحافلة العامرة. ولقد تصادف هنا وجود القائد الكبير، ياسر سعيد عرمان احد اقرب الناس للزعيم الفقيد، ومن اوائل المؤمنين بدعوته وبالسودان الجديد من الشماليين، الذين هاجروا إليه، وانضموا إلى ركب الحركة الشعبية والجيش الشعبي، في أكثر الأوقات وأشدها عصبية ودقة، وأحد الذين عايشوا معه وعن كثب كل المرارات والأوقات العصيبة في اداء الحركة، وتلك الحافلة بالظفر والنجاح والصعود والارتقاء فيها، وهو خير من يحدثك عنه ويقر على الدوام ببنوته له بل يفخر بذلك الفخر كله، ولا ينئ يردده ويستعذب ترديده بلا انقطاع، ولقد ظل هو الآخر رمزا حقيقيا من رموز الحركة والجيش الشعبيين، واحد اعلام السودان الجديد الذين لم يبخلوا عليه بوقتهم وجهدهم وطاقتهم وفكرهم، وقبل هذا وذاك صدقهم الشديد في هذا كله، واقترابهم من الموت وبقائهم في جفن الردى وهو نائم، فكان المثال لذلك القادم من موطن المظالم، ليشارك المظلومين والمهمشين نضالهم ودأبهم، لإحقاق حقوقهم من أهله الذين ظلموهم، ومن ذوي قربته، حيث انفتح بعدها الباب واسعا لفكر الحركة، لينتشر ويتغلغل وسط الشماليين وينضموا اليها زرافات ووحدانا. بدأ الاحتفال ظهيرة الأحد التاسع والعشرين من يوليو، بإحدى القاعات الملحقة بكنيسة في هذه المدينة بمخاطبة في تلك الذكرى، ولقد امَّها جمع كريم من اطراف الولاية كلها، وسائر مدنها وشارك أهل الولاية الرفاق القادمين من ولاية نبراسكا المجاورة، وهم يحملون عواطفهم الجياشة، ولافتاتهم المنادية بالوحدة والوطن البوتقة، وإيمانهم بأطروحات السودان الجديد وما تركه فيهم الزعيم القائد الفقيد الراحل، ولقد تبودلت الكلمات حيث ابتدرها رئيس قسم ولاية ايوا في الحركة، ليرحب بالجميع ويشكر مشاركتهم ومقدمهم، وأتت عقبه رئيسة قسم نبراسكا وشخصي، لأعدد بعضاً يسيراً من مآثر الفقيد العظيمة خالصاً للقول بأننا لن نحتاج لنتذكر الزعيم الفقيد العزيز، لان الذكرى تأتي بعد النسيان، ونحن لن ننساه كي نذكره، فهو قد ترك فينا ما يجعل غيابه عصياً على النسيان، واحدث التغيير الذي لا رجعة فيه، ولا نكوص عنه ولا ردة، الى ان يرث الله الارض ومن عليها، وكان ذلك بلغة انجليزية حتى يعم ايصال مضامينه للحضور، خصوصا الاميركيين منهم (تذكرت المادة الثامنة من الدستور الانتقالي لسنة 2005)، وذلك حتى يتمكنوا من المتابعة، وكي لا يصابوا بالملل كما يقول الاميركيون ومن عايش ثقافتهم شاملاً ذلك ناشئتهم والاطفال. اعقب ذلك حديث الاستاذة خالدة الجنيد، امين عام جمعية خدمات المجتمع بمدينة ايوا سيتي، التي ثمنت عاليا نضالات المرأة السودانية من كافة الطوائف والفصائل، وكيف أن الحركة الشعبية وفكرها قد أسهما في إحداث النقلة النوعية الحاصلة في حياتنا الآن. وقُدمت بعد ذلك اغنيتان في هذه الذكرى المجيدة، احداهما قدمها بعض الشباب من قبائل جنوب السودان وبلهجتهم، وأخرى قدمتها فرقة قوامها من بنات النوير السامقات الممشوقات القدود، ثمانية وتاسعهن الذين ضربوا الدفوف والطبول في تجاوب تام مع الأنغام الصادرة من الحناجر، التي أرسلت انغاماً تجاوب معها الجمهور بالتصفيق والمشاركة والانفعال. ليأتي بعد هذا كله متوجاً هذه الأحاديث خاتماً لها القائد ياسر عرمان، الذي عاصر فقيدنا العزيز جون قرنق لقرابة العقدين من الزمان، هي عمر انضمامه للحركة الشعبية والجيش الشعبي، حتى حصل على رتبة قائد بها وتولى بعض المناصب التي لم يعرف عنه حبه لها، كما جبل على ذلك اهل السياسة في بلادنا. وبدأ حديثه من حيث انتهت الفرقتان من وصلتيهما الغنائيتين، خصوصاً الأخيرة والتي قوامها بنات النوير، ليذكرنا بأن النساء هن عماد الكثير من ما يتم الآن، فهن من قمن بصنع الطعام الذي تناوله الحضور، وعقب الفراغ منه قدمن هذه الوصلة الغنائية، وتشعب حديثه وتفرع وكان ذا شجون كثيرة كما يقولون، فيه كما قلت له عقب انتهائه منه نفس روح السخرية الشديدة التي تميّزت بها أحاديث العقيد الفقيد، والقدرة على شد المستمعين وجذبهم واستبقائهم، طوال الفترة التي يستغرقها الحديث، وعدم الإحساس بتسرّب الملل إليهم جراء طوله، هذا مع التنوع والتعدد والحكي والتيسير اللفظي، والتقريب الشديد للمعاني ومرامي الحديث، والتناول بلغة عربية غاية في البساطة، والقرب في مزج لها بانجليزية سهلة الهضم والاستيعاب والنفاذ إلى العقول. حكى الكثير عن معلمهم وأبوهم جميعاً، كما دأب على القول سداً للطريق على أولئك الذين يسعون للفرقة والشتات، بين منسوبي الحركة الشعبية والجيش الشعبي، والعمل على إحداث ثقوب بسفينتها التي سارت لا تبالي بالرياح رغم العواصف، لا كسفينة الإنقاذ، كما كان يقول شاعرهم أول أمرهم، مما غدا الآن أمنية عصية التحقق والحدوث، ليطوف بالحضور على هذا جميعه، منادياً بأن يكون هذا الاحتفال سنوياً وبطريقة غير تلك التقليدية، أوردت الأنباء أن الحركة توَّجت احتفالها بغرس مليون شجرة.. فتأمل!! وينتهي هذا الجزء من فعاليات ذلك اليوم، لينطلق الجميع نحو المدينة الأخرى ايمس، والتي كانت للدكتور الفقيد مستقراً ومقاماً لكل ذاك العدد من السنين، ووجدنا في انتظارنا المزيد من الأصدقاء الأميركيين الذين قدموا للمشاركة، ولقد استهلت بعد الترحيب بالجميع بتقديم فيلم (مر المحارب من هنا)، وأطرافاً مصوّرة عن سيرة الفقيد العطرة، فيما يتصل بوجوده في هذا المكان، وتحدّث مجدداً الأستاذ ياسر عرمان ليخاطب الجميع بلسان انجليزي مبين، مورداً مزيداً من المواقف والعديد من صفات الفقيد العزيز، ليطلب من الجميع التحول الى طرف البحيرة الصغيرة المجاورة لمبنى الاتحاد، ليضيئوا شموعاً في ذكراه، حيث تقاطر الكل إلى هنالك وأوقدوا الشموع البيضاء، حيث مكثوا هنهية والليل ساج والقمر يشق الظلمة، مع الأضواء الخافتة المتسرّبة والصمت يلف المكان، إلا من أصوات أجراس بعيدة تأتي من هنا وهنالك، ومن ضجيج الصمت تخرج خطب الدكتور جون قرنق، والذي يشكل دوماً سونامي غيابه حضوراً بما ترك فينا وأودع، لينتهي هذا اليوم الحافل ونسدد قليلاً مما علينا من دين للفقيد العزيز. صحيفة الصحافة - نجم الدين محمد نصر الدين