الذكري الثانيه لفقيد السودان د\جون قرنق -ولايه ايوا- بحضور المناضل عرمان-صور

Quote: حياة في الاسر (5) في ذكرى رحيل الكلونيل جون دي مابيرو الثانية الجيش الشعبي ، قوات الشعب سئل ذات يوم من اين يتحصل جيشه على تسليح ؟ اجاب الكلونيل جون دي مابيور من الجيش السوداني ! نحن نتقاسم الاسلحة التي تحضرها الحكومة لقواتها مع اخواننا الجيش ، نحن سودانيون ايضا. وسئل ايضا مرة من اين يحصل ضباطه على تدريب ؟ اجاب يتخرج ضباطنا من الكلية الحربية السودانية !، اننا نتقاسم الضباط الخريجون في كل سنة من الكلية الحربية مع اخواننا الجيش السوداني ، اننا في الجنوب سودانيون ايضا. لا فرق كبير بين الجيش الشعبي وقوات الشعب ، فالجميع سودانيون ، غير ان الجيش النظامي يحصولون على رواتب من الدولة ، واخوانهم في الجيش الشعبي لا يحصلون على ذلك بل تقتلهم الدولة . وان الجيش الشعبي يحارب من اجل حقوق وطنية تستحق التضحية . وان الجيش السودان مؤجر يقاتل من اجل لا شيئ يستحق التضحية ولذالك يهربون . يصدق ما يقوله الدكتور قرنق دي مابيور كلها خلال الحملة التي شنها الجيش الشعبي ضد اخوانه قوات الشعب في خريف عام 97 ف، من المثلث الى ياي. فقد غنموا اسلحة وزخائر لا يحتاجون بعضها ابدا، وكسبوا مواقعا ولاجيئ محصنة ومعدات في اكثر من الف معسكر صغير. مثل قائد حامية ياي ما بعد 12 مارس ، الميجور جاد الله المتمرد ، ضباط كثيرون انتقلوا من قوات الشعب الى الجيش الشعبي ، على راسهم ، الليوتنانت كلونيل كاربينو، والكلونيل جون ، والكابتن سلفا ، والكابتن وليام ، والميجور اروك . تخرج جاد الله من الكلية الحربية الدفعة 38 برتبة ليوتنانت ثاني ، وهو ينتمي الى منطقة النوبة الجبلية . هو رجل متوسط الطول ، اسود غامق السود ، هادي ، وفي هدوئه القساوة . لكن افكاره باطروحات السودان الجديد موضع شك . غير ان سلوك استخدام السياسية للجيش ما يحرك كل شيئ. عمل جاد الله في المنطقة الاستوائية الى جانب دفعته صالح شين ، وفق العقيدة العسكرية الوطنية للضباط السودانين . ولم يتوافق مع تلك العقيدة حين اعيدة صياغتها بوصول الجماعة الاسلامية الى السلطة في 89 . في اعقاب الاضطراب الذي ساد جوبا عام 92 عقب توغل فصائل من المتمردين الى داخل المدينة ، وبالكاد تم الاستلاء على جزء من المدينة ضمنها الجسر الشرقي ،وذبح ليلا خلال تلك العملية فوق 102 جندي من سلاح المدرعات على الضفة الغربية للنهر . كانت فرصة توجه بعدها جاد الله الى الغابة للالتحاق بالجيش الشعبي وهو برتبة كابتن وقتها . دخل الميجور جاد الله على راس جنوده مدينة ياي من الغرب في 12 مارس . وانتظر انسحاب صديقه صالح شين من ياي لانه كان يعلم انه سيصمد في موقفه ، وسيكون اخر الاحياء من الضباط هما من طينة واحدة على مشارف مدينة ياي اعد كمين غابة التيك التي قضى على الجنود المنسحبين . حصلت خدعة صغيرة من قيادة ياي الجديدة لكنها كانت ناجحة . فقد عمد الميجور جاد الله الى اظهار بعض من جنوده على هيئة مجاهدين ، وجعلهم يصرخون بالتهليل والتكبير ،ويضيف بعضهم شعارات دينية . تلك جذبت عدد كبير من المجاهدين للوقوع في الفخ ، فكان القاضي عبد الوهاب بلحيته يرفع يديه ، وبعض عساكره ايمن بسذاجته ، وابو دجانة يسن عمر بهلعه، وجمال كوكو بكثرة كلامه ، واخريين يقاربون اربعين نفر . فلما دخلوا ساحة لا يمكن الخروج منها امروا بالقاء الاسلحة . طبعا من كثرة العشوائية في الاستنفار (للجهاد) الذي كان يشمل جميع انهاء السودان ما يكون من الممكن ان يعرف المستنفرون بعضهم بعضا وغالب المستنفرين سود في الوانهم وهكذا سهلت الخدعة. امر الاسرى بالقاء اسلحتهم ، وخلع ملابسهم ، واحزيتهم . بعض ابناء النوبة كان قد امروا بالخروج من بين صفوف الاسرى المجاهدين المسلوبين حيث تولى الميجور جاد الله اطلاق النار بنفسه عليهم . وقال انه يقاتل من اجل ابناء جبال النوبة ولا يصدق ان يجد نوبي يقاتل في سبيل الله ضده . جمال اطلق ساقيه للريح . ورغم كمية الرصاص الذي اطلق عليه تمكن من الخروج على هيئته ، ووصل جوبا بعض مسيرة شاقة فوق التصور من المعاناة يجهل عدد ايامها . تقول الرويات ان حوار صعبا دار بين جاد الله وشين . لم يحقق نتائجه انتهت بالتخلص من الاخير تحت جنازير مدرعة . اسير أنت الآن أسير . يساهم بعضهم في مداواة آثار الموت في جسدك بنبل . والآخر بنكاية واحتقار. لم يجتهدوا كثير في تغير الصورة النمطية للمتوحشين في عقلية الخرطوميين . يستخدمون السواطير في الاعدامات اذ يقطعون اطراف الضحية قبل الاجهاز عليه ، البعض منهم يحاولون في سخرية نزع الالبسة الجيدة من الضحايا لمجاهدون قبل قتلهم . لوتنات ثاني شاب يدعى مايكل يرافقه صول مان سايمون ،ملابسه كلها دماء . وممزقة . كانهما المسئولان عن فرقة التطهير بالجيش الأحمر . هما من يأمران جنودهما بنزع ملابس الأسرى ، وبتعذيب من يأسرونه من الأعداء حسيا ومعنويا بنشوة المقاتل حين ياسر عدوه. الرحمة معدومة ولهذا سموه الاستجواب.يموت البعض تحت تلك العملية. الذين لم يقتبوا و لم يؤسروا في كمين غابة التيك ، لا يكونوا محظوظون ، لانهم سينتشرون في الغابة تقاتلهم الخوف والقلق من مجاهيل الطبيعة . أن لم تقتل ستقتل يوما بطريقة ما .الجميع معرضون للموت تحت رحمة الطبيعة و قسوة البشر.والجميع يحاولون التشبث بالحياة بأي ثمن . الجميع يموتون بلا رحمة .الجميع عنيفون. لكن العالم الخارجي لم يعلم بتراجيدية الموت بهذا الجزء من السودان في هذا الزمن من نهاية القرن العشرين ، لم يعلموا عبقرية القتل. وتعد الطريقة الوحشية التي عاملت بها جنود الجيش الشعبي اسراهم يوم ياي مخالفة كلية للمواثيق والاعراف الدولية التي تنادي بضرورة معاملة الاسرى معاملة حسنة . لكنهم لم يكونوا عل الاطلاق اسؤ من رفقائهم قوات الشعب ومليشياتها ، وخاصة عمليات التعذيب في البيت الابيض بجوبا . يبلغ بالتقريب عدد الاسرى ثلاثة الالف ، تم توزيعهم في معسكرات عدة حول المدينة. علما ان المدينة يتم تطهيرها من الالغام كلية . فهي تساهم الاخرى في عمليات القتل للفارين . من بين هؤلاء بلغ عدد المجاهدين الاسرى بالتقريب اربعين اسير اسير من اصل 282 ، فقد علم فيما بعد ان عدد من وصل جوبا كان في حدود الستين .البقية مفقودون .وقعوا بعد ذلك بعضهم في الاسر. واو قتلته مجاهيل الطبيعة . تعود الحدود يصعب تذكر الايام القليلة التي تلت الاحداث، لكن تصل قوى الاستطلاع الثلاثين سوداني ومن بقى من الخمسين (قورلا) داخل الاراضي السودانية ، خارج أوغندا محازاة زائر تتبع الأثر خلف فلول جيشهم المنسحب في إنهاك بين ، بينهم ايام ، وجيوش المتمردين الذين استولوا كليا على الطريق . يسدون الطرق من قبل يومين انتهت فعالية البطاريات المخصصة لاجهزة الاتصال. غير مفيدة تضحي أجهزة الاتصال لكنها قالت الخبر اليقين ان التقدم يجب ان يستمر حتى ياي .فضلت ادارة الفصيل الاحتفاظ بالاجهزة مخافة وقوعها في الاعداء يعرفوا الشفرة ،(خلي معاك يا دبيرة) .يظل خلفها مباشرة العدو هي تقتل الأرض طولا وعرضا ثلاث أضعاف المسافة (مئتا وأربعين ميل) بين زائير والسودان ذهابا ، ويوغندا إيابا مرة أخرى إلى زائير مرة أخرى . وأخيرا تجمعهم الصدفة مع فلول خارج من معركة التيك النهائية لكن اللقاء لم يستمر تقتاتهما المناوشات الجانبية والإرهاق ، تنهك بالجراح تضطر إلى الدخول في معركة فاشلة قرب جسر صغير .لكنها تفشل الصمود .لا ينجو منها إلا قتيلا. أو من يقتل في معركة قادمة في ذلك الأسبوع. يتوجه الاحياء غربا ، يجتازون الحدود الزائيرية في مسيرة يومين اخريين . سيترك من يموت لمجاهيل الطبيعة عاريا من الدفن . لا يظن من مات وعاد من الموت ان عاد بكامل ما مات به في اي يوم نحن ستكون التفاصيل مملة طويلة ومرهق. يكون وظيفة الأسرى ثابتة في المعسكرات التي تم تجميعهم فيها . فكل صباح يساق الرهائن سليمي الأجساد إلى الغابة ليحتطبوا . ثم يقوم الأسرى أيضا بعملية (نسوية) غاية في التفاصيل .إزالة قشور (البافرا) وسحنه على الرحى ، وطبخه للجند في قدور كبيرة . الأسرى من مهامهم إعداد الطعام للجيش الشعبي بالمعسكرات الإدارية .وأيضا غسل ألبسة القادة . وكنس ساحات المعسكرات . ولا يصلون إلا سرا من أراد أن يصلي للرب على طريقته الخاصة . تحولت المساجد إلى دور تؤدي غير مهامها . والتعبيد والتعذيب أهم معاملة للأسير في الشراك . (جنابو احمد) . هكذا ينادونه بين الأسرى الخدم القدامى كان كبيرا في السن ، لا يدري الاسرى من اين اوتي به . كان جنرال بقوات الشعب المسلحة حين اسر عقب نشوب الحرب الأهلية بجنوب السودان بسنوات قليلة في بلدة الناصر قال انه اسر هناك في حدود عام 88 ف . وظل مهمته بين الأسرى تعليم الحديثين منهم كيف يجهزون الرحى لإعداد الدقيق من البافرا للطعام . ينتقل هذا الجنرال من مهمة قيادة جيوش في الحروب إلى مهمة إعداد الاطعمة في الأسر للقادة مثله واقل منه مرتبة. كان قويا في السابق . لكنه بكى بحرقة في بعض الأحيان . بكائه يضحك بعض الأسرى الصغار .صغار السن.هو نموذج لعدد كبير من قوات الشعب المسلحة ضباط وضباط صف وجنود وقعوا اسرى خلال السنوات المنصرمة في يد الجيش الشعبي. غدا نعود منعم سليمان --------------------------------------------------------------------------------