الذكري الثانيه لفقيد السودان د\جون قرنق -ولايه ايوا- بحضور المناضل عرمان-صور

Quote: مثلث شديد الخطر في ذكرى رحيل الكلونيل جون دي مابيرو الثانية مدخل ثلاثة اعوام فقط بقيت على نهاية القرن العشرين ، كان الجدل الذى ساد العالم اوله ، والملخص للصراع من اجل البقاء والصراع من اجل السيطرة بين الضعفاء والاقوياء من جهة . والاقوياء والاقوياء من جهة اخرى قد حسم لصالح السلام العالمي واحل مكانه التعاون الدولي وضرورياته . وكانت جنوب افريقيا اخر متخلفات القرون الوسطى قد لممت جراحاتها الداخلية لصالح الوحدة والمساواة . وكانت الحضارة المدنية تجنى ثمار انجازاتها بدخول عالم الانترنت ،وانشرت تقنية تجمع الكون في قرية. ليست المملكة المتحدة ولا الولايات المتحدة من كانت ترنو نحو افاق مرحلة الرفاهية للنموذج الراسمالي بل عالم الشمال الصناعى كله يبحث عن الرفاه لشعوبها . وليست ماليزيا او تركيا وحدها من تضع لها امل في متابعة تقليد الغرب في التحولات الاقتصادية والسياسية لطبائعها بل عالم الجنوب النامي كله . وكان دول العالم مجتمعة تعمل لصالح مشروع دولى موحد يقوم على احترام حقوق الانسان ونشر الديمقراطية من اجل السلام ، سوى السودان الدولة الوحيدة في الجنوب ابدعت لها مشروع- حضاري- خاص جعلها تسير عكس المشروع العالمى منتجا بذلك جملة من التناقضات الداخلية والخارجية ، ومثيرا كتل من الازمات الداخليه بين شعوبه المتعدد ، مما شكل ذلك اثر على وحدته ، وحرك عداء خارجي بتحديه المستمر لنظم المشروع العالمى الموحد . عام 1997 افرنجي . كان المثلث الحدودي للدول النهرية الثلاث ،سودان ،زائير ،يوغندا منطقة صراع تشتعل فيها براكين حروبات أهلية طاحنة تشنها ثلاث قوى متمردة على جيوش حكومات الدول الثلاثة.و الحرب الأهلية في جنوبي السودان تتجاوز عقدها الثاني .وخطوات الحل السلمي للازمة تنتهي الى مياه عميقة بقول مثل سوداني (درب دخلت في المي) مفصحا بذالك الطريق واساع لخيار وحيد هو الحسم العسكري ، لمن تغلب من الطرفين. رجل يقارب نهاية عقده الثاني ، طويل القامة ، وحيدا يجتاز بؤرة الصراع شديدة الخطر في المثلي محاولا الوصول إلى الجزء الشرقي من المنطقة الاستوائية بجنوبي السودان . يقتل ثم يحيا ، ثم يقتل ويأسر ثم يحيا. ليواصل السير مرة أخرى جهة الشرق في رحلة مكتوبة لها بكل المقاييس إنها فاشلة. يقاتله بعض سكان الغابة ، يتعاون البعض معه .يقاتل بشرف من اجل ان يحي ، يرافق قوات من محاربي (الويوا) من بعض متمردي دولة مجاورة ، يحاربون معا مجاهيل الطبيعة حيث كل أسباب الموت متوفرة، يتقالتون احيانا. حين يصل مدينة (غندكورو) أو جوبا كبر مدن الجزء الجنوبي من البلاد وعاصمة مقاطعة بحر الجبل . تكون حالته في هيئة آخر الأحياء في قصة المحارب الاخير من قبيلة (الهوكايدو) من شعب الهنود الحمر بسهول الميسيسبي اول القرن السابع عشر لكن اسمه في سجلات الشهداء يظل مدون الى الابد .رحلته عبر حلقات ازمة السودان الجنوبي. متمردون وحكومات القوى الامبريالية العالمية التي سادت اول القرن الجديد خلفت قوى اقطاعية في البلدان المستعمرة واصلت تنفيذ شروط الاستبداد فوق رؤوس الشعوب الفقيرة وفشلت في اقامة دول معاصرة. السودان احدى هذه الدول التي اعادت انتاج الامبريالية بتحكم اقلية الجلابة الشماليين على مقاليد السلطة به منذ مغادرة جنود الاستعمار الانجيلو-مصري له في فابروير عام 56 افرنجي. بدات قوتها اكثر وضوحا لمثيلتها في الازمة دولة جنوب افريقيا الاتحادية بقرب نهاية القرن بوصول الوجه الديني من نخبة الاقلية الى سدة الحكم ، غير ان السودان بشكله الاستبدادي الجديد كثيرا ما وجد نفسه في وضع مناسب لمواصلة شن اتهام ضد اطراف صراع الاقطاب في نصف القرن وهي الاخرى في صورتها الجديدة المستبدة -باثارة الفتنة وزعزعت استقراره ، ضمن البلدان الفقيرة في الجنوب الاستهلاكي . القوة الاستعمارية المتوارثة على حكم البلدان الفقيرة تقدم مبررات كافية يدفع شطر من مواطنيه الى التمرد عليها بتراكم فشلها الداخلي . الاستعمار القديم يمد الصراعات الاقليمة بالمقومات اللازمة من اسلحة ومعدات سياسية وضمانات مستقبلية لقوى الحرب حكومات وبعض المتمردين . يتاثر المدنيون الابرياء في الغالب بتلك النزاعات ، وهم اكثر المتضررون في استمرار الصراعات . كان السودان منذ سبعة سنوات بدا يتهم نفسه بالصلاح المطلق والوصال مع السماء برفضه قواعد النظام العالمي الجديد المستبد و المفرزة للصراعات الاقليمية ، واحتقاره متطلبات الاستقرار الداخلي ، لكن صراعا ظل غير متكافئ ذلك الذي نشب بينه وبين تلك القوى الخارجية ،دفع الثمن كله شعوبه . هذه الامة التي قضي عليها ان تعيش دوامة الفوضى وهي تشهد اخطاء الانظمة المتعاقبة على ادارتها دون مشورة. فعليا كان يدفع ثمن هذا التحدى الخارجي جيل دون الثلاثين من عمره ولد فى السودان اعقاب الحقبة التى تلت خروج الانكلتار والمصريين ، وحكم فيها البلاد نخبة من المثقفين الجهاتين .انهم اتباع الساسة في مجتمع يعيش خلل عظيما فى تربيته الوطنية ، ويجهل مكونه الذاتي المتعدد والمتباين. من27 فبراير. فرقة من الجيش النظامي الزائيري الذي يدين بالولاء للرئيس موبوتو سيسيسيكو عبرت نهر كيبالي الصغير شرق الكنغو مجتازة الحدود السودانية إلى بلدة (بازي) بين البلدين اثر هجوم نفذه متمردون الكنغو الديمقراطية ، بقيادة لوران دزري كابيلا يفرضون سيطرتهم على محافظة اورينتالي ويدخلون عاصمتها كيسنجاني بعد يومين. القرى الشرقية فرديزس واوسيرا واتاسا وموقمبيرا تسقط على الطوالي ويعبرون افرع نهر الكنغو بثبات نحو كنشاسا عاصمة زائير والتي ستتحول الى كنغو الديمقراطية بعد اشهر . في 9 مارس، متمردي الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي يقودهم الكلونيل جون دي مابيور(1945-2005) و المتحالفون مع نظام الرئيس يوري موسفيني في كمبالا يبداون تقدمهم بجنون نحو قاعدة (كايا) في. الشمال الغربي ليوغندا عند الحدود . ويقصفون كل القواعد العسكرية نحو الشمال بلا رحمة. في 11مارس. متمردي جيش الرب اليوغنديون الذي يقودهم الجنرال كوني و المتعاونون مع الجيش النظامي السوداني يتراجعون مع حلفائهم بهلع ولا مبالاة من كل القواعد في المثلث نحو ياي أو لندن الصغيرة.الأرض الجميلة الخضراء في منطقة المثلث تحترق .يتصاعد كتل الدخان مع تعاظم السحب والضباب . وتتعالى اصوات القصف المدفعي ودوي الرواجم في وقت ترعد فيه السماء وهي تمطر بغزارة فوق الجبال الزرقاء. كل هنا يقاتل بعقيدة ممنهجة ،ومبررات مقنعة ،بعضهم بامر من الساسة في عواصم البلدان والدول الأخرى. بعضهم يقاتل من اجل نفسه والحفاظ عليها . الأمة الراحلة تحت ارض جنوب البلاد بين الجيوش المتحاربة هي التي تستحق التقدير وتنتزع الاحترام . و الجيوش المتمردة وخصومها التي تتقاتل بالمثلث هي التي تستحق الاحترام وذلك مقارنتهم بالساسة الامريين في العواصم الثلاثة ، الخرطوم ، كمبالا ، كنشاسا وقادة المتمردين في عواصم اخرى . في ارض تتوفر فيها الماء والغذاء وكل أسباب الحياة ، يتوفر العدو وكل أسباب الموت ايضا يتسائل الناس عن الاهداف السياسية من حرب فيها . ان أول عدو يواجهه الإنسان هنا هي الطبيعة التي تتحول بدورها الى اوحش محارب في لحظات كثيرة . سيكون القتال احيانا في حدود المحافظة على النفس لدى القوات التي تغادر مواقعها نحو مواقع اخرى . وتتعدى القتال نحو الغنيمة للمنتصرين في المعارك . كل جندي يلزم نفسه والمحافظة عليها ما امكنه ذلك. حرب عصابات غير منظمة اذن تخاض دون استراتيجيات وخطط . لا تتمكن من تحديد الصديق من العدو بين قوى تتشابه في كل شيء. صعب تميز ذلك . فالسودانيون الجنوبيون مواطنون ومتمردون، واليوغنديز مواطنون ومتمردون ايضا ، و الزائروز الجيش المنسحب يتشابهون الست في الاجمال . وان تباعدت التفاصيل احيانا كل يشبه اخيه في كل شيئ .وبقوانين الغابة ومن يسكنها الجميع يتشابهون في السلوك والاشكال والتصرفات . وبين الجنوبيين السودانين فرقة باسم قوات الدفاع الشعبي تابعة لنظام الجنرال عمر البشير وهم مدنيون في بلدتي بازي وموربو تثبت تقارير استخبارت الجيش انهم يتواصلون مع اخوانهم متمردي الجيش الشعبي لتحرير السودان بالمعلومات، أحياننا يتعاونون مع البعض في العمليات العسكرية . رواية للتاريخ يقولون، لا تتمكن ذاكرة الأمم من رواية الأحداث التي طرف بها ابناءها بحيادية وانصاف إلا بعد مرور ربع قرن من الزمن علي وقوعها . بلطف يتمكن الفرد من تذكر تفاصيل الأحداث التي جرت بجنوب السودان في زمن عايشه وكان رخو الفكر ني الفهم ، وهي قد بدات منذ ربع قرن انصرم. ويمكن لافراد من الأمة السودانية أن تكتب عن تلك الحرب الأهلية لاحقا تاريخها وأسبابها ونتائجها وأهوالها والمؤثرون فيها ومن خاضوها بحياد وعلمية بصفتها اسؤ كارثة حاقت بشبه القارة السودانية النصف الاخير من القرن المنصرم لا نذير لها في العالم ، ولقد الحقت خسارة فاضحة بمقومات الامة ومكوناتها .حتى تتمكن الأجيال القادمة من معرفة الماضي بصدق ، وتلم بتفاصيل الحرب الاهلية السيئة كجزئ من المكون للحاضر.وايضا تجربة مرة تجد فيها شبه القارة عبرة وعظة وهي تبني المستقبل للسلام المستدام . دعوة ، يتمكن المشاركون بالحرب الأهلية بالجنوب من الطرفان من رواية ما شاهدوه من أحداث ، وتحديد الوقائع وتدوين الدوافع بقناعات ، كل من جانبه وبرؤيته .حين تتمكن جهات من جمع تلك المدونات سوف تكتمل الحقيقة . فيما يلي رحلة إجبارية داخل دهاليز الغابة إلى الأسر بعد الممات. و رواية الأحداث المصاحبة. وقسريا نحو رؤية الراحل جون جرنج دي مابيور أتيم على اطراف مدنين يحي. احاول ان يكسب التدوين لون قناعتي المعاصرة في وصف رجل رسم لي يوما على هيئة عدوي يستحق الكراهية والقتال بصفته قائد (للخوارج) او (النجور) (المتمردين) بينما هناك وجهة نظر اخر للصراع كان هو ورفاقه يملكونه لا يعرفه الا من يستمع او يذهب اليهم و لقائهم بمدينة (ياي) اوعلى اطراف (لندن الصغيرة ) .وسط غابة (التيك) تخوم تلك المدينة الساحرة بمنطقة غرب الاستوائية. لا تتمكن من معرفة كل الطريق بالنظر فقط الى جهة واحدة في رحلة يراد لها ان تحقق اهدافها . ذلك النصف من الحقيقة لازمة السودان المؤرقة غاليا جدا ، يكلفك متاعب كثيرة في الغابة . و البقاء بين (العدو) قسرا حتى ليوم او يومين او ربما ايام . البعض أمثال .البروفسير حسن مكي محمد احمد المحلل السياسي السوداني. والخبير الاستراتيجي المختص في منطقة القرن الإفريقي له روايته الخاصة به حول الصراعات الدامية في حوض البحيرات العظمى اسبابها ووقائها واهدافها ونتائجها . لكن بطبعه فاسدا علميا لا يمكن اعتماد روايات البروفسير مكي أو اعتبارها علمية و محايدة . اوكل نفسه حسن مكي بتزير التاريخ دائما . وظيفته نفخ التلفيق المضلل في الأحداث. عاش مزور ممتاز. تكون متابع جدا لهذه القصة، ان تكون ضمن الموتى المقدسين -الشهداء- في جنوب السودان في الميتة الثانية من سلسلة وفيات أربعة على وصف صديق حتما هو يحتفل معي اليوم بالسودان الجديد في معرض حزننا الابدي على رحيل الرفيق الاعظم نحو دولة معاصرة بشبه القارة، و احد اساطير النضال الافريقي الخادين ، انه الدكتور الكلونيل جون قرنق دي مابيرور اتيم في الذكرى الثانية لرحيله الى ما وراء الطبيعة. غد نتابع منعم سليمان