|
Re: إحتمالات فشل وإنهيار الدولة السودانية (Re: علي محمد الفكي)
|
في عام 1970م وعندما كنت بالولايات المتحدة الامريكية التقيت بنائب مدير منظمة العمل الدولية وتحدثنا في عدة موضوعات، وفي نهاية اللقاء الح على بان اذهب الى جنيف في اسرع وقت لان هنالك مواضيع هامة يجب معرفتها ذهبت الى جنيف وقابلت الدكتور عباس عمار واخبرني بان هنالك تقرير في غاية الخطورة حول الاوضاع بالسودان بعبارة واحدة التقرير يفيد بان السودان على حافلة الانهيار تشاورنا في الامر واتفقنا على ان اعود باسرع وقت الى الخرطوم واطلع جهات الاختصاص بفحوى التقرير، وفور وصولي التقيت عبد الرحمن عبد الله «وزير العمل» وشرحت له خطورة ما انطوى عليه التقرير فوعدني برفع الامر الى رئيس الجمهورية يومها جعفر نميري، وفعلاً تشاور الوزير مع رئيس الجمهورية وكانت نتيجة تلك المشاورات خطاب بامضاء رئيس الجمهورية لرئيس منظمة العمل الدولية لاجراء دراسة عاجلة لمعالجة تدهور الاوضاع بالسودان. حملت ذلك الخطاب الى جنيف وسلمته الى منظمة العمل الدولية التي رصدت على وجه السرعة ميزانية معتبرة لاجراء دراسة متكاملة لاسباب تدهور الخدمة المدنية والاوضاع المعيشية بالسودان وسبل معالجة تلك الاسباب اتفقت مع د. عباس علي ان نوكل مهمة الدراسة التحضيرية لبروفيسور قوردون مدير جامعة نيو فاوند لاند بكندا بالاضافة الى شخصي ومن الاسباب التي دعت الى ترشيح بروفيسور قوردون تجربته الناجحة في معالجة الاوضاع الاقتصادية بالمملكة العربية السعودية. رجعت السودان برفقة بروفيسور قوردون وعلى مدى ثلاثة اسابيع مسحنا كل السودان مدينة مدينة..... وعند نهاية الجولة سألت بروفيسور قوردون لقد قابلنا مئات الاشخاص واستمعنا اليهم، ولكن لم ألحظ بأنك تدون افاداتهم ... فهل تتذكر افادات كل اولئك المسؤولين؟! فاجابني .... بلا!! فسألت باستغراب: وكيف تجمع بياناتك من كل تلك الافادات غير المدونة؟! فقال: بعد الاسبوع الاول فقط اكتشفت بأن كل من استمعت اليهم يعملون بلا هدف، مما يعني انعدام القيادة الواعية بكل المؤسسات والقطاعات التي زرناها ... وصمت بروفيسور قور دون ثم اردف قائلاً اذا اردتم ايقاف السقوط في الهاوية وتلاشي الدولة عليكم بثلاثة اشياء: التركيز في استخراج البترول بالاستعانة بدول لها تقاليد في استخراجه ومعالجة انتاجه لحين تدريب الكادر السوداني ثم الاهتمام بالزراعة والشئ الثالث هو التركيز على التصنيع الزراعي بالاضافة للاهتمام بالقطاعات الاخرى كالتعليم والصحة فقلت له .. وان لم نفعل؟ فقال: سوف تعيشون في مجاعات وحروب اهلية وتمرد واسع مما سيفقد الحكومة السيطرة على الدولة... وهذا يعني الانهيار والفشل!! المهم في عام 1972م وصلت البعثة الدولية الى السودان ووضعت تقريراً من افضل واشمل واوسع التقارير الدولية لمعالجة قضية ما مما يؤكد اهمية وشمولية التقرير كان مرجعاً ومرتكز الـ19 رسالة دكتوراة في أكبر الجامعات العالمية... المؤسف قبل شهرين ارسلت ذات التقرير الى وزير العمل الذي استدعاني ووصف التقرير بأنه ممتاز... وتساءل ماذا نفعل الآن؟فرددت عليه ان الناس لا تقرأ ما يكتب عنها!!
|
|
|
|
|
|
|
|
|