تحالف السلفية وأمريكا ضد داعش

Quote: ما زال السلفيون السعوديون يجتهدون في التبرؤ من داعش لما سببته لهم من إحراج، فأقل ما يقال بأنها حوّلت التنظير السلفي لتطبيق عملي على أرض الواقع، وهي بالطبع نتاج ما تم تعبئته عبر برمجة مقننة منذ وقت طويل ولم يجرؤ الكثير على نقدها وتمحيصها، وهناك القليل من الذين قدموا لنا تحليلاً علميّاً في نقد داعش وعلاقتها بالسلفية منهم الأستاذ منصور بن تركي الهجلة الباحث في القانون وفلسفة التشريع في مقاله الطويل (هل داعش نبتة سلفية؟) حيث فسّر لنا التكوين الديني لداعش والذي يقوم على مسلمات تنظيرية تخص السلفية وليس الإسلام، أي أنه يخرج عن خصوصيتهم كل مسألة فيها خلاف معتبر عند المسلمين، والتكوين المرجعي لداعش بشكل عام هو مثل السلفية -وخصّ بها السلفية النجدية- فإنهم يزعمون أن فهم السلف الصالح هو مصدر للتشريع بعد الكتاب والسنة، ولنستعرض أهم المسائل الرئيسة لداعش الموافقة للسلفية بنسختها النجدية وهي: أن الأصل في الحياة الحرب وليس السلم وبقاء الجهاد يعني وجود القتال ما بقي الكفر. وأن الأصل في الكافر حل دمه. وقولهم بأن الأصل في سبب القتال (الجهاد) هو الكفر وليس وجود الاعتداء والظلم. وتكفير الديمقراطية. وتكفير القوانين الوضعية. وتكفير مظاهرة الكفار. والقول بأن من لم يكفر الكافر أو شك في كفره فهو كافر. وتكفير الأنظمة العربية وقياداتها. ورفض النظام الدولي والمشاركة فيه. والقول بحد الردة مع أن الأدلة فيه ظنية. والقول بتكفير النصيرية (تكفير ردة). وتكفير الشيعة الاثني عشرية. والموقف من الخلافة وطموح رجوعها بشكلها التقليدي. والخضوع والطاعة للمتغلب بإطلاق. والاتفاق مع السلفية النجدية في أدبيات كتاب التوحيد وغيره. والنظرة الوثوقية والجزمية في فهم الدين. والنقائية والطهْرانية في طلب تكوين الجماعة والحزب النقي عقائديا قبل أن يكون نقيا سلوكيا. والنظرة الابتلائية لكثير من أحكام الشريعة. وعدم التسامح مع المختلف ورفض منحه الحرية، بل يرون معاقبة المبتدع على بدعته. أين تختلف السلفية عن داعش؟ تنظيم داعش –حسب الوصف السلفي– خارجي، لأنه بالغ في تطبيق أحكام التكفير والردة على المسلمين، وإن كانت المنطلقات التي يستدلون بها والنظريات والأحكام سلفية، إلا أن المشكلة عندهم في (التوسع) في تطبيق النظرية بعجلة وعدم تثبت وعدم تفاهم وعدم قبول لرأي الآخرين. والآن أليست فرصة سانحة للسلفيين لمراجعة أدبيات منهجهم وفهمهم للدين بما يتناسب مع المقاصد الشرعية الكبرى للإسلام؟ الجرأة في الاعتراف بالمشكلة هي أولى خطوة للحل.