|
Re: نقد الداعشية التي تعيش في ذواتنا (Re: mwahib idriss)
|
ولكننا هنا نطرح عدة أسئلة حول الزمن التاريخي المحدد الذي عاشوا فيه؟ وماهية هؤلاء السلف الصالح؟ من هم؟ ما هو تاريخهم؟ ما هو دورهم في الحياة الإسلامية؟! ما هي أبرز أعمالهم وإنجازاتهم التاريخية التي لا تزال باقية حتى الآن؟! وهل تنطبق مقولة السلف الصالح على كل من عاش في زمن الرسالة الأولى؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل كل من كان مع الرسول كان صالحاً ومؤمناً وصادقاً.. أي تنطبق عليه كل الصفات الحسنة والمحمودة؟!.. في الإجابة نرى أنه عند العمل على تحديد هؤلاء السلف الصالح الذين يقصدهم رموز هذا الخط.. فالمسألة تبدو مبهمة أحياناً ومتناقضة أحايين أخرى، وغير محددة المعالم على وجه الدقة.. إذ أننا عندما نقرأ كتب التراث السلفي –إذا صح القول- نجد أنفسنا أمام مجموعة غير قليلة من التعاريف المختلفة والمتفاوتة والمتناقضة التي تشرح وتحلل فكرة السلفية.. يمكن أن نستنتج معها أن المقصود بالسلف الصالح ليس كل من رافق الرسول الكريم، أو عايشه، أو رافق من رافقه، وعايش من عايشه، باعتبار أن فيهم المؤمن والمنافق، الصالح والطالح، الصادق والفاسق، الملتزم والمنحرف، لا بل إن بعضهم ارتد وأعلن العداوة على الملأ.. وبالنتيجة نسأل: هل تنطبق على كل هؤلاء مقولة “السلف الصالح”؟! بالطبع لا. كما أننا نعتقد أن الأزمات والنكبات والتجارب الكثيرة التي مرت على عالم الإسلام والمسلمين منذ حادثة “السقيفة” –التي افترق المسلمون بعدها إلى مكونين وفرقتين، لكل منهما طريقتها ومنهجها في فهم النص، ووعي رسالة الإسلام، وأسلوب الدعوة- تدل دلالة أكيدة على وجوب عدم وجود نظرة واحدة أو مستوى واحد في تقدير (وتقييم) كل ما يسمى بالسلف الصالح، وضرورة احترام كل ما جاؤوا به من معارف والتزامات في المستويين النظري والعملي (إذا سلمنا جدلاً بأن ما أنتجوه من تراث ديني يشكل معرفة حقيقية بالمعنى الصحيح للكلمة).. فهم أبناء عصرهم ونتاج بيئتهم، أنتجوا فكراً معيناً نتيجة ظروفهم وكسبهم هم بحسب ما توصلوا إليه من خلال وعيهم وإدراكهم للوجود والحياة، ولا يمكن الجزم مطلقاً أن تجربتهم هي أفضل التجارب، أو أن فهمهم للأمور أفضل من فهم غيرهم له.. كما أن اختلافاتهم وخلافاتهم كثيرة وواسعة حتى أنها ملأت الخافقين، وتجاوزت حدود الاختلاف الفكري المحمود لتصل إلى حد إباحة سفك الدماء والإفتاء بالقتل ضد هذا وذاك، وتكفير الفرق لبعضها البعض، وسحق كل مناوئ أو مخالف أو معارض للرأي والمعتقد الخاص بهذا الطرف أو ذاك . ولكن بالإجمال العام يمكن القول أنه يجب أن نعذر أولئك السلف من الآباء الأوائل (جاء في القرآن: “تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون”)، بأن لا ننقل تجاربهم وخلافاتهم وأفكارهم المضرة إلى عصرنا الحالي، وأن تقتصر رؤيتنا لهم على صورة بشرية عادية وليس إلهية مقدسة. وفي تصوري أن المنطق الذي تبني السلفية دعواها التاريخية والفكرية عليه لا يستقيم أبداً مع النظرة القائلة: أن السلف صالح وخير بالمطلق، وأن ما ذهب إليه السلف هو الحق، وما دونه هو الباطل، كما هي رؤية كثير من المذاهب والتيارات والنخب الإسلامية السلفية الماضية والمعاصرة. وهذه حقيقةً انتقائية فجة ونظرة ضيقة وسطحية للأمور. فليس كل من هو من السلف صالح بالضرورة، وليس كل من هو من الخلف طالح بالضرورة. التقييم والحكم هنا نسبي من حيث المعيار الحقيقي تاريخياً وواقعياً.
ثالثاً- التطبيقات العملية للفكر السلفي إننا عندما ندرس “السلفية” كمصطلح فكري فإننا نفهم منها طريقة التفكير غير الموضوعية التي تتحدد بجملة أفكار ومعايير دينية يعمل أصحابها ودعاتها على استنطاق التراث ضمن قوالب جامدة وأنماط شكلية محددة وضيقة غير قابلة للانفتاح على الحياة والعصر مما يوقع المنتمين إليها في أزمة الابتعاد العملي عن الواقع، والعيش في جنة النظريات والأفكار . وإذا أردنا أن نميز ونحدد بشكل أكثر دقة أهم تطبيقات السلفية في طبيعة فهمها الجامد للنصوص والأفكار والوقائع والتواريخ، فإنه يمكننا تسجيل النقاط التالية:
|
|
|
|
|
|
|
|
|