|
الثّورة و العُنف
|
للباحث يوسف هريمة باحث مغربي حاصل على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الدراسات الإسلامية تخصص مقارنة الأديان بوحدة البحث والتكوين " مستقبل الأديان والمذاهب الدينية في حوض البحر الأبيض المتوسط ". مهتم بقضايا نقد وتجديد الفكر الديني وإشكاليات الموروث الثقافي الإسلامي. نشرت له العديد من الدراسات والأبحاث والحوارات بمواقع إلكترونية مختلفة. له مساهمات أدبية عديدة ( ديوان شعري_ قصص قصيرة ). صدر له كتاب عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود والمركز الثقافي العربي بعنوان:" ولادة المسيح وإشكالية التثاقف اليهودي المسيحي ". ----------------------------------------------------------------------------------------------- الثّورة السياسية وإيديولوجيّة العُنف: موسى عليه السّلام أنموذجاً
إنّ النّاظر في تسلسل الأحداث العالمية، وكلّ ما يجري من وقائع هذا الصّراع الدّامي الذي يفوق كلّ التوقّعات والتكهّنات، ليرى حجم البنيات المؤسِّسة للعنف في ثقافتنا، واختلاف المنابع والمرجعيات التّي ينهل منها كلّ طرف لتبرير إيديولوجيته، سواء في شقِّها الفكري أو النفسي أو الثقافي أو الاجتماعي. وما دامت ثقافة العنف مثَّلت دعامة مجموعة من الإيديولوجيات الدّينية، فإنّ ثقافة السّلام تقف في الوجه المقابل، لتؤسِّس أيضا معالم نظرية إنسانية، تستفيد من هذا التّراكم الإنساني في مختلف جوانب الحياة.
لا يندرج حديثنا هنا عن ثقافة العنف أو السّلام في إطار الخطاب التعبوي والدِّعائي، كما يقول عبد الوهاب المسيري: "حيث ظهرت مؤخرا مصطلحات تعبوية أخلاقية، مثل ثقافة السّلام وثقافة الحرب" ليست لها قيمة تحليلية أو تفسيرية كبيرة؛ فهي مصطلحات تخلق الوهم بوجود شيء عملي أخلاقي مطلق اسمه "السّلام"، مقابل شيء آخر غير عملي لا أخلاقي مطلق يسمّى "الحرب"... ".[2]
ففي الخطاب الدّعائي التعبوي حقيقة واحدة وهي الإيهام والتّضليل، حيث تشحن المفاهيم بحمولات مناقضة للواقع الموضوعي، يضيع معها الباحث في أفق من قلْب الحقائق والمفاهيم؛ فحديثنا هنا كما أشرنا سابقا، يتطلّع إلى مقاربة الموضوع من زاوية معرفية بعيدا عن الشّعارات، في محاولة لخلق فضاء ينعم فيه الإنسان بالحقِّ في العيش بسلام، وخروجا من نسق الثّقافة والفكر الدّيني والسياسي المشحون بالصّراع والصّدام، كما تتنبّأ له الفلسفات المعاصرة، خاصة تلك الفلسفات الموسومة بالنّهايات، كمشاريع موت الإنسان، والأخلاق، ونهاية التّاريخ والإيديولوجيا.
|
|
|
|
|
|
|
|
|