محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد ....

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-21-2024, 05:58 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-30-2014, 01:04 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... (Re: محمد أبوجودة)

    وهنا هدية، برضو


    ---

    Quote:



    ------

    */*
    كاسحة ألغاز *

    أدام حمدان الجلوس على تلك التلّة ، ينحدر أحد طَرفَيْها نحو حفافي طريق ممشيٍّ. يمرّ به الرّاجلة والراكبة؛ كما ينسدل طرفها الآخر، متكئا على ضهر الجدول "أب عشرين"، ماسكاً بكتف التُّرعة الورَّانية؛ أن يقع طميُّها فيُغلق الطريق. طمَيٌّ ولا ماء. طرابيلٌ ولا مومياء؛ وبالظّنِّ كثير أشياءٍ تُبهِر. يختلي حمدان بقُرفصائه مستدبراً قريته الوادعة. تهوي في ضياعها السرمدي. في جيبه على الدوام، تربضُ آلة كشط الأغوار ..! تلك التي تعمل عند أوان المغيب.

    يرمي بطرفه حمدان، ناظراً الى أقفية بيوت القرية، وفي عُرفِه أنّ القفا أبلغُ من وجوه! يُرسلُ خفيض ضـوئه حيناً نحو شمسٍ آفلة. آن أوان تغييبها. انتظارٌ شوّاق يلتهمُ حمدان التهاما. يُريد أن يُعمِل آلته في أعماق الخلق. سحلاً لآمالهم أو قدحاً لآلامهم. إنه الآن متأكِّد تماماً، أنّ خرير "أب عشرين" الجاري، قد غام إلى غير رجعة؛ بل لا سبيل أن يعُبَّ مرّة أخرى من هذه الترعة. بعد أن تخرّمت بواطنها بالظمأ. تصحَّرتْ وملاعبو حُسن الصدف، في غَيِّهم يتفاسلون. الأمن مُسْتَتَبْ. ذاك هو المُهِم.

    لقد مضى زمانٌ لم يكُ غابراً، خلوَّاً من الارتجالات. تلك التي أتتنا تخطُر مؤخَّراً بغير روَيّة. كانت التُّرَع تتيه ريّانة مُترَعاً كأسُها يا وطن. هاهيَ الآن باتت تكركِر بعِظَم الجفاف المِتلاف، بعد خريرٍ مزراف ليس للحاقٍ به من سبيل. لقد مضى حثيثاً لما وراء الظنون؛ ومع ذلك فما يزالوا يقولون:

    - أولوياتُنا أرفعُ من أن تتلكَّك في طين الانتاج.
    يتزيَّدون:
    - لم يبقَ لنا إلا بقايا أصيل، فدعونا نعيش بسلام ..!
    ها هيَ المُنيرة تترجّل. تتهيــّــــأ القرية لوداعها كالمعتاد؛ تخُبُّ الشمس بأركانها ترحالاً إلى حيث آخرين. في مداراتٍ تدور بلا توقّف، يتهيأون لاستقبالها. بضعُ لحظاتٍ ويحدث التلاشي في زمن الكاشط حمدان. إلاّ من ذكرياتٍ بواقٍ. بذهنِه تطوف، تجرُّ خلفها ذكريات أقدم. تتسربل على إثرها أخريات في تسلسل لانهائي. قطع أحدُهم عليه حبلَ ذكرياته البالي، وخبطه بالسلام. تلكأ أن يجيبه؛ كأنما يعلن إليه أنّ السلامَ كلامٌ يُقال. لا يجلب نفعاً ولا يطرد فزعا. آلةُ الكشف قالت ذلك! فقد صوّبها نحو المُسالِم، ودون أن يقصد، أحس لسانه "يبرطمُ" بما يشبه ردّ السلام. ابتلع آخر تموُّجاته سريعاً. حانقاً على ما فرّط من سلام مجّاني. تقبّل مُسالِمُه "البرطمة" وقد عنَتْ له الكثير. غير أنّ حماره قد فوّت عليه ما نوى أن يُضَمِّد به سلامه من توضيحات. يمسحُ حمدان عن وجه آلة الكشفِ ما علِق فيها من غُبار. يطوِّبها ويمنِّيها الأماني. مرآةٌ عتيقة، مُكَدَّرة، أخنت على وجهها القتامة، ونالت صفحتها من التّشقُّق مزيد. وذاك ممّا لا يعني حمدان ولا رهطه. إنه واثقٌ من خياراته؛ وآلاتِه التأصيلية تعمل في كفاءةٍ يعرفها وحده، يقول:

    - آهـٍ منهم، ثم آهٍـ وآه..! وويلٌ لهم بما يكنِّون من عدواة يغلِّفونها بالسلام.
    وإذن، لم يحظَ المُسَلِّم من وراء سلامه بطائل. سوى قليلٍ من غُبار أثفاه الحمار على وجه الجالس فوق التلّة. تقبّله حمدان راضياً وتمتم داخل نفسه:
    - لَغُبارٌ تُثيره حمرانهم خيرٌ من سلامٍ تفحّه أفواههم ..! ما أكثر ما يتحدّثون عن السلام بمثل هذا الإرجام. ما أجرأهم على القيل والقال وطلبِ المِحال.

    لتأخذه غفوة أشبه بِسِنةٍ لا نوم. يبدو أنّه قد أُتخِم بعَبَلٍ ما، ونَوْسُ الهوامّ يُضاعِف من وحشة المكان. يزيد التُّخمة مزيد إشباع. المغيبُ يهتاجُ طوايا ذاكرة طاعنة تندلقُ معيناً ناضبا. يفتُل منه حمدان حبلاً من جديد. جالت في نفسه عبارة أثيرة لديه:

    - اسألوا الظروف!
    دون أن يتذكر أي ركنٍ سوِّدت به ..! لعلّه قرأها على بابٍ للوريٍّ يسرع في البطء. أو رآها مخطوطةً في "دِنقل" كارو يتيه به عربجيٌّ صبور. لربما قرأها من كُراسة مهترئة، أسفتِ الرِّيحُ من مراياها صفحات لا تثور. مع ذلك فإنه لا يستبعد أن يكون قد قرأها على أديم قريته، ذي الكتابات المتعددة؛ يخطُّها بعضُهم بيدِه ويتناكرون..! أم تُراها قد سُطِّرت على مرآة السماء تُظلِّل مقعَد قريته الخالي؟ إنه واثق جداً، وحمدانُ دوماً ما يثِقُ في عَبَلِه ووشَلِه، بأنه قد تملاّها أكثر من مرّة. لربما تميّزت هذه العبارة بشيء من الحيوية التي تجعلها تظهر في أكثر من مكان في نفس الزمان. إنه متأكد تماماً، ليس فقط من قراءتها أكثر من مرّة، بل لكّانّه قد أكلها أكلاً أو كاد. كيف لا وقد نكأت في نفسه جراحات غائرة، وآمال مقبورة؛ كان إلى وقتٍ قريب، يحسِنُ الظنَّ بأنّه قد تجاوزها مَرةً وللأبد؛ فإذا بها حيّة تسعى.

    حُسن الظنِّ في الغالب، هو الذي يوردنا الحتوف. حُسنِ الظنِّ ورطة.
    - إنّ بعضَ الظنِّ ظَرْفٌ.
    - سألوا الظروف.
    - وأيّ ظروف؟

    ما أغرب السؤال، بل ما أقربه. طال ترديده للعبارة، وقبل ذلك فقد طال مكوثه على التلةّ مارِقاً للرِّبا والتَّلَف ينتظرُ الخُلاّن. وبحسب ظنّه، فهناك مقاتلٌ أخير، فهل يأتي بعدما...! بل ها هو قد جاء. تتلبّك مشيته وتتعثَّر أفكاره. كلماته تتوكأ ويحسب كأنه هو.

    - ما ضرّنا إنْ حسِب خطأ أنه هوَ. فآلة الكشف الأخيرة بجَيْبِنا.

    بادره القادم:

    - لَشدّما شكتْ منك هذه التلّة المسكينة؛ إنّ ثِقَلَك قد ماج بها وتنمّلت أطرافك بما تعلَف. فرِفقاً بالمحاذير، رِفقاً بالقوارير، بل رِفقاً بالمواسير. يا هذا، لا رعاك الإله، إنّك تتوهّط هذا الظلام حتى انتفاك القيام ..! أهوَ حالُكْ على الدّوام؟ وكيفه الحال سلامات.
    تتسلَّل يدُ حمدان لجيبِه. يتلمّس سطح المرآة المحدَّرة. قائلاً في دخيلتِه:

    - قاتلهم الله، من أين يأتون بهذا الوصف الدَّقيق، وليس معهم مثلُ مرآتي؟
    لقد كاد أن يبيعه من عبارته الربيحة: اسألوا الظروف؛ مثنى وثلاث ورباع؛ لكنه ضنّ بها عليه. أو كَرِه أن يوطّئ له هذا المولَج السّهل، ولَهاتِه بهذا الثراء المتحدِّر سيلا. أراده لغيرها قائلاً:
    - الأرضُ تشكو منِّي أنا ..! وهل شُكاتي إلاّ من حَمئكم وصلصالكم؟ ثم كيفها تستقيم شكاتها وهيَ مِنِّي، وأنا طينة الصبر على المعوَجِّ. بل لُحمة الفتقِ على المُرتَج. ســَداة التعمُّل وعيار التجمُّل ولو بالتأمُّل. أكثرُ من ذلك، نواةً لما يمنع التبذُل، وكوىً تتوجّس التمهُّل. بل أكبر من ذلك وبكثير! فإننا ترياق الأفكار الهدّامة، والأنفس اللوّامة والحوَّامة.

    ثم اتّكأ على نفسه مخذولاً حتى تماسس يده يدَ الآخَر الممدودة في الهواء، متمتماً بأنفِه كُليمات مماحيق، كأنما يكتريهنّ بثمنٍ غال. ثمّ تحفّز لممارسة هوايته المفضّلة في حوار الطرشان. فاجأه الآخَر:

    - حسبتك قد مللتَ تكرار الوداع لهذه الشمس التي لا تكلُّ عن غروب، وكذلك أنتَ ما تزال. تكلّ وتغمَقُ معها كل حين ولا تغرُب عن وجوهنا.
    حدّر حمدان، نظرَ وبَسَر فمالَ ثُمَّ جال وقال:

    - لن أمَلّ من أن أمارسَ طقوس وداعي للشمس كل يوم. حتى لا أنساني. لستُ أنا بالمودِّع، أكثر منِّي بالمودَّع. أعرفُ ذلك من آلة الكشف، كما تعلم! وإنْ خِلتني قد مللتُ، فقد جافيتَ الصواب كعادتكم. إنما رأيتُني في اليومين المقصودَين كأنَّني جديرٌ بأن تأتيني الشمس في مخدعي. لا أن آتيها. ولكنها أخلفت الميعاد. كعادةِ أشياء كثيرة نستوعدها وتخلف، ننتظرها فتتلِف، ولا جدال في أنّ الشمس لن تأتِ لمِثلي وأشيائكم في ثُلَّتي؛ لكننا لا نملُّ وداعها عند كل أصيل، فربما حملت وداعنا في يومٍ قريب نحو تلك الغروب اللاهية، إخباراً جارحاً عن شروقنا الواهية بأفعالنا وأفعالهم. ساعتها سيعانق وداعنا رحابة أهل الغروب، حيث الشعاع جديد والنظام حديد ومحوَر الشَّرِّ نضيد، وللتاريخ قد وجدوا نهاية.

    برهةٌ يسكنها الصمت المتطاول. يتناول القادم طرف الحديث قائلاً:
    - لا أتواني أن أبيع نصف عُمري مقابل أن أدري ما تتمسَّك من مكوس!
    يتلقف حمدان العبارة في عُجالة:
    - نصف عُمرك، يا عزيزي إنك لم تغادر محطة الشُّحِّ التي أنتم فيها منذ أزمان! أعي تماماً أنّكم تسمُّونها "دَبَارة" فكلِّ أعماركم بأحزانها ومسروق افراحها، لا تسوى شيئاً عندنا.

    وبُرهةٍ أخرى بقـَدر الدّهر الذاهب تتمدَّد؛ يواصل حمدان:
    - سأريحك، فإنّ الذي أقوله لا تأخذه بنصف العُمر، بل ولا بالعُمر كلَّه..! فقط عليكم أن
    تـُذعِنوا بأنَّ آلتنا الكاشفة، صادقةَ فيما تروي؛ هذا هو! أمينة في قوّة إخبارها وآثارها، رجالها ونسائها؛ وغيرُ ذلك. أو آخرُ ما عندي، هو لا ، و لا. بل وألف لا.

    تسلَّل آخرُ شعاع من الشمس لواذا. عَلَتْ حُمرة الشّفَق القانية. صَوّحت دوحة الأصيل المار. تسربلت دنيانا بما تتسربل بها دنياوات المِحاق. ثم يَهُبُّ عليلٌ يشعل فتيل الذواكر الزواخر، تتحشرج رئة الهواء. كأنما الكون يلفظ أنفاسِه الأخيرة. وفي استسلام خنوع، تنداح ظلمة الليل واثقة الخطو ..! تهيمُ النـَّــفـــْس في أوّل الحَلَكة، ومن بين ثنايا الظلام الأثيم تخمدُ أصواتٌ وتنشط أخرى. أوراق القطن تذوي، قناديل الذرة بأعينها المتسائلة تتوارى خجلاً في خفوت، ونفوسٌ هائمة، تجمع ألبابها العائدة تواً إلى مراصدها الكسيرة، يخلو المكان رويداً رويداً بتناوم الزمان وحلوك الظلمة، وبالنفس شيءٌ من حتى، ووراء الأكْمَة ما ورائها.













    ----- --
    * القاهرة.. يوليو 1995


    -----

                  

العنوان الكاتب Date
محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... Abdel Aati05-30-14, 11:15 AM
  Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... Abdel Aati05-30-14, 11:45 AM
    Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... محمد أبوجودة05-30-14, 12:12 PM
      Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... Abdel Aati05-30-14, 12:30 PM
      Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... محمد أبوجودة05-30-14, 01:04 PM
    Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... Abdel Aati05-30-14, 12:19 PM
      Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... Abdel Aati05-31-14, 12:21 PM
        Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... Abdel Aati06-06-14, 03:19 PM
          Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... محمد عكاشة06-06-14, 09:41 PM
            Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... ناذر محمد الخليفة06-06-14, 10:16 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de