|
Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... (Re: Abdel Aati)
|
هدية الى محسن :
المتفردة أو في سر العنقاء
-حكاية أخرى للإسطورة -
:: الي وصال::
قيل انها من ابهى الطيور واجملها .. جمالها ساطع وبريقها لامع .. قوية من غير حاجة للقوة ، لا تعرف الشر. لها جناحان كبيران وتحتهما جناحان صغيران، يجعلاها من القدرة بحيث تحلق لنهاية الدنيا لو ارادت، ولا تريد. ولدت من ذاتها او من بيضة حمراء، او من أول وردة حمراء نبتت تحت شجرة المعرفة في جنات عدن، فخرجت منها اسطورة البشر وملكة الطيور: العنقاء.
طويلة العنق هي وجميلته، لذا قالوا عنها عنقاء . تأتي من المشرق الى المغرب، لذا قالوا عنها "عنقاء مُغرب". بهية حد الجلال، وجميلة حد الكمال. فريدة هي في العالم ونسيج وحدها. صوتها لا يضارعه صوت في العذوبة والبهاء، والوانها تجاوزت كل الوان الدنيا في الجمال والضياء .
لون قدميها ارجواني مثل النار، لون عينيها أزرق مثل عقيق البحر ، لون اجنحتها الاربعة قزحية التكوين، جمعت كل الوان الطيف السبعة. لون الرأس والصدر منها يتراوح ما بين القرمزي والاحمر، ذيلها لازوردي، وظهرها قرمزي. على رأسها ريشتان او خصلة من الشعر ذهبية اللون، متهدلة نحو الخلف في لطف وبراءة ودلال.
خُلقت العنقاء عند بداية العالم. كان عشها في جنات عدن. عندما خدع الشيطان الانسان وغرر به ليأكل من شجرة المعرفة، أكلت كل الحيوانات بعد الإنسان، ما عدا العنقاء. جاءفي شرح سفر التكوين في كتاب ميدراش بيرشيت ربا (( وأعطت حواء الماشية والوحوش والطيور من الثمرة المحرمة لتأكل منها، فأطاعتها كلها وأكلت منها، الا طائرا وحيدا إسمه العنقاء (هول). ذلك كما كُتب من بعد " فقلت اني في عشي اسلم الروح و مثل العنقاء (هول) أضاعف أيامي )).
لا تموت العنقاءاذن، لأنها لم ترتكب الخطيئة الأولى، والتي كان عقابها الموت. لم تأكل من الشجرة المحرمة، ولم تعرف الخير ولا الشر. ذلك أن معرفة الخير والشر، اقتضت معرفة اللذة والألم، واقتضت معرفة الحياة والموت. جاءفي سفر التكوين ((اوصى الرب الإله آدم قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً. و اما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت)).
إن خلت العنقاء اذن من الخطيئة الأولى، فتم لها الخلود، إلا انها لم تسلم من قانون الموت، الذي يشمل كل شي في الوجود ((كل نفس ذائقة الموت)). لهذا سقطت – في لحظة الخطيئة الأولى - شرارة من سيف اللهب عند ملاك الجزاء على عش العنقاء فاحرقته. إحترق الطائر مع العش ولكنه ولد من الرماد او من بيضة حمراءجديدة، ليجدد حياته في مسيرة ازلية من الموت والولادة، لا تكاد تنتهي حتى تبدأ من جديد.
طُرد الانسان والحيوانات معه من الجنة، ولم تطرد العنقاء. قيل من بعد انها تسكن جنات عدن، وقيل انها تسكن في طرف الدنيا، أو كما قال هيرودتس ((هناك بعيداُ في بلاد الشرق السعيد البعيد، تـفـتـح بـوابــة الســمــاء الضخـمــة وتسكب الشمـس نورهـا من خلالها، وتوجد خلف البوابة شجـرة دائمة الخضرة. مكان كله جمال لا تسكنه أمـراض ولا شيخوخة، ولا موت، ولا أعمال رديئة، و لا خوف، و لاحـزن. وفـى هـذا البستان يسكن طائر واحد فقط، العنقاء ذات المنقار الطويل المستقيم، والرأس التي تزينها ريشتان ممتدتان إلى الخلف، وعندمـا تستيقظ العنقاء تبدأ في ترديد أغنية بصوت رائع.))
العنقاءفي سكناها في ذلك البستان الفريد، على قمة تلك الشجرة المقدسة (النخلة)، لا هم لها سوى الغناء والتحليق بالهواء والتحديق في الشمس، وكأنها تستلهم مصادر حياتها الأولى، او مكامن موتها المتجدد كل ألف عام . هي لا تعرف الخوف ولا تخيف الأخرين، لأنها لا تفترس غيرها من الطيور ولا المخلوقات، ولا تخاف الإفتراس. إنها ببساطة لا تعرف ما هو الخير أو الشر، لأنها فوق الخير والشر.
لا تفترس العنقاء غيرها من المخلوقات، ولا تسبب الأذى، فكيف تعيش ومم تتغذي؟؟ تقول الروايات ان العنقاء تتغذى كل صباح على قطر الندى، بينما تقول روايات اخرى ان لا ، انها تعيش على أكل العنبر والمر واللبان، وغيرها من عطور الشجر. لذا كانت رائحتها طيبة، عندما تمارس حرقها الطقوسي عند موتها الألفي؛ حيث تفوح منها تلك الروائح بألطف الصور.
قيل أن العنقاء مصدر سعد للناس. فمن يراها يصبح ملكاُ، اذ بطرفها يتصل الملكوت. ومن يسقط عليه ظلها يصبح ثريا، اذ هو يتحرر من فقر الروح والرهبوت. جسدها طاهر كما روحها، لانها لا تعتدي ولا تأكل لحما، لذا كانت قطرات دمائها شفاء للناس، او اكسيرا للحياة الأبدية، لمن كان من المحظوظين، وهيهات.
تحيا العنقاء في تفردها بعيدة عن البشر، بعيدة عن خطيئتهم وموتهم وخوفهم وجشعهم، ولكنها مع ذلك تحبهم. عندما يقترب اوان موتها تهاجر الى فينيقيا او الى مصر، لتمارس موتها الطقوسي هناك. تطير العنقاءالمسافات الطوال، مصحوبة ومودعة من قبل الطيور، عابرة لكل العالم القديم، لتقدم نفسها قربانا في مذبح الشمس، وتجدد نفسها من الرماد.
في كل هذا ، تريد العنقاء ان تشترك مع البشر في آلام موتهم، وفي ترقية حياتهم. تريد ان تقدم نفسها قربانا، وهي التي تعيش بلا خطيئة. تريد ان تعيدهم لوحدتهم الأولى مع العالم، حينما يتوحدوا مع ذاتهم، وحينما يقهعروا خوفهم. تريد العنقاء ان تربط الناس؛ حين تطير بين مراكزهم المختلفة، وتريهم ذاتها المختفية، وتظهر صفاتها المتفردة، عسى أن توحدهم في الرمز، وأن تشجعهم أمام الموت، وتعلمهم معنى الحياة.
في موتها الاختياري، تريد العنقاء أن تعلم بني البشر معني الحرية، ومعنى الولادة، ومعنى الموت. تريد ان تقول لهم – بغير كلمات- ان الموت ليس هو موت الجسد البالي،، وانما هو موت الروح والضمير؛ وان الحياة لا تكمن في استمرار الجسد؛ وانما في حياة الفكر والشعور. تريد ان توضح لهم ان هناك حياة اقوى من الموت، وموت يخلق الحياة. تريد ان ترسل رسالة لطيفة لبني البشر، عبر المخفي والمُضمر، علهم يفهموأ سر الممات والمعاد، وطبيعة نفسهم والعالم، وحقيقة الذات والصفات، وهيهات.
31/8/2008
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... | Abdel Aati | 05-30-14, 11:15 AM |
Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... | Abdel Aati | 05-30-14, 11:45 AM |
Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... | محمد أبوجودة | 05-30-14, 12:12 PM |
Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... | Abdel Aati | 05-30-14, 12:30 PM |
Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... | محمد أبوجودة | 05-30-14, 01:04 PM |
Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... | Abdel Aati | 05-30-14, 12:19 PM |
Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... | Abdel Aati | 05-31-14, 12:21 PM |
Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... | Abdel Aati | 06-06-14, 03:19 PM |
Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... | محمد عكاشة | 06-06-14, 09:41 PM |
Re: محسن خالد - كما العنقاء - ينهض من الرماد .... | ناذر محمد الخليفة | 06-06-14, 10:16 PM |
|
|
|