|
Re: عازفون على آلة القدمين.. أمهرهم في التاريخ (Re: عبد الحميد البرنس)
|
كانت كاميرا التلفاز تبحث عنه داخل ذلك الحي الفقير, وسرعان ما عثر عليه جالسا, عند مدخل أحد المقاهي الشعبية, إلى طاولة صغيرة, صحبة ثلاثة من أصدقائه القدامى, الذين بدا على هيئاتهم, كما لو أن (البؤس), هي الكلمة الوحيدة التي تناسبهم من قاموس العالم. كان أربعتهم يحتسون البيرة بهدوء ويدخنون. وكان كلامهم شأن تلك الأيام يتم بالنبرة الخافتة للمغلوبين على أمرهم, وحين انتبهوا, فجأة, إلى ذلك الوجود الثقيل للكاميرا, أخذت ملامحه هو يشوبها شيء من الامتعاض الوادع الحزين, أما ثلاثتهم فقد بدا عليهم, كما لو أنهم يبحثون عن شق يقود رأسا إلى باطن الأرض, حيث بامكان المرء أن يتوارى عن الأنظار مرة وإلى الأبد, فقد كانوا يدركون جيدا أن فور إذاعة جلستهم على الهوء, ستنصب على رؤوسهم لعنة البرازيل مجتمعة. هكذا: "الأوغاد يدمرون جناحنا الأيمن الرهيب", "بحق الجحيم ما تلك الحثالة التي تجالس أجملنا", "أقترح عليكم أيها السادة البحث عنهم فورا ورميهم بالرصاص دون تردد". لكن غارينشا العائد للتو, من السويد, بكأس العالم للبرازيل لأول مرة في تاريخها الكروي, لم يكن ليرغب في أن يقع شيء من كل ذلك على أحد أصدقائه. لقد بدا ما هو عليه خيارا وقناعة ذاتية وطريقة حياة, أن يعود إلى أمكنته الأليفة, ويواصل حياته القديمة نفسها, كما لو أن شيئا لم يحدث, وعاد بذات القدم المليونية يلعب الدافوري مع أولاد حلتهم في ذات الساحة المتربة حافيا. و"لا يتورع من النوم مع أي امرأة كانت", هكذا علق أحد رفاقه في المنتخب البرازيلي, مضيفا أن غارينشا أبدا لم يكن راغبا في مغادرة طفولته على مستوى تكوينه الوجداني, ولبساطته أشار في اليوم التالي إلى مجموعة من الشباب يستعدون لمغادرة النزل في السويد, قائلا "الشباب الظريفين ديل ماشين لشنو", وكان يعني أفراد المنتخب الروسي المصنف كأقوى المرشحين لنيل اللقب, والذين خرجوا بالأمس من المنافسة, نتيجة النزعة الشيطانية لقدمي غارنيشا نفسه على وجه الخصوص.
|
|
|
|
|
|