المدنية والسلطان في "سودان الإسلام" - من "بني ربيعة" إلى "دولة الترابي" - كتاب في حلقات

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 10:25 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عماد البليك(emadblake)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-31-2009, 11:42 PM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سنوات الخليفة: (Re: Adil Ali)



    سنوات الخليفة:

    هكذا تبدت الصورة في التأسيس لمشروع "الدولة الإسلامية الثالثة" في تاريخ السودان، من الحركة الإصلاحية الدينية إلى فتح الخرطوم سنة 1885. لكن تلخيص التلخيص أن "المؤسسة السياسية المهدوية" رسخت السلطان في مقابل أي "قيم مثالية" للدين، وجاءت على حساب المدنية السودانية حذفا، فما تحقق في العهد التركي قامت المهدية بشطبه في زمن وجيز، ليتراجع السودان عقودا إلى الوراء تخلفا وجهلا وتعنصرا. وهو ذات المشهد الذي يتكرر في مطلع الفترة التي جاء فيها انقلاب يونيو، لكن وبالنظر إلى تغير شروط العصر والحياة الإنسانية في عالم بفروض جديدة فقد كانت تجربة "الدولة الإسلامية الرابعة" مختلفة، وفقما حكمته الفروض الجديدة للعالم الحديث، في نهاية القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة، ولكن بالنظر إلى البنى العميقة للعقل والمجتمع والحركات السياسية سنجد أن التاريخ يعيد نفسه، كما درج القول. لكن من العبط الاستناد على هذه المقولة بشكل جذري، لأن المعالجة الأكثر علمية تتطلب الاستفادة من تراث الأمس تحليلا وتفكيكا وإعادة قراءته وربطه بما حدث لاحقا. حتى يمكن الباحث من تحليل مكمن الأزمة، عسى أن يقترب من أفق استشرافي أكثر سعة وبصيرة في إضاءة المستقبل.
    وبمجرد أن تولى الخليفة عبد الله الحكم بعد وفاة محمد أحمد، بدأت "حروب الردة الجديدة" في ذاكرة لا تعرف الإبداع حتى في شروط إنتاج الوقائع في حياتها، حيث كان عهد الخليفة القادم من غرب السودان، فترة خصبة للنزاع العرقي وتغلغل فكر القبيلة إلى درجة مخزية. وإذا كان "المهدي" أكثر سياسة وحكمة، في الحفاظ على التوازن القبلي والاجتماعي إلا أن هذا الحكم يظل قاصرا لأن محمد أحمد لم يعش الزمن الكافي ليمارس السياسة في الدولة، فهو إن مارسها فقد كان ذلك في مرحلة التأسيس والمقاومة، فالرجل توفي بعد ستة أشهر من تحقيق حلمه ببناء دولته العالمية حيث أن بعض منشوراته كانت تشير إلى هذا الأمر، وأنه كان يفكر في فتح مكة والحجاز. وهذه "النبوءات" التي أطلقها كانت إحدى الأسباب التي سارعت لتمزيق دولته بعد وفاته، بدخول الخليفة في صراعات خارجية كان في غنى عنها لو أنه التزم الحكمة وعرف قدر حاله. لكن نشوة النصر على الأتراك وفي زمن وجيز لم يتعد الخمس سنوات، كانت سببا في الظن بأن القادم أسهل. غير أن الخليفة ولو كان متعقلا وأراد بالفعل أن يسيّر مشروع "العالمية" لكان قد عمل على رأب الصدع الداخلي بدلا من تأجيجه وبشكل مخز، حتى لو أن البعض حاول تبرير ذلك، في كتابة مشحونة بالتناقضات، على سبيل المثال كتاب (العلاقات بين الخليفة عبد الله التعايشي وقبائل السودان 1885- 1898) لمؤلفه عزام أبوبكر علي الطيب، فهو على الرغم من اعترافه بأن الأسس التي اختطها الخليفة لتحقيق الاستقرار كانت تصب في محاولة إضعاف زعماء القبائل ومراقبتهم مراقبة مباشرة بحشدهم في العاصمة، "واقتضى منه ذلك اللجوء إلى العنف بل القسوة في أغلب الأحيان" ، مما ساهم إلى "أحداث هزة قوية زعزعت قوة التماسك التي كانت للسودانيين أيام المهدي". أيضا اعترافه بمسؤولية الرجل عن انتشار روح العداء، بقوله: "كان الخليفة عبد الله مسؤولا بلاشك عن انتشار روح العداء لحكمه في شمال السودان وغيره من المناطق النيلية، وذلك منذ بدأ العمل على تركيز السلطة والانفراد بها". وغيرها من "الاعترافات" والأحكام. رغم ذلك يحاول عزام أبوبكر أن يوجد تبريرات لكل ما جرى، منها قوله: "الحكم على الخليفة عبد الله هو من أصعب الأمور كما يقتضي كثيرا من التجرد، فالرجل لم ينل من التعليم والثقافة شيئا يذكر، كما أنه قبل كل شيء رجل بادية جاء من أقاصي غرب السودان ليحكم إمبراطورية مترامية الأطراف متعددة القبائل والأجناس" . ويمضي في ابتكار الأعذار.
    وأمثال "عزام" وغيره يقدمون قراءات لا قيمة لها سوى التكرار والإعادة المملة، ولا تخدم في تطوير الوعي الاجتماعي والسياسي وإنتاج بنى أكثر تحديثا في المجتمع السوداني، وبمقارنة ما قام به عزام بما قام به "أبو سليم" رغم الفارق الزمني (عزام ثانيا)، سنكتشف ببساطة أن الثاني كان أكثر عمقا ورغبة في التحليل ومخارجة النص عن سلطته. بيد أن مشروع أبو سليم يحتاج إلى من يستند عليه ليطوره ويقدم أطروحات جديدة، تنفصل عن الخوف القابع في النفوس من "تابوهات" القبيلة والعرق والدين. فكثير من المشروعات البحثية في السودان تتسكع دون أن تدخل قصور أشواقها خوفا من المجتمع وسلطة الطوائف المتغلغلة سلطانا وجاه لأكثر من قرن، في بلد يحتاج لعقول جديدة وأكثر نضجا.
    إن القراءة لتاريخ السودان وبشكل غير روتيني سوف تكشف أن كثيرا من المشاهد التي عاشها السودانيون في "سنوات البشير" لم تكن سوى اجترار للماضي، سواء بأسلوب ردة الفعل أو بالمباشرة، أعني كقضية دارفور، التي قد يمكن فهم بعض جذورها من خلال الرجوع إلى الوراء في عمق التاريخ السوداني. وما فعله الخليفة عبد الله في إشعال نار الفتنة بين أهل النيل وأهل الغرب، لا يفسر جملة الصورة، لأن ثمة أمور أكثر تعقيدا تتعلق بتاريخ آخر مسكوت عنه في كثير من تفاصيله كقضايا الرق والفوقية التي يشعر بها أهل الشمال من ناحية عرقية بحتة، وليس لها أدنى علاقة بمفهوم "الإيمان"، لو تمت إجازة الفكرة الأخيرة مجازا. كما يتعلق الأمر بقضية أكثر "حساسية" هي تحول المجتمع السوداني السريع من المسيحية إلى الإسلام، وأشواق الدولة الإسلامية المعلقة في هامش من هوامش الخريطة التقليدية للعالم الإسلامي.
    والمطلوب من الجميع هو تجاوز شروط الوعي التقليدي للذات، بمحاولة إبداع "هوية جديدة" تقوم على أسلوب حداثي مدني، عصري. وهو حلم لكن يكون صعبا، فـ "سنوات البشير" رغم الإخفاقات التي صاحبتها إلا أنها حملت إيجابيات على صعد أخرى، وهو ما سيتم طرحه لاحقا. ومن أجل الدقة فإن هذه الإيجابيات تم كثير منها بشكل غير مقصود ودون وعي من السلطة، حيث أن الحراك الاجتماعي والحداثي والأسئلة الجديدة التي طرحتها تحديات الحياة في السودان خلال العشرين سنة الماضية، كل ذلك تقاطع مع المشهد العالمي وتسلح به، وتناغمت جملة عوامل مرئية وغير مرئية لتصوغ خطاب مستقبلي جديد للحياة في السودان، يمكن أن يعيد إنتاج الدولة السودانية في المستقبل القريب وعلى نحو أكثر جمالا وسلاما وحكمة، لو تم توظيفه بناء على رؤى علمية وإستراتيجية وبتجاوز الفوقية والأنا وضحالة النظر المؤقت للأشياء.


                  

العنوان الكاتب Date
المدنية والسلطان في "سودان الإسلام" - من "بني ربيعة" إلى "دولة الترابي" - كتاب في حلقات emadblake01-30-09, 09:53 PM
  الفونج ودنيوية الدين emadblake01-30-09, 09:58 PM
    المهدية والنزعة السلطانية الذاتية: emadblake01-31-09, 07:33 PM
      Re: المهدية والنزعة السلطانية الذاتية: Adil Ali01-31-09, 09:10 PM
        سنوات الخليفة: emadblake01-31-09, 11:42 PM
          Re: سنوات الخليفة: emadblake02-02-09, 10:33 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de