|
Re: من مذكرات بندقية كلاشينكوف ( إهداء إلى ذلك الشهيد ) (Re: ابو جهينة)
|
ذات ليل .. أحسست أن وراء الأكمة ما وراءها .. فقد امتدت يد سيدي المرتعشة وهو يتمتم بسباب مبهم ويكيل اللعنات بغيظ وحنق .. وألقمني مشطا مترعا بالرصاص .. ولم يذهب بي بعيدا .. ثم راح أصبعه يداعب زنادي بعصبية ظاهرة في حلكة الظلام يمطر جسدا نائما كمَّا هائلا من الزخات المتلاحقة حتى نفد مخزونه، والجسد النائم لم تمهله رصاصاتي كى يتأوه أو يتألم أو يطلق أنَّات ما قبل الرحيل، وأنطلق سيدي لا يلوي على شيء وأنا معلق على كتفه بحزام جلدي .. وظل يسير طوال الليل، وعندما توارت أنوار المدينة، عرفت أنني سأدخل مرة أخرى في سراديب أخرى تتشابك فيها أصابع بني البشر لأسباب أجهلها وسأظل أجهلها ..
وقف الرجل الذي سار طوال الليل .. وقف عند بائع يبيع كل شيء عدا الرصاص، فبضاعته معروضة أمامه .. ولكن الغريب في الأمر أن البائع أخرج له من تحت أكوام بضاعة لا تمت للرصاص بأي صلة، أخرج له أنواعا من الرصاص لا تحصى، فأنتقى الرجل ما يناسبني و أنفلت إلى وجهته .. يحث السير منفلتا من جريرته .. سار عدة أيام يتحاشى القرى والأمصار .. وأنا أتدلى في تراخٍ و كسل، أتمرجح على كتفه يمنة ويسرة، يعلو جبلا ويهبط واديا .. يستظل بشجرة، وتارة بسفح جبل، يلتحف السماء ويفترش الأديم .. شق سكون الليل البهيم صوت كالرعد المكتوم، وقبل أن يستيقظ الرجل النائم بعد عناء السير الطويل، كانت يد أحد الصارخين قد تلقفتني ويد أخرى تقوم بشد وثاقه ..
|
|
|
|
|
|
|
|
|